أطباء لوزيرة الصحة السلام الجمهوري لن يقدم خدمة جيدة للمواطن

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

أثار القرار الوزاري الصادر أول من أمس الثلاثاء من قبل الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان بشأن إلزام جميع المستشفيات الحكومية بإذاعة السلام الجمهوري وترديد قسم الطبيب مع بدء ساعات العمل الرسمية من أجل تعزيز وغرس قيم الانتماء داخل الجميع، حالة من الجدل والغضب بين الأطباء الذين وصفوا القرار بـ"الكارثي".

حسبما أكد «متحدث الصحة» خالد مجاهد، فإن القرار يستهدف إرساء القيم وعودة ثقافة الأخلاق وتذكير الأطباء بالقسم الذي أقسموا عليه عقب تخرجهم من كليات الطب، وأن الوزارة ماضية في تطبيق القرار داخل المستشفيات رغم الهجوم الشديد الذي تعرضوا لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وبدأت مستشفيات وزارة الصحة والسكان أمس الأربعاء إذاعة السلام الجمهوري وقسم الأطباء عبر مكبرات صوتية واردة من الإذاعة الداخلية مع بدء ساعات العمل الرسمية.

 ليس بالسلام الجمهورى وحده

«معالي الوزيرة ليس بالسلام الجمهورى وحده تحيا المنظومة الصحية».. يقول الدكتور إبراهيم الزيات، نقيب أطباء الدقهلية الذي لخص تعزيز الانتماء الحقيقي داخل مستشفيات وزارة الصحة في 6 نقاط رئيسية.

وأكد الزيات أن تعزيز الانتماء بأن يجد المريض الأدوية والمستلزمات الطبية متوفرة بالمستشفى ولا يضطر إلى شرائها من الخارج، وأن يجد المريض سرير عناية أو حضانة لطفلة متوفرة بالمستشفى ولا يضطر للجوء إلى القطاع الخاص وإذا لم تتوفر له الإمكانيات المادية «يدوخ ويلف» ليجد سرير عناية أو حضانة أو يتوفاه الله ويرحمه منهم.

تقليص قوائم الانتظار

كما أن الانتماء الحقيقي بأن يتم تقليص قوائم الانتظار لإجراء العمليات الجراحية التى قد تصل فى بعض الأحيان لشهور وأن يعمل الفريق الطبي فى بيئة آمنة بعيدًا عن الاعتداءات المتكررة وغالبا سببها ما تم ذكره عاليًا.

وطالب الزيات بأن يعمل الأطباء تحت قانون تحدد فيه المسؤلية الطبية بمعرفة هيئة علمية طبية قانونية تفرق بين المضاعفات الطبية واردة الحدوث وبين الإهمال الجسيم، وأن يتقاضى الفريق الطبي المقابل المادى المناسب لطبيعة عمله، بدلا من الجمع بين العمل الحكومي والعمل الخاص حتى يستطيع أن يعيش بكرامة.

حبر على ورق

الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام السابق لنقابة الأطباء وصف القرار الوزاري الأخير بـ «المتسرع» والتصريحات «العنترية» التي لا يسهم في الإصلاح الحقيقي للمنظومة الصحية، بل يواصل من أسلوب دفن رؤوسنا في الرمال ونرجو أن تكون مجرد زلة لسان وتتراجع عنها ونتجاوز هذا الأمر للبحث عن الأمور الحقيقية في إصلاح المنظومة الصحية.

وعن أبرز ما يصلح المنظومة الصحية في الوقت الحالي، يؤكد الطاهر ضرورة زيادة ميزانية الإنفاق الصحي للحد المتفق عليه عالميًّا، مع مراعاة الأولويات اللازمة وبيئة العمل المناسبة داخل المستشفيات الحكومية وتوفير أسِرّة الرعاية المركزة والحضانات وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الناقصة في أقسام الطوارئ لإنقاذ حياة المرضى، وإعطاء الفريق الطبي حقه العادل من الأجور وتوفير وسائل مكافحة العدوى، وتنفيذ الحكم القضائي الخاص بزيادة بدل العدوى للأطباء من 19 إلى 1000 جنيه.

وتسائل الطاهر في تصريحات لـ"التحرير" بشأن ما إذا كان القصور الجاري في المنظومة الصحية المتهالكة منذ سنوات طويلة هل يصلحه ترديد السلام الجمهوري أو قسم الطبيب؟.. ويرد أن هذا بلا شك حماسة زائدة من قبل الوزيرة وجانبها التوفيق في هذا الأمر، مطالبًا الوزارة بوضع خطة للإصلاح في جدول زمني محدد.

تخلي عن المسئولية

في الوقت ذاته أعلن الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة دهشته من قرار وزيرة الصحة، بقوله: «إذا كان السلام الجمهوري يبدو أمام الجميع أنه شيئ نبيل فإن جوهر الموضوع يحمل شيئًا رديئًا والتخلي عن المضمون يصاحبه المبالغة في الشكل».

وهذا كله نتيجة تخلي وزارة الصحة حسب تعبيره عن دورها المحوري في المسئولية عن صحة الشعب المصري وتقديم الخدمة الطبية بشكل يجعلها متاحة أمام جميع المواطنين.

الجانب الأكثر خطورة حسبما يرى خليل في تخلي وزارة الصحة عن مسئوليتها تجاه الشعب ليس في إنشاء مستشفيات ذات جودة «هذا كلام فارغ يقوله مدير مستشفى خاص عنده ميزانيات عالية جدًا»، حسب تعبيره، ولكن تطبيق معايير الجودة لا يمكن تطبيقها في أي مكان دون توفير المقومات الأساسية للخدمة على الأقل عبر توفير عدد أسِرّة رعاية مركزة بشكل كافي وعدد ممرضات وميزانية كافية.

عجز في الفريق الطبي

وأكد منسق عام الحق في الصحة لـ «التحرير» أن مستشفيات الحكومة تعاني من عجز شديد في العاملين بالمنظومة الطبية، إذ يوجد عجز 30% في الأطباء و55% في التمريض وفي عدد الأسِرّة المتوفرة تبلغ أقل من 50% من المتوسط العالمي الذي يبلغ 2.9 سرير لكل ألف مواطن تسجل مصر 1.4 فقط، وترتبط تلك الأعداد بهيكل المرتبات والأجور، حتى لا يضطر الغالبية العظمى منهم للهجرة خارج البلاد.

عجز الموازنة

كما أن دور وزارة الصحة الرئيسي يتمثل في العمل على توفير المقومات الأساسية للخدمة الطبية دون أن تتمسك بالشكليات والمظاهر والشواشي للتهرب من المسئولية في زيادة معدلات الإنفاق الصحي بالموازنة العامة من 3 إلى 6% حسب المعدل العالمي وتراجعت هذا العام إلى 1.7% وهذا أمر كارثي على جودة الخدمة الصحية في مصر.

من جانبه، طالب الخبير العالمي الدكتور سمير بانوب، مؤسس الرعاية الصحية والعقل المفكر لقانون «التأمين الصحي» بالولايات المتحدة الأمريكية وزارة الصحة بالاهتمام بالتحليل العملي والعلمي لمشكلات قطاع الصحة ذات الأولوية توطئة إلى وضع وتنفيذ استراتيجيات القطاع الصحي القومية التي تصحح المعاناة التي تواجه الغالبية العظمى من المصريين.

توصية أخيرة

التوصية الأخيرة التي اقترحها بانوب على وزارة الصحة والسكان بضرورة تعديل القرار الوزاري الصادر من خلال توجيه تعليماتها إلى مختلف الإدارات الصحية والمستشفيات بعزف السلام الجمهوري في بداية الاجتماعات الرسمية كلما أمكن .

وإذا لم يصدر هذا التعديل حسب تعبيره، فيجب أن يُذاع السلام الجمهوري وقسم الوزراء وكبار الموظفين الذي يقسمونه عند التعيين، وذلك قبل بدء جميع اجتماعات مجلس الوزراء وجميع لجانه.

كما ينبغي أن يُذاع السلام وقسم الأطباء يوميًا في ديوان عام وزارة الصحة المركزية وجميع إداراتها وأقسامها ووحداتها في جميع أنحاء البلاد وليس فقط بالمستشفيات.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على