كيف تحول أحمدي نجاد من «معجزة الألفية الثالثة» إلى «حليف الشيطان»؟

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

"إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ومبكرة، وإقالة رئيس السلطة القضائية والإفراج عن المتظاهرين من المعتقلات وإنهاء ملاحقتهم"، كانت هذه مطالب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في رسالة وجهها للمرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي، ليتحول أحمد نجاد من "معجزة الألفية الثالثة" كما كان يصفه مؤيدوه من المحافظين، ليصبح "حليف الشيطان"، بعد أن أصبح قوة مزعجة ومحرجة لأولئك الذين أمنوا طريقه إلى السلطة.

وأشارت صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن أحمدي نجاد الذي اتسمت فترته الرئاسية بانتشار الفساد وقمع المعارضة، قد زاد مؤخرا من انتقاده لقادة النظام الذين يتهمهم بعدم الكفاءة، حيث يتهمه عدد من المسؤولين بالوقوف خلف المظاهرات الغاضبة، التي شهدتها مدينة مشهد الإيرانية وانتقلت لعدد من المدن الأخرى نهاية العام الماضي.

ولم يعبر الرئيس السابق للجمهورية الإسلامية عن رأيه منذ اندلاع المظاهرات، إلا أنه أعاد الهجوم على النظام في ختام مفتوح لخامنئي، يطالب فيها بإجراء إصلاحات أساسية، شملت المطالبة بإقالة رئيس السلطة القضائية، وعقد انتخابات رئاسة مبكرة، دون تدخل من الجيش لـ"استعادة ثقة الشعب".

ونقلت الصحيفة عن سياسي إصلاحي قوله إن رسالته إلى النظام هي "إذا لم أؤخذ على محمل الجد، فسوف أسبب المزيد من القلق"، مضيفا أن سلاحه الوحيد هو أن يقول أنا موجود، وأن يحاول تحريض الشعب.

واستهدفت هجمات أحمدي نجاد بشكل رئيسي المسؤولين المتشددين، بمن فيهم صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية، وعلي لاريجاني رئيس مجلس الشورى.

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن نجاد أصبح شوكة في جانب النظام في وقت حساس للغاية، حيث تواجه الجمهورية الإسلامية سخط اجتماعي متزايد وضغوط من الولايات المتحدة، بسبب دورها في الصراعات الإقليمية وبرنامجها للصواريخ الباليستية.

وفيما يبدو أنها محاولة من النظام الإيراني لاحتواء أحد أبناءه، قال إسحاق جاهانجيري نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن "مشكلة أحمدي نجاد معقدة بعض الشيء، فهو ليس في وضع يسمح له يتسبب في مأزق للنظام، لكنني أيضًا أتسائل لماذا لم يتم التعامل معه".

وفي محاولة للسيطرة عليه، قالت السلطة القضائية في إيران إنها تمتلك ملفات تدين أحمدي نجاد. وأشار عدد من المراقبين إلى أنه متعلقة بجرائم فساد ارتكبت خلال فترة رئاسته منذ 2005 حتى 2013.

ويعتقد بعض الإيرانيين أن هجمات أحمدي نجاد محاولة لتجنب أي إجراءات قضائية محتملة ضده، فيما نفى الرئيس السابق ارتكابه أي مخالفات، قائلا إن حكومته الأكثر نظافة من أي وقت مضى. وصرح مصدر داخل النظام أن أحمدي نجاد ينوي إنقاذ نفسه من جميع الإدعاءات الموجهة إليه، حتى لو تكلف ذلك تدمير سلطة المرشد الأعلى، مضيفا أن نجاد يريد القول إنه واجه مشكلات بعد مهاجمة المرشد الأعلى.

وأشارت الصحيفة إلى أن أحمدي نجاد تولى السلطة منذ 13 عاما بدعم من خامنئي والفصائل المتشددة داخل النظام، ضمن سعيهم إلى التصدي للإصلاحيين بعد أن قضى الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي فترتين. ويرى كثير من الإيرانيين أن رئاسة أحمدي نجاد الأكثر كارثية في تاريخ الجمهورية، حيث كانت البلاد في حالة ركود عميق وعزلة عن بقية العالم.

ويرى المحللون أن دعم خامنئي لنجاد كان من أسوأ الأخطاء السياسية فداحة، التي شهدها حكمه كمرشد أعلى، حيث أثار إعادة انتخاب أحمدي نجاد في عام 2009 أكبر احتجاجات ضد النظام منذ الثورة الإسلامية عام 1979، واستمرت المظاهرات التي أسفرت عن مصرع نحو 100 شخص، لعدة أشهر.

وفي إشارة إلى قلق الحكومة، فاجأ الرئيس حسن روحاني، الكثيرين عندما ألمح هذا الشهر إلى أنه مستعد لإجراء استفتاء حول القضايا التي تثير الخلاف بين الإصلاحيين والمتشددين.

ويرى المحللون الإصلاحيون والمحافظون أن أحمدي نجاد لا يحظى بدعم شعبي قوي، لكنه من الممكن أن يشجع الناس بخطابه المناهض للنظام. وقال مصدر مقرب من النظام إنه "يبدو أن أحمدي نجاد يعتقد أن أغلبية الناس ضد المرشد الأعلى، وبالتالي فهو يريد أن يكون صوته أعلى من الإصلاحيين"، مضيفا: "في الوقت الراهن، سياسة النظام هي تقويض قدراته من خلال محاكمة كبار حلفائه، ولكن إذا جرؤ يوما ما على مهاجمة المرشد الأعلى مباشرة، فسيتم وضعه قيد الإقامة الجبرية فورا".

شارك الخبر على