اليمن.. تصدع التحالفات!

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

علي ناجي الرعويأظهر التوتر الذي شهدته جزيرة سقطرى خلال الأيام القليلة الفائتة أزمة جديدة ربما تكون ناجمة عن اهتزاز التحالفات التي كانت وما زالت في قلب الحرب التي اندلعت في مارس 2015 بين حكومة الرئيس هادي المسنودة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية من جهة وحركة أنصار الله والقوى المتحالفة معها من جهة أخرى، حيث إن ما جرى في جزيرة سقطرى الواقعة عند مدخل خليج عدن والتي تعتبرها منظمة اليونسكو إحدى نفائس التراث العالمي من احتكاك وتوتر بين حكومة الرئيس هادي واحد أقطاب التحالف العربي وإن لم يكن الخلاف أو الاحتكاك الوحيد فإنه الأول الذي يخرج إلى العلن ويتم تناوله في وسائل الإعلام الرسمية لكلا الجانبين وتصدر بشأنه العديد من البيانات التوضيحية المعبرة عن موقف كل منهما قبل أن يصل الأمر إلى مسامع الأمم المتحدة التي سارعت بدورها إلى مطالبة جميع أطراف الصراع في اليمن بالامتناع عن أي أعمال يمكن أن تؤدي إلى تصعيد العنف في جزيرة سقطرى.أبرز ما يسلط الضوء على هذا الخلاف الذي ما زالت أصداؤه تتردد في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هو ارتباطه مكانياً بجزيرة ظلت بعيدة عن تداعيات الصراع الأمر الذي أماط اللثام عن حجم المتغيرات والتعقيدات التي تجري وتتراكم تباعاً على الساحة اليمنية ومن ذلك التصدعات التي نالت التحالفات والتكتلات خلال سنوات الحرب واستمرار هذه الحرب دون أن يتمكن أي طرف من حسمها بسبب الطبوغرافية المعقدة للأراضي اليمنية إلا أن بعض القوى السياسية تجزم على أن الخلاف التي ظهرت تجلياته في جزيرة او ارخبيل سقطرى ليس جديدا وان أسبابه تعود إلى غياب الرؤية التي تحدد بوضوح طبيعية العلاقة بين حكومة الرئيس هادي ودول التحالف الداعمة لشرعيتها وكذا لعدم وجود خارطة طريق بالمهام التي ينبغي القيام بها من قبل كل طرف على نحو لا يقبل اللبس.وفيما لا يمكن بأي حال المقارنة بين التصدع الذي تعرض له (تحالف صنعاء) بعد مقتل الرئيس صالح في ديسمبر –الفائت والخلاف القائم اليوم بين حكومة الرئيس هادي وبعض داعميها في التحالف العربي بالنظر الى اختلاف الدوافع للحالتين مع ذلك يبقي من الواضح أن طبيعة الوضع الشائك الذي نشأت فيه كل التحالفات القائمة اليوم في اليمن قد القت بظلالها على مجريات الصراع الذي يدور الآن على الجغرافيا اليمنية وانطلاقا من كل ذلك فإنه ومع مرور الأيام فقد أصبحت الحرب بالنسبة لهذه التحالفات عبارة عن صراع بين إرادات فكل طرف يسعى إلى فرض إرادته على الطرف الآخر ومن لا يستطيع أن يفرض إرادته بالحرب عمد إلى وسائل أخرى لفرض خيارات إرادته.الثابت في اللحظة الراهنة أن المشهد في اليمن قد انكشف على مجموعة من المعطيات الجديدة والتي لا يمكن للفاعل السياسي أو للمحلل المستقل أن يغفلها عند قراءة هذا المشهد في شكله العام أو في علاقة أطرافه ببعضها فحين نعيد النظر في الدوافع الكامنة أو المختبئة تحت أسباب الحرب المعلنة في اليمن سنجد الكثير من الشواهد التي تؤكد على أن هذه الحرب وإن كانت تدار ظاهرياً من قبل طرفين لكل منهما أهدافه وغاياته وأجنداته وأدواته وتحالفاته التي يسعى من خلالها إلى فرض سيطرته ونفوذه إلا أن ما نراه على أرض الواقع هو أن هذه الحرب قد جذبت إليها العديد من القوى الداخلية والخارجية الظاهرة والخفية بحيث لم يعد بالضرورة أن يكون كل طرف من تلك القوى مشاركاً في الحرب أو فاعلاً في القتال على الأرض بل إن هناك من صار يستخدم الوكلاء المحليين لإنجاز أفعال ووقائع على الأرض أما رغبة في تصفية بعض الحسابات مع هذا أو ذاك أو سعياً إلى خلط الأوراق وإيجاد موضع قدم له على الساحة اليمنية تمكنه من إحداث اختراقات في مجرى الصراع ولذلك فقد لعبت هذه القوى الرديفة دوراً لم يعد خافياً على احد على صعيد إطالة أمد الحرب وارتفاع كلفتها وتحويل الشعب اليمني الى مجرد أحجار على رقعة الشطرنج.وفي هذه الحالة كان من البديهي أن ينحرف الصراع عن مقاصده وأن تتبدل أولويات المصالح للأطراف الداخلية والخارجية وأن تتشكل تحالفات جديدة لتأمين مصالح أطرافها إلا أنه ورغم تعدد هذه التحالفات فإنها التي لم تكتسب ديمومة التماسك بل على العكس مما كان يتوقع اشد المتشائمين فالتحالفات السياسية والعسكرية التي تتنافس على تمثيل جنوب اليمن على سبيل المثال سرعان ما تصاعدت الخلافات فيما بينها، ولم تكن المعارك التي اندلعت في عدن قبل اشهر بين ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من إحدى دول التحالف والقوات الموالية للرئيس هادي والمدعومة أيضا من دولة أخرى في التحالف لابد وأنها من أسدلت الستار عن هشاشة هذه التحالفات وضعف بنيانها وفي المقابل نجد أن (تحالف فبراير) الذي قاد انتفاضة الربيع العربي في اليمن بزعامة حزب الإصلاح الإسلامي اصبح في المعترك الراهن يعاني من تصدعات وتقاطعات في المواقف الى درجة تفقده ثقله السياسي هذا إن لم تؤد إلى تشظيه في قادم الأيام إلى عدة جبهات.كما أن المؤتمر الشعبي العام الذي ظل يتصدر المشهد في اليمن على مدى ثلاثة عقود من الزمن يبدو الآن في أصعب حالاته فهذا التنظيم العتيد وبعد رحيل مؤسسه الرئيس علي عبدالله صالح والذي كان يمثل الركيزة الأساسية له انقسم بين طرفي الحرب وهو ما قد يدفع به إلى مفترق طرق يجعل من إعادة لملمته عملية شاقة أو محالة على المدى المنظور على الأقل.وفي ظل هذه التصدعات تدخل المواجهات العسكرية موسماً ساخناً في كثير من الجهات والجبهات وتتدحرج الأحداث بشكل دام ومؤلم في انتظار ما ستسفر عنه جهود ومشاورات المبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي يسعى جاهداً للوصول الى نتائج ملموسة باتجاه إيقاف هذه الحرب وإعادة المتصارعين إلى طاولة الحوار من أجل بناء السلام وإعادة الاستقرار إلى ربوع اليمن وإنهاء التصدعات بين أجنحته المختلفة.كاتب يمني

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على