الغارات ليست إستراتيجية

ما يقرب من ٦ سنوات فى الشبيبة

ريتشارد هاس«ضربة تم تنفيذها بشكل رائع...لا يمكن أن تكون هناك نتيجة أفضل. المهمة تمت بنجاح». هذا ما كتبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة بعد ساعات فقط من الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، عن طريق إطلاق أكثر من مائة صاروخ باتجاه ثلاثة مواقع في سوريا، والتي يعتقد أنها منشآت لتصنيع المواد الكيميائية.وكان هدف المهمة «التي تم تنفيذها» هو إثبات أن استخدام الأسلحة الكيميائية سيكون مكلفا للغاية بالنسبة للمسؤولين عن ذلك. ومن الناحية المثالية، من شأن ضربات عقابية كهذه أن تمنع الحكومة السورية، أو أي دولة أخرى، من استخدام الأسلحة الكيميائية مرة أخرى.ومع ذلك، ليس من الواضح إن كان ترامب قد حقق هذا التأثير الرادع. وقد أخفق الهجوم الطفيف في العام الفائت إلى حد ما في تغيير السلوك السوري، ومن غير المحتمل أن يؤدي الهجوم الأخير إلى تحقيق هذه الغاية. ما حقّقته حكومة الأسد بالأسلحة الكيماوية - السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في دوما والغوطة الشرقية - يفوق الثمن الذي دفعته. وليس هناك شك في أن الحكومة السورية لا تزال تمتلك أسلحة كيميائية ويمكنها إنتاجها سراً إذا لزم الأمر.إن الإجراءات العسكرية لإجبار البلد على الامتثال للمعايير الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية مشروعة ومرحب بها، وكذلك قرار تنسيق الاستجابة مع الحلفاء والتهديد بشن ضربات جديدة إذا تم استخدام الأسلحة الكيميائية مرة أخرى. من المهم الإشارة إلى أن معارضة استخدام أي سلاح من أسلحة الدمار الشامل عميقة وواسعة.ومن المؤكد أن الضربات الصاروخية لم تكن مصممة لتقويض إمكانيات نظام الأسد على المدى الطويل. وبسبب دعم روسيا وإيران إلى حد كبير، يسيطر الأسد بقوة على السلطة، ومن المرجح أن يظل كذلك في المستقبل المنظور.كيف سيؤثر ذلك على سياسة الولايات المتحدة، وسياسة الحكومات الفرنسية والبريطانية والحكومات العربية المناهضة للأسد؟ لا يزال ترامب مصمما على إيقاف الوجود العسكري الأمريكي في سوريا (الذي يبلغ الآن حوالي 2000 جندي). لقد أوضح ذلك عندما أعلن عن الضربات الصاروخية حيث قال «إن أمريكا لا تسعى إلى تواجد دائم في سوريا تحت أي ظرف من الظروف». «مع قيام الدول الأخرى بزيادة مساهماتها، فإننا نتطلع إلى اليوم الذي يمكننا فيه إعادة محاربينا إلى الوطن».إذا كان الهدف هو تجنب خلق وضع يمكن فيه لتنظيم (داعش) أو غيرها من الجماعات الإرهابية إعادة تشكيل نفسها، فإن ذلك اليوم يظل بعيداً. ويقال إن الولايات المتحدة تحاول إقناع مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن بإنشاء قوة تحافظ على النظام في المناطق المحررة من داعش. وليس من الواضح ما إذا كان سيكون هناك مثل هذه القوة، بل ومن غير المؤكد أنها يمكن أن تتصرف بمفردها، نظراً إلى قدرات هذه البلدان المتواضعة والتزاماتها الواسعة. هناك حاجة لوجود ومشاركة عسكرية أمريكية كبيرة. سيكون هناك حاجة إلى وجود المزيد من القوات الأمريكية للحفاظ على التنسيق مع القوات الكردية السورية، التي خاضت المعركة ضد داعش. لكن استمرار دعم الأكراد دون التسبب بمشاكل إضافية مع تركيا، التي أدخلت قواتها إلى المنطقة لإضعاف السيطرة الكردية، قد يكون مستحيلاً. وتتطلب هذه الحقيقة تقليل اعتماد الجيش الأمريكي على الوصول إلى القواعد التركية.لم يقل ترامب شيئاً عن أزمة السوريين النازحين داخلياً. لم تقبل أمريكا، التي استضافت أكثر من 10.000 لاجئ سوري قبل عامين، سوى عددا قليلا من اللاجئين العام الفائت. يتعلق السؤال الأخير بالدبلوماسية. لا توجد توقعات واقعية لتنظيم عملية الانتقال السياسي في دمشق، لكن من الممكن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار المحلي وإنشاء مناطق يمكن أن يعيش فيها المدنيون السوريون (لكن ليس القوات الحكومية) بشكل آمن. ومع ذلك، فإن مثل هذه الترتيبات من المحتمل أن تتطلب مشاركة ودعم من روسيا للحفاظ على حكومتي سوريا وإيران في المفاوضات. لقد تصرفت روسيا بشكل غير مسؤول في الآونة الأخيرة، لكن لا تزال هناك أمامها فرصة اختيار تقديم مساعدة محدودة، على الأقل من أجل خفض تكاليف سياستها السورية.لكن هذا ليس هو الحل؛ من المرجح أن تظل سوريا دولة منهارة لسنوات قادمة، مع حكومة تسيطر على معظم أراضي الدولة وليس كلها. لكن الحد من العنف وتحسين وضع بعض السوريين على الأقل قد يكون ممكناً إذا لم تقم الولايات المتحدة بسحب قواتها، وإذا ساهمت الحكومات بالدعم المالي والعسكري، وإذا تم إقناع روسيا بلعب دور أكثر اٍيجابية نوعا ما.رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، شغل سابقا منصب مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية (2003-2001)، وكان مبعوث الرئيس جورج دبليو بوش الخاص في ايرلندا الشمالية.

شارك الخبر على