مهرجان موازين بين المقاطعة وتهديدات القتل.. هل تنجح الدورة الـ١٧؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

تعيش العاصمة المغربية الرباط، منذ الجمعة 22 يونيو الجاري، تحت إيقاعات مهرجان "موازين إيقاعات العالم" الأكبر عربيًا وإفريقيًا، بحضور كوكبة من المغنين من مختلف البقاع، غير أن دورة المهرجان الحالية، التي تحمل رقم 17، تجاوز الحديث حولها نطاق الفن والثقافة، وأصبحت في قلب الجدل السياسي القائم في الدار البيضاء، حيث تواجهها وتيرة مرتفعة من الدعوات لمقاطعة حضور فعاليات المهرجان تحت شعار "خليه يغني بوحدو"، على غرار حملات شعبية شهدها المغرب خلال الأشهر القليلة الماضية لمقاطعة بعض السلع الاستهلاكية.

وتتبنى حملة مقاطعة "موازين" سببين رئيسيين فيما تقوم به، أولهما الإنفاق المفرط في جلب فنانين بملايين الدراهم، وفي ذلك هدر لثروات البلاد واستنزاف لقدرتها الاقتصادية، في حين أن المغاربة التي تعاني بلادهم من نقص حاد في السلع والخدمات لن يقبلوا بإنفاق مواردهم في أمور ثانوية، والثاني أن المهرجان شاهد على ظاهرة زواج السلطة بالمال، فالمؤسسة المشرفة على تنظيمه قريبة من بؤرة السلطة والثروة، ويحظى برعاية ودعم منقطع النظير.

وبعث رواد الحملة رسالة باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية إلى الفنانين المشاركين في المهرجان، جاء فيها: "إلى الفنانين المدعوين لـمهرجان موازين.. يؤسفنا إخباركم أن الشعب المغربي سيُقاطع المهرجان والذي وعدكم بأداء أجر عشرات ملايين السنتيمات مقابل حضوركم، وذلك لكوننا نعيش مقاطعة شعبية بسبب الفقر والغلاء وتلك أموال الفقراء والمساكين".

وبالفعل، نجحت حملة المقاطعة في خلق حراك سياسي ساخن تشهده وسائط التواصل الاجتماعي، وخلقت رأيًا عامًا ضد المهرجان لم تعهده المغرب من قبل، وبالمقابل عمل منظمو المهرجان على تكثيف الحملات الدعائية، للحد من فعالية حملة المقاطعة، إلى درجة أن منظمي المهرجان نظموا حفلًا تجريبيًا قبل الانطلاق الرسمي للمهرجان بمنصة "السويسي"، بغرض اختبار مدى تأثير حملة المقاطعة على الحضور الجماهيري.

فيما تؤكد "جمعية مغرب الثقافات" المنظمة للمهرجان، أنه حقق استقلاليته المالية من خلال الشركات الراعية، ولا يأخذ تمويلات من المال العام المغربي، وأن دعوات المقاطعة ليس لها أي تأثير على مبيعات تذاكر حفلات المهرجان التي تُقام في مواقع مختلفة بالعاصمة الرباط ومدينة سلا المجاورة، وتوقع المنظمون أن تجذب حفلات المهرجان حوالى 2,5 مليون متفرج، ما يمثل زيادة طفيفة في حجم جمهور النسخة الأخيرة من المهرجان.

ووفقًا لـتقارير مغاربية، فإن إدارة المهرجان أقدّمت على توزيع تذاكر مجانية على مؤسسات عمومية وخاصة لتحفيز موظفيها على حضور فعالياته وحفلات عدد من الفنانين، وذلك خوفًا من نجاح حملة المقاطعة التي وصلت نيرانها للمهرجان بعد نجاح مقاطعة منتجات عدة علامات تجارية تحتكر السوق المغربي، موفرةً لهم وسائل نقل تقلهم إلى المنصات التي تُقام عليها الحفلات، وسط ترقب لمعرفة مدى تأثير ذلك الحدث الفني الأبرز سنويًا في المملكة.

دعوات مقاطعة "موازين" والذي يحظى بدعم لا حدود له من قِبل الدولة المغربية، ليست وليدة هذه السنة، بل تعود إلى عام 2011، عقب الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المغرب فيما عُرف باحتجاجات حركة 20 فبراير، التي توجت بتعديل دستوري وحكومي، وكان المهرجان في قلب هذه الاحتجاجات، وأصبح عنوانًا لسوء تدبير المال العمومي، بحكم أن حجم الإنفاق الباذخ على "موازين" لا يتناسب مع وضع البلاد التنموي.

ويُشارك في الدورة الـ17، 1500 فنان من بلدان مختلفة أمثال البريطاني جاميروكواي، والأمريكي برونو مارس، والهولندي مارتن كاريكس، والعراقي كاظم الساهر، والإماراتية أحلام والتي تبرعت بأجرها تأثرًا لما يحدث، والتونسي صابر الرباعي، والمصري محمد حماقي، والسورية رويدا عطية، والفلسطيني أمير دندن، واللبنانية ماجدة الرومي والتي تلقت تهديدًا بالقتل العمد في حال مشاركتها، وهو ما أدى إلى فتح بحث قضائي ووُجهت مصالح الأمني الوطني المغربية بإجراء أبحاث وتحريات دقيقة مكنت من تشخيص هوية المشتبه فيه وإلقاء القبض عليه.

وتأسس "موازين إيقاعات العالم" الذي يُقام تحت رعاية ملك المغرب محمد السادس في 2001، ويفتتح عادة موسم المهرجانات الفنية بالمغرب مثل مهرجان الصويرة لموسيقى كناوة ومهرجان الموسيقي الروحية بفاس، وجذب على مدى دوراته عشرات النجوم، أمثال وردة الجزائرية والشاب خالد وأصالة نصري وميادة الحناوي وجنيفر لوبيز وشاكيرا، وغيرهم، وتتوزع أنشطة المهرجان على ستة مسارح، فيما يقدر المنظمون عدد المترددين على الحدث الفني سنويًا بنحو مليوني زائر.

شارك الخبر على