متحف مدحاء

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

علي بن راشد المطاعنيتعد المتاحف ذاكرة للأمم والشعوب، وفيها وعبرها تختزل حضارتها وتوثق لماضيها لفائدة الأجيال القادمة، وتحتفظ فيه بأمجادها حية تتقد في سجل الحضارات الإنسانية عبر الحقب والأزمان.لذلك سعت الحكومة لتشجيع المبادرات الخاصة بإنشاء المتاحف إيمانا منها بضرورة تشجيع المواطنين على الحفاظ على تاريخ بلادهم أسوة بجهود الحكومة ولتتكامل الجهود الحكومية والأهلية في الاهتمام بالحفاظ على الإرث التاريخي والحضاري لهذا الوطن العريق والضارب بجذوره في أعماق الأصالة.ومن المتاحف الأهلية الخاصة والرائعة نجد متحف ولاية مدحاء في محافظة مسندم الذي يؤرخ للمآثر التاريخية والحضارية في هذا الجزء العزيز على قلوبنا من بلادنا العزيزة عُمان، فمدحاء كولاية عُمانية في الخاصرة الشمالية للسلطنة، وإنشاء متحف بها له من الأهمية ما يتجاوز تجميع مورثات وتسيطر صفحات من الماضي، إلى تجسيد واقع عُماني في أقصى الجزء الشمالي من البلاد له أهمية إستراتيجية يتعين معها تعزيز هذه المبادرات بكل السبل باعتبارها جهدا أهليا يستحق كل الدعم والتقدير والثناء كفكرة قبل أن يكون متحفا يبلور الكثير من جنبات التاريخ العُماني التليد.فهذا المتحف عمد صاحبه محمد بن سالم المدحاني لتحويل منزله لمتحف ليقدمه هدية لوطنه وليحفظ عبره تاريخ آبائه وأجداده وليضيف لبنة لهرم التاريخ العُماني العريق.استطاع المدحاني جَمع 15 ألف قطعة أثرية لها قيمة عظيمة ونادرة من أنحاء ولايته ومحافظته مدحاء التي ارتبط بها ارتباطا وجدانيا واجتماعيا وتاريخيا، ونجح في إقامة جسور ممتدة من الماضي التليد وصولا للحاضر المشرق، وليقف المتحف كشاهد على حقيقة أن لهذا الوطن وفي كل جزء من أجزائه تاريخ يعتد به في كل محفل وفي كل ركن قصي من أركان هذا الكون الشاسع.المدحاني كغيره كافح في مواجهة التحديات والمصاعب لتكوين هذا المتحف المتكامل وبناء لإمكانياته التي لا نملك إلا أن نشيد بها، ولهذا فقد نال التكريم من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في عام التراث 1994 تقديرا لجهوده الطيبة التي بذلها في إنشاء هذا المتحف، وباعتباره صاحب مبادرة نوعية في محافظة مسندم، وما من شك في أن التكريم السامي كان ملهما له لإضافة المزيد من الجهد الخلاق للارتقاء بمتحفه كما ونوعا وفقا لمخططاته وتطلعاته الرامية لأن يكون الأفضل لا على مستوى منطقته فقط بل على مستوى السلطنة، وفي ذلك إثراء للأهداف الخاصة بإقامة المتاحف في كل بقعة من بقاع البلاد التي تزخر أصلا بالآثار والمقتنيات واللقى الحضارية.نأمل أن تحظى هذه المبادرات الخلاقة باستمرار الدعم والمؤازرة على كافة المستويات وباعتبارها تستوعب جزءا من التراث وتعمل على صيانته وحفظه من الاندثار والضياع، كما أن تشجيع مثل هذه المبادرات يخفف الأعباء على الدولة، إذ هي تقدم مزارات للزوار والسياح وهي بذلك تصب في اتجاه دعمها للاقتصاد الوطني كرافد سياحي مهم وحيوي.

شارك الخبر على