ما الذى تفقده مصر من دون محمد صلاح؟

أكثر من ٥ سنوات فى الموجز

المقال - لوك براونمراسل رياضى بجريدة «إنديبندنت» البريطانيةترجمة: أميرة جبر
كيف كان صلاح سوبر ستار كادحًا يجر فريقه للأمام؟لقد عانى صلاح، مثله مثل ميسى، فى التعامل مع ثقل هذا الكم من التوقعات.ومع ذلك، وحتى بنصف لياقته البدنية ومع إثقاله بإلهاء خارج الملعب، كان أفضل لاعبى مصر.كيف نقيم كأس العالم مخيب الآمال هذا لمحمد صلاح؟
من ناحية كان فشلا ذريعا لكل من الفريق الوطنى المصرى وربما للرجل نفسه. وصلت مصر إلى روسيا بتوقعات عالية بضمان مكان فى مراحل خروج المغلوب للمرة الأول، فقد وضعتها القرعة فى مجموعة بدت غير خطيرة إلى جانب بلدين أقل منها ترتيبا فى تصنيف فيفا العالمى. وبدلا من ذلك، غادرت دون أى نقاط وفى قاع مجموعتها، ولا تزال فى انتظار أول فوز لها فى كأس العالم بعد ظهورين متساويين فى الفشل فى ١٩٣٧ و١٩٩٠.
من ناحية أخرى، قام بأفضل ما يمكن توقعه من لاعب سحرى مصاب يعانى لحمل ثقل توقعات أمة بأكملها على كتف واحدة سليمة. وصل صلاح إلى روسيا بنصف لياقته وحلم بعيد. لم يتمكن من لعب مباراة مصر الافتتاحية، وعلى الأرجح ما كان ينبغى أن يلعب مباراتها الثانية، ومع ذلك كان مسؤولًا عن أفضل لحظتين لها فى ٣ مباريات مخيبة للآمال، ناهيك بالهدفين اللذين تمكنت مصر من إحرازهما.
ويجسد بصورة دقيقة هدفه المبكر أمام السعودية إلى أى مدى هو ضرورى لهذا الفريق غير المتوازن. كان صلاح اللاعب ذا القميص الأبيض الوحيد المتمتع بحضور الذهن الكافى ليسرع إلى الأمام عندما دفع عبد الله السعيد بالكرة إلى آخر الملعب، وكان اللاعب الوحيد فى الملعب بالمهارة اللازمة لاقتلاع الكرة فى الهواء من لمسة واحدة، متجنبًا ببراعة الأخوين أسامة وعمر هوساوى، ومستعيدا بذلك سيطرته أمام المرمى.
وما حدث بعد ذلك كان صلاح على أصله، حيث هدوء كامل تحت الضغط ونوع التخليصة الغريزية المفترسة التى بتنا نقرنها بالرجل. كانت لمسته الأولى مهارية، ولمسته الثانية بديعة، ضربة أفقية «لوب» موزونة بإتقان كامل بينما كان يجرى بأقصى سرعة مع توقعه التام بالاحتكاك (فى كتفه اليسرى ولا أقل)، وتقوست الكرة من فوق ياسر المسيليم وارتدت فى الشبكة.
إلا أن هذه التخليصة تحكى نصف القصة، فبعد أقل من دقيقتين وجد صلاح نفسه أمام المرمى مجددًا إلا أنه هذه المرة قشر الكرة دون التسبب فى أى أذى فوق عارضة المسيليم. وانتهت مصر إلى خسارة المباراة ٢–١.وربما -فى الحقيقة- تلك اللقطة تقدم أفضل تجسيد لإسهامه فى حملة كأس العالم المبتورة هذه، فهو مشهد لسوبر ستار كادح يعانى ليجر فريقه عبر هذه البطولة الأصعب، حيث سرعان ما يتم نسيان أى دلالة على العبقرية لصالح أمر أكثر سلبية. وهو ليس الوحيد؛ فكذلك قد تعثر «ليونيل ميسى» و«سون هنج من» تحت ضغط التوقعات التى لا تلين.
وميسى بالتحديد نقطة مقارنة مثيرة للاهتمام؛ فكلاهما نبض قلب الفريق، وكلاهما تحمل حملات مخيبة للآمال وبائسة بجبين مجعد وحواجب معقودة دوما. وكلاهما اضطر إلى أن يتعامل مع ترسانة من الأمور الملهية خارج الملعب، من الفوضى فى معسكر الأرجنتين كما فصلها إد ماليون ودانى فيتزجيرالد فى «القصة الحقيقية لكأس عالم الأرجنتين.. رسائل (واتس آب) مسربة، وكعكة وزنها ١٥٠ كجم، والدخول فى عراك. كيف أوشكت عطلة نهاية أسبوع جامحة على إخراج كل شىء عن مساره؟»، إلى قرار مصر المثير للجدل والذى بالكاد يمكن تصديقه باتخاذ الشيشان قاعدة.
ولكنّ هناك اختلافا أساسيا واحدا، طريقة لعب خورخى سامباولى المشوشة كبلت ميسى وفعليا أضاعت ألمع موهبة فى كرة القدم العالمية. فى حين أن طريقة «٤–٢–٣–١» المألوفة لهيكتور كوبر صممت خصيصا للحصول على الأفضل من لاعبه النجم، الأمر الذى نجح بامتياز فى تصفيات كأس العالم، حيث تصدر صلاح التسجيل بـ٥ أهداف.
وقد نتجت مشكلات صلاح عن مصدرين أساسيين؛ الإصابة التى تعرض لها فى نهائى دورى الأبطال أمام ريال مدريد، وأنه أصبح دون قصد أداة دعائية لزعيم الشيشان المدعوم من الكرملين رمضان قديروف. وهذا الصداع الأخير هو الذى أدى إلى تخمينات متنامية بأن صلاح مستعد للابتعاد عن الفريق الوطنى، فقد غرد على تويتر وكيله رامى عباس فى وقت مبكر من الأسبوع بكلمة «شايط» (fuming).
وتحرك الاتحاد المصرى لكرة القدم سريعا لينكر أى شقاق مع صلاح، إلا أن المقربين من اللاعب قد نوهوا لـ«إنديبندنت» وغيرها بأن مستقبل صلاح مع الفريق الدولى معلق. وإذا ثبت أن هذا كان آخر ظهور لصلاح بقميص مصر فقد أظهر لهم بالضبط ما الذى سيفقدونه، لاعب كبير، حتى عندما كان أداؤه أقل بكثير من سقفه، كان فى فئة أعلى من باقى الموجودين فى الملعب.
وسيكون شيئا أقل قليلا من الفضيحة أن يتسبب سلوك الاتحاد المصرى لكرة القدم -وليس المدير الفنى أو الفريق الوطنى- فى قرار صلاح الآن بأنه قد حان الوقت للابتعاد. وعلى الرغم من أنه إلى الأبد سيعتبر هذه الحملة فشلا يستطيع أن يفكر فى إسهامه بفخر؛ فقد أحرز هدفين وقدم لحظتين بارزتين بينما كان بنصف لياقته فى الملعب ومشتتًا بشكل غير عادل.

شارك الخبر على