هل تحرق التعاقدات المسبقة نجاح «علي الزيبق» في ٢٠١٨؟

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

بإطلالة مختلفة وأداء متميز، لفت إليه أنظار جمهور كان قد وضع اسمه على رأس قائمة حظر سوداء شديدة الحراسة، نظرًا لعدم توافق ما يقدمه مع ما يبحثون عنه وينتظرونه من رسائل وقيم فنية هادفة، حتى جاء «على الزيبق» وقلب كل الموازين، مقدمًا «الأسطورة الرمضانية» في ثياب رجل شجاع يعادي التملق ويحارب الظلم والطغاة وينصر المظلوم، ذلك البطل الشعبي المناضل الذي تحاكي به التراث المصري، كنموذج نجح في تحقيق قيمة العدل في ظل الفساد المتوغل إبان العثمانيين.

شخصية «الزيبق» الأسطورية في «الكنز»، غيرت خريطة النجم محمد رمضان الجماهيرية، واتسعت رقعتها لتشمل المثقفين والمبدعين وفئات أخرى متنوعة من الجماهير العاشقة والمتذوقة للسينما والفن الراقي، بعد أن كان قاصرًا فقط على فئة جمهور العيد المؤقتة، ما يعكس ذكاء ورؤية النجم الأسمر، وتعلمه من أخطائه السابقة بحصر نفسه في دور «البلطجي»، إذ قرر في الوقت المناسب، تغيير جلده والانتقال إلى مرحلة تقديم الأدوار المؤثرة التي تترك علامة بارزة في تاريخ السينما، وكانت البداية الحقيقية من شخصية «علي الزيبق» بكل ما تحمله من أبعاد تاريخية وسياسية واجتماعية.

النتيجة جاءت سريعة، وعكستها إشادات الجماهير والنقاد، مؤكدين جميعًا حدوث ميلاد جديد للفنان محمد رمضان، على يد المخرج الكبير شريف عرفة، لتصبح سنة 2017 الأوفر حظًا فنيًا للنجم الأسمر، على مستوى القيمة والتأثير، بعيدًا عن الإيرادات التي خذلت طموحه في اعتياد اعتلاء القمة، منذ «آخر ديك في مصر» مرورًا بـ«جواب اعتقال» حتى عرض «الكنز» الذي احتل المركز الثاني ببورصة الإيرادات، لعوامل عديدة خارج إطار الأداء المتميز لأسرة العمل، منها عدم ملاءمة الفيلم لطبيعة جمهور العيد، بخلاف طول مدة العرض الواحد التي وصلت إلى ثلاث ساعات، وبالتالي قلة عدد الحفلات بالسينمات.

لكن السؤال الأهم، الذي ردده جمهور «على الزيبق» الجديد، هل يواصل محمد رمضان المسيرة، ويحافظ على هذه الاختيارات الواعية والأداء المبهر، أم سيمر مع الدور مرور الكرام ويعاود إحباطهم، في ظل التعاقدات المسبقة المتفق عليها قبل عرض «الكنز» وتحقيق هذا النجاح الكبير؟

«علي الزيبق» بين وحيد حامد والسبكي.. مصير مجهول

تلعب أسماء صناع العمل الفني خصوصًا المؤلف والمخرج والمنتج، دورًا هامًا ومؤثرًا في نظرة الجمهور والتصور المسبق تجاه هذا العمل المنتظر، وخلال الأشهر الماضية كشف محمد رمضان، عن عدد من التعاقدات التي أبرمها لعام 2018، أوضحت تسابق الشركات المنتجة على الفوز بتوقيعه، وأكدت أنه رقم صعب ومنافس قوي على الساحة الفنية حاليًا، رجحت صدق مقولته التي يرددها دومًا «رقم واحد فى مصر».

كانت أبرز تعاقدات النجم الشاب، فيلم «ديزل» المقرر عرضه في يناير 2018 مع المنتج أحمد السبكي، والمعروف بميوله إلى الأعمال التجارية، ومن ثم تعاقده مع شركة «نيو سينشري» لإنتاج فيلم «بطل العالم» من تأليف محمد عبد المعطي، ومن المقرر أن يتم عرضه فى عيد الفطر العام القادم.

وبالنظر إلى قائمة الأعمال التي أنتجتها شركة «نيو سينشري»، نجد أن جميعها أفلام تحمل طابعًا خفيفًا بعضها كوميدي والآخر شعبي، وأبرزها «عنتر وبيسة، نظرية عمتي، على جثتي، صنع في مصر، القشاش»، وجميعها أفلام لم تنجح في أن تفرض نفسها كعلامة فارقة في تاريخ السينما.

ويأتي التعاون الأهم والأبرز لـ«رمضان»، مع الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، كونه أحد الأعمدة التاريخية في السينما المصرية، وذلك من خلال الفيلم المنتظر والمخصص له ميزانية ضخمة «سري للغاية»، الذي يؤرخ لأحداث المرحلة المعقدة من بعد ثورة 25 يناير عام 2011 وحتى قيام ثورة 30 يونيو عام 2013.

محمد رمضان غير جلده.. ولكن!

حبس النجم محمد رمضان، نفسه في دور «البلطجي»، من خلال العديد من الأفلام أبرزها «عبده موتة» و«الألماني» و«قلب الأسد»، وغيرها من الشخصيات التي جسدها وألصقت الصفة في ذهن الجماهير لسنوات، قبل يأتي «الكنز» ويحقق نقلة نوعية في تاريخه الفني.

يقول الناقد الفني طارق الشناوي، لـ«التحرير»، إن محمد رمضان، قدم خلال «الكنز» دورًا جيدًا للغاية في واحد من أهم الأفلام التي عرضت في الفترة الأخيرة، متوقعًا عدم استمراره على نفس الوتيرة.

وأوضح الشناوي أنه رغم النقلة التي حققها «رمضان» في الفيلم الأخير، فإنه لن يتغير شيء في المستقبل، لأنه متعاقد مسبقًا على عدد من الأفلام والمسلسلات التي يتم تحضيرها لعام 2018.

في حين راهنت الناقدة الفنية حنان شومان على نباهة وذكاء محمد رمضان، مؤكدة أنه «ممثل ذكي ومجتهد وناجح، لذلك أدرك أن عليه تغيير جلده والعمل مع مخرجين وكتاب جدد»، مشيدة بظهوره المميز في «الكنز».

«الأسطورة» والجمهور.. رسالة غامضة

وجه محمد رمضان، خلال الأيام الماضية رسالة غامضة إلى جمهوره، تسببت في حيرة الكثيرين حول غرضها وتوقيتها، وما إذا كانت تمهيدًا للعودة إلى سابق عهده، واختيار أدوار يحتل بها شباك التذاكر من جديد بغض النظر عن المضمون، أم تأكيد لمواصلة طريقه الجديد وتقديم أدوار أنجح على غرار «علي الزيبق»، دون أن يضع الإيرادات في الحسبان.

«الناس مش متعودة إني أكون في مركز غير الأول، سواء بفيلم أو مسلسل أو مسرحية أو حتى بإعلان»، من هنا بدأ رمضان رسالته عبر" فيسبوك" لجمهوره، معبرًا عن إدراكه حجم صدمتهم من تراجعه في المنافسة، مستكملًا: «كان الأبسط بالنسبالي إني أعمل السنة ديه أفلام تجارية تحطم شباك التذاكر، وتشوف بعينك آثار نجاحها في الشارع، من قصات شعر وصور على التيشيرتات والعربيات والمنتجات والمحلات ولعب الأطفال وقنوات بأسامي أعمالي وشخصياتي».

وأضاف رمضان، كاشفًا عن جانب من رؤيته وخططه للمستقبل، قائلًا: «بعد تحقيق أعلى نقطة نجاح جماهيري في دراما 2016 (الأسطورة)، رؤيتي لـ2017 اتغيرت تمامًا، فقررت الهُدنة لمدة سنة واحدة من الأعمال التجارية الجماهيرية، وكان هدفي التنوع والدخول إلى جبهات جديدة بأفلام تُضيف لرصيدي الفني، وأكسب من خلالها جمهورا جديدا وأراضي مختلفة، وأثبت للجمهور والنقاد أن احترامكم واحترام بلدي لي أكبر من أَي نجاح تجاري».

واختتم «الأسطورة» رسالته بكلمات غير واضحة، ربط فيها بين 3 مراحل في مسيرته وربما تحول جديد، مؤكدًا: «جمهوري الغالي اطمن 2017 كانت سنة مهمة جدا، و2018 مفيهاش هُدنة.. ثقة في الله نجاح».

إشارات تحتمل الكثير من التأويلات حول مصير موهبة فذة -بشهادة النقاد- حائرة بين طريقين «صناعة التاريخ أم إرضاء الجماهير؟».. أسئلة وتنبؤات أثارها محمد رمضان في رسالته، هل سيعود إلى الأفلام التجارية، أم أنه يعلن تحديا جديدا، يراهن فيه على تقديم أعمال فنية يحقق من خلالها التوازن والمعادلة الصعبة «التاريخ والجماهيرية»؟ لكن يبقى حسم الإجابة على هذه التساؤلات في «رمضان» وحده، عبر أعماله واختياراته الفنية القادمة.

شارك الخبر على