الإرهاب يتساقط في ليبيا.. وزعيم «داعش» يعيد ترتيب صفوف التنظيم

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

يبدو أن تنظيم "داعش" أصبح العقبة الكبرى أمام استقرار بعض الدول التي عانت على مدار سنوات مضت من ويلات الحرب، والتي لا تزال تعيش في غمار العنف، خاصة أن الإرهاب أصبح ظاهرة متفشية بالعالم.

فما تشهده ليبيا الآن أصبح محط أنظار العالم، نظرًا لتعدد التنظيمات المتطرفة التي حولت البلاد إلى مستنقع من الدماء، لكن ما فعله تنظيم داعش الإرهابي، كان دليلًا على المهارات القتالية التي اكتسبها أثناء تواجده في سوريا.

بالأمس، كشفت مصادر أن تنظيم داعش بدأ في إعادة ترتيب صفوفه وتمركزه داخل ليبيا، عن طريق عدد من الكيانات التنظيمية المسلحة، مثل تنظيم جيش الصحراء، وتنظيم مجلس شورى شباب الإسلام، ومحاولة تدعيمهما بعناصر من العائدين من المعسكرات المسلحة في سوريا والعراق، حسب "موقع 24".

فما أن يطل الإرهاب بوجهه القبيح على بلد إلا وبدَل حاله ودمر تراثه وشرد أهله، لهذا لا عجب أن زعيم "داعش" البغدادي ظل يعبث في الأرض فسادًا، حتى أصبح قوة ناسفة.

بالعودة إلى الوراء قليلًا، نرى أن تنظيم مجلس شورى شباب الإسلام، تم تشكيله عقب سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة في سوريا والعراق، وذلك بعد أن كلَف زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، شخصًا يُدعى علي محمد سعد التاجوري والملقب بـ"أبو سيلمان التاجوري"، بإنشاء فرع للتنظيم في ليبيا.

وفور عودة التاجوري إلى ليبيا بعد مكوثه فترة طويلة في سوريا عقب اندلاع الثورة السورية في 2011، شرع في تأسيس "شباب شورى الإسلام" وفقًا لتوصية البغدادي، حيث نجح التاجوري في ضم مئات المقاتلين من كافة الجنسيات.

وسرعان ما فرض التنظيم الإرهابي سيطرته على مدينة درنة الليبية، حاملاً الرايات السوداء والبنادق الثقلية ومدافع الرشاشات ومدافع مضادة للطائرات، في تحدّ واضح للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.

ورغم أن التنظيم الجديد لم يكن الوحيد في مدينة درنة، فإنه استطاع بسط نفوذه وسيطرته الكاملة بفضل المهارات القتالية لعناصره والذين تدربوا لسنوات على يد التنظيم الأم في سوريا. 

ولم يتردد التنظيم المتطرف في تشريع القوانين على المدينة الليبية، بداية من إنشاء محاكم شرعية، وتطبيق نظام الحسبة لمساءلة العناصر المخالفة لتعاليم الشريعة الإسلامية، كما شكَل لجنة شرعية لفض النزاعات والصلح بين الناس بشرع الله، إضافة إلى مصادرة المخدرات والكحول، وتطبيق الحدود، وتنفيذ إعدامات علنية في ملعب لكرة القدم عقابًا للاعبين، وفقًا للمصدر.

وظل لواء البغدادي في ليبيا، يمارس مهامه القتالية بحق المدنيين من ناحية والتنظيمات الإرهابية الأخرى من جانب آخر، لكن الأمر المثير هو أن "مجلس شباب الإسلام"، بدأ في إرغام المواطنين على مبايعة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.

ممارسات التنظيم المتطرف ضد الأبرياء، كانت سببًا رئيسيًا في تحالف سكان درنة وعدد من الفصائل المسلحة منها كتائب "راف الله سحاتي وأنصار الشريعة وسرايا الدفاع عن بنغازي، وعدد من الثوار مدينة طبرق والبيضاء مع مجلس شورى مجاهدي درنة" لمحاربة التنظيم الداعشي وطرده من المدينة. 

المفاجأة هنا أن أهالي المدينة الباسلة دخلوا في مواجهة عنيفة مع التنظيم المتطرف، وسميت حينها المعركة بـ"النهروان"، وسرعان ما مُني التنظيم بخسائر فادحة أجبرت عناصره فيما بعد على الفرار إلى منطقة الفتايح.

تلك الخطوة كانت سببًا أيضًا لدفع مجلس شورى مجاهدي لتنفيذ عملية "شهداء القبة" للقضاء على تنظيم داعش، إلا أن عناصر "شورى الإسلام" نجحوا في الفرار من المدينة والتمركز في "سرت" التي أصبحت مقبرة للتنظيم الإرهابي على يد قوات البنيان المرصوص المدعومة من حكومة الوفاق الوطني في 2016.

وظلت العمليات العسكرية مستمرة من قبل الجيش الوطني من جانب، وقوات البنيان المرصوص من جانب آخر ضد التنظيمات المتطرفة على كامل الأراضي الليبية، حتى تم التخلص أيضًا من ميليشيات "سرايا الدفاع عن بنغازي" والتي ضمت مجموعة كبيرة من مقاتلي "تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية الليبية المسلحة مثل (إسماعيل الصلابي، مصطفى الشركسي وأبو عبد الله النوفلي)" في 2017. 

وأخيرًا وليس آخرًا، المواجهة العسكرية التي يقوم بها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر في المنطقة الجنوبية ضد آخر معاقل التنظيمات المتطرفة وميليشيات الساحل الإفريقي التي فرضت تواجدها على الأراضي الليبية بفضل القبائل من جانب، والانفلات الأمني الذي يشهده البلد الإفريقي من 7 سنوات.

يمكننا القول إن الفوضى العارمة والانفلات الأمني، وغياب دولة مركزية قوية جميعها عوامل ساهمت في بسط الميليشيات المسلحة نفوذها على البلد الإفريقي، وللتمكن من القضاء عليها يجب، توحيد الفرقاء وإنهاء الانقسام في مسعى لإعادة لم الشمل مجددًا.

شارك الخبر على