بعد تهديد رئيس البرلمان بإلغائها.. من ينقذ «المحليات» من الانهيار؟

ما يقرب من ٦ سنوات فى التحرير

مر ما يقرب من 7 سنوات على محافظات مصر بدون مجالس محلية، وبدلا من أن يصدر رئيس البرلمان قانون الإدارة المحلية وتبدأ الدولة في إجراء انتخابات المحليات، هدد أمس بأنه في حالة الاستمرار في تقاعس العاملين بالإدارة المحلية عن عملهم سيكون الأفضل إلغاء الإدارة المحلية، وبالرغم من استنكار خبراء الإدارة المحلية للإلغاء، فإنهم طالبوا رئيس البرلمان بضرورة تبني عملية التطوير طالما لمس أن إلغاء الإدارة المحلية أفضل من بقائها على هذا الحال.

الدكتور محمد شتا الأمين العام للحكم المحلي الأسبق قال لـ"التحرير" إن ما قاله رئيس مجلس النواب، يعني أنه شديد الغضب من أداء الإدارة المحلية، وأصبح يرى أن إلغاءها أفضل بكثير من بقائها على هذا الشكل، مؤكدا أنه لا بد وأن يتبنى تطوير الإدارة المحلية لأنه دون التطوير لن تستطيع قوة على وجه الأرض أن تصوب أداء المحليات، وأن هناك تجارب بالدول المتقدمة ممكن أن تستلهم منها مصر ما يناسبها في الإدارة المحلية، حيث إن النظام المحلي المطبق حاليا يعتبر مسخا مشوها للا مركزية.

وأوضح شتا أن النظام المطبق حاليا لا يمت للإدارة المحلية بصلة، وإنما هو صورة من صور المركزية تسمى عدم التركيز الإداري وهذه تحمل في طياتها عوامل فناء النظام حيث تحمل أخطر ما يصيب أي نظام إداري وهو مرض شيوع المسئولية وازدواجية السلطة، وفي عامي 2006 و2007 استعانت مصر بأكبر المكاتب الاستشارية في العالم ودفعت ملايين الجنيهات لتطوير الإدارة المحلية، ولكن لم يحدث جديد.

وأكد شتا أنه لكي تنهج مصر نهجا صحيحا لا بد على رئيس مجلس النواب بدلا من أن يفكر في إلغاء الإدارة المحلية، أن يتبنى ما طالب به وهو تطوير الإدارة المحلية، والذي لن يتحقق إلا بتوفير 4 مقومات أساسية، وهي المقومات العلمية التي تكفل بناء نظام إدارة محلية سليم وتتمثل في إعادة تقسيم إقليم الدولة إلى محافظات بما يحقق مبدأ التنمية المتوازنة، وبالمقارنة بدولة مثل فرنسا فمصر مساحتها أكبر وعدد سكانها أكبر وبالرغم من ذلك عدد المحافظات في فرنسا يفوق عددها في مصر.

وأضاف شتا أن من هذه المقومات أيضا انتخاب قيادات الإدارة المحلية فلن يقوم بالتنمية في مصر موظفون وعندما يختفي المحافظ الموظف ورئيس المدينة الموظف، ورئيس الحي الموظف ستنهض الإدارة المحلية بدورها التنموي، ومن المقومات أيضا ضرورة إعادة صياغة العلاقة بين الحكومة المركزية ووحدات الإدارة المحلية بالمحافظات بما يحقق أهداف الخطة القومية للتنمية، متسائلا: "فهل يستطيع مجلس النواب المصري أن يفعل ذلك؟".

وعبر شتا عن رفضه لفكرة إلغاء الإدارة المحلية، قائلا إنه رغم عيوب النظام الحالي للإدارة المحلية -"المواطن المصري من أول ما يفتح عينيه لحد ما ينام بيتعامل مع الإدارة المحلية"- فإن تطويرها أصبح ملحا وضروريا حتى تتحسن جودة حياة المواطن المصري.

الدكتور حسن الخيمي المستشار القانوني السابق بالإدارة المحلية قال لـ"التحرير" إنه بدون إدارة محلية ينهار المجتمع، والحديث عن إلغائها أمر غير مقبول، فمصالح المواطنين اليومية مرتبطة بالإدارة المحلية، لافتا إلى أنه على رئيس مجلس النواب أن يحاول تطهير الفساد وتطوير الإدارة المحلية في مصر، والإسراع في إصدار قانون الإدارة المحلية وانتخاب المجالس الشعبية حتى تصبح رقيبا على أداء المحليات.

وأضاف الخيمي أنه لا بد وأن يركز رئيس مجلس النواب على كشف الفساد ومنعه من خلال تقوية الدور الرقابي للأجهزة الرقابية مثل الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية ومباحث الأموال العامة وأيضا تقوية الرقابة الذاتية للجهات الإدارية عن طريق التوسع والاهتمام بإنشاء إدارات خدمة المواطنين والشكاوى، لأنها تعد عين الجهة الإدارية التي تنقل نبض المواطن، وتطبيق قانون العقوبات في المواد المرتبطة بالموظفين.

اللواء سيف الإسلام عبد الباري نائب محافظ القاهرة السابق قال لـ"التحرير" إنه لا يجب الحديث عن إلغاء الإدارة المحلية تحت أي ظرف، وإذا كانت الأزمة تكمن في ضرورة التطوير، فمن الممكن أن يتولى مجلس النواب هذا الأمر ويبدأ في تطوير وتطهير المحليات، وأنه على النواب سن التشريعات الخاصة بتسهيل الخدمات على المواطنين، ومحاسبة الفاسدين بالمحليات، والإسراع في إصدار قانون الإدارة المحلية، وانتخابات المجالس الشعبية، ومنح سلطات واسعة لها، ولا بد أن يقدم نواب المجلس ترشيحات مناسبة للقيادات المحلية، إنما الحديث عن الإلغاء غير مقبول فالإدارة المحلية تقدم الخدمات على مدار اليوم للمواطن ولا يمكن الاستغناء عنها ولكن من الممكن تطويرها، قائلا "المواطن لا يستطيع عمل شيء بدون الإدارة المحلية".

وكان الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، قد أكد أمس خلال الجلسة العامة للبرلمان أن قانون الإدارة المحلية الذي انتهت من دراسته لجان البرلمان، تم صياغته بمهنية ويراعي الأسس العلمية في تطوير الوحدات المحلية، والنهوض بها، خاصة أنها تمثل إشكالية كبيرة في الإدارة بمصر، موضحا أن الوحدات المحلية في مصر كبلت العمل والإدارة، مؤكدا أنه بهذه الطريقة وتعطيلها للعمل يكون إلغاؤها أفضل، والأمر يتطلب التفكير في آليات أخرى للتغلب على هذه الإشكاليات.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على