كيف أثر التدخل الروسي في سوريا على علاقاتها بإسرائيل؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين روسيا والغرب خلال السنوات الأخيرة، اقتربت إسرائيل، أهم حلفاء الولايات المتحدة شيئًا فشيئًا تجاه موسكو.

وغاب مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة عن تصويت مهم عام 2014 يدين روسيا لاحتلالها شبه جزيرة القرم، كما لم تشارك إسرائيل في موجات العقوبات الغربية ضد موسكو، وقد رفضت مؤخرًا طرد أي دبلوماسي روسي، بعد الأزمة الدبلوماسية التي دفعت الغرب إلى طرد 150 منهم على خلفية اتهامها بتسميم سيرجي سكريبال وابنته في بريطانيا.

وفي العام الماضي، زادت التجارة الثنائية بين روسيا وإسرائيل بأكثر من 20 بالمئة، لتصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار، في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل، هذا الأسبوع، استئناف المحادثات حول إقامة منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي.

وقالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، إنه في الوقت الذي تنهار فيه الاتصالات بين الشرق والغرب، نجحت إسرائيل وروسيا حتى الآن في الحفاظ على حوار قوي، يستند إلى ما يُقال بأنه علاقة عمل دافئة بين بنيامين نتنياهو وفلاديمير بوتين.

اقرأ المزيد: روسيا: مسألة تزويد سوريا بمنظومة "إس-300" لم تحل بعد

لكن على الرغم من ذلك التصميم المتبادل على الابتعاد عن المواجهة، فقد تصل الأمور بينهما إلى نقطة الانهيار بسبب سوريا، ففي الوقت الذي تمكنت فيه روسيا وإسرائيل حتى الآن من إدارة خلافاتهما، أصبحت إسرائيل تشعر بقلق متزايد لأن "إيران"، حليف روسيا في سوريا والعدو الرئيسي لإسرائيل، تزيد من نفوذها في سوريا.

وفتحت الانتصارات الأخيرة للنظام السوري، بدعم من روسيا وإيران وحزب الله، الباب أمام إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية للحرب التي استمرت سبع سنوات، والتي قد تتضمن وجودا إيرانيا في البلاد بشكل دائم، في مواقع قريبة من حدود إسرائيل، وهو ما رفضته تل أبيب.

ويقول ألكسندر شوميلين، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية في موسكو إن "هناك تنسيقا بين إسرائيل وروسيا في سوريا، وهناك تفاهم متبادل بينهما".

لكنه أضاف أن "الآراء حول سوريا مختلفة، وهذا يطغى على العلاقة بسرعة، حيث تريد إسرائيل والولايات المتحدة إزالة النفوذ الإيراني من سوريا بالكامل، وهذا ليس من مصلحة روسيا، فمهما كان نفوذ روسيا، فقد لا تتمكن ببساطة من السيطرة على الصراع المتنامي بين إيران وإسرائيل في سوريا".

اقرأ المزيد: لماذا لا ترغب إسرائيل وإيران الدخول في حرب؟

علاقة عملية

في وقت سابق من هذا الشهر، ضربت كل من إسرائيل ومجموعة من الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة أهدافًا في سوريا، وفي الوقت الذي شنت فيه الولايات المتحدة هجومها على منشآت الأسلحة الكيميائية، ضربت إسرائيل قاعدة "التيفور" الجوية بالقرب من حمص، والتي تستخدمها القوات الإيرانية كمركز للطائرات بلا طيار.

وأثارت الضرب الإسرائيلية، إدانة متواضعة من قبل المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، لكن موسكو تبنت رد فعل ناري ضد هجوم واشنطن، حيث تتهم روسيا الولايات المتحدة بأن استراتيجيتها في سوريا لا تهدف إلا إلى عرقلة جهود روسيا وإيران في النصر.

وردا على هذا الهجوم، هددت روسيا بتسليح سوريا بنظام "إس 300" للدفاع الجوي، وهو سلاح سيحسّن القدرات السورية بشكل كبير، وهو ما دفع إسرائيل إلى التحذير، هذا الأسبوع، من أنها ستقوم بقصف بطاريات "إس 300" إذا ما منعت إسرائيل عن تنفيذ أهدافها.

من جانبه، يقول يفغيني نيكيتينكو، خبير الأمن القومي في الأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والخدمة الحكومية "نحن بحاجة إلى إيجاد آليات جديدة للتنسيق مع إسرائيل"، مضيفًا أن "إسرائيل تخشى من أن تصبح سوريا أقوى، وستثار قضية مرتفعات الجولان السورية المحتلة مرة أخرى".

وأكد نيكيتينكو، أن "إسرائيل هي أفضل حليف لروسيا ضد الإرهاب، ونحن بحاجة إلى إيجاد مستوى جديد من التفاهم معها".

اقرأ المزيد: هل ستهاجم إيران إسرائيل؟

يذكر أن الاتحاد السوفييتي كان متحالفًا مع العديد من الدول العربية المعادية لإسرائيل، ودافع عن القضية الفلسطينية، وقطع الاتحاد السوفييتي العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، بعد نكسة 67.

وأعيدت العلاقات الدبلوماسية بين موسكو وتل أبيب في عام 1991، إلا أن العلاقات بينهم أصبحت أكثر دفئًا بعد أن وصل بوتين إلى السلطة في عام 2000.

وأشار دميتري ماريسيس، وهو خبير في الشأن الإسرائيلي في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية إلى أن "أحد العوامل المهمة في هذه العلاقة هو الموقف الإسرائيلي من حرب روسيا في الشيشان".

وأكمل بأنه في الوقت "الذي كان يميل فيه الغرب إلى إدانة موسكو بسبب الشيشان، كانت إسرائيل أكثر تفهمًا، واتفقنا على أنه لا يمكن أن يكون هناك تنازلات مع الإرهابيين، وقد أعرب صناع القرار في روسيا عن تقديرهم الحقيقي لهذا الدعم، الذي لم يكن فقط على المستوى اللفظي، بل كان هناك شكل من التعاون بين أجهزة الاستخبارات".

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الاستقرار الروسي والنمو الاقتصادي تحت إدارة بوتين، أدى إلى خلق فرص اقتصادية جديدة، حيث يشكل الناطقون بالروسية نحو 10٪ من سكان إسرائيل، وهي النسبة الأكبر في أي بلد خارج الاتحاد السوفييتي السابق، وبدأ الآلاف منهم العودة إلى روسيا لبدء أعمال تجارية والحصول على وظائف عالية المستوى، فوفقا للإحصاءات الرسمية، يعيش حاليا نحو 100 ألف إسرائيلي في روسيا، ويعملون بها.

وأضافت أنه على الرغم من أن علاقة روسيا مع العديد من الدول العربية ظلت ودية، واستمرت في دعم القضية الفلسطينية، فإنها لم تأخذ زمام المبادرة في معارضة إسرائيل كما فعل الاتحاد السوفييتي في السابق.

اقرأ المزيد: إسرائيل تهدد بقصف «إس 300» الروسية في سوريا

وقال ماريسيس، إن "روسيا لا تحتضن أي حركة معادية لإسرائيل على الإطلاق، كما تفعل العديد من الدول الأوروبية"، كما "أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، التي تنمو في الغرب، غير موجودة في روسيا".

وأكمل بأن "المجتمعات الإسلامية الروسية، مثل التتار، ليس لديها أجندة معادية لإسرائيل على الإطلاق، وكانت نبرة الإعلام الروسي حول إسرائيل محايدة بشكل عام".

"لحظة خطيرة جدا"

"كريستيان ساينس مونيتور"، أكدت أن هذا يمكن أن يتغير أيضا، فمع تزايد التوتر بسبب سوريا، انتقدت موسكو في بيان قاسٍ غير معتاد، استشهاد عشرات المحتجين الفلسطينيين العزل في وقت سابق من هذا الشهر في غزة، على يد جيش الاحتلال.

ووصفته بأنه "استخدام عشوائي للقوة ضد السكان المدنيين"، وهو ما دفع الصحافة الإسرائيلية إلى التساؤل عما إذا وصلت العلاقات الجيدة بين نتنياهو وبوتين إلى نهايتها.

بعض المحللين الروس، مثل ماريياس، متفائلون بأن روسيا وإسرائيل يمكنهما حل هذه الخلافات.

ويرى ماريسيس أن كلا من موسكو وتل أبيب يمكنهما حل هذه الخلافات، حيث يقول إن "إسرائيل تدرك أنه لا سبيل إلى تقرير مصير سوريا بدون روسيا، وإن هناك بلدا واحدا فقط له تأثير حقيقي على إيران، وهي روسيا أيضًا".

وأضاف "لذا تحتاج إسرائيل إلى جعل روسيا تتفهم مخاوفها، فروسيا هي البلد الذي يجب أن تتحدث إليه، وتمكن نتنياهو وبوتين من التحدث دون النظر إلى كل هذه التوترات السياسية التي تدمر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا".

ويملك ألكسندر شوميلين وجهة نظر مختلفة، حيث يقول "إن الفخ الذي سقطت فيه روسيا في سوريا، هو أنها ملزمة بحماية حلفائها، ولا سيما نظام الأسد، لكن الأمر يزداد تعقيدا بكثير".

وأشار إلى أن "مسألة تزويد نظام الأسد بأنظمة "إس 300" يمكن أن تكون هي نقطة الانهيار، فلا أحد يعرف ما الذي سيحدث، أو ما ستفعله روسيا"، مؤكدًا "أنها لحظة خطيرة للغاية".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على