«ماكرون» مَخرَج ترامب من أزمة الانسحاب من سوريا

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، في زيارة رسمية، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويحمل ماكرون في جعبته العديد من الملفات، أبرزها القضية السورية.

حيث أشارت وكالة "بلومبرج" إلى أنه على الرغم من مشاركة فرنسا والولايات المتحدة في الهجوم على البنية التحتية للأسلحة الكيميائية للنظام السوري في 13 أبريل، إلا أنه من الواضح أن كل من البلدين لديهما أهداف مختلفة، إذ قال الرئيس الأمريكي، إنه يريد تقليل الوجود الأمريكي في سوريا، بينما كثف الرئيس الفرنسي المشاركة الفرنسية في المنطقة، حيث يأمل ماكرون الآن أن تساعد زيارته المليئة بالود إلى واشنطن، في إقناع ترامب بخططه.

وتشعر فرنسا بالقلق من أن يتسبب الانسحاب الأمريكي من سوريا، بتحويل ما تبقى من البلاد إلى دمية في يد إيران، أو ملاذا للإرهاب، أو كليهما.

اقرأ المزيد: ماكرون يزور واشنطن في اختبار جديد للعلاقات الفرنسية الأمريكية

كما أنه سيكون مقدمة للمزيد من سفك الدماء، حيث يستعد بشار الأسد للإجهاز على المتبقي من أعدائه، وهو أمر تراه فرنسا غير مقبول، حيث تتمثل الأهداف الرسمية لفرنسا في سوريا، في إنهاء النزاع بالمفاوضات، التي تمنح جميع الأطراف فرصة للمشاركة في تحديد مستقبل البلد، وهزيمة الحركات الإرهابية، وكذلك تقديم أكبر قدر ممكن من الدعم الإنساني للمدنيين

ولكن في الوقت الذي تتراجع فيه القيادة الأمريكية عن أهدافها في سوريا، فقد أظهر ماكرون مزيجًا من المرونة والمتانة التي لا تخدم مصالح فرنسا فحسب، بل تناسب ترامب أيضًا.

حيث تبلور موقف ماكرون بعد انتخابه بوقت قصير، عندما قام بعكس سياسة فرنسا السابقة، والتي تمثلت في إسقاط الأسد قبل إجراء أي محادثات حول مستقبل البلاد.

وفي الوقت نفسه، أعلن عن وضع "خط أحمر" خاص به، مشابهًا للخطوط الحمراء التي وضعها ولم ينفذها كل من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند.

وعندما اتضح أن نظام الأسد قد تجاوز هذا الخط، أعلن ماكرون أنه يريد حشدًا دوليًا لضرب البنية التحتية للأسلحة الكيميائية للأسد، لكنه أشار إلى أنه سيتصرف لوحده إذا لزم الأمر، وهو الأمر نفسه الذي اتبعه ترامب، الذي كان حريصًا على استعراض قوته التي تتناقض مع تراخي أوباما.

في فرنسا، كان ينظر إلى هذه الهجمات بشكل إيجابي، فقد ألحقت الضرر بالبنية التحتية لأسلحة الدمار الشامل السورية، وجعلت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وضع دفاعات جوية متطورة في المنطقة، يبدو ضعيفًا.

اقرأ المزيد: ماكرون: أقنعنا ترامب بضرورة بقاء القوات الأمريكية في سوريا

كما عزز الهجوم من المصداقية الفرنسية في المنطقة، والتي تعرضت للضرر قبل الهجوم حين هاجمت تركيا العديد من المواقع التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية المدعومة من فرنسا، في اختبار واضح لتصميم الرئيس الفرنسي الجديد، وبشن هذا الهجوم أكدت فرنسا من جديد التزامها تجاه المنطقة.

وأشارت الوكالة إلى أن نهج ماكرون في سوريا، لم يعتمد على استعراض "العضلات" فقط، حيث عملت فرنسا بجد لتصبح قوة محورية في الصراع السوري، وهي إلى حد كبير الطرف الوحيد في الصراع الذي يمكن أن يحظى باحترام واهتمام جميع الأطراف.

حيث تريد فرنسا أن يُنظر إليها كوسيط نزيه، قادر على فرض خطوط حمراء، لكنه يراعي في الوقت نفسه المصالح المعقدة للأطراف الأخرى في الصراع.

كما تعد فرنسا واحدة من أكثر الدول نشاطًا في الأمم المتحدة فيما يتعلق بقضايا سوريا، وفي الوقت الذي تتحالف فيه مع الولايات المتحدة وبريطانيا للرد على الاستفزازات الروسية، فإن فرنسا تصر على الدوام على الحوار وتتجنب الانخراط في الحروب الكلامية التي من شأنها أن تثير غضب موسكو.

ففي مقابلة تلفزيونية أقيمت بعد قليل من الهجوم على روسيا،أكد الرئيس الفرنسي أنه تحدث مع بوتين عدة مرات قبل تنفيذ الهجوم وبعده.

اقرأ المزيد: ترامب: أرغب في سحب القوات الأمريكية من سوريا «قريبا»

كما تحارب فرنسا للحفاظ على الاتفاقية النووية الإيرانية، في الوقت الذي يحاول فيه ترامب إلى إفشالها، كما تمتلك البلاد علاقات ناجحة مع دول المنطقة

وقد أعدت كل هذه المواقف بعناية، وجعلت من فرنسا حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في أي حل للصراع، ولدى فرنسا مصالح حيوية في سوريا، حيث يضم تنظيم داعش، الذي يقترب من نهايته الآن، العديد من المقاتلين الفرنسيين الحريصين على العودة إلى ديارهم، ليعيثوا فسادا هناك مرة أخرى بعد الهزيمة في سوريا، وتريد فرنسا التأكد من أنهم غير قادرين على القيام بذلك.

وترى الوكالة أن ماكروت يشعر بأن فرنسا لا تستطيع تحمل الدفاع عن مصالح المجتمع الدولي وحدها، في هذه الأثناء، يسعى ترامب، لتبني نهج ثالث في سوريا، والذي لا يشمل الانسحاب بشكل كامل ما يجعله يبدو ضعيفًا، ولا الانخراط بقوة في الحرب السورية وهو مل يتعارض مع رغباته السياسية، ولكن يمكنه أن يدع نظيره الفرنسي يأخذ زمام المبادرة.

شارك الخبر على