دور الشباب في إصلاح العمليّة السياسيّة (٤)..الخدمات الجديدة وتوفير فرص العمل للشباب والنهوض بالبلد

حوالي ٦ سنوات فى المدى

 د. محمد توفيق علاوي
تطرقنا في الحلقات السابقة إلى عدد من الأفكار والمجالات التي يمكن من خلالها توفير فرص عمل للشباب والنهوض بالبلد. وهنا تتمة الحديث.(6) توفير خدمات جديدة للمواطنين تغطي مئات المجالات المرتبطة بمصلحة المواطن وإنشاء مجلس حماية المستهلك الذي أقر في قانون حماية حقوق المستهلك الصادر عام 2010:كنت عضواً في لجنة الاقتصاد والاعمار والاستثمار البرلمانية عام 2009 برئاسة الدكتور حيدر العبادي وقمنا بتشريع قانون حماية حقوق المستهلك وهو قانون كان على درجة عالية من المهنية، حيث لم نتطرق إلى حماية حقوق المستهلك من ناحية السلع فحسب، بل ايضاً الى حماية حقوق المستهلك من ناحية تقديم الخدمات، وما يعنيه ذلك من وضع معايير تقديم أي صنف من مئات الخدمات التي يمكن تقديمها للمواطن مما يفسح الفرصة لعمل مئات الألوف من الشباب. وسأتناول في هذا لمجال ثلاثة أصناف من الخدمات على سبيل الذكر وليس الحصر، كالخدمات الطبية وخدمات البناء والاعمار والخدمات البريدية العامة للمواطنين. فضلاً عن ذلك كان ضمن فقرات القانون تأسيس مجلس حماية المستهلك، وهذا المجلس كان يتشكل من عدة جهات. لن أتطرق في هذا المجال إلى القانون ودوره في حماية حقوق المستهلك، ولكني سأتطرق إلى الخدمات التي يمكن أن توفر فرص العمل للشباب وبالذات من غير الخريجين ودور المجلس في وضع المعايير لهذه الخدمات، حيث سأتطرق هنا إلى ثلاثة مجالات: (أ) - مجال الخدمات الطبية؛ فقد تم جعل وزارة الصحة على سبيل المثال ضمن الجهات المؤسسة للمجلس، وهذا يعني إمكانية وضع كافة الضوابط والمعايير لعيادات متابعة الصحة العائلية، حيث يجب إنشاء عيادة الصحة العائلية في كل حي من أحياء المدينة وفي جميع الاقضية والنواحي فضلاً عن انشاء عيادات خاصة بمتابعة مرضى السكر وتقديم التوجيهات الضرورية لهم، وعيادات تهتم بمتابعة النساء الحوامل، وعيادات تهتم بمتابعة المواليد الجدد والاطفال ولقاحاتهم، وعيادات خاصة بمتابعة مرضى السرطان وفحص دوري للنساء للوقاية من سرطان الثدي وسرطان الرحم، وفحص دوري للرجال والنساء للوقاية من سرطان القولون، وغيرها من العيادات المتخصصة في المجالات الطبية المختلفة. إن كل عيادة من هذه العيادات لا تحتاج الى أكثر من بضعة أطباء، ولكن كل عيادة قد تحتاج إلى العشرات من العاملين المدربين على دورات تخصصية في المجالات الصحية والطبية، فبدلاً من تعيين العشرات من الموظفين من غير الخريجين في الدوائر ومؤسسات الدولة لزيادة الترهل والبيروقراطية فيها وتعقيد معاملات المواطنين، يتم تدريب هؤلاء الشباب غير الخريجين على دورات طبية لفترة بضعة أشهر إلى سنتين على أبعد مدى ثم يتم تعيينهم في مجال مهني يحققون فيه مورداً مالياً لأنفسهم مقابل تحقيقهم خدمة كبيرة للمواطنين في مجال ضروري ومهم للنهوض بالبلد وتطويره. هذه العيادات عادةً تكون خاصة ولكنها تقدم خدماتها للمواطنين بشكل مجاني؛ وتتولى الحكومة الدفع لهم استنادا لعدد المسجلين معهم ولما يقدمونه من خدمات. (ب) - مجال خدمات البناء والاعمار. إن تضمين الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ضمن المجلس المزمع انشاؤه يعني امكانية وضع معايير للكثير من الفعاليات ومن ضمنها معايير البناء والاعمار ، كتوفير شروط سلامة عالية للتأسيسات الكهربائية، أو وضع مقاييس ومواصفات عالمية للتأسيسات الصحية بل حتى وضع مواصفات للبناء كالعزل الحراري ومنع الرطوبة وغيرها من المواصفات كما هي متعارف عليها في الكثير من دول العالم المتطورة كـ (Building control). ان التعاون بين الجهاز المركزي مع المنظمات القطاعية يمكن توفير الأسس لدورات للشباب في عدة تخصصات في مجال البناء، وبالتالي توفير كوادر متطورة في مجال البناء يحملون شهادات في عدة تخصصات في مجال البناء، ويمكن على إثرها تشكيل شركات للمقاولات، ويمكن للمصارف الاستثمارية توفير القروض لهذه الشركات. إن مثل هذا الأمر يحقق فوائد متبادلة، فهو يوفر الفرصة والمجال للشباب للتخصص والعمل وفي المقابل يوفر الفرصة للمواطن لبناء بيته بمواصفات مهنية عالية وبالتالي النهوض بالبلد. وهنا أحب أن أنوه إلى الفرق بين معايير مجلس حماية المستهلك الذي يتبنى التوصيات والمعايير العامة في العموميات وبين معايير الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية الذي تكون شروطه ومعاييره أكثر تفصيلاً وأدق وفي الخصوصيات.

شارك الخبر على