ربيع ترامب الخطير

حوالي ٦ سنوات فى الشبيبة

كريس باتنلقد حان فصل الربيع في النصف الشمالي للكرة الأرضية. وبدأت الأزهار تتفتح، والشمس تشرق كل يوم. لكن عندما يتعلق الأمر بشؤون العالم، فإن التوقعات ليست وردية.في الشرق الأوسط، هددت إسرائيل بشن هجوم عسكري ضد سوريا وإيران. كما تتحدى المملكة العربية السعودية إيران، في محاولة للحد من نفوذ هذا البلد المتنامي في المنطقة. وفي مصر، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي قبضته على السلطة، وقام باستخدام الجيش لملاحقة خصومه السياسيين، وقد حصل على فوز انتخابي زاحف. والسؤال المطروح الآن هو: هل سيدرك الجنود العرب يوما ما أن الديكتاتورية تعزز الأصولية الإسلامية وعدم الاستقرار؟لكن هذا الاتجاه لا يقتصر على الشرق الأوسط فقط. فقد تمكن الرئيس فلاديمير بوتين للتو من تحقيق فوز انتخابي مضمون، ويرجع ذلك جزئيا إلى استخدامه للأجهزة الأمنية وأصدقائهم في المافيا الروسية للقضاء على أي تهديد محتمل لنظامه. لكن الكرملين غير راضٍ عن إلحاق الضرر بنظام الحكم نفسه في روسيا بسبب العصابات الثرية الحاكمة، وسيعمل على تقويض العمليات الديمقراطية في أماكن أخرى.وبالنسبة للصين، تمكن الرئيس شي جين بينج من شق طريقه ليصبح الزعيم الأكثر هيمنة منذ ولاية الرئيس ماو تسي تونغ. واليوم، بعد أن تم القضاء على الفترة الرئاسية لمحدودة التي قدمها دنغ شياو بينغ لعزل البلاد ضد ديكتاتورية رجل واحد، فإن مستقبل السلالة الشيوعية الحاكمة يقع على كاهل القائد الأعلى.وبالمثل، تواجه الولايات المتحدة الآن – التي كنا نعتبرها القائد الأكبر للعالم الحر - آفاق قاتمة. تحت قيادة زعماء مثل هاري ترومان، ودوايت أيزنهاور، وجورج بوش وجون كينيدي وباراك أوباما، دفعت البلاد النظام الدولي نحو الأفضل. واليوم، يعمل دونالد ترامب - الجاهل، والمتحامل، والمخادع، والكذاب، وعديم الأخلاق - على تدمير هذا النظام.عندما تم انتخاب ترامب لأول مرة، اعتقد البعض أنه سيكون عند حسن الظن. وبغض النظر عن حملته الانتخابية المغرضة، سيقوم الرؤساء والمستشارون الأكثر حكمة بدعم الرئيس الأمريكي، وسيتعلم حتما كيف تعمل حكومة الولايات المتحدة. لكن هذا التفاؤل لم يكن في محله.ومع بداية العام الثاني من ولايته، أصبح ترامب يتصرف بشكل أسوأ مما يشير إليه سِجله، كما يقوم، بشكل غير رسمي، بتنحية المستشارين والمسؤولين الآخرين متى شاء ذلك. وفي الآونة الأخيرة، استبدل ريكس تيلرسون - الذي كان يعتبر واحدا من «القادة الأساسيين» الذين كانوا يحمون الولايات المتحدة والعالم من أسوأ غرائز ترامب - بمايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاسبق، كوزير للخارجية.والأسوأ من ذلك، فقد قام ترامب باستبدال المستشار السابق للأمن القومي الجنرال راك ماكماستر بجون بولتون - مسؤول السياسة الخارجية صاحب أكثر وجهات النظر خطورة في العالم الغربي بأكمله. بولتون هو مؤيد لنهج «أمريكا أولا» وسفاح بيروقراطي، كما يعد بارعا في القضاء على المنافسين.والأخطر من ذلك، يُعتبر بولتون أكبر المتشددين في السياسة الخارجية، والصقر الأقوى الذي سيقضي على جميع الصقور. وباعتباره من كبار المؤيدين للاحتلال الأمريكي للعراق، يعتقد بولتون أن كل مشكلة تستحق الرد العسكري. إن الصراعات الحالية مع كوريا الشمالية (حيث دعا إلى شن هجوم عسكري وقائي) وإيران (حيث اقترح مرارًا وتكرارًا تغيير النظام بالقوة) ليست استثناءات.بين بولتون وبومبيو، ازدادت فرص انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات على هذا البلد. وقد أدى مجرد توقع تلك النتيجة إلى ارتفاع أسعار النفط - وهي هدية أخرى من ترامب إلى بوتين.لكن الأمور ليست أفضل بكثير بالنسبة للسياسة الاقتصادية. والآن، بعد أن ملأ ترامب فريقه الاقتصادي بالقوميين، أصبحت حمايته التجارية الموعودة منذ زمن طويل حقيقة واقعة. من المؤكد أن ترامب ليس مخطئًا في مواجهة الصين بسبب سرقة الملكية الفكرية والمعاملة التجارية الصارخة، لكنه مخطئ في نهجه: بدلاً من تجنيد حلفاء مثل اليابان والاتحاد الأوروبي للضغط على الصين، أغضب صديقه وعدوه على حد سواء مع التعريفات الأحادية وغيرها من الحواجز غير المدروسة، مما يزيد من احتمال وقوع حرب تجارية من شأنها أن تؤذي الجميع.ومن غير المفاجئ أن سلوك ترامب قد أدى إلى تآكل القيادة العالمية للولايات المتحدة بسرعة، وذلك راجع لاستخفافه بالقيم الديمقراطية الليبرالية والذي يضعف الأركان المؤسسية للنظام العالمي الذي طالما دافعت عنه الولايات المتحدة. وتتمثل الطريقة الوحيدة للحد من هذا التراجع في قيام الديمقراطيات الليبرالية الأخرى في العالم - في أوروبا وآسيا والكومنولث - باتخاذ إجراءات حاسمة بهذا الشأن.بداية، يجب أن تتحرك هذه البلدان على وجه السرعة للدفاع عن التجارة الحرة وفتح الأسواق. من خلال العمل مع منظمة التجارة العالمية، يجب عليهم بذل جهود منسقة للرد على الانتهاكات التي ترتكبها كل من الصين والولايات المتحدة.وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تعمل هذه الدول على دعم سيادة القانون الدولي - وهو مفهوم يُغضب بولتون - من خلال الالتزام بتعزيز الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وهذا يعني التمسك بالمبادئ التي ساعدت في دعم السلام والازدهار منذ الخمسينيات، بما في ذلك من خلال دعم الاتفاق النووي الإيراني، وخاصة مع إصرار البلاد على إتمام الصفقة، وسعيها إلى إيجاد حل سلمي لأزمة كوريا الشمالية.وبينما يضع ترامب وفريقه سياسة مدمرة تلو الأخرى، يجب أن تستجيب ديمقراطيات العالم الأخرى بكفاءة وتعاون. وعندئذ، يمكن أن يأمل المجتمع الدولي الاستمرار حتى عودة قيادة أمريكية أكثر مسؤولية.آخر حاكم بريطاني لهونج كونج ومفوض سابق في الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية ورئيس جامعة أكسفورد.

شارك الخبر على