"ولاية ديالى" وراء اعتداءات بغداد الأخيرة ثأراً لمقتل زعيم في التنظيم

أكثر من ٦ سنوات فى المدى

بعد أيام من مقتل قيادي بارز في شمال بغداد، بعمليات أمنية لملاحقة فلول التنظيم، بدأت الاجهزة الامنية تتلقى معلومات عن هجمات انتحارية محتملة في العاصمة.
تلك المعلومات أفادت بأنّ"داعش"قرّر الردّ على مقتل زعيمه باستهداف مناطق مكتظة بالمارة، وضرب أحياء سكنية شعبية.
وتمكنت تلك الاجهزة، بحسب مسؤولين، من اختراق الخلايا النائمة في بغداد ومنعت حدوث وقوع هجمات مخطط لها.
لكنّ ذلك لم كافياً على مايبدو فقد أفلت 3 انتحاريين وفجّروا أنفسهم بساحات عامة، وأسفر الهجوم عن مقتل وجرح أكثر من 100 شخص في أكثر الاسابيع دموية بعد إعلان تحرير مناطق سيطر عليها داعش منذ ٢٠١٤.
وينتقد أعضاء في لجنة الامن والدفاع البرلمانية، استرخاء الاجهزة الاستخبارية بعد إعلان النصر على داعش نهاية العام الماضي.
كما انتقدوا عدم تغطية بغداد بكاميرات المراقبة والاعتماد على كاميرات المحال التجارية والمنازل في التحقيق بالحوادث.
لكنّ اللجنة الامنية في بغداد تقول إن الكاميرات رصدت الانتحاريين، وأنها تغطي أغلب المناطق المهمة في العاصمة. كذلك أشارت اللجنة الى أن الازمة المالية عاقت إكمال مشروع منظومة المراقبة الإلكترونية.
وشهدت ساحة الطيران، صباح الإثنين الماضي، تفجيراً مزدوجاً أوقع أكثر من 80 قتيلاً وجريحاً بحسب إحصائية لوزارة الداخلية. ويأتي الخرق الأمني بعد تفجير انتحاري وقع، يوم السبت الذي سبقه، قرب ساحة عدن، غربي بغداد.
ولاية ديالى
ويكشف مسؤول أمني فــــــــــي بغداد، أن الهجمات كانت معلومــــــــــــة قبل أيـــــــــــــام من حدوث الهجوم، مبيناً ان "المعلومـــــــــــــات عن الانتحاريين فـــــــي العاصمـــــــة لاتتوقف منذ ســـــــــنوات".
وتتعامل الاجهزة الاستخبارية، تقريباً مع كل الاتصالات التي تردها عن احتمال وجود هجوم إرهابي في بغداد، لكن في بعض الاوقات يتم تجاهلها لكثرة المعلومات.
وقال المسؤول الأمني لـ(المدى) أمس"تصلنا يومياً عشرات المعلومات عن هجمات وانتحاريين في بغداد، ونقوم بعمليات استباقية لانكشف عنها حتى لانعطي تحذيرات لبقية المتورطين في تلك الحوادث".
وبسبب كثرة المعلومات يؤكد المسؤول"أحيانا يتمكن الإرهابيون من تنفيذ العمليات قبل اكتشافهم".
ونفذ الانتحاريون الثلاثة الهجومين الأخيرين، في وقت متأخر من الليل والثاني في ساعات الصباح الاولى، وهو أمر يعتبره المسؤولون مؤشرا على صعوبة الحركة لوجود متابعة أمنية.
المنفذون كانوا من خارج بغداد، بحسب المسؤولون الامني، ولم يكن لديهم حاضنة في العاصمة، كما لم يمضوا في بغداد أكثر من 24 ساعة قبل وقت التفجير.
ويتابع المسؤول، الذي اطلع على تقارير بخصوص الحادثين، ان"الانتحاريين قدموا من ديالى، ودخلوا من شمال العاصمة قبل ساعات من الهجوم. مافعلوه كان رد فعل على قتل قيادي بارز في داعش بديالى".
وبعد أيام من بداية العام الجديد، تمكنت القوات الامنية في ديالى، من قتل 17 عنصراً من داعش بينهم قيادي بارز في ما يعرف بـ"ولاية ديالى".
ويقول المسؤول الامني في بغداد :"العملية في العاصمة، سميت بـ(نصرة ولاية ديالى) بحسب منهج تنظيم داعش، وكانت تهدف لضرب أكبر عدد من المدنيين".
وكانت عملية"نصرة ديالى"تخطط لتوسيع رقعة الهجوم للوصول الى أحياء اخرى، من بينها مناطق في شرق بغداد المتكظة بالسكان. لكن المسؤول يقول :"تمكنا من إحباط عدد من الهجمات قبل حادثتي عدن والطيران".
ووقع الهجوم الاخير، غداة إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي لقائمة"ائتلاف النصر"لخوض الانتخابات المقبلة، وبعد نحو شهر من إعلانه"انتهاء الحرب"ضد تنظيم"داعش".
انتخابات واسترخاء
لكنّ المسؤول الامني في العاصمة يرفض ربط ماحدث بقرب الانتخابات، بحسب تفسيرات مراقبين وخبراء في الشأن الامني. وقال ان"داعش يريد إيهامنا بذلك، لكنه بالحقيقة يبحث عن القتل في أي وقت".
ودعا العبادي عقب الهجمات الاخيرة، الاجهزة الامنية إلى"ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة".
وتعدّ ساحة الطيران، وسط بغداد، التي شهدت هجوماً مزودوجاً، مركزاً تجارياً مهماً في العاصمة، ونقطة لتجمع للعمال الذين ينتظرون يومياً هناك، من الصباح الباكر، للحصول على عمل.
ويقول إسكندر وتوت، عضو اللجنة الامينة في البرلمان، ان هجوم الطيران، هو التاسع من نوعه خلال سنوات العنف في العراق.
ودعا وتوت، في تصريح أمس لـ(المدى)، الحكومة إلى"إيجاد مناطق بديلة تكون أكثر أمنا على حياة العمال البسطاء".
وكان آخر هجوم تعرض له عمال الأجر اليومي في"ساحة الطيران"وقع في آذار 2016، حيث استهدفتهم سيارة مفخخة أوقعت نحو 20 بين قتيلا وجريحا. وشهدت الساحة تفجيرات في أعوام 2005، 2006، 2007، 2008، 2012، 2013، 2014، 2015 أغلبها نفذت بانتحاريين وسيارات ملغمة.
وينتقد إسكندر عدم استثمار الحكومة النصر الذي تحقق على"داعش". وتابع"كان من المفترض متابعة الخلايا النائمة بعد النصر، وتنفيذ ضربات استباقية تشل حركة التنظيم".
كاميرات المراقبة
وتتعرض القوات الامنية الى انتقادات شديدة، بعد وقوع هجمات تحدث عقب فترة من الهدوء الامني، كما حدث في هجمات الكرادة في صيف 2016، حيث حُمّلت تلك الجهات المسؤولية بعدم نشر أجهزة متفجرات كانت مركونة بالمخازن لأسباب غير معروفة وقتها.
ويقول النائب إسكندر إنّ"المعركة الآن هي معركة معلومات، وبغداد لاتوجد فيها كاميرات مراقبة لمتابعة تحرك الانتحاريين، فالقوات الامنية تستعين بكاميرات أصحاب المحال التجارية الموجودة في المنازل".
لكنّ سعد المطلبي، عضو اللجنة الامنية بمجلس محافظة بغداد، يقول ان"كاميرات المراقبة رصدت منفذي الهجمات الاخيرة، وأرسلت أشرطة الفديو الى الاجهزة الامنية المختصة".
وفي نهاية 2016، أعلن محافظ بغداد السابق علي التميمي افتتاح منظومة كاميرات مراقبة في العاصمة، تعمل على مدار 24 ساعة.
ويؤكد المطلبي لـ(المدى) امس، ان"هناك أكثر من 600 كاميرا الآن منتشرة في معظم انحاء العاصمة"، مبينا ان المنظومة تغطي 40% الآن من مساحة بغداد.
وتطمح حكومة بغداد الى زيادة عدد الكاميرات الى اكثر من الضعف، لكن المسؤول المحلي يقول ان"الضائقة المالية تعيق إكمال المشاريع".

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على