ندوة المهلب تخرج بمجموعة من التوصيات القيّمة

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

مسقط - العمانيةأوصت الندوة الدولية التي نظمها مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية بجامعة نزوى حول "المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني"بإنشاء صندوق وقف علمي وطني لتمويل البحوث العلمية والأكاديمية في المجالات الإنسانية التاريخية والثقافية واللغوية والتربوية، وتعميق البحث العلمي حول أصول آل المهلب ونشأتهم في عمان والاعتماد على القرائن التاريخية والشواهد الأثرية.كما أوصت الندوة في ختام أعمالها اليوم بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر ببوشر "بإنشاء قسم خاص بآل المهلب في المتاحف العمانية يضم الآثار المادية خاصة المسكوكات، وتعزيز التعاون بين سلطنة عُمان وجمهورية العراق للتنقيب عن تراث المهالبة في البصرة ودراسته أكاديميا لإخراجه إلى الجمهور، وتفعيل الاستثمار الثقافي في أعلام عُمان ومنهم آل المهلب وذلك بإنتاج مواد تعليمية وثقافية سمعية وبصرية وأفلام كرتونية لترسيخ القيم الحضارية لتلك الرموز الأعلام بما يحقق أهداف التنمية المستدامة وطباعة البحوث المقدمة في هذه الندوة باللغتين العربية والإنجليزية ورقيا وإلكترونيا ونشرها داخل عمان وخارجها.ودعت الندوة في التوصيات التي تلاها في الجلسة الختامية يونس بن جميل النعماني من اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم إلى ترجمة الكتب والدراسات غير العربية المعنية بشخصية المهلب بن أبي صفرة وآل المهلب إلى اللغة العربية، وإعادة نشر الكتب والدراسات المعنية بشخصية المهلب والنافدة من السوق واتاحتها للقراء، وتوجيه الباحثين وطلاب الدراسات العليا في الجامعات العمانية إجراء المزيد من الدراسات والبحوث الرزينة حول آل المهلب لتقديم صورة واضحة عن جهود واضحة عن هذه الأسرة الحضارية.وأوصت الندوة التي عقدت على مدى يومين بإطلاق اسم المهلب بن أبي صفرة على عدد من منشآت الدولة العلمية والتربوية والبحثية والمنافذ الحدودية في عمان لتخليد اسمه في الذاكرة العمانية وتذكير الأجيال به وبمكانته التاريخية، والاستمرار في تنظيم الندوات العلمية للاحتفاء بالأعلام العمانيين مثل أحمد بن ماجد والخليل بن أحمد الفراهيدي ومحمدبن الحسن بن دريد وغيرهم، اضافة الى تنظيم الندوات العلمية وإجراء الدراسات التي تسلط الضوء على الحواضر والمدن العمانية الحاضرة في تاريخ عمان والمرتبطة بالأعلام العمانيين مثل دبا وصحار ونزوى والرستاق وغيرها.وقال البيان الختامي للندوة "إن في تاريخ الأمم والشعوب، وخاصة الأمم الحضارية، شخصياتٍ أثرت في الحضارة الإنسانية بما خلفتهُ من أعمالٍ ومواقف. وإذا قيست الدول بالعمق التاريخي، فلعمانَ منها نصيب وافر، وإذا قيست بالأهمية الاستراتيجية فلعمان مكانةً لا تخفى على أحد، وإذا قيست بالأهمية الحضارية فلعمان عمق حضاري ممتد"، مشيرا الى أن" التاريخُ ليس فقط بماضيه التليد ولكن بإسهاماته الحضارية المتميزة التي يشهد لها القاصي والداني".وأوضح البيان أن "هذه الندوة التي اجتمع لها وفيها علماء أجلاء من عمانَ والوطن العربي والإسلامي، هي إحدى الندوات العلمية التي دأبت جامعة نزوى على عقدها بشكلٍ دوري لإبراز الجوانب الحضارية لدى الإنسان العماني على مر العصور. وهي تهدف إلى تقديم القدوة الحسنة إلى شباب الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة، والشباب العماني بصفة خاصة، بعد أن اختلت بعض القيم في عالمنا العربي والإسلامي".وأكد البيان أن الندوة " تدارست سيرة قائد عربي وإسلامي ولد بعمان وأقام أسرة عسكرية وسياسية نالت شرف الجهاد في سبيل الله، ذلك هو المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني الذي جابت سيرته الآفاق ورهبه العدو قبل أن يلقاه". وقد تضمنت أعمال الندوة عدة أوراق علمية رصينة قدمها أساتذة متخصصون في مجال الدراسات التاريخية والحضارية، اشتهروا بالنزاهة العلمية، قدموا خلالها ما سطره التاريخ عن سيرة هذا القائد العماني الفذ، وجالت أوراق الندوة بين التأصيل العلمي لنسب وأصول أسرة المهالبة، وأثر النشأة في تكوين شخصيته، وأهم أعماله الحربية والسياسية من أجل رفعة الأمة الإسلامية.واختتم البيان بقوله " إن رحم الأوطان عامرة بالشخصيات التاريخية التي ضربت بسهم في بناء الحضارة الإسلامية والإنسانية في شتى مجالات المعرفة والإبداع والقيم التي يجب أن نلقي عليها الضوء ليكونوا نبراسا يهتدى به أبناء عمان والعالم الإسلامي، فبأولئك الذين قضوا وبهؤلاء الذين جاءوا من بعدهم تبنى وتتقدم الأوطان وتزدهر الأمم".وقال الدكتور محمد بن ناصر المحروقي مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي بجامعة نزوى في كلمة ألقاها في ختام الندوة إن "الندوة كانت ناجحة وان التاريخ لا يسرق ولا يزور وانما تضيق عزائم الرجال عبر العصور الزمنية المتعاقبة، وقد أكدت الندوة على أهمية الاحتفاء بالرموز العمانية أمثال أحمد بن ماجد والخليل بن أحمد ومحمد بن الحسن وابن دريد والجلندى بن مسعود والمهنا بن جيفر وناصر بن مرشد واحمد بن سعيد وسعيد بن سلطان بمؤتمرات علمية عالمية منقولة على الهواء مباشرة ومغطاة من قبل الوسائل الإعلامية التقليدية والحديثة، كما أن الحواضر العمانية يجب أن تعقد حولها الندوات والمؤتمرات وتضمن المعلومات حول تلك المدن والشخصيات في المناهج الدراسية".وأكد أن هذه الندوة تعد " منطلقا ليصبح التراث العماني المادي والفكري والثقافي في بؤرة الاهتمامات العلمية للجامعات العمانية وان يتم التنسيق مع الجامعات العربية والعالمية لبلوغ ذلك الهدف".وشهدت الجلسة الختامية مناقشة عدد من أوراق العمل في المحور الادبي حيث قدم الأستاذ الدكتور محمد الديباجي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة شعيب الدكالي بالمملكة المغربية ورقة عن "ملامح من شخصية القائد العظيم المهلب بن أبي صفرة" و قال انه في تاريخ الامم و الشعوب لاسيما الأمم العريقة الضاربة في التاريخ و الحضارة الانسانية كتاريخ الأمة العربية شخصيات و أعلام بصمت التاريخ و تركت وراءها لابنائها من الاعمال و المواقف و الاثار ما تعتز به و في مقدمتهم سلطنة عمان التي قدمت القائد المهلب بن ابي صفرة الازدي .وقال لقد تربى المهلب فوق تربة عمان وليدا وشابا يافعا و تشبع فيها بالخصال الحميدة و الشيم العربية العريقة لاسيما الشجاعة والحزم ثم انتقل الى العراق و لم يلبث ان اصبح فيها سيدا بعمله و حزمه و ذكائه و بعد نظره في بلده و لما نثر عبد الملك بن مروان كنانته ليحارب الازارقة و قد ارهقوه و كادوا يعصفون بعرشه لم يجد اصلب عودا يرميهم به خيرا من المهلب بن ابي صفرة فسلطه عليهم فما زال المهلب يرميهم سهما بعد سهم و يقيم عليهم الدائره بعد الاخرى 16 عاما حتى ظفر بهم و قطع دابرهم و انتصر عليهم وبذلك خلص الملك لبني مروان و لولا المهلب لدك الازارقة عرش بني امية و قضوا على ملكهم و هو بعد في مهده.و اشار الى ان المؤرخين اضافوا رواة الادب القديم لاسيما المبرد و غيره طويلا عن المهلب و ذكائه دهائه و حسن سيرته و بعد نظره و لعل خير ما تتجلى لنا فيه شخصية المهلب وصيته لابنائه حينما نزل به الموت و قد اورد الوصية ابوالعباس محمد بن يزيد المبرد في كتابه ( التعازي و المراثي ) .و اضاف الديباتحي انه قام بتحقيق هذا الكتاب قبل 30 عاما و قال تتجلى شخصية المهلب بن ابي صفرة في حزمه و عزمه ففضل الرجل يظهر في فعله لا في اقواله مبينا ان القائد العظيم و الامام القدير هو الذي يفعل اكثر مما يقول حيث قال المهلب لابنائه في هذه الوصية ( يابني اني احب للرجل منكم ان يكون لفعله الفضل على لسانه و اكره للرجل منكم ان يكون لسانه الفضل على فعله . يابني اتقوا الجواب و زلة اللسان فإني وجدت الرجل تعثر به قدمه فيقوم من زلته و ينتعش منها و يزل لسانه فيوبقه و تكون فيه هلكته . يابني إذا غدا عليكم رجل أو راح فكفى بكم مسألة و تذكرة في نفسه ) و في هذه الوصية يظهر حرصه الشديد على التشبث بالاخلاق الطيبة التي ترفع من قيمة صاحبها فيسود بها و يوصي ابناءه بالتأدب بأدب الصالحين و يوصيهم بالشجاعة في الحرب فالقائد لايمكن ان يكون قائدا الا إن كان شجاعا يأخذ بتلابيب الشجاعة التي تؤدي به الى تحقيق هدفه و اكتساب العزة لقومه .وقدم الدكتور محمود بن ناصر الصقري أستاذ مساعد بكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى ورقة بعنوان "الحركة الأدبية في بلاط المهالبة"، أبرز فيها تاريخ القائد العماني المهلب بن أبي صفرة وسيرته وتاريخ أسرته العريقة وسلط الضوء على عمانية هذا القائد الكبير وانتماء أسرته إلى هذه الأرض الخالدة كما سبر أغوار الجانب الأدبي في بلاط المهالبة مركزا على الشعر والخطب والرسائل .و قدم الأستاذ عبدالله بن سعيد الحجري من وزارة التربية والتعليم بحثا بعنوان " أدب المهالبة : القيم الأخلاقية ، والخصائص الفنية " حيث تلخص البحث في ان المطالع لكتب الأدب القديمة ليشده ما يجده مبثوثا في صفحاتها من أقوال رائقة ومعان عجيبة تعزى إلى آل المهلب بن أبي صفرة في حالي السلم والحرب وهي مع جزالة لفظها وحسن سبكها تفيض حكمة وتتفجر بالقيم الأخلاقية النبيلة كالشجاعة والحزم والأنفة والرجولة والجود وتنم عن كبر نفس آل المهلب وعلو هممهم وما اكتسبوه من حكم من سبقهم وخبرتهم في الحياه التي ذاقوا حلوها ومرها تابعين ومتبوعين أمراء وقادة جيوش ،ومن تلك الأقوال وصية المهلب لبنيه ورسائله إلى الحجاج وخطبة يزيد بواسط وخطبة كعب الأشقري أمام الحجاج التي وصف فيها أبناء المهلب .ويجمع البحث ما في بطون الكتب التي عنيت بتراث المهالبة مثل البيان والتبيين للجاحظ ومحاضرات الأدباء للأصفهاني ونثر الدر للآبي وأدب الكاتب للصولي وغيرها لدراستها وتحليلها ويلفت نظر الباحثين إلى استقصائها ودرسها ومن الخصائص الفنية التي اتسمت بها تلك النصوص في مجملها صدق العاطفة وعمقها واستمراريتها وسموها وموضوعية الأفكار والمعاني وعقليتها أما الخيال فيظهر في بعضها فقط ويغلب عليها الأسلوب الإنشائي جزل الألفاظ واضح العبارات .

شارك الخبر على