القضاة يغادرون كركوك من دون عدّ وفرز جميع الصناديق المطعون بنتائجها

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

 بغداد/ وائل نعمة
لملمَ مجلس المفوضية الجديد (القضاة المنتدبون) أوراقه وغادر كركوك في وقت متأخر من مساء السبت متجهاً الى السليمانية، بعدما انتهى عصر اليوم نفسه من عمليات العد والفرز اليدوي في المحافظة من دون إعلان النتائج. وكان من المتوقع أن تنتهي عملية تدقيق أكثر من 500 صندوق نهاية يوم أمس الأحد.ورجحت الجبهة التركمانية التي كانت تطمح الى تدقيق شامل في كل صناديق كركوك على إثر عمليات التزوير التي فاقت نسبتها الـ50% أن تكون وراء توقف إجراءات العد والفرز المفاجئ ضغوط سياسية، بحسب زعمها، مؤكدة أن القضاة أهملوا فتح أكثر من 100 صندوق لأسباب غير معلومة، وأن السلطات الأمنية منعت التركمان من إقامة تظاهرات في المحافظة.في المقابل جاءت النتائج المسرّبة لآخر ساعات عملية العد والفرز اليدوي، مريحة للاتحاد الوطني الكردستاني، خصوصاً وانه أكد أن نسبة الفارق بين العدين اليدوي والإلكتروني لايتجاوز الـ7%، ما يعني عدم حدوث أية تغييرات في مقاعد القوى الفائزة، وأن الصناديق المشكوك بتعرضها للتلاعب في أقفالها قد تم إهمالها وهي أكثر من 60 صندوقا.
الجبهة التركمانيّة متفاجئةولم يصدر من المفوضية أي توضيح عن نتائج العد والفرز في كركوك، فيما قال رئيس الجبهة التركمانية في المحافظة أرشد الصالحي في تصريح لـ(المدى)، أمس، أن "الذي حصل في كركوك هو مفاجأة، فقد ترك القضاة عملية العد والفرز وغادورا الى السليمانية من دون مبررات".وبدأت عملية التدقيق في كركوك يوم الثلاثاء الماضي، حيث استقرت آراء المفوضية الجديدة على أن يكون العد والفرز جزئياً وليس كلياً كما كان قد جاء في قرار المحكمة الاتحادية في حزيران الماضي، والذي صدر على إثر قرارات البرلمان السابق.وظهرت في الايام الثلاثة الاولى لعملية التدقيق الجديدة، بعض الفوارق بين نتيجتي العد والفرز اليدوي والإلكتروني خاصة في مناطق جنوب كركوك.واعتبرت الجبهة ذلك دليلا على وجود تزوير كبير لصالح الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الفائز بأغلبية المقاعد، وزعمت ان نسبة التزوير تراوحت بين 50% و 100% في بعض المراكز، وهو ما دفعها للمطالبة بإجراء عملية فحص شاملة لكل الصناديق التي يبلغ عددها نحو 1200 صندوق.وطعنت الجبهة التركمانية بـ1143 محطة (صندوق)، لكن ذلك لم يتحقق لها، وقررت المفوضية الجديدة فحص أقل من نصف العدد الاخير، لذلك يقول رئيس الجبهة "لدينا شكوك في ما حدث في كركوك، ربما هناك ضغوط سياسية مورست على القضاة، أو مساومات بين بعض القوى من أجل تشكيل الحكومة وإبعاد التركمان عنها".وأكد الصالحي وهو مرشح فائز عن كركوك، أن "المفوضية لم تعلن النتيجة النهائية لعملية العد والفرز اليدوي، واكتفت بوضع بعض الملصقات على بعض المراكز". وكانت التسريبات في 3 مراكز انتخابية في المحافظة أظهرت تقدم الاتحاد الوطني، يليه الجبهة التركمانية، ثم التحالف العربي.كما قال رئيس الجبهة إن السلطات الامنية في المحافظة منعت أي شخص بالاعتراض على النتائج أو الخروج في تظاهرات. وأضاف إن "رئيس اللجنة الامنية التابعة لمفوضية الانتخابات في كركوك الفريق موفق عبد الهادي، أبلغني بمنع أي تظاهرة أو مؤتمر إعلامي بخصوص نتائج العد والفرز".
لاغالب ولامغلوبوكانت جبهة تركمان كركوك، التي حصلت على 3 مقاعد عن المحافظة في الانتخابات التشريعية الاخيرة، تأمل الحصول على مقاعد إضافية، بعد إقرار عملية العد والفرز اليدوي، لكن "الاتحاد الوطني" أعلن بأن النتائج التي ظهرت بعد نهاية فحص الصناديق لن تغير المعادلة.وأضاف شوان الداوودي، عضو قيادة الحزب في كركوك، في تصريح لـ(المدى) أمس إن "نسبة التطابق بين العد والفرز الإلكتروني واليدوي تصل الى 93%". وأوضح أن كل الصناديق التي قدم طعن بشأنها قد تم فحصها، باستثناء 44 صندوقا كان قد تم التلاعب بأقفالها، و22 آخرين ضمن مراكز النزوح والحركة السكانية قد تم تغيير أقفالها أيضا، حيث قرر القضاة إغلاقها بالشمع الأحمر وعدم تدقيقها.وكان الاتحاد الوطني قد لوّح خلال الأيام الماضية باللجوء الى الشارع في حال تغيرت النتائج دون البتّ في قضية التلاعب بالصناديق، التي اتهمت فيها "الجبهة التركمانية" بمساعدة جماعات مسلحة وموظفين في المفوضية.ودعا الداوودي، الحكومتين الاتحادية والمحلية الى ضبط الأمن في كركوك، خوفاً من اعتراض بعض "الشخصيات الخاسرة"، فيما قال إن "الجميع رابح في كركوك، ومقاعد التركمان والعرب زادت مقعداً واحداً لكل منهما عن الانتخابات الماضية".وأمس، أعلن القيادي في الاتحاد الوطني ريبوار طه، أن الحزب عازم على رفع دعاوى قضائية بحق الجهات التي اتهمته بالتزوير. وسبق أن قالت الجبهة التركمانية، وإياد علاوي الذي يقود ائتلاف الوطنية إن العد والفرز يدوياً أظهر أن نسبة التزوير في نتائج كركوك تجاوزت 50 % .وكان المجلس العربي في كركوك قد طالب السبت الماضي، بإجراء العد والفرز يدوياً لكل المحطات التي تعرضت لاستبدال "الرامات" بعد ظهور "حجم التزوير الهائل الذي قام به أحد الاحزاب بالتواطؤ مع بعض الموظفين في مكتب مفوضية كركوك".وزعم المجلس، وهو أحد التشكيلات السياسية في كركوك أن أحد الاحزاب "قام باستبدال (SD-RAM) لـ 1143 محطة من مجموع محطات المحافظة"، وأكد أن "المحافظة تعرضت لقرصنة إلكترونية ممنهجة ومخطط لها أدت الى تزييف إرادة الناخبين".
تدقيق أصوات السليمانيّة والجنوببشكل عام وعلى الرغم من الاعترضات على عمل المفوضية الجديدة، يعتقد عادل اللامي، الخبير في شؤون الانتخابات، أن "أغلب القوى السياسية في كركوك كانت راضية على إجراءات القضاة المنتدبون". وأشار الى أن الحديث عن الأرقام ومدى تطابقها مازال "تسريبات ولم يتم إعلانه بشكل رسمي".ويرى اللامي في تصريح لـ(المدى) أمس أن المفوضية الجديدة "تتجنب الإعلان الفردي عن كل محافظة، وتنتظر نهاية كل عمليات العد والفرز لإعلان النتائج دفعة واحدة، حتى لايؤثر على الرأي العام"، موضحا ان "النتائج المسربة تعني عدم حدوث تغيير في حجوم القوى السياسية في المحافظة".ومن المفترض أن تبدأ اليوم الإثنين عمليات العد والفرز يدوياً لصناديق 6 محافظات وهي (البصرة وميسان وذي قار والمثنى والقادسية وواسط) بعدما وصلت إلى مركز العد الرئيس في معرض بغداد الدولي وسط العاصمة، بحسب ما قاله المتحدث باسم المفوضية القاضي ليث جبر حمزة.وأكد حمزة أن العملية ستتم في الاستعانة بموظفين من مكتبي المفوضية في الكرخ والرصافة وموظفي رئاستي محكمتي استئناف الرصافة والكرخ بإشراف مباشر من قبل مجلس المفوضين وممثلي الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين وممثلي سفارات دول العالم والاحزاب السياسية ووسائل الإعلام.أما المحطة المقبلة في عملية العد والفرز يدوياً فستكون السليمانية، حيث يقول عادل اللامي إن "العملية ستبدأ يوم غد الثلاثاء، وربما ستستمر ليومين فقط بسبب قلة الصناديق المطعون بها التي تبلغ 188 صندوقا".

شارك الخبر على