حجب جوائز الدولة بين الذائقة الإبداعية وضعف الأعمال

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

ما زال الحجب يسيطر على جوائز الدولة التي تم الإعلان عنها منذ بضعة أيام، إذ تم حجب 15 جائزة تشجيعية في الأدب والعلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الاقتصادية والقانونية، جائزة واحدة في التقديرية وهو ما أثار حفيظة بعض المثقفين، الذين يرون أن الحجب لا يتماشى مع المرحلة التي تعيش خلالها مصر أزهى عصورها الإبداعية، فيما يرى آخرون أنه لا مانع من الحجب طالما أن الأعمال المقدمة لا ترقى، وبين هذا وذاك يؤكد البعض أن الأعمال الجيدة موجودة ولكنها تحتاج إلى تسويق وترشيح.

يقول الكاتب والروائي مصطفى عبيد: "أحترم الحجب أكثر من فكرة المنح سواء في التشجيعية أو غيرها وذلك كل المجالات، لأن التشجيعية تقوم على التقدم وليس الترشيح، ومعنى الحجب أن الأعمال المقدمة لا ترقى لنيل هذه الجوائز، أو ربما تعني أن هناك فقرا في فكر أجيال المبدعين الجديدة، أو أنه لا يوجد تسويق جيد للأعمال، فهناك من يملكون إبداعات جيدة ولكنهم لا يعرفون كيف يقدمون للجائزة.

وأكد أن الحجب يتماشى مع فكرة منطقية وعدالة اللجان المحكمة، فنادية لطفي كانت من المهم أن يتم تكريمها في مجال الفن، وأحمد مراد نموذج يحتذى لأجيال الشباب والتفوق الأدبي، وفي مجال الجائزة التشجيعية فإن حسن عبد الرحيم الذي فازت مجموعته القصصية "شخص ثالث" كاتب جيد وأديب مشهود له بالموهبة والقدرة.

أما الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة فيرى أن الحجب هذا العام لا يتجاوز الحجب في السنوات الماضية، والإبداع المتميز لدى الأجيال الجديدة موجود بوفرة لكن هناك بعض الصعوبات في تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالجوائز، وقال: كنت مرشحا لجائزة النيل لكنها ذهبت لصلاح فضل، وهذا لا يعني أبداً أنني رافض لنتائج هذا العام بل أرى أن المبدعين يقومون بدورهم في كل المجالات والاتجاهات، والدولة تقوم بدورها في المجلس الأعلى للثقافة لتسيير الجوائز ومتفائل ولست متشائما.

وأضاف أن كل عام هناك حجب وكل عام هناك ملاحظات بأن هذه الجوائز ليست كاملة، وأرى هذا العام أن هناك نوعا من الالتزام الحقيقي، لكن هناك ملاحظات فيما يتعلق بالجائزة التشجيعية في الشعر، فهذه الجائزة تمنح للمرة الثانية لشاعر من العامية، كأننا نعلن إفلاس شعر الفصحى، وهذا ليس صحيحا، فهناك دواوين رائعة يستحق أصحابها الجائزة وما زلنا بعيدين عن الكمال لكننا في الطريق إليه.

ويقول الكاتب والقاص أحمد الخميسي إن جوائز الدولة دائما محكومة بفكرة تكريم أدباء الدولة وكتابها، الذين يمثلون وجها أدبيا وفكريا لخط الدولة في السياسة والثقافة، والحجب ليس معناه أن الأعمال التي أمام اللجنة لا ترقى وليس معناه أنه لا يوجد أعمال أدبية ترقى، فهناك رواية "العجوزان" لجار النبي الحلو، ورواية "دموع الإبل" لمحمد إبراهيم، ورواية "دينا" لمحمود الورداني، وكلها أعمال جيدة وهذا يؤكد أن هناك أعمالا وروايات ترقى وترقى وترقي لما لا نهاية ولكن جوائز الدولة لديها دائرة محددة ترى من خلالها في ضوء معيار محدد، ومن ثم وفي ضوء هذا التصور يتم إدخال مجموعة محددة من الأعمال والكُتاب ولا بد أن تخرج كل جوائز الدولة عن سياق التكريم السياسي للدولة.

وأبدى الخميسي اندهاشه من منح جائزة لأحمد مراد، لأن ذلك تكريم لمفهوم محدد يطلق عليه "البيست سيلر" أو أعلى المبيعات، لأن أي كتاب يتحدث عن الجنس أو الخرافات أو به إثارة سيحقق أعلى المبيعات وهو مفهوم تجاري بحت، ولكن هذا لا يعني أنه أفضل الكتب، وهنا الدولة ترسخ لأفضل المبيعات في الجوائز وهذا يذكرني بجائزة نوبل التي تكرس لمفاهيم أخرى بعيدة عن الأدب والثقافة.

وتابع: "من الطبيعي في ضوء هذه الدائرة أن تنجح أعمال محكومة بتوجه معين لا بد أن ينكسر، فهناك العديد من الجوائز مثل ملتقى القصة القصيرة في الكويت لا تراعي الاعتبار السياسي، لكن تراعي الاعتبار الأدبي، وكما يبدو فإن جوائز الدولة التشجيعية تمنح لأناس قد رحلوا، فما القيمة من التشجيع هنا، فالشاعر الراحل عبد الناصر علام أحترمه وأقدره، لكن ما الجدوى من إعطائه جائزة تشجيعية بعد وفاته"، لافتاً إلى أن جوائز الدولة إن لم تستطع أن تشغل مكانة متميزة خلال تاريخها لأنه يتحكم بها موظفون محكومون بدائرة محددة فيكون بالتالي ليس لها قيمة.

من جانبه أكد الشاعر إبراهيم داوود أن القائمين على جوائز الدولة هم نقطة الضعف في هذه الجوائز، فبأي مناسبة يقرر يوسف القعيد من يستحق الجائزة ومن لا يستحق، فمصر تعيش أزهى عصورها الإبداعية وحجب الجوائز عيب كبير من القائمين على هذه الجوائز وليس تقصيرا من الأعمال المقدمة أو الكتاب، مشيرا إلى أهمية اختيار لجنة التحكيم بعناية وعلى درجة كبيرة من الدقة حتى يتم اختيار الأعمال التي تستحق التكريم لأصحابها.

شارك الخبر على