«نوستالجيا».. ٥ مسلسلات قديمة تجبرك على مشاهدتها دون ملل

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

في السنوات الماضية كانت شاشة التليفزيون من أكثر الوسائل التي تستطيع «لمّ شمل العائلة أمامها» لمتابعة مسلسل أو برنامج أوحفل يذاع على الهواء، ولكن مع إيقاع الزمن السريع والتطور التكنولوجي ومرور الوقت وانشغال الجميع فى هموم الحياة، بات هذا الجهاز الصغير مجرد وسيلة للآلام ونقل المعاناة ورصد واقع اجتماعي مشوهًا من خلال أعمال درامية تحمل تصنيفًَا عمريا لا يناسب الأطفال والمراهقين، فأصبح هناك حنين لدى الجميع إلى الروائع الدرامية التي قدمت وحملت هدفًا ورسالة ونجحت فى توحيد العائلة وتغيير مفهومهم اتجاه أمور حياتية، وفى السطور التالية نعود بك إلى أكثر من 30 عامًا مضى ونفتح قصصًا وحكايات لا تزال تحقق نجاحًا مع تكرار عرضها، بمثابة كنوز درامية.

«أبنائى الأعزاء شكرا».. عائلة (بابا عبده)

يعد مسلسل «أبنائى الأعزاء شكرا» واحدًا من الأعمال التي لا تزال عالقة فى مخيلة الجمهور؛ ومع علمه بموعد إعادتها تجده يفرغ نفسه تماما لمشاهدتها وليس هذا قاصرًا على الجيل القديم بل أيضًا مواليد الثمانينات والتسعينيات الذين عاصروا مشاهدتها على شاشة التليفزيون منذ الصغر، ويعود هذا المسلسل إلى حقبة السبعينيات وتحديدًا عام 1979، واشتهر باسم «بابا عبده» -هو الدور الذي لعبه الكوميديان الراحل عبد المنعم مدبولي- وحقق نجاحًا غير مسبوق.

ويعد هذا الدور الذي لعبه عبد المنعم مدبولي الأقرب إلى المشاهدين من بين أعمال المختلفة والمميزة والذي حرص خلالها على احترام عقلية الجمهور، وقدم المسلسل توليفة متكاملة من النجوم من بينهم يحيى الفخراني، زيزي مصطفى، مريم الحسيني، صلاح السعدني، فاطمة مظهر، فردوس عبد الحميد، وآثار الحكيم، لتكتمل عائلة «بابا عبده» الذي ضحى بكل شيء من أجل أبنائه وتعليمهم ويعكس المسلسل مدى ارتباطه بأبنائه وحنانه عليه وتفتحه وطريقة تعامله مع الأمور، عندما يفتح أى حديث عن شكل العائلة المصرية يذكر مسلسل «أبنائى الأعزاء شكرا».

ونجح المخرج محمد فاضل فى تقديم مسلسل يعيش مع المشاهدين، بعيدًا عن الإسفاف ومشاهد العري والألفاظ الخارجة، معالجة قضية اجتماعية هامة وهي الترابط الأسري ومدى احتياج الأب لأبنائه مهما كبروا وهم أيضًا فى حاجة دائمًا إلى حكمته وإنسانيته وحنانه، على الرغم من الصراعات التي خاضتها الشخصيات ضمن الأحداث فإن الألفة كانت الأكثر إشراقًا فى العمل بجانب التناغم الكبير بين أبطاله.

«لن أعيش فى جلباب أبي»

قدم مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي»، في عرضه الأول رمضان 1996، قصة صعود شاب من القاع إلى القمة وكيف ينجح فى جمع ثروة كبيرة وتأثير تلك الثروة على أبنائه، واستعراض الفرق بين الشخص المتعلم وغير المتعلم فى التخطيط لحياته ومستقبله، وعلى الرغم من مرور 22 عامًَا على طرح للمسلسل فإنه لا يزال يحظى بمشاهدة عالية عند إعادة عرضه على القنوات الفضائية بجانب الأرقام الكبيرة التي حققها على موقع الفيديوهات الشهير «يوتيوب»، وهي القصة المأخوذة من رواية الأديب الكبير إحسان عبد القدوس، التى صدرت عام 1982.

لم يكن يعلم الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس أن تلك الرواية التي كتبها سيعاد تقديمها فى الدراما؛ وتحقق نجاحًا غير مسبوق يتفوق على مبيعات الرواية الأصلية وشهرتها، فقد تم إنتاج مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي» بعد وفاته بست سنوات، ويذاع فى رمضان ويؤدي الأدوار نخبة من ألمع النجوم، كما أن هذا النجاح كاد أن يكون من نصيب فنان آخر غير «نور الشريف» الذي كان رافضًا هذا الدور فى بداية الأمر، لكونه لا يريد تقديم دور الأب فى الدراما لانها الأكثر ارتباطًا بذهن الجمهور، كان هو لايزال فى سن الشباب.

ويقول «نور الشريف» في تصريح له بمجلة «آخر ساعة» عام 1996، «حينما أرسلوا لي المسلسل رفضته في البداية، قلت لا يزال الوقت مبكرا لأقوم بدور الأب، حقيقة أنا لست صغيرا، وسبق وقدمت دور الأب وأنا في سن صغيرة بالسينما في فيلم (السكرية) و(حدوتة مصرية)، وهذا محتمل الحدوث في السينما، ولكن اكتشفت أن جمهور التلفزيون يصدق الأحداث، وتصبح الشخصية التمثيلية جزءا من العائلة لأنها تدخل كل بيوت، ولكن وجدت أن (عبد الغفور) قد يكون قدوة للأولاد الذين لم ينالوا قسطا من التعليم، واستطاع أن يحقق النجاح رغم أنه غير متعلم».

وتعد هذه الشخصية هى أحد أسباب شهرة الفنان الراحل نور الشريف فى مصر والوطن العربي، والذي كان فى الفترة الماضية أحد «أيقونات» مواقع التواصل الإجتماعى، إذا تم تداول مئات الصور والفيديوهات من المسلسل والحكم التي كان دائمًا ما يقولها المعلم إبراهيم سردينة -الفنان عبد الرحمن أبو زهرة- والذي كان بمثابة قدوته، «لن أعيش في جلباب أبي» إخراج أحمد توفيق وسيناريو وحوار مصطفى محرم، وشارك فى بطولته عبلة كامل، محمد رياض وحنان ترك.

«المال والبنون»

ويعد تتر بداية ونهاية مسلسل «المال والبنون» من أكثر الأغاني التي ارتبطت بذاكرة الجمهور، والتى مع سماعها فورًا يعلم أن هذه الموسيقى خاصة بهذا العمل، فهو من أشعار شاعر العامية الراحل سيد حجاب وموسيقى وألحان ياسر عبد الرحمن وغناء الفنان على الحجار، وتم تقديم المسلسل على جزئين على عامين متتالين، عرض الأول فى 1993 والثاني فى 1995، ولم يحظَ الأخير بنفس النجاح الكبير الذي حققه الأول، نظرًا لوفاة النجم عبدالله غيث وحل شقيقه حمدي غيث بدلا منه لأداء شخصية «عباس الضو»، والذي جاء أداؤه أقل، وأصبحت كلمته الشهير «عباس الضو بيقول لأ» أكثر العبارات العالقة فى أذهان الشباب، والذي نجح فى جذب المشاهدين لمتابعة حكاية وكيف حاول حماية أبنائه من المال الحرام.

ويعد اعتذار عدد من أبطال الجزء الأول عن استكمال شخصياتهم بالجزء الثاني شريف منير عن شخصية (فريد فراويلة) وحل محله وائل نور، فايزة كمال عن شخصية (فريال فراويلة) وحلت محلها جيهان نصر، حسن حسني عن شخصية (الصول شرابي) وحل محله محمد متولي، كما حل مظهر أبو النجا مكان محمد أبو الحسن في شخصية (أمين السجل)، كان أحد أسباب عدم نجاح الجزء الثاني، المسلسل من إخراج مجدي أبو عميرة وتأليف محمد جلال عبد القوي، وبطولة يوسف شعبان، أحمد عبدالعزيز،  شريف منير،  فايزة كمال وعايدة رياض.

«بوابة الحلواني»

يأتي مسلسل «بوابة الحلواني» والذي امتدت حلقاتها إلى (95) تم تقديمها على مدار أربعة أجزاء، تم عرضها خلال موسم رمضان بداية من عام 1992 حتى عام 2001، وهو واحد من الروائع الدرامية التي كتابها المؤلف الكبير محفوظ عبد الرحمن، رصد من خلالها التاريخ المصري والحياة الاجتماعية على مدار حقب زمنية من خلال عائلة «الحلواني» مختلفة بداية من حكم الخديو إسماعيل مرورًا بظهور الرموز الوطنية مثل: علي مبارك، رفاعة الطهطاوي، محمود سامي البارودي وأحمد عرابي، والصراعات السياسية وصولًا بعزل الخديوى إسماعيل من الحكم.

حقق العمل نجاحًا كبيرًا على مدار عرضه، ونجح فى جذب المشاهدين له حيث نقله صورة حقيقية للواقع المصري والصراعات القائمة، بجانب تتر «بوابة الحلواني» تأليف محفوظ عبد الرحمن وأشعار سيد حجاب وموسيقى وألحان بليغ حمدي والتى لاتزال الأغنية الأقرب إلى أذهان المشاهدين، وشارك فى بطولة المسلسل أحمد راتب، شيرين وجدي وعلى الحجار.

«حديث الصباح والمساء»

على الرغم من كون هذا المسلسل أصبح واحدًا من أهم الأعمال الدرامية التي قدمت، إلا أنه وقت عرضه، منذ 17 عاما، لم يحقق نجاحًا يذكر، نظرًا لعدم تقبل المشاهدين حينها فلسفة الموت والحياة هو موت شخص ووفاة شخص، وأعمال السحر التي كانت جديدة على الدراما، وزخم الشخصيات التي ضمها رائعة «حديث الصباح والمساء» والذي حققت نجاحًا كبيرًا بعد مرور سنوات على تقديمها، وأصبحت عمل قريب جدًا من قلوب المشاهدين لفهم الحياة والرسالة وأن الحياة لا تدوم لأحد.

المسلسل مأخوذ عن رواية «حديث الصباح والمساء» للكاتب الكبير نجيب محفوظ والتي صدرت عام 1987، وتمت إعادة إذاعته فى مسلسل تليفزيونى فى عام 2001، عكف على صياغتها دراميًا الكاتب محسن زايد لمدة عامين ورسم فوق مكتبه شجرة كبيرة تضم كل شخصيات المسلسل الذين جاؤا فوق 40 فردا لكل منهم حكاية، فالرواية الأصلية كانت عبارة عن كتاب مرتب بالحروف الابجدية تبدأ بأصغر حفيد وتنتهى بأكبر جد، وقامت «نجيب محفوظ» بشرح تفاصيل كل شخصية على حدة.

«حديث الصباح والمساء» من بطولة ليلى علوى، أحمد خليل، خالد النبوي، عبلة كامل، سامي العدل، دلال عبدالعزيز، سوسن بدر، توفيق عبدالحميد، محمود الجندي، سلوى خطاب، إبراهيم يسري، طارق لطفي، أحمد زاهر، محمد نجاتي، نيللي كريم، مها أحمد، أحمد رزق، موناليزا، جيهان راتب، حنان مطاوع، منة شلبي، وأحمد الفيشاوي، وتعد الادوار التي قدمها هؤلاء النجوم الأبرز فى تاريخهم ومشوارهم الفني لأنها رسخت في أذهان المشاهدين.

وهناك العشرات من الأعمال الدرامية التي قدمت فى سبعينيات و ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة، من بينهم «خالتى صفية والدير» و«سوق العصر» و«الضوء الشارد» و«ذئاب الجبل» و«ضمير ابلة حكمت» و«ارابيسك» و«زيزينيا» و«امراة من زمن الحب» وغيرها، التي قدمت على فترات زمنية مختلفة تمامًا عما نعيشه الآن من تطور تكنولوجي وتقني وفني إلا أنهم لا يزالون عالقين فى أذهاننا ويؤكدون بصفة مستمرة أنها هناك أزمة كبيرة فى الكتاب والمؤلفين فى تقديم روائع درامية تبقى رغم الفروق الزمنية، تناسب كل الأزمان وتحكى العقول والأذهان وترسخ لمفاهيم وقيم غائبة وتحكى عن الترابط الأسري والمشاكل الاجتماعية بطريقة تحترم المشاهدين وتناسب العائلة ولا تعتمد على الإسفاف والمشاهد والألفاظ الخارجة.

شارك الخبر على