«يوم الحبس بسنة».. قصة الحاجة «سعدية» من حلم العمرة إلى السجن

أكثر من ٥ سنوات فى الموجز

الدقهلية - رامي القناوي:
 
احتفالات صاخبة شهدتها قرية درين التابعة لمركز نبروة بمحافظة الدقهلية، عقب وصول الحاجة "سعدية عبدالسلام"، 75 سنة، إلى منزلها، والتي اتهمت بتهريب حقيبة مواد مخدرة إلى السعودية، صباح اليوم الخميس، برفقه ابنتها.
 
ووقف العشرات من الأهالي في انتظارها، وما أن وصلت السيارة التي تستقلها أمام منزلها تعالت أصوات "الزغاريد"، فرحًا بعودتها عقب 4 أشهر من قضية تشبه قصص الأفلام.
 
"مصراوي" سافر إلى القرية، للتعرف على تفاصيل قصة الحاجة "سعدية" كاملة.
 
تحكي سعدية، تفاصيل الواقعة كاملة بداية من حلمها الذي أردات تحقيقه لأداء مناسك العمرة عقب وفاة ابنها، مرورًا بوصول شقيقة المتهم إليها لتخبرها بعمل شقيقها مع أحد رجال الأعمال السعوديين وتبرعه بـ15 رحلة عمرة لسيدات فقراء كـ"نذر" يقوم بالوفاء به لشفاء أحد ابنه، إلى أن سافرت وألقي القبض عليها.
 
تقول الحاجة سعدية إنها كانت تدعو الله أن يحقق أمنيتها لأداء العمرة، حتى حضرت إليها سيدة تدعى "الجارية" تسكن في ذات القرية، لتبلغها أن شقيقها أوصاها بالبحث عن السيدات الفقيرات لمنحهن تأشيرات عمرة مجانية كتبرع من رجل الأعمال السعودي الذي يعمل معه، وطالبتها بانهاء أوراق جواز السفر.
 
وأضافت: "في صباح 2 رجب الماضي، حضرت شقيقة المتهم الرئيسي عبدالله، واسمها الجارية، وطالبتها بالاستعداد للسفر اليوم"، "قمت بتجهيز حقائبي بداخلهم بعض الملابس، وجاءت مرة أخرى تطلب مني التوجه إلى المسجد الكبير بالقرية حيث ينتظرني شقيقها، وما أن وصلت وجدت سيارة بها السائق ومرافقه عبدالله المنزلاوي، ورفض أن ترافقني ابنتي أو أي شخص من عائلتي إلى المطار".
 
وتابعت الحاجة سعدية: "أن السائق لم يتخذ الطريق المعتاد، بل بدأ في سلك طرق مختلفة، إلى أن توقف في الطريق بجانب عشة صغيرة، مؤكدًا أنها استراحة سنجلس بها لمدة دقائق ونزلت من السيارة وأعطيتهم بعض المخبوزات التي قمت بإعدادها".
 
وأكملت: "أن المتهم بصحبة السائق حاولا فتح الشنط الخاصة بي، لدس الحبوب المخدرة بداخلها إلا أنهم وجدوا صعوبة في فتحها نظرًا لقيامي بإغلاقها بأقفال، فعاد إلي مرة أخرى، وأخبرني أنه يريد أن يفرغ محتويات الشنطتين في شنطة واحدة، متعللًا بميزان المطار، لكني رفضت ذلك ليعاود بإخباري أن معه شنطة بداخلها بعض الملابس الخاصة بوالدة زوجة رجل الأعمال، الذي أهداني رحلة العمرة، ويريد توصيلها إليه، ما أثار بداخلي الشك، ورفضت أن أخذ الشنطة".
 
وقالت: "اتصلت ببنتي هدى وأبلغتها بما جرى، لكن نشبت مشداة كلامية بين عبدالله وحفيدتي، ما أدى إلى تدخل بنتي في الحوار واستفسارها عن الأمر وقامت بتسجيل المكالمة، وهي التي كانت إحدى دلائل برائتي، واقنعتني بنتي بأخذ الشنط وتوصيلها".
 
وأكدت: "أنه فور وصولهم إلى المطار أنزل المتهم الشنطة من السيارة ولصق تيكت مدون عليه اسمي، وبدأت في إنهاء إجراءات سفري ووضعت الشنطة على سير الحقائب ومرت دون أن اكتشف ما بداخلها واتصلت ببنتي أبغلتها انني ظلمت عبدالله".
 
واسترجعت سعدية تفاصيل ما دار عند وصولها لمطار ينبع بالسعودية، قائلة: "إنه عند دخولها للمطار كان خلفها أحد الأشخاص تامر، وأبلغها أنه من طرف عبدالله وأنه سيساعدها في حمل الحقائب، فاعتقدت أنه صاحب الحقيبة، إلا أنه عند دخول الحقيبة على سير الفحص وجدت شرطي يسأل عن صاحبة الحقيبة، فأجبته ليخبرها أن الشنطة بداخلها مخدرات، "وأصبت بصدمة كبيرة ودخلت في إغماء وفقدت الوعي".
 
وواصلت سعدية روايتها: "مشيرة إلى أنها ظلت في جلسة تحقيقات استمرت لأكثر من 4 ساعات يحاول من خلالها رجال الأمن السعوديين معرفة من أين جلبت الحقيبة ولمن ستسلمها، ومع محاولات تبريري بأنني لا أعلم شيئ، اصطحبوني إلى المدعي العام، والذي استمع إلى أقوالي وفوجئت بكيس كبير بداخلها أقراص مخدرة يؤكدون أنني جلبتها من مصر".
 
وقالت: "استغليت خروج أحد الضباط من غرفة التحقيق واتصلت ببنتي وأبلغتها بما جرى، وظلت تصرخ وتؤكد أنها لن تترك الجارية أو شقيقها بعد توريطي، حتى جرى ترحيلي لأحد السجون السعودية".
 
"43 يومًا داخل زنازنة مغلقة بالأقفال بمفدري.. الساعة كانت بتمر كأنها سنة".. بتلك الكلمات وصفت سعدية الأوضاع داخل السجن الذي قبعت فيه خلال مدة التحقيق، مشيرة إلى أن بعد مرور أكثر من 5 أيام بدأ الرأي العام في مصر يتحرك، "أحضرني مدير السجن وكان يدعى أبوحسن، ليبلغني أن الدنيا مثارة بسببي وطلب مني التحلي بالصبر.
 
وأضافت أن مدير السجن كان يعاملها بمثابة الابن والأم، وكان من حين إلى آخر يطلب من السجانات إخراجها من محبسها وإحضارها إلى مكتبه ويمنحها المأكولات والمشروبات، ويطلعني عما يدور بوسائل الإعلام عن قضيتي، مؤكدًا أن البراءة ستكون مصيري.
 
وأضافت أن طوال فترة وجودها داخل السجن كانت تتعرض لجلسات تحقيق من حين إلى آخر، حتى طلبت من المحققين بعد استكمال التحقيقات إلا بعد إحضار محامين من السفارة المصرية، "وبالفعل استجابوا لطلبي وحضر المحامين التحقيقات، وظلا بجانبي حتى وصولي إلى مصر".
 
وواصلت "سعدية" رواية الواقعة: "بعد مرور 43 يومًا على وجودها داخل السجن حضر إليها المدير، ليبلغها أن مسئولي السفارة المصرية سيحضرون لانهاء إجراءات الإفراج عني بعد أن تم القبض على المتهم الرئيسي في الواقعة عبدالله، وشقيقته في مصر، واعترافهما بالحقيقة، وجاء مندوب من السفارة المصرية، واصطحبوني إلى أحد الفنادق، إلى أن انتهت الحقيقات بشكل كامل وأرسل النائب العام المصري أوراق القضية كاملة إلى السلطات السعودية".
 
وعن دور السفارة المصرية خلال محنتها قالت: "السفارة المصرية لم تتركن وتعاملت بمنتهى الحب والإخلاص".
 
وقالت سعدية: "كانت كل دعوتي في محنتي أن أعود إلى أرض الوطن وأقبل ترابه".
 
ووجهت الحاجة سعدية، رسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي قائلة: "أنا بعشق تراب بلدي مصر وربنا ينصرك دائمًا وأتمنى مقابلتك".
 
يذكر أن ضباط مباحث الدقهلية بالتعاون مع مديرية أمن الجيزة، تمكنوا من ضبط المتهم أثناء اختبائه في إحدى الشقق بشارع العشرين دائرة قسم الأهرام، واعترف بارتكاب الواقعة بهدف تهريب المخدرات بمساعدة أشخاص بالمملكة السعودية ونبروة، كما جرى القبض على شقيقته وزوجها، وسائق السيارة التي استقلها برفقة المجني عليها لتوصيلها للمطار، باعتبارهم شركاء في الجريمة.

شارك الخبر على