يوسف شاهين.. مخرج أفلام رفضت أسرته دفنه على صوت القرآن

حوالي ٦ سنوات فى التحرير

سطّر المخرج يوسف شاهين، اسمه بأحرف من نور في تاريخ السينما، بـ40 عملا أخرجها، و20 ألفها، و10 شارك في تمثيلها، وزاحم بروائعه المخرجين العالميين فنال جوائز سينمائية من أهم المهرجانات الأوروبية، وفضل وقوفه خلف الكاميرا رغم نجاحه في التمثيل بتجسيد شخصية «قناوي» المعقدة نفسيا في فيلم «باب الحديد»، إذ فضل الإطلالة التمثيلية في عدد من أفلامه التي كان بعضها سببا في مطاردته من قبل الأجهزة السياسية، وتعرض للتشويه بسبب طرح أفكاره داخل أعمال أخرى، فيما كان التهديد بالسجن مناوشة خلفها له فيلمه «المهاجر».. وفي السطور التالية ترصد «التحرير» أبرز المعلومات عن «جو».
 

1- هو يوسف جبرائيل شاهين، ولد في مدينة الإسكندرية في 25 يناير 1926، في أسرة متوسطة لمحامٍ مسيحي كاثوليكي هاجر إلى مصر من زحلة بلبنان في القرن 19، وأم مسيحية من أصل يوناني.

2- كان يجيد التحدث بأربع لغات، والتحق بالدراسة في كلية «سان مارك» الفرنسية بالإسكندرية، ومنها إلى كلية «فيكتوريا» الإنجليزية في مرحلته الثانوية.

3- سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1946 لدراسة الفنون التمثيلية بمعهد «باسادينا» في كاليفورنيا.

4- بعد عودته لمصر عمِل مساعدًا للمصور ألفيس أورفانيلّي، والذي ساعده في دخول مجال صناعة السينما وإخراج أول فيلم له «بابا أمين»، وهو البطل المطلقة الأولى للقدير الراحل حسين رياض، عام 1950، وهو في سن الـ23 من عمره، وفي العام التالي أخرج فيلم «ابن النيل»، لشكري سرحان وفاتن حمامة، الذي دُعي فيه لمهرجان «كان» السينمائي للمرة الأولى، وتوالت أعماله «المهرج الكبير»، و«سيدة القطار» في عام 1952، وبالعام التالي له قدم فيلمه «نساء بلا رجال»، ثم رائعة «صراع في الوادي» الذي قدّم فيها النجم العالمي عمر الشريف، للمرة الأولى عام 1954، وفي نفس العام أخرج فيلم «شيطان الصحراء»، وانقطع عامًا ثم قدّم «صراع في الميناء» و«ودعت حبك»، ثم في عام 1957 قدّم «أنت حبيبي»، وفي العام التالي «جميلة»، ثم «باب الحديد» أحد العلامات السينمائية والذي قام ببطولته مع القديران فريد شوقي وهند رستم، وفي عام 1963 كان على موعد مع علامة أخرى وهو فيلم «الناصر صلاح الدين»، وغيرها من الأعمال التي أبدع فيها «جو» وأصبحت جزءًا أصيلًا من تاريخ الفن المصري.

 

5- كان شاهين على علاقة غير مريحة مع السلطة في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، الأمر الذي أدى به إلى انتقاله إلى لبنان، وهناك صنع فيلمين موسيقيين هما «بياع الخواتم»، عام 1965، وهو فيلم موسيقيّ من بطولة النجمة «فيروز» والأخوان رحباني، ثم «رمال من ذهب»، والذي فشل وأجبره على العودة إلى مصر بوساطة من عبد الرحمن الشرقاوي.

6- بعد حدوث النكسة مباشرةً صدر فيلمه «الأرض» الذي دخل القائمة الذهبية للأفلام المصرية، وتناول خلاله قصة مجموعة من الفلاحين يقاومون محاولة إقطاعي سلب أرضهم ليمد وصلة من الأسفلت بين قصره والشارع الرئيسي.

7- السياسي الثائر حاول إيصال أفكاره الاجتماعية والسياسية من وراء الكاميرا، فقدّم فيلمين متتاليين هما «الاختيار» عام 1971، و«العصفور» عام 1972، طرح خلالهما رؤيته لأسباب هزيمة 67، ومنعت الرقابة طرح الأخير ولم يُعرض إلا بعد عدة سنوات، حيث حمّل خلاله مسئولية هزيمة الجيش للفساد في المؤسسة السياسية المصرية، وبعد النصر قدّم فيلمه الهام «عودة الابن الضال» عام 1976، واختار ماجدة الرومي لبطولته، وسلط فيه الضوء على تسلط القوى المهيمنة على الساحتين السياسية والاقتصادية، وقمعها المستمر لطموح وأحلام أفراد الطبقة العاملة، وتلاه عمله الذي نال عنه جائزة الدُب الفضي بمهرجان برلين، وأول أفلام رباعية سينمائية ذاتية وهو «إسكندرية...ليه؟»، ثم ثلاثية: «حدوتة مصرية، إسكندرية كمان وكمان، إسكندرية نيويورك»، وأخرج في عام 1985 فيلمه «وداعًا بونابرت»، الذي تحدث فيه عن الاصطدام الثقافي مع الحملة الفرنسية على مصر، وفي العام التالي قدّم فيلمه «اليوم السادس»، من بطولة النجمة الفرنسية المصرية «داليدا»، وفي عام 1994 قدم «المهاجر» الذي طالما حلُم بتقديمه، وهو مستوحى من قصة النبي يوسف، الأمر الذي صنع جدلًا واسعًا حوله بعد منعه من العرض لاتهام المخرج بتجسيد نبي الله يوسف. 

8- اعتمد على نفسه في تمويل أفلامه، خاصةً بعد توقف دعم الدولة له بسبب أعماله السياسية المنتقدة للنظام، وقام بتأسيس شركة إنتاج سينمائية باسم «أفلام مصر العالمية»، عام 1972، لتمويل أفلامه خاصة مع المنتجين الفرنسيين، وكان أول أفلامها الأخير، واعتاد على استخدام الموسيقى والغناء كعنصرين أساسيين في جميع أفلامه.

9- اعتاد شاهين الظهور في عدد من أفلامه من بينها «سكوت هنصور» عام 2001، من بطولة النجمة التونسية لطيفة، وكان آخر ظهور سينمائي تمثيلي له في فيلم «ويجا» عام 2005، مجاملةً لتلميذه المخرج خالد يوسف، وآخر أفلامه الإخراجية «هي فوضى» عام 2007، والذي صُنف كأحد أهم الأفلام التي تنبأت بقيام ثورة في مصر، والذي كشف فساد أمين شرطة يُدعى «حاتم»، وعبّر من خلاله «يوسف» عن قمع أجهزة الأمن والشرطة للمواطنين، وتم إطلاق اسمه على شارع في ضاحية «بوبيني» الفرنسية باسم يوسف شاهين، كما دُشّنت جائزة دولية باسمه في مهرجان سينما المؤلف بالرباط.

10- بالإضافة إلى جائزة الدُب الفضي بمهرجان برلين عن «إسكندرية...ليه؟»، ترشح فيلم شاهين «المصير» عام 1997، للسعفة الذهبية بمهرجان «كان»، ونال في نفس الدورة جائزة «إنجاز العمر» في دورة المهرجان رقم 50، وحصل على جائزة الدولة التقديرية أيضا عام 1994، وجائزة اليوبيل الذهبي للمهرجان سابق الذكر عن مجمل أعماله عام 1997، وجائزة «فرانسوا شاليه» عن فيلمه «الآخر» 1999، ومنحته الحكومة الفرنسية وسام شرف من رتبة الفارس في 2006، وتم تكريمه كأهم مخرج في الوطن العربي بمهرجان السينما الدولي عام 2007.

11- رغم إجرائه عملية قلب مفتوح وتحذير الأطباء له من التدخين إلا أنه لم يقلع عن عادته، ما تسبب في تدهور صحته وإصابته بنزيف في المخ، وسافر إلى باريس للعلاج عبر طائرة إسعافات ألمانية خاصة، وبعد أسابيع عاد، وكان لا يزال في غيبوبة ويتنفس عبر جهاز صناعي، وقضى 6 أسابيع في غيوببته إلى أن فارق الحياة في 27 يوليو 2008، عن عمر يناهز الثانية والثمانين عامًا. 

12- كثرت شائعات إسلام يوسف شاهين عقب وفاته، تداولت آنذاك وسائل الإعلام أنباء بأن جنازته ستخرج من مسجد عمر مكرم، بعد إشارة البعض إلى أنه أسلم، إلا أن أسرته نفت الأمر، وأُجريت مراسم الدفن آنذاك في كاتدرائية الروم الكاثوليك وسط القاهرة، ثم وارى الثرى جسده في مقابر العائلة بالإسكندرية، وعن ذلك قال الناقد طارق الشناوي، في برنامج «ممنوع من العرض»، 2016: «يوسف في أكثر من جلسة قال إنه بيحب محمد رفعت، وكان عايز يخرج مشهد الوداع بتاعه إن الجنازة تخرج من عمر مكرم على القرآن الكريم بصوت رفعت».

شارك الخبر على