وسطاء يشترون بطاقات الناخبين لصالح جهات سياسيّة في المناطق المحرَّرة

حوالي ٦ سنوات فى المدى

 الأحياء المستقرِّة تغلّبت ببيع البطاقات على مناطق مضطربة تؤوي نازحين
 بغداد/ وائل نعمة
دفع الإحباط من حصول تغيير عبر الانتخابات المقبلة، مواطنين لبيع بطاقاتهم الانتخابية إلى جهات سياسية تختفي وراء وسطاء يقومون بإدارة عملية البيع والشراء في بعض المدن المحرَّرة.وعلى خلاف المتوقع، فإن سكان الاحياء المستقرة في تلك المدن، كانوا أكثر الاطراف التي قامت ببيع البطاقات، فيما سجلت المناطق المضطربة التي يتواجد فيها نازحون حالات أقل.واختلف سعر شراء البطاقة بحسب حجم وتمويل الجهة السياسية التي تنجح بإقناع الناخب ببيع بطاقته وأهمية المنطقة، حيث مراكز المدن ترتفع فيها الأسعار لتصل الى 500 دولار للبطاقة الواحدة.وعلى أقل تقدير ستقوم الجهة التي اشترت البطاقات بإتلافها لإسقاط حق التصويت لفئات ودوائر انتخابية محددة، إذا لم تستطع إتمام الصفقة للنهاية والتصويت بها لصالح جهة معينة.ومن المفترض أن يشارك نحو 7 آلاف مرشح في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 12 أيار المقبل، يتنافسون على 329 مقعداً، بمعدل 21 مرشحاً للمقعد الواحد.ويكشف طه عبد الغني الهزيماوي، مرشح الانبار عن تحالف القرار الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، في اتصال مع (المدى) أمس عن "وجود عمليات بيع منظمة لبطاقات الناخبين في المحافظة".وينفي الهزيماوي، وهو عضو في مجلس محافظة الانبار، علمه بالجهة التي تقوم بشراء البطاقات، لأنها "تدير الصفقة عبر وسطاء، ويبقون هم في الظل"، لكنه يقول "يضحكون على عقول السكان ويشترون البطاقات بأسعار تتراوح بين 50 و 200 دولار أو أكثر من ذلك في بعض المناطق".وتخضع بورصة بيع البطاقات الانتخابية الى معايير الدائرة الانتخابية التي يتم فيها البيع والجهة السياسية التي تقوم بالشراء حيث قال نواب في محافظات أخرى إن سعر البطاقة وصل الى 500 دولار.وتابع المرشح عن الأنبار إنه "في مراكز المدن مثل الفلوجة والرمادي يرتفع سعر البطاقة بسبب حدة التنافس السياسي هناك، كما أن القوى السياسية تتنافس في تقديم عروض البيع لإقناع الناخب بالبيع".وتتغلب المدن المستقرة في الانبار، بحسب الهزيماوي، على البلدات التي فيها اضطرابات أمنية أو نازحون في معدلات بيع بطاقات الناخبين، وهو خلاف المتوقع. ويقول المسؤول المحلي إن "السكان محبطون من التغيير، وبينهم من قرر عدم الذهاب الى الانتخابات لذلك يبيع بطاقته".وتستغل الجهات السياسية التي تقوم بشراء البطاقات، حالة الإحباط العام لدى الجمهور بالاضافة الى عدم تحديث أكثر من نصف الذين يحق لهم الانتخاب سجلاتهم والحصول على البطاقة "البايومترية" التي فيها عناصر حماية لمنع التزييف أكثر من السابقة، فيما لم تتجاوز عملية التحديث في الانبار الـ30 % بحسب الهزيماوي.من جهته يقول عادل اللامي، الخبير في شؤون الانتخابات لـ(المدى) أمس، إن "الشراء يكون لسببين، إما لحجب جهة معينة من حق التصويت عبر إتلاف البطاقة، أو التصويت بها لشخص غير صاحبها الأصلي".وعلى الرغم من أنّ البطاقة السابقة تحتاج الى بصمة صاحبها، إلا أن ثغرات فيها تسمح بأن يصوّت شخص واحد في أكثر من بطاقة، لكنه بحسب اللامي يحتاج الى "متواطئين داخل المركز الانتخابي لإتمام الأمر".ولدى العراق سجل حافل باتهامات تتعلق بتزوير الانتخابات، التي طالت في السنوات السابقة سياسيين ورؤساء أحزاب كبار، حيث اتهم المالكي في الانتخابات الماضية عام 2014 بتزوير الأصوات في مناطق غربي بغداد والحصول على نسب لافتة، رغم أن تلك المناطق كانت تعاني حينها من غرق إثر سيطرة تنظيم داعش على السدود في محافظة الأنبار. وحصل المالكي حينها على مليون و74 ألف صوت في بغداد.وكانت مرجعيّة النجف، قد أفتت في الانتخابات الماضية، بحرمة بيع البطاقات الانتخابية، بعد ورود أسئلة إليها عن حدوث مثل تلك الحالات.ومؤخراً كشف المرصد العراقي لحقوق الإنسان عن محاولات شراء بطاقات الناخبين في المحافظات المحررة أو أخذ وعود من الناخبين بتعهدات ورقية لانتخاب بعض الأحزاب مقابل 100 دولار. وقال المرصد في تقرير نشره في موقعه الإلكتروني إن "هناك زيارات ميدانية يقوم بها المرشحون للنازحين وجرحى الحرب في الموصل وصلاح الدين والانبار".كما أضاف التقرير أنّ "محافظات الوسط والجنوب تطلب الوعود من قبل المرشحين بتوزيع قطع أراضٍ، وتوفير وظائف حكومية، بينما يوزّع بعضهم بطاقات شحن الهواتف النقالة، أو بعض الملابس الرياضية على فرق شبابية".وينصّ قانون الانتخابات العراقي على عقوبات تتراوح بين الغرامة والحبس بالنسبة إلى الجهات والشخصيات التي تخرق قوانينه، وتتجاوز المسموح فيها.بدورها أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الإثنين الماضي، أنه "لا صحة للأنباء التي تحدثت عن بيع وشراء بطاقات الناخب الإلكترونية". وأكدت في بيان لها أنها "ستستخدم حقها الدستوري والقانوني في حماية المواطنين والناخبين بشكل خاص، وستتخذ الإجراءات التي نص عليها قانون انتخاب مجلس النواب".بدوره، انتقد علي خضر، المرشح في الموصل عن ائتلاف نينوى هويتنا، وهي قائمة تضم عدداً من القوى السُنية أبرزها حزب الحل لجمال الكربولي، في اتصال مع (المدى) أمس، عدم اكتمال التحديث البايومتري في المدينة، مما أدى الى ظاهرة بيع البطاقات الإلكترونية.وكان 11 مليون ناخب قد سجلوا وحدّثوا بياناتهم بالبايومتري في عموم العراق حين أن عدد الناخبين الذين سيشاركون في الاقتراع المقبل يصل إلى 24 مليون ناخب.ولا يزال هناك أكثر من مليونين و500 ألف نازح، بينهم 400 ألف يحق لهم المشاركة في الانتخابات، منهم 278 ألف شخص حدّثوا بياناتهم وبطاقاتهم الانتخابية.وأوقفت المفوضية، أمس الثلاثاء، عملية التسجيل البايومتري، فيما قالت إنها ستستمر في توزيع بطاقات مؤقتة. بدوره بيّن علي خضر أن "عملية التسجيل في نينوى تحتاج لأكثر من عام بسبب وجود النازحين وصعوبة تنقلهم الى مراكز التسجيل". وقال خضر وهو عضو في مجلس محافظة نينوى إن "عملية التحديث في نينوى لم تتجاوز الـ25%". وأشار الى أن "المفوضية لم تكن جادة في عملية التسجيل البايومتري".

شارك الخبر على