نافذة من موسكو...العراق من جديد من دون دفة ولا شراع

ما يقرب من ٦ سنوات فى المدى

د. فالح الحـراني
أجمعت قراءات المراقبين السياسيين المهتمين بالشؤون العراقية في موسكو على أن الوضع العسكري والسياسي في العراق خلال الفترة الأخير معقد للغاية. وبدأ في البلاد صراع سياسي حاد مرتبط بالتقويم غير المتجانس لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 أيار، والتي اعترتها الانتهاكات خلال سير الانتخابات وتزوير الأصوات.ويشار أيضاً إلى أنه ورغم تصفية القوى الرئيسية لجماعة داعش الإرهابية، غير أن الوضع في مجال الأمن يبقى متوتراً وغير مستقر. وما زال خطر " الجهاديين" ماثلاً في البلاد، وهناك نشاط إرهابي مكثف على مستوى عالي. ولم تحل للنهاية قضايا العلاقات بين الحكومة المركزية وسلطات كردستان العراق. وتولي الحكومة العراقية على صعيد السياسة الخارجية الحصول على دعم سياسي اجنبي ومساعدات بما في ذلك عسكرية/ فنية. وضمن هذا السياق حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السابع من حزيران الماضي الخطوط الرئيسية لسياسة روسيا حيال العراق بقوله " إننا نقيم علاقات مع سلطات بغداد، وان جميع برامجنا في العراق، بما فيه إقليم كردستان العراق، نعتبرها مشروعة وواعدة، وانها لا تستهدف دخولنا في نزاع أو تحفيز نزاع في العراق. على العكس، إن مشاريعنا الحالية ترمي إلى تطوير التعاون مع العراق ككل، بما في ذلك مع كردستان العراق". وعند تناول العلاقات الروسية بكردستان العراق أشار بوتين إلى أن لروسيا علاقات تاريخية بالشعب الكردي وانها كانت دائما ودية. من جهة أخرى وصف تقرير صندوق " الثقافة الستراتيجية" في موسكو الوضع العراقي المترتب بعد انتخابات آيار البرلمانية بانه يتطور وفق قانون التراجيديا الكوميدية ( المضحك المبكي) في اشارة الى قرار مجلس النواب الغاء نتائج الانتخابات في بعض المناطق وفي الخارج، وهو قرار الغته المحكمة الاتحادية لتعارضه مع احكام الدستور.وأشار التقرير الى الأحداث المريبة التي وقعت عشية البدء بفرز الأصوات يدوياً، ومنها في بغداد حيث اندلع حريق في 10 حزيران أدى إلى تصفية جزء من صناديق الاقتراع، وقد اتضح إنه عمل مُدبر، كما جرت في الأول من تموز الحالي في مدينة كركوك " مثار الجدل" انفجارات في مبنى تحفظ فيه صناديق الاقتراع. وتناول أيضا التداعيات التي أعقبت الجلسة الأخيرة لمجلس النواب، بما في ذلك حرمان نوابه من الجوازات الدبلوماسية ورفع الحصانة البرلمانية عن عدد من النواب المتورطين بقضايا جنائية بما في ذلك الارتباط بالإرهاب وممارسة الفساد السياسي. ويرصد التقرير أيضا الفوضى وغياب الوضوح في التفاهمات والتحالفات بين الأحزاب والكتل السياسية والمعركة المحتدمة على هوية رئيس الوزراء في التشكيلة الحكومية الجديدة. وقال إن قضية تشكيل حكومة جديدة تصدرت الأولويات في الساحة السياسية العراقية، التي لم يعد لمجلس النواب صوت فيها. ولاحظ إن بعض القوى التي أصبحت في موقع هامشي في الاصطفاف الجديد راحت تبحث عن وجود أيادي أجنبية في التغيرات الجديدة على الساحة السياسية، وبالدرجة الأولى يد " الولايات المتحدة، وظهرت في شوارع بغداد شعارات " الموت لأمريكا"، علاوة على ظهور سلسلة من المواد الصحفية عن وجود خطر هجوم مسلح على السفارة الأمريكية في بغداد. وعلى خلفية تلك الأنباء شددت واشنطن من أمن ممثليتها. " وفي الأيام الأخيرة تستعمل طائرات من دون طيار، بكثافة لمراقبة التحركات في محيط السفارة الأمريكية في بغداد". وقال التقرير إن تصريحات بعض ممثلي القوى السياسية غير المسؤولة تصب الزيت على النار لتأجيج الوضع أكثر، وعلى سبيل المثال أشار إلى إعلان نائب سابق في مجلس النواب من تحالف دولة القانون الذي يقوده نوري المالكي، واصفا المساعدات الأميركية لإقليم كردستان العراق بانها "تدل على عدم احترام سيادة العراق ومؤشر على دعم تقسيم البلاد".ولفت إلى "أن القوى السياسية البارزة تدعو خلال المشاورات بجوقة واحدة إلى مكافحة الفساد الحكومي والمحسوبية وإخراج البلاد بأسرع وقت ممكن من الأزمة وجمع صف شعب العراق بكل مكوناته"، وأضاف " ولكن في الوقت نفسه يجري الالتفاف بمهارة على تحمل المسؤولية الشخصية". وأورد أمثلة على ذلك إن المسؤولين الرئيسيين العسكريين والمدنيين عن قضية سقوط الموصل واحتلال داعش ثلث مساحة العراق مازالوا يحتلون مناصب كبيرة في الدولة.

شارك الخبر على