من سوريا إلى ليبيا واليمن.. دور "مشبوه" للأمم المتحدة

أكثر من ٦ سنوات فى البلاد

استمرار حمام الدم في سوريا والعنف في ليبيا والأزمة اليمينة لسنوات طويلة، يعكس حتما في أحد جوانبه نهج الأمم المتحدة في التعامل مع الملفات الساخنة في العالم، الذي تدرج من فشل وعجز إلى تخاذل وصولا إلى التواطؤ في بعض الحالات.

واقترن تعامل الأمم المتحدة مع هذه الملفات الساخنة بالإعراب المستمر عن القلق، وتعيين مندوبين دوليين لمناطق النزاع، وفي حين كان المتغير الأبرز تناوب عدد من "الموظفين" على هذا المنصب في سوريا واليمن وليبيا، كان الثابت الوحيد استمرار الأزمات والعنف.

وبات إعراب الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون وخلفه أنطونيو غوتيريس عن قلقهم مثار تهكم للمتابعين، بينما أثيرت شكوك حول آلية عمل مندوبي المنظمة إلى مناطق النزاع والمنظمات المرتبطة بها، لاسيما بعد سلسلة من الفضائح والإخفاقات.

ليبيا.. تعقيد الأزمة بدل حلها

وفي ليبيا، تعاقب على تمثيل الأمم المتحدة منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، أربعة شخصيات، لم يفشلوا فقط في حل النزاع بل عمدوا إلى تأزيم الموقف، وتمكين الميليشيات والجماعات المرتبطة بالإخوان من إحكام قبضتها على مناطق سيطرتها.

ويبرز في هذا السياق، تحالف ميليشيات مع المجلس الرئاسي الذي تمخض عن اتفاق منقوص رعاه مبعوث الأمم المتحدة السابق، مارتن كوبلر، في الصخيرات بالمغرب في ديسمبر 2015.

وبعد أن كان المشهد في ليبيا تتصدره حكومة شرعية برئاسة عبدالله الثني منبثقة عن البرلمان وسلطة قوى أمر واقع متحالفة مع جماعات متشددة، أوجد الاتفاق المنقوص سلطة ثالثة هي حكومة فايز السراج.

والسراج اتخذ من العاصمة الليبية طرابلس مقرا لحكومته بعد أن تحالف، بمباركة كوبلر، مع الميليشيات التي قاتلت الجيش الليبي الوطني، ما يطرح علامات استفهام عن نهج الأمم المتحدة.

وبعد نحو عامين على اتفاق الصخيرات، لاتزال ليبيا تعاني من العنف والفوضى وتعاظم نفوذ الميليشيات والانقسامات دون أي تغيير في المشهد، باستثناء تعيين غسان سلامة مبعوثا للأمم المتحدة خلفا لكوبلر.

سوريا.. فشل ذريع

أما سوريا، فتعد بدورها دليلا واضحا على عجز الأمم المتحدة التي عينت أكثر من مبعوث فشلوا جميعهم في التعامل مع النزاع الذي حصد منذ مارس 2011 أكثر من 350 ألف قتيل وشرد الملايين.

وعجز الأمم المتحدة عن إدارة الملف وتخبط بعثتها في التعاطي مع الفرقاء والانحياز للنظام في أكثر من مناسبة والتعامل الخاطئ مع الجماعات المتشددة، ساهم في إطالة أمد النزاع الدامي.

واكتفت الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثيها الذين تعاقبوا على المهمة وآخرهم ستيفان دي ميستورا بعقد جلسات صورية في جنيف، بينما كانت آلة القتل تحصد مزيدا من الضحايا والدمار.

ولم يقف تخبطها عند هذا الحد، فقد اتهمت مرارا بالتعاون مع منظمات محلية مرتبطة بالنظام خلال عمليات توزيع المساعدات، ما أدى إلى بروز فضائح عدة، بينها وصول مواد غذائية غير صالح للاستخدام البشري لمناطق محاصرة.

وكانت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة شاهدة بل راعية لتغيير ديمغرافي في المناطق السورية، قادته إيران التي تعد الداعم الأبرز للرئيس السوري بشار الأسد، والساعية إلى التوسع بالمنطقة عبر نشر الفوضى ودعم الجماعات المتشددة.

وفشل الأمم المتحدة شجع دول فاعلة بالنزاع السوري هي روسيا وإيران الداعمتان للنظام وتركيا المساندة لفصائل معارضة، إلى خلق مباحثات موازية لجنيف، ألا وهي مفاوضات أستانة.

ورغم أن الملف السوري بات خارج سيطرة الأمم المتحدة حيث تعمل الدول الفاعلة على تثبيت نفوذها في الميدان السوري بعد اتفاق مناطق التهدئة، فإن دي ميستورا لايزال مصر على لعب دور المبعوث الدولي الذي بات أشبه بدور شاهد الزور.

اليمن.. انحياز وكذب

في اليمن، عملت الأمم المتحدة من حيث تدري أو لاتدري على قلب الحقائق ونشر معلومات مضللة كان آخرها الفضيحة المتمثلة بتقرير "غير دقيق ومضلل" عن التحالف العربي الداعم للشرعية.

والتحالف العربي الذي أطلق بقيادة السعودية عام 2015 بناء على طلب من إدارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، جاء كنتيجة حتمية لفشل الأمم المتحدة متمثلة بمندوبها جمال بنعمر.

وكان بنعمر اتخذ موقفا منحازا ومتخاذلا قبل عام أمام اجتياح قوات صالح وميليشيات الحوثي المرتبطة بنظام ولي الفقيه في إيران للعاصمة صنعاء والانقلاب على الشرعية، ضاربة العملية الانتقالية في هذا البلد.

وسمح موقف الأمم المتحدة المتخاذل، والتي كان من المفترض أن تشرف على العملية الانتقالية بعد تنحي الرئيس علي عبد الله صالح، أن تسقط البلاد في قبضة الميليشيات المذهبية والفوضى.

وأمام عجز أو حتى تواطؤ الأمم المتحدة على وقف انهيار العملية الانتقالية وانهيار الدولة، طلب هادي مساندة دول الجوار، التي سارعت إلى تشكيل تحالف عربي نجح في الأشهر الأولى في إعادة مناطق واسعة من البلاد إلى حضن الشرعية.

وضخ التحالف في موازاة دعمه العسكري للجيش الوطني ذلك مليارات الدولارات لإعادة إعمار ما دمرته الميليشيات الانقلابية من مرافق عامة وطبية، وبنى تحتية وإعادة العجلة الاقتصادية للبلاد.

وقابلت الأمم المتحدة التضحيات الجمة التي قدمها التحالف العربي لحماية اليمن من السقوط في الفوضى وقبضة الميليشيات المذهبية والسير قدما بالعملية السياسية بسلسلة من الضربات الغادرة.

وكان آخرها تقرير اعتمد على معلومات مضللة، حسب ما قال مندوب السعودية في المنظمة الدولية عبدالله المعلمي. والاعتماد على المعلومات الكاذبة والمضللة ليس بالأمر المستغرب.

فسجلات الأمم المتحدة في هذا السياق حافلة بتقارير مغلوطة بسبب اعتمادها على منظمات ومؤسسات محلية إما خاضعة لقوى أمر الواقع المتمثلة بالحالة اليمنية بالميليشيات المسلحة، أو موالية لقوات مرتبطة بنظام شمولي يعمل على استمالتها عبر سياسة العصا والجزرة.

وتحولت بذلك الأمم المتحدة إلى سلاح بيد الميليشيات المتمردة ضد الشرعية والتحالف العربي الذي يحرص على العمل وفق المواثيق الإنسانية والتعاون مع الأمم المتحدة وحماية المدنيين.

شارك الخبر على