"النووي" وسيناريوهات الحرب العالمية بعد الاستفتاء الروسي

أكثر من سنة فى الرأى

ماذا لو اختار سكان المناطق الأوكرانية التي تشملها الاستفتاءات، روسيا؟ ألا يعني ذلك أن أي اعتداء عليها يصبح بمثابة الاعتداء على موسكو؟

سيناريو يفرض نفسه بقوة في ظل تواصل استفتاءات الانضمام التي بدأت الجمعة في أربع مناطق تسيطر عليها موسكو بأوكرانيا.

استفتاءات تجري في دونيتسك ولوغانسك بشرق أوكرانيا، كما في منطقتي خيرسون وزابوريجيا الواقعتين جنوبا، قد تعيد رسم الخارطة الجغرافية والديمغرافية لحرب بدأت منذ أكثر من 6 أشهر ولا تزال عاجزة عن رسم نهاية حقيقية.

ففي محطة تطوقها الضبابية من النزاع، وبينما تواصل موسكو تعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط، تبدو المحطات المقبلة ملغومة في وقت يخشى فيه العالم أن يكون السلاح النووي هو الملجأ الأخير، أو أن يتوسع نطاق الحرب ليشمل أطرافا أخرى، أو الطرحين معا.

وما بين تحليلات مختلفة ورؤى متباينة لحقيقة الموقف، تظل هناك وقائع على الأرض وتطورات متلاحقة تتحكم في رسم المشهد وتداعياته، لكن الثابت في الوقت الراهن هو أنه في حال حصلت موسكو على "نعم" في استفتاءات الانضمام، فإن السيناريوهات ستتجاوز جميع حدود التشاؤم والرعب.

مراقبون يرون أن ضم مناطق الاستفتاءات لروسيا سيعني آليا انزلاق المعارك واتساع رقعتها مع تدخل فاعل محتمل لحلفاء أوكرانيا، ما يدفع العالم نحو الطرح المرعب نفسه: حرب عالمية ثالثة لا يستبعد استخدام السلاح النووي فيها.

سيناريوهات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبق أن هدد باستخدام "جميع الوسائل" المتاحة، ما أثار مخاوف من اندلاع صراع نووي لأول مرة منذ 1945.

ومن منطلق إدراكه لجدية التهديد، شكل الرئيس الأمريكي جو بايدن، فريقًا من متخصصين مدنيين وعسكريين لتقييم المخاطر والردود، محذراً روسيا من أنه "لا يمكن الانتصار" في الحرب النووية.

جيمس كاميرون من "أوسلو نوكليير بروجكت"، يرى، في حديث لفرانس برس، أنه "من المستبعد جدًا أن يستخدم بوتين ترسانة الأسلحة النووية الروسية الاستراتيجية القادرة على ضرب الولايات المتحدة، ويشعل فتيل حرب نووية مروعة".

لكن روسيا، القوة النووية الأولى في العالم، مع مخزون بنحو 4500 رأس نووية وفق تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، تمتلك أسلحة نووية "تكتيكية" أقل قوة من قنبلة هيروشيما.

وقد يقرر الرئيس الروسي تفجير أحد هذه الأسلحة النووية "الصغيرة" في المجال الجوي الأوكراني أو في البحر الأسود، وفقًا لعقيدة "التصعيد ووقف التصعيد" النووية الروسية المتمثلة باستخدام سلاح نووي خفيف أولاً للتفوق في حالة حدوث نزاع تقليدي مع الغرب.

كذلك يمكن أن يستهدف منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة في أوكرانيا أو منشأة عسكرية أوكرانية، بهدف ترويع السكان وحث أوكرانيا على الاستسلام، أو حتى حث الغربيين على إقناع أوكرانيا بالاستسلام، وفق الخبير وهو كاتب في صحيفة واشنطن بوست.

ما الدافع؟ أكد بوتين أنه قد يلجأ إلى الأسلحة النووية إذا تعرضت وحدة أراضي روسيا للتهديد، ولم يذكر ما إذا كان ذلك يشمل شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014 أو المناطق الأوكرانية الأربع التي يسيطر عليها الجيش الروسي جزئيًا خلال الحرب الراهنة.

ويرى المتخصص في الاستراتيجية النووية في البحرية الأمريكية سابقاً مارك كانسيان، أن هذا الغموض يعني أنّ الأمر لا يشمل دونباس وشبه جزيرة القرم.

وفي حديث لفرانس برس، اعتبر كانسيان، وهو حالياً خبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن "لا فائدة من إطلاق تهديد بهذا الغموض إذا كان الناس غير متأكدين مما إذا كانوا عرضةً فعلاً للتهديد أم لا".

ولم تلاحظ واشنطن أي تحرّك للأسلحة النووية يوحي بالإعداد لمثل هذه الضربة، وهو ما أكده المتحدث باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر، بالقول: "لم نر شيئًا من شأنه أن يغيّر موقفنا".

رد الغرب؟ منذ بدء الصراع في أوكرانيا، تحاول واشنطن تجنب أي تصعيد، وهو ما يتجلى من خلال عدم تدخلها عسكريا في الحرب، سواء بشكل مباشر أو في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

كما أن السلاح الذي أرسله حلفاء كييف إلى القوات الأوكرانية مدروس لتجنب أن تستخدم قنابل غربية لضرب هدف في الأراضي الروسية.

وفي السياق ذاته، بعثت واشنطن رسائل خاصة عدة إلى القادة الروس خلال الأشهر الماضية لثنيهم عن استخدام السلاح النووي، وفق ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.

غير أن هذه الرسائل لا تروق لجميع الحلفاء ممن قد يقدر بعضهم أن توجيه ضربة لموسكو يساعد في وضع الأمور بنصابها وحسم النزاع لصالح كييف.

واقترح ماثيو كروينيغ، المستشار الاستراتيجي السابق للبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية، أن ترد الولايات المتحدة بضربة تقليدية على القوات أو القاعدة العسكرية الروسية التي انطلقت منها الضربة النووية.

كما حث أيضا على بتعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا بأنظمة مدفعية بعيدة المدى مثلاً امتنعت واشنطن حتى الآن عن تزويد كييف بها.

فهل تدفع التطورات الراهنة واشنطن إلى خطوة مماثلة مع ما يعنيه ذلك من إمكانية التسريع بالحرب العالمية الثالثة؟

شارك الخبر على