ضغوط صندوق النقد الدولي تضع الحكومة الأردنية في مأزق

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

في الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة عمر الرزاز الحصول على ثقة البرلمان، نجد أن الحكومة أصبحت أمام تحد آخر يتمثل في الشروط والإجراءات التي وضعها صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على تسهيلات ائتمانية لمدة ثلاثة أعوام بقيمة 723 مليون دولار.

الإجراءات التقشفية والإصلاحات الاقتصادية، التي يطالب بها صندوق النقد الدولي كانت السبب في تأجيج غضب الشارع الأردني، حيث أدت إلى احتجاجات تطالب الحكومة بالتراجع عن هذه الإجراءات، مما تسبب في الإطاحة بحكومة هاني الملقي وتسلم الرزاز.

ومن المقرر أن تبدأ بعثة صندوق النقد اليوم الثلاثاء زيارة إلى الأردن، بهدف إجراء مراجعة جديدة للأداء الاقتصادي والاطلاع على الإجراءات التي يفترض أن تتخذها الحكومة لتحقيق شروط الصندوق في إطار برنامج تمويلي متفق عليه بين الجانبين، شملت إقرار ضريبة الدخل التي كانت أحد أسباب خروج التظاهرات التي أطاحت بحكومة الملقي.

إصرار على ضريبة الدخل

كانت حكومة الرزاز قد اتخذت فور تشكيلها في يونيو الماضي، قرارًا بسحب قانون الضريبة من مجلس النواب لامتصاص غضب الشارع، وتعهدت بإجراء حوار قبل إعادة القانون إلى مجلس النواب مرة أخرى.

إلا أن مسؤولا أردنيا كشف أن الصندوق غير راضٍ عن قرار حكومة الرزاز بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل من مجلس النواب والذي تم إقراره بناءً على طلب الصندوق.

اقرأ أيضا: هل تبتعد حكومة الأردن عن «جيب المواطن» لكسب ثقة البرلمان؟

وتضع بعثة صندوق النقد تضع على سلم أولويات زيارتها بحث مشروع قانون ضريبة الدخل وتطبيقه بداية العام المقبل، ومن ثم تصبح حكومة الرزاز مهددة بالرحيل حال الاستجابة للصندوق.

وأوضح المسؤول صعوبة تحقيق ما يرنو إليه صندوق النقد بإدراج مشروع القانون على جدول أعمال الدورة الاستثنائية المنعقدة حاليًا لإعطاء الثقة لحكومة عمر الرزاز، التي جاءت خلفًا لحكومة هاني الملقي، التي استقالت على وقع الاحتجاجات الرافضة لقانون الضريبة وزيادة الأسعار، حسب "وكالة عمون".

صندوق النقد كشف في إيضاحات نشرها على موقعه الإلكتروني الأحد، أن بعثته إلى الأردن سوف تعقد مناقشات مع الحكومة حول احتمالات طلب الحكومة مد فترة برنامج الاستعداد الائتماني معه لعام أو عامين آخرين، والتعرف على تقييم خطط الحكومة بشأن استكمال المراجعة الثانية.

وأضاف أن الإصلاحات ستوسع الوعاء الضريبي على نحو يتسم بالكفاءة وتحقق مزيدًا من الإنصاف، وسوف تساعد كذلك على تحويل ميزان تصحيح أوضاع المالية العامة بعيدًا عن تطبيق ضرائب على الاستهلاك التي تضر في الغالب بالفقراء والطبقة المتوسطة وتوجيهها نحو ضرائب الدخل، وخاصة أولئك الأقدر على دفعها.

اقرأ أيضا: «النقد الدولي».. كلمة السر في تمسك حكومة الأردن بالضرائب
 

حزمة إجراءات

وخلال العام الجاري اتخذت الحكومة حزمة قرارات أدت إلى اشتعال الشارع الأردني، والتي شملت رفع الدعم عن الخبز وزيادة ضريبة المبيعات بنسبة وصلت إلى 10% على كثير من السلع والخدمات، إضافة إلى فرض ضرائب نوعية ورسوم مقطوعة على مواد أخرى، بجانب رفع أسعار الكهرباء 4 مرات منذ بداية العام.

وقالت الحكومة حينها: إنها "تستهدف من هذه الإجراءات تحصيل عائد سنوي للخزينة بنحو 742 مليون دولار"، ويقدر حجم موازنة الأردن للعام 2018 بنحو 11.97 مليار دولار، بعجز 766 مليون دولار، بعد احتساب المنح الخارجية.

الأردن مزار للصندوق

"لقد أصبح معروفًا للقاصي والداني بأن صندوق النقد الدولي ما دخل بلدا إلا وأفلسه، وأن الأردن بات مزارًا لهذا الصندوق".. هكذا علق النائب الأردني راشد الشوحة على شروط الصندوق، معربًا عن رفضه لدور الصندوق في الأردن.

اقرأ أيضًا: قمة مكة من أجل الأردن.. رسالة لـ«طيور الظلام ووحوش التخريب»

"الشوحة" أضاف خلال كلمته التي ألقاها خلال مناقشات النواب لمنح الثقة للحكومة، أن الأردن نتيجة سياسات صندوق النقد الدولي أصبح أكثر الدول فقرًا، وازدادت المديونية أضعافًا مضاعفة.

كان رئيس البرلمان عاطف الطراونة قد قال في وقت سابق: إن "أكثر من 80 نائبا، وهو عدد يمثل أغلبية في البرلمان الذي يتألف من 130 عضوا، يريدون أن تسحب الحكومة مشروع القانون الذي أرسل إلى النواب للموافقة عليه، وهذا يعني أن البرلمان كان مع رغبة الشعب في عدم تمرير مشروع القانون"، حسب "رويترز".

رسالة التكليف لرئيس الحكومة عمر الرزاز من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، احتوت نقاطًا بارزة تتعارض مع سياسات الصندوق وتجميد برامجه المعمول بها، حيث أشار الملك عبد الله إلى أن التحدي الرئيسي الذي يقف في وجه تحقيق أحلام وطموحات الشباب الأردني هو تباطؤ النمو الاقتصادي، وما نجم عنه من تراجع في فرص العمل خاصة لدى الشباب، وعليه فإن أولوية حكومة الرزاز يجب أن تكون إطلاق طاقات الاقتصاد الأردني وتحفيزه ليستعيد إمكانيته على النمو والمنافسة وتوفير فرص العمل.

ولكن كيف يمكن لتوصية الملك أن تُطبّق وسط أكبر عائق في البلاد هو صندوق النقد الدولي الذي يشترط أن يكون له يد في إدارة الاقتصاد ومواردها المالية، وتطبيق روشتة التحرر الاقتصادي التي على أساسها يتم رفع يد الحكومة عن آلية الدعم من سلع وخدمات أساسية من ماء وكهرباء ومواد طاقة لتزيد أسعار تلك المواد، إضافة إلى معظم السلع والخدمات.

اقرأ أيضًا: بعد «معناش».. هل تستجيب حكومة الأردن لضغط الشارع؟

ومن خلال ما سبق نجد أن حكومة الرزاز أمام ثلاثة تحديات تتمثل في إرضاء البرلمان للفوز بكسب الثقة، والتحدي الثاني امتصاص الغضب الشعبي وكسب تأييده، بينما يتمثل التحدي الثالث في تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي والتي تتضمن تطبيق قانون ضريبة الدخل والذي يتعارض مع التحديين السابقين، وهذا يعني أن الحكومة ستصبح في مأزق نتيجة عدم الاستجابة لمطالب الشارع وبالتالي عدم الحصول على ثقة البرلمان.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على