الروس يخفضون سقف توقعاتهم لنتائج القمة رغم انتظارهم لحدوث تحول في العلاقات الروسية الامريكية

ما يقرب من ٦ سنوات فى كونا

من اديب السيد (تحليل اخباري)
موسكو - 14 - 7 (كونا) -- يحرص الروس على تخفيض سقف توقعاتهم لنتائج القمة المرتقبة الاثنين المقبل بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والامريكي دونالد ترامب رغم انتظارهم الطويل لحدوث تحول في العلاقات الروسية الامريكية.وحثت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا خلال ايجاز صحفي مؤخرا على عدم رفع سقف التوقعات وعدم انتظار حدوث تحولات جذرية في العلاقات الثنائية نتيجة لهذه القمة.وكانت الرئاسة الروسية اعلنت ان القمة الروسية الامريكية ستعقد في العاصمة الفنلندية هلسنكي في 16 من الشهر الحالي.وانعكس هذا المنحى كذلك في التصريحات التي ادلى بها المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بسكوف بضرورة عدم توقع التوصل الى اتفاقيات نوعية في العلاقات الروسية الامريكية خلال القمة لافتا الى ان هذه القمة ستكرس اساسا لتبادل الاراء حول القضايا الدولية الاساسية ومناقشة الحالة المتردية للعلاقات الثنائية.وفضلت صحيفة (الازفستيا) واسعة الانتشار اطلاق وصف تمهيدية على القمة الروسية الامريكية المرتقبة.ويبدو هذا الطرح منطقيا على ضوء المشاكل التي تراكمت خلال السنوات الاخيرة واثقلت كاهل العلاقات الثنائية بازمات سياسية وديبلوماسية كادت ان تصل الى حد القطيعة الكاملة.وفي هذا الصدد تجدر الاشارة الى الاجراءات المتبادلة التي ادت الى تقليص عدد الدبلوماسيين في كلا البلدين الى الحد الادنى ناهيك عن قيام السلطات الامريكية بمصادرة املاك دبلوماسية روسية في مدينتي واشنطن وسان فرانسيسكو يضاف الى هذا كله حزم العقوبات الامريكية والغربية التي تفرض تباعا ضد روسيا.ومع ذلك ينظر الروس الى حقيقة انعقاد القمة على انه حدث هام بكافة المقاييس مادامت روسيا لم تقدم اي تنازل يتعلق بضم شبه جزيرة القرم واصرارها على معالجة النزاع في شرق اوكرانيا على قاعدة اتفاقية مينسك التي وقعت في فبراير عام 2015 ناهيك عن تمسكها بموقفها الثابت حيال سبل معالجة النزاع في سوريا.وبالطبع يدرك الجانب الروسي ان الادارة الامريكية وجدت نفسها امام وقائع تؤكد ان العقوبات الاقتصادية والتجارية لم تجدي في دفع الروس الى تغيير مواقفهم بل بالعكس زادتهم اصرارا على البحث عن بدائل من خلال تشجيع الانتاج الوطني في كافة المجالات لا سيما التكنولوجية والانفتاح بدون حدود لتطوير العلاقات مع الصين والهند وبقية الدول الاعضاء في منظمة (بريكس).ومع ارتياح الروس لدعوة ترامب بضرورة عودة موسكو الى مجموعة (7 زائد واحد) الصناعية الكبرى الا انهم مرتابون من الثمن الذي يتوجب عليهم دفعه لقاء "هذا الكرم الامريكي".وهنا لفت الخبير المالي والمصرفي الكسندر رزوبايف في مقال نشره في صحيفة (نيزافيسميا جازيتا) في عددها الاخير الى ان واشنطن ستطالب روسيا بوقف امدادات السلاح الى تركيا وايران ووقف العمل على تنفيذ مشروع السيل الشمالي 2 الخاص بامدادات الغاز الروسي الى اوروبا لان واشنطن تريد حصة في سوق الغاز الاوروبية.ناهيك ان الروس الذين طالما اشتكوا من منظومة الدفاع الصاروخي الغربية التي تحاصر بلادهم من جميع المناحي كشفوا النقاب عن منظومات صاروخية وتسلحية غير مسبوقة لا يوجد لها مثيل في الصناعة الحربية الغربية وهي قادرة تماما ليس فقط على تجاوز منظومات الدفاع الصاروخي الغربية بل وتحويلها الى كاهل على عبء الدول التي تمولها او تسمح بنشرها فوق اراضيها.ووضعت الانجازات العسكرية الروسية واشنطن كذلك امام خيارات اما الانسياق في سباق تسلح مكلف وغير مضمون النتائج او العودة الى الالتزام بمعاهدات نزع السلاح وخاصة معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى التي وقعها الجانبان في عام 1987.وفي الوقت ذاته يدرك الروس ان واشنطن بحاجة لهم في معالجة ازمة الملف النووي في كوريا الشمالية والاتفاق النووي مع ايران ومعالجة الازمات والنزاعات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا خاصة التسوية الفلسطينية الاسرائيلية وسوريا والتصدي للارهاب والتطرف في افغانستان.واستنادا الى هذه المعطيات قال نائب رئيس الاكاديمية الروسية للقوات الصاروخية والمدفعية قسطنتين سيفكوف في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم السبت ان المطالب الروسية امام القمة المرتقبة من الناحية العسكرية تتمثل في تخفيض عدد القوات العسكرية الامريكية في منطقة الحدود الغربية لروسيا ووقف نشر منظومة الدفاع الصاروخي قرب الحدود الروسية واجراء تعديل على العقيدة العسكرية الامريكية التي تسمح للقادة العسكريين الميدانيين بتقرير حق استخدام السلاح النووي وفقا لتقديراتهم وتاكيد الالتزام بمعاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى.واضاف ان روسيا تريد كذلك ان تتراجع واشنطن عن قرارها بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران والمضي قدما على طريق معالجة ازمة الملف النووي الكوري الشمالي واعطاء هذه العملية طابعا شاملا يضمن تحويل شبه الجزيرة الكورية الى منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل ومنطقة للسلام والاستقرار.واوضح ان روسيا تعطي اهمية كبيرة لضرورة التزام واشنطن بعدم تقديم مساعدات عسكرية لاوكرانيا ووقف برامج اعادة تسليح القوات الاوكرانية.وبالرغم من ان مساعد الرئيس الروسي يوري اوشاكوف اورد النزاعات الاقليمية ضمن القضايا التي ستناقشها القمة الا ان الخبير في الشؤون العربية الباحث في معهد الاستشراق قسطنتين ترويتسيف اعرب في حديث مماثل ل(كونا) عن اعتقاده ان التطورات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ستطرح على مائدة البحث في القمة الروسية الامريكية ولكن" بقدر متفاوت من الاهمية وفقا لمعاول التاثير التي يملكها كل طرف في مناطق النزاعات".وقال ان "المعاول التي تملكها روسيا في سوريا تجعلها قادرة على ضمان انسحاب امريكي من سوريا بطريقة تحفظ ماء الوجه لواشنطن وعزا ذلك الى اعتقاده بان الولايات المتحدة ليست قادرة على البقاء في سوريا".ولفت ترويتسيف الى ان "قضايا التسوية الفلسطينية الاسرائيلية لن تحتل حيزا كبيرا في مباحثات القمة نظرا لان الجانب الروسي لا يملك الكثير من المعاول للتاثير على الموقف الامريكي المنحاز لاسرائيل بسبب ضعف المواقف العربية في هذا الخصوص".واوضح ان روسيا تملك العديد من الاوراق في ليبيا نظرا لارتباطها بعلاقات ايجابية مع جميع الاطراف المعنية بالنزاع في ليبيا مبرزا حقيقة ان روسيا لن تستجيب لرغبة بعض الدوائر الغربية بالتدخل عميقا في الشؤون الليبية انطلاقا من "حساباتها الخاصة".يذكر ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيجري خلال الايام المقبلة مباحثات تمهيدية مع نظيره الامريكي مايك بامبيو للاعداد للقمة التي ستستضيفها هلسنكي. (النهاية)

ا س / م خ

شارك الخبر على