«الدنيا ربيع» ليست الأولى.. أعمال واجهت أزمات رقابية لسعاد حسني

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

سعاد حسني.. عنوان لغز طالما عجزنا عن فك شفراته، ولحياة تقود إلى الدهشة، جمال.. بهجة.. جرأة.. فن.. حياة.. ثم قتل أو انتحار، مشوار حافل وصادم، كبرياء شابه انحناء، وقوة أصابها وهنّ وضعف، كسرها من خاطبتهم بقولها: "بانو بانو بانو.. على أصلكو بانو"، و"بقى هي الدنيا كده.. بقى هما الناس كده.. يا خسارة فرحتي.. يا خسارة ضحكتي.. يا مين ياخدني تاني.. يرجعني دنيتي"، قبل أن تودعنا في الرحيل الأخير، دون أن تتكشف تفاصيله حتى الآن.

اقرأ أيضًا.. أحيت حفلًا بعد رحيل شقيقتها مباشرة.. أسرار علاقة الجفاء بين «الصغيرة والسندريلا»

وكما كانت قاطرة فنية تسير خلال مجدها الذي لا يزال حافلًا إلى الآن رغم رحيل سيدته، لا تزال تُثار حولها الأقاويل حتى الآن، ولا تزال تواجه أعمالها صعوبات رقابية حتى بعد وفاة السندريلا بنحو 17 عامًا، وفي حياتها قوبلت عدة أعمال لها بالمنع من العرض، أو قص عدة مشاهد، حيث لم تلتزم السيدة الأولى بما يعوق فنها من خطوط حمراء.

أميرة حبي أنا

"الدنيا ربيع.. والجو بديع.. وقفلي على كل المواضيع.. ما فيناش كاني وما فيناش ماني.. كاني ماني إيه دي الدنيا ربيع".. كلمات علقت في أذهان الجميع منذ 43 عامًا على إنتاج فيلم "أميرة حبي أنا"، الذي شهد الأغنية التي لم تستطع أخرى أن تزيحها من عقول الجمهور، بمجرد بدء الاحتفالات بقدوم فصل الربيع.

اقرأ أيضًا.. سعاد حسني.. «البولاقية» التي وقعت ضحية لعبة السياسة

الجميع فوجئ بإعلان قطاع الرقابة بالهيئة الوطنية للإعلام "ماسبيرو"، مؤخرًا حذف أحد مشاهدها، وهو الذي تظهر فيه سعاد حسني على كتف أحد الأشخاص خلال الاستعراضات، حيث لن يكن جزءًا من الأغنية بعد الآن، دون أن يبدي قطاع الرقابة أي أسباب، وهو الأمر الذي اعتبره نقاد "كارثة"، كما ذكر الناقد طارق الشناوي، في مداخلة عبر فضائية "الحياة".

ولا نعلم ولا يعلم غيرنا سر حذف أحد مشاهد الأغنية التي قام بتأليفها صلاح جاهين، ولحنّها كمال الطويل، خاصةً أن الربيع بالنسبة للمصريين يرتبط ارتباطًا وثيقًا بها، حيث إن المزيج الذي قام به جاهين والطويل مع صوت سعاد حسني، يُعطى الوجه الضاحك للاحتفالات، والشعور بالانطلاق والحيوية للمواطنين من جميع الطبقات.

زوجتي والكلب

السندريلا قدّمت في عام 1971 واحدًا من أجرأ أفلامها وهو فيلم "زوجتي والكلب"، الذي شاركها بطولته الفنان نور الشريف والفنان محمود مرسي وأخرجه سعيد مرزوق، وتضمن العمل العديد من المشاهد الجريئة، التي أدت إلى وضعه ضمن قائمة الأفلام الممنوعة.

اقرأ أيضًا.. سعاد حسني.. زواجها السري من «حليم» وغيرة «نجاة» من جمالها

الفيلم تدور قصته حول "الريس مرسي" المتزوج حديثًا من "سعاد" الشابة الجميلة، وتنتهي إجازته ويضطر أن يترك زوجته وحيدة لمدة طويلة، لأنه يعمل في فنار بعيدًا عن العمران، ويجتمع مع زملائه في العمل، وهو يشعر بالحزن لفراقه لزوجته، وهناك لا يجد في وقت الفراغ سوى مسامرة زملائه في العمل، ومنهم الشاب "نور" المحروم من النساء، الذي يشعر برغبة شديدة نحوهن، ويخصه بحكاياته مع النساء وبالأخص زوجات زملائه، ويوضح له أنه كان يخونهم معهن، وتلهب تلك القصص خيال نور وتزيده شبقًا، وعندما تأتي إجازته يطلب منه "الريس مرسي" أن يسلم لزوجته خطابا لإحضار بعض الأشياء، وأن يطمئن عليها، ينتهز الشاب الفرصة، ويفكر في أن يقيم علاقة معها، مبررًا موقفه بخيانة الزوج نفسه لزملائه، وعندما يقابل الشاب زوجته يشعر أنها امرأة فاضلة، وتحب زوجها كثيرًا، فيتراجع عن خطته، لكن مرسي في ذات الوقت يشعر بالندم لإرسال الشاب زوجته، ويتوقع أن تخونه معه ويعيش في صراع وتتبدل أحواله.

غرباء

فيلم "الضياع" الذي تغير اسمه بعد ذلك لـ"غرباء"، من أجرأ أدوار سعاد، وتم منعه من العرض لاحتوائه على مشاهد اعتبرتها الرقابة خادشة، وهو من إنتاج عام 1973، سيناريو وحوار رأفت الميهي، ومن إخراج سعد عرفة، بطولة السندريلا، شكري سرحان، عزت العلايلي، حسين فهمي، وعماد حمدي.

اقرأ أيضًا.. قصة فيلمها الإباحي وزواجها من العندليب.. أسرار فى حياة «السندريلا»

ويناقش الفيلم قضية دينية من خلال عرضه قصة فتاة تُدعى نادية، يوجد في حياتها 3 رجال، أخوها، وحبيبها، وأستاذها، فأخوها شاب متدين متعصب لكنه يدخل في علاقة غير شرعية مع جارته، أما أستاذها فله آراء علمانية، وتقع الفتاة ضحية ما بين الدينية والعلمانية، ويتعرض الفيلم لقضايا دينية هامة، ويأتي مشهد النهاية مؤثرًا حين ينتحر العلماني بينما تكون صدى كلماته لنادية في الخلفية مطالبًا إياها بالبحث عن الحقيقة.

ومنعت السلطات فيلم "غرباء" من العرض لعدم إثارة البلبلة، خاصةً أن تلك الفترة كانت تشهد صراعا قويا بين الإسلاميين والشيوعيين والليبراليين، ومُنع الفيلم تحت مبرر أنه يحمل الكثير من الأفكار الفلسفية التي قد لا يفهمها قطاع عريض من الجمهور، ويكون من السهل أن يقعوا وقتها فريسة لأفكار لا يستطيعون التعاطي معها عن وعي وفهم.

اقرأ أيضًا.. سعاد حسني| أصابها محرم فؤاد بالاكتئاب.. تعرف على تفاصيل القصة

الكرنك

"الكرنك" إنتاج عام 1975، عن قصة نجيب محفوظ، سيناريو وحوار ممدوح الليثي، ومن إخراج علي بدرخان، وبطولة سعاد حسني، كمال الشناوي، نور الشريف، محمد صبحي، فريد شوقي، شويكار، وتناول الفيلم مساوئ حكم نظام عبد الناصر وقمع الحريات الذي ساد في عهده، والاعتقال والتعذيب المبرح من قبل سلطات الأمن التي كانت تحكم قبضتها على البلاد، وينتقد الوضع السياسي في مصر بعد ثورة يوليو.

أبرز ما عرضه الفيلم هو مشهد تعرض زينب، إحدى فتيات الجامعة، للتعذيب والاغتصاب على يد أحد ضباط الأمن، وهو ما أثار ضجة كبيرة عند عرض الفيلم، حتى تم منعه من العرض، ورفضت الرقابة عرضه إلا بعد تصوير مشهد بيان السجن الحربي في نهايته للتدليل على أن ما حدث لن يعود، وأن عصرًا جديدًا بدأ لن تتكرر فيه أخطاء الماضي؛ المشهد الذي كان مختلفًا تمامًا عن المشهد الحقيقي الذي صوره "بدرخان".

اقرأ أيضًا.. 18 فيلما منعوا من العرض لأسباب سياسية: أحدهم بسبب اغتصاب ضابط للسندريلا

أهل القمة

الفيلم أخرجه علي بدرخان، عن قصة نجيب محفوظ، وتم إنتاجه في عام 1981 خلال فترة الرئيس الراحل أنور السادات، ومنعته الرقابة من العرض دون إبداء أسباب واضحة، فقد كان الفيلم يتناول فترة الانفتاح الاقتصادي والثراء الفاحش غير المبرر لبعض فئات الشعب جراء سياسة الانفتاح، وظهور أثرياء جدد كونوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة، ولكن غير مجرمة قانونًا، ليصعدوا فجأة إلى قمة المجتمع دون مبرر أو مجهود.

وقد كان إصرار بطل العمل نور الشريف، إلى جانب سعاد حسني، كبيرًا على عرض الفيلم، لتمسكه بوجاهة فكرته، فاتصل بالرئيس الراحل أنور السادات، وطلب منه السماح بعرض الفيلم، فاشترط السادات مشاهدة الفيلم قبل عرضه، وبعد مشاهدته وافق الرئيس على عرضه.

أفغانستان.. الله وأعداؤه

فيلم آخر لسعاد لم ير النور حتى الآن لأكثر من 34 عامًا ضمن ثلاثية للمخرج المغربي عبد الله المصباحي، تدور حول مؤامرات الغرب للنيل من الإسلام والمسلمين، وشاركها البطولة عبد الله غيث مع حشد من النجوم المغربيين والأمريكيين، وقد وافقت السندريلا عليه دون تردد وقامت فيه بشخصية فتاة أفغانية، أما غيث فكان أستاذًا جامعيًا وعالم دين ومفكرا تم إحراق كتبه.

اقرأ أيضًا.. فيلم ممنوع وحمل غير معلن.. مواقف «سرية» في حياة السندريلا

أما العمل السينمائي فيناقش بوضوح مخطط أمريكا لاحتلال أفغانستان، ويشير إلى أن العرب والمسلمين ما هم إلا تابعون للغرب، وتناول أيضًا العرب والمسلمين من سجناء معتقل جوانتنامو، وقد تعرض الفيلم لمحاولات الإيقاف من الأجهزة المختلفة وبعد الانتهاء كاد يذهب لطي النسيان بسبب مواقف بعض الدول العربية التي رفضت عرضه.

رحلت سعاد حسني منذ مطلع الألفية، ويبقى رحيلها أهم ألغاز حياتها حتى وقتنا هذا، تاركةً من ورائه إرثًا فنيًا يجعلها في مقدمة فنانات مصر على مدار تاريخ السينما.. رحلت السندريلا وستبقى.

شارك الخبر على