مدافع زائير.. أضحك العالم وأنقذ زملاءه من الديكتاتور

ما يقرب من ٦ سنوات فى البلاد

حدثت إحدى أغرب لقطات كرة القدم عبر تاريخها قبل 44 عاما، عندما خرج مدافع منتخب زائير سابقاً، جمهورية الكونغو الديمقراطية الآن، من حائط الدفاع وركل الكرة بعيدا عن ريفيلينيو وجارزينيو البرازيليين، ما جعل الناس يعتقدون أن السبب كان سوء فهم عند لاعب المنتخب المغمور، إلا أن السبب الحقيقي كان خوفا من الديكتاتور موبوتو سيكو، رئيس الدولة.

وأقيمت المباراة على ملعب "بارك شتاديون" في غيلسنكيرشن، حيث كان يتقدم المنتخب البرازيلي بهدفين دون رد أمام نظيره الأفريقي الذي خسر لقاءيه الأولين أمام اسكتلندا ويوغوسلافيا، قبل أن يحتسب حكم المباراة ركلة حرة لمنتخب "السحرة"، استعد لتسديدها ريفيلينو وجارزينيو قبل أن يركض مدافع زائير مويبو إيلونغا، من الحائط البشري ويركل الكرة بعيدا ليتلقى إنذارا من الحكم بسبب تعطيل اللعب.

وانتشرت الحادثة على أنها من لأكثر اللقطات كوميدية في كؤوس العالم، وأنها خطة فاشلة لتضييع الوقت لمصلحة منتخب مغمور.
وتأهل منتخب "الفهود" إلى كأس العالم للمرة الأولى في عام 1974، وكانت الآمال عالية بعد أن هزموا المغرب بثلاثية نظيفة في آخر جولات المجموعة في التصفيات، قبل أن يكملوها بالفوز بلقب كأس أمم أفريقيا من عام المونديال نفسه، ما رفع طموحات المشاهدين والمحللين، بأن زائير ستقدم بطولة كأس عالم للتاريخ، لولا تهديدات رئيسهم المستبد لهم.

و استولى موبوتو على الرئاسة بعمل انقلاب في عام 1965، وبعد نجاحه، غير اسم الدولة، حيث كانت تسمى بكونغو، قبل أن يغيره إلى زائير في عام 1971، كما أمر الزائيريين بتغيير أسمائهم الأوروبية والعودة إلى الأفريقية، كونها كانت مستعمرة بلجيكية.

وتدخل موبوتو في كرة القدم بشكل قوي، عندما قرر إعادة جميع اللاعبين المحترفين في بلجيكا إلى زائير، ما كان سببا في صناعة منتخب قوي، ضم الحارس موامبا ولاعب الوسط مافوبا والهداف مالومبا نداي، الذي سجل 9 أهداف في كأس أفريقيا 1974، وهو الرقم الذي لازال صامدا حتى اليوم، يليه المصري حسام حسن والجنوب أفريقي بيني مكارثي في نسخة 1998 من البطولة نفسها.

واعتاد موبوتو على دعوة اللاعبين إلى مجمعه الفخم كي يحفزهم بتقديم الأفضل في البطولات القادمة، لكن إلونغا كشف لاحقا بأن الرئيس المستبد أهدى كل لاعب بيتا وسيارة من شركة "فولكس واغن" الألمانية، وأرسل مع بعثة المنتخب إلى ألمانيا الغربية، مستضيفة مونديال 1974، عددا من الوزراء وجنرالات من الجيش، ومعالجين شعبيين، كما نشر.

وبدأ الفهود المونديال بخسارة مشرفة أمام أسكتلندا القوية، التي ضمت آنذاك أساطير كثر كان أبرزهم كيني دالغليش ودينيس لو وبيلي بريمنر، إلا أن الأمور بدأت بالتدهور قبل مباراتهم التالية أمام يوغوسلافيا، عندما لم يستلم اللاعبون مكافآتهم التي وعدهم بها الرئيس.

وبسبب عدم استلام مكافأتهم، قرر اللاعبون عدم لعب مباراة يوغوسلافيا، حتى قيل بأن مسؤولا ألمانيا عرض عليهم مبلغا يقارب 3 آلاف يورو لكل لاعب عوضا عن تشويه صورة المونديال بالانسحاب.

وخسر المنتخب الزائيري أمام نظيره اليوغوسلافي بنتيجة قوامها 9 أهداف نظيفة، دعت موبوتو إلى إرسال أعضاء من الحرس الرئاسي لتهديد اللاعبين بأن أي خسارة أمام البرازيل في الجولة الأخيرة بنتيجة أكبر من 4 أهداف، ستمنع دخولكم إلى بلدكم نهائيا، لتنتهي المباراة بثلاثة أهداف دون رد.
ومنذ خروجها الغريب من المونديال، لم تتأهل زائير/الكونغو الديمقراطية إلى المونديال أبدا، كما أوقف موبوتو صرفه الأموال على كرة القدم، وحول تركيزه إلى الملاكمة عندما أحضر الراحل محمد علي كلاي ومواطنه جورج فورمان إلى نزال شهير سمي بـ"رامبل إن ذا جنغل" بالإنجليزية، وأقيم في كينشاسا الزائيرية من العام نفسه.

وانتهى جيل 1974 بالنسيان من صفحات التاريخ، حيث توفي الحارس كازادي فقيرا في عام 1996، وعاش "المايسترو" مافوبا في فرنسا بعد أن قدم إليها كلاجئ، وتوفي بعد كازادي بعام، وفي عام 1998، قبل إحدى مباريات كأس أمم أفريقيا، أشيع خبر وفاة الهداف نداي، ليقف لاعبو الفريقين دقيقة حداد، إلا أنهم عرفوا فيما بعد أنه لازال حيا ويعمل كمدرب في جنوب أفريقيا، ووجد إيكوفو مبونغو وهو يعمل كسائق أجرة حتى الآن، في سيارته التي أهداها له موبوتو قبل مونديال 1974.

وفي عام 1997، تم طرد المستبد موبوتو من زائير إلى توغو بعد تحالف الثائر السياسي لورنت كابيلا والذي حكم الكونغو، مع حكومات رواندا وبوروندي وأوغندا.

شارك الخبر على