حكايات ٧ فنانين مع ثورة يوليو.. أحدهم بكى وأخرى رحلت من مصر

أكثر من ٦ سنوات فى التحرير

«الحركة المباركة»، هكذا عرفت ثورة 23 يوليو عام 1952 التي انتفض فيها الشعب المصري بقادته ومواطنيه ضد النظام الملكي، وكان من أهم مبادئها القضاء على الاستعمار والإقطاع وسيطرة رأس المال على الحكم، وكذلك إقامة جيش وطني قوي وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان إقامة حياة ديمقراطية سليمة.

وكما تؤثر قيام الثورات على المواطنين العاديين، تؤثر كذلك على نجوم الفن، بل في بعض الأحيان قد يتضح الوجه السياسي للفنان بمشاركته في مثل تلك الأحداث أو حتى رأيه عنها سواء بالموافقة أو الاعتراض، وهو ما حدث بالظبط في ثورة 23 يونيو، حيث أيدها البعض ورفضها آخرون وظهر تأثيرها على الكثيرين، وهو ما نستعرضه فيما يلي..

1- محمد فوزي

كان الفنان الراحل محمد فوزي، واحدا من أوائل الفنانين الذين دعموا ثورة 23 يوليو وشاركوا فيها، واشترك في إحدى الفعاليات المسئولة عن جميع التبرعات من المواطنين لدعم الجيش المصري، وأهدى مصر بمناسبة الثورة أغنيتي «بلدي أحببتك وكان وإن» اللتان حكى فيهما عن 23 يوليو، وبعد نجاح الثورة أسس شركة «مصر فون» عام 1958، وكانت متخصصة في الأسطوانات، ليتم بيعها للمصريين بـ35 قرشًا، وللأجانب بضعف الثمن، لكن في عام 1960 أصدر جمال عبد الناصر القوانين الاشتراكية، التي بموجبها تم تأميم الشركة وضمها للدولة.

كان تأميم «مصر فون» ضربة قاسية لفوزي، إذ حكى المصور الشهير فاروق إبراهيم عن هذا الموقف في مذكراته، موضحًا أن فوزي في إحدى الأيام ذهب لشركته فوجد رجلا يجلس في مكتبه، بينما خصص له هو مكتبًا صغيرًا بجوار دورة المياه كان يجلس فيه الساعي المكلف بخدمته، وحدد راتبه بـ100 جنيه فقط شهريًا، وعندها رفض فوزي الجلوس بالشركة وانصرف إلى منزله، وأثر ذلك في نفسيته كثيرًا، ويقال أن تلك الأزمة كانت سببًا في المرض النادر الذي أصيب به، إذ تسبب له في فقدان الوزن الشديد وتليف الغشاء الداخلي للبطن إلى أن رحل بعد صراع مع المرض.

2- أحمد مظهر

رغم أنه تخرج في الكلية الحربية عام 1938 مع الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، ووصل إلى درجة عقيد، وكان واحدًا من حركة الضباط الأحرار التي قامت بالثورة؛ فإن الفنان أحمد مظهر لم يشارك فيها، وكان السبب مشاركته وقتها في دورة الألعاب الأوليمبية في هلسنكي لسباق الخيل، ولذلك لُقب بـ«فارس السينما المصرية»، وبعد نجاح الثورة، أسند له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قيادة مدرسة الفرسان.

3- محمد رشدي

«قولوا لمأذون البلد ييجي يتمم فرحتي.. ويهني قلبي اللي انسعد ويّا جميل من قسمتي»، كانت تلك الأغنية سببًا في نجاح وشهرة الفنان الراحل محمد رشدي، الذي حمل لقب «مطرب الثورة»، عقب إطلاق الأغنية في الراديو، حيث تزامن مع ليلة قيام ثورة 23 يوليو، ويقال إن وراء الكواليس كانت توجد حكاية مثيرة، فعندما ذهب محمد رشدي لمبنى الإذاعة بشارع الشريفين لأداء فقرته الغنائية، فوجئ بالدبابات تملأ الشوارع وأخبره رجال الثورة بأن فقرته ألغيت بسبب الأحداث، وهنا لم يستطع رشدي تمالك نفسه فبكى، ما أثار تعاطف الموجودين فسمحوا له بالغناء، وقالوا له «ماذا ستغني؟»، فأجاب: «قولوا لمأذون البلد»، فردوا عليه: «غني فاليوم فرح».

4- فاتن حمامة

كان لسيدة الشاشة العربية موقفًا معارضًا لثورة 23 يوليو، ما عرضها لحرب شرسة من السلطة وقتها، حتى أنها اضطرت لمغادرة مصر في الفترة ما بين عامي 1966 وحتى 1971، بسبب تعرضها لضعوط سياسية أثناء فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وفي تلك الفترة كانت تتنقل بين بيروت ولندن، وقالت في تصريحات صحفية إن السبب الرئيسي لرحيلها من مصر في تلك الفترة: «ظلم الناس وأخذهم من بيوتهم ظلمًا للسجن في منتصف الليل، وأشياء عديدة فظيعة ناهيك عن موضوع تحديد الملكية»، ورغم مغادرتها عن مصر فالرئيس الراحل عبد الناصر طلب من بعض الكتاب والنقاد إقناعها بالعودة، ووصفها بأنها «ثروة قومية»، ومع ذلك رفضت الرجوع حتى عام 1971 بعد وفاة عبد الناصر.  

5- أم كلثوم

«مطربة الملك»، لقب أُطلق على كوكب الشرق أم كلثوم بعد أن غنت أمام الملك فاروق «يا ليلة العيد»، ما جعل البعض يصنفها من معارضي الثورة، وهو ما دفع عبد الناصر إلى منع أغانيها من الإذاعة واستبعادها من انتخابات نقابة الموسيقيين وتعيين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بدلًا منها، ما دفعها إلى إعلان اعتزالها، إلا أن الرئيس جمال عبد الناصر أقنعها بالعدول عن هذا القرار، ما أثر فيها كثيرًا فرجعت عن قرارها، وقدمت للرئيس الراحل عدة أغاني، من بينها: «بعد الصبر ما طال نهض الشرق وقال حققنا الآمال برياستك يا جمال»، و«يا جمال يا مثال الوطنية أجمل أعيادنا المصرية برياستك الجمهورية»، وفي عام 1952 ترأست كوكب الشرق اللجنة المشرفة على وضع واختيار السلام الجمهوري، وأيدت النشيد الذي أعده عبد الوهاب.

6- عبد الحليم حافظ

«صوت الثورة»، هكذا عرف العندليب عبد الحليم حافظ، بسبب دوره الملحوظ في ثورة 23 يوليو، إذ شهدت الثورة ميلاده بإطلاق أول أغانيه الوطنية «إحنا الشعب»، ليشدو بعدها بأكثر من 66 أغنية وطنية تعاون فيها مع أشهر الملحنين والكتاب، وأصبح مطرب الثورة والشعب دون منازع، حتى أنه تغنى باسم الرئيس الراحل عبد الناصر قائلًا: «ناصر يا حرية.. أبو خالد نوارة بلدي.. ريسنا ملاح ومعدينا عامل وفلاح من أهلينا.. ضربة كانت من معلم خلت الاستعمار يسلم»، وفي الذكرى العاشرة للاحتفال بالثورة، قدم العندليب أغنيتي «مطالب الشعب وصورة» للراحل صلاح جاهين.

7- نجمة إبراهيم

الفنانة الراحلة نجمة إبراهيم، كان لها موقفًا داعمًا لثورة يوليو، حتى أنها تبرعت بإيراد حفل افتتاح فرقتها المسرحية بالكامل لتسليح الجيش في الخمسينات، بعد إعلان جمال عبد الناصر قراره بكسر احتكار السلاح، واستيراده من دول الكتلة الشرقية بعد رفض الغرب تسليح مصر، وقرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر علاجها على نفقة الدولة بإسبانيا عام 1965 لمعاناتها من ضعف شديد في البصر، وبعد شفائها وعودتها من إسبانيا قالت في تصريحات صحفية: «كنت أخشى أن يذهب النور من عيني في الوقت الذي يشع فيه النور أمام مستقبل مسرح بلادي، فأنا أحس أن الدور أمامي طويل في هذه النهضة المسرحية، وأشعر الآن بمدى العرفان لرئيسنا العظيم الذي شمل الفنان برعايته».

شارك الخبر على