جمعة فلسطينالموت يلاحق المقاومة.. و«الأقصى» يتأهب للاشتعال

ما يقرب من ٧ سنوات فى التحرير

لا يزال الفلسطينيون يعيشون صراعًا طويل الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث تلاحقهم صواعق الموت دون سابق إنذار، وسط صمت المجتمع الدولي، الذي يرفض توجيه أصابع الاتهام إلى الكيان المغتصب، ما دفع الشارع الفلسطيني إلى اتخاذ قرارًا بالثأر لنفسه.

بالأمس، عكف الشباب الفلسطيني على منع شرطة الاحتلال من التوغل إلى الأراضي المقدسة لإحياء صلوات تلمودية يهودية بالمسجد الأقصى، لكن المواجهة انتهت بشكل مأساوي صباح اليوم، وحولت آمال الفلسطينيين إلى كابوس، ما قد ينذر بانتفاضة جديدة قد تشعل لهيبًا لا يمكن إخماده.

في المقابل أغلق الجنود الإسرائيليين مداخل البلدة القديمة ومنعوا المواطنين من الدخول أو الخروج، ووضعوا السواتر الحديدية، وسط توتر شديد يسود شوارع وأزقة المدينة.

لم يكتف الشارع الفلسطيني بالصمت حيال تلك الخطوة التصعيدية، بل قرر أن يقف في وجه الطغيان ويتصدى لتلك الممارسات عبر المواجهة المباشرة، لتنتهي باستشهاد 3 فسلطينيين وشرطيين إسرائيليين.

شرطة الاحتلال قررت الثأر لأبنائها، وقامت بالاعتداء على المصلين الذين توافدوا لأداء صلاة الجمعة على أبواب الأقصى، واعتقلت المفتي العام الفلسطيني محمد حسين، الذي دعى إلى شد الرحال للأقصى والتواجد على الحواجز لإقامة صلاة الجمعة.

دعوات مفتي الأقصى لاقت ترحابًا شديدًا من الفلسطينيين، الذين دأبوا بالتوافد مجددًا على الأقصى في مسعى منهم لتحريره من الاحتلال الذي قرر إغلاقه حتى إشعار آخر.

ووسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها الشرطة الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى بعد العملية، رفع المصلون أذان الجمعة، وأقاموا الصلاة على الإسفلت، وسط درجات حرارة مرتفعة، وخلف الحواجز الحديدية التي نصبها عناصر الشرطة، في رسالة تحد لقرار سلطات الاحتلال بإغلاق أبواب الحرم أمام المصلين.

لكن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، سارع بالرد على القرار بالقول: إنه "تم إغلاق المسجد ليوم واحد".

ولم يحدث قرار إغلاق المسجد الأقصى منذ 48 عامًا، و سيكون للمرة الثانية، عندما أحرق المسجد الأقصى، نتيجة حريق هائل شب بداخله، أسفر عن تدمير محتوياته، و وصل الأمر حينها إلى مواجهات عنيفة أسفرت عن سقوط مئات الشهداء.

فهل يتكرر سيناريو 1969؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد على ضرورة إغلاق المسجد الأقصى بالكامل، وحظر إقامة الصلاة فيه، وهو ما قد يمهد لحرب جديدة ستكون عواقبها كبيرة نظرًا لأن المسجد الأقصى هو قبلة المسلمين.

وفي هذا الصدد، بدأت شرطة الاحتلال باحتجاز 12 حارسًا من حراس المسجد، إضافة إلى مصادرة هواتفهم، خشية إثارة "حماس" الفلسطينيين الغاضبين.

المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية، أفادت بأن قرار منع الصلاة بالأقصى "صائب"، وذلك بعد هجوم 3 شبان فلسطينيين على أفراد من الشرطة في باب الأسباط، ما أدى إلى إصابة 3 ومقتل اثنين.

أما القائد العام للشرطة الإسرائيلية في القدس يهورام هاليفي، أكد أن القرار تم بعد تلقيه مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قرر بمقتضاها إغلاق أبواب المسجد، و إخلاءه من الملصين لدواعي أمنية.

على جانب آخر، استنكرت الحكومة الفلسطينية، الإجراءات التي فرضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس عقب هجوم البلدة القديمة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية طارق رشماوي: إن "هذه الإجراءات هي ممارسات إرهابية تتعارض مع القيم والأعراف الإنسانية وتدمر المساعي الدولية والجهود الأمريكية لإحياء عملية السلام"، وقد تزيد من الاحتقان وتتسبب في تفجُر المنطقة.

في الوقت نفسه، استبعد محللون سياسيون انطلاق جولة جديدة من مفاوضات السلام الفلسطينية -الإسرائيلية في المدى القريب، رغم لقاءات مبعوث إدارة ترامب لعملية السلام مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين.

الكاتب والمحلل السياسي، هاني حبيب، قال: إنه "لا يتوقع جولة جديدة من المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بالرغم مع اللقاء الذي عقد الخميس بين الرئيس محمود عباس، والمبعوث الأمريكي لعملية السلام جيسون غرينبلات في رام الله، واللقاء الثنائي الذي كان عُقد الثلاثاء بين أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان..

ويرى أن أي رهان على المفاوضات هو رهان خاسر للقضية الفلسطينية"، وأن التحركات الأمريكية تأتي في سياق الإيهام بأن هناك تقدمًا على صعيد المفاوضات لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن دون سعي حقيقي من الجانب الأمريكي لتحقيق ذلك

من جانبه عكف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على إجراء اتصال هاتفي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعرب خلاله عن إدانته الشديدة لأحداث العنف في الأقصى، مؤكدًا أن تلك الهجمة قد تعرقل مساعي عملية السلام، ليجيب عليه نتنياهو بالقول: "يجب تهدئة الأمور من جميع الأطراف".

صحيفة "يديعوت أحرونوت" أكدت على ضرورة التعامل بحكمة وهدوء مع الهجوم الذي وقع لأول مرة في باحات المسجد الأقصى منعًا لإمكانية انفجار الأوضاع واشتعالها مجددًا.

وقالت "الصحيفة": إن "الهجوم يتطلب معاملة واهتماما خاصا، والتعامل مع الآثار المترتبة عليه فورا لمنع مزيد من التدهور والتوهج الذي قد يقود للانفجار".

ونوهت إلى ضرورة التأكد قبيل أي خطوة من ضرورة فهم فيما إذا كان المنفذين استخدموا أسلحة كانت داخل المسجد الأقصى، أم أنه تم إدخالها ليلا، وهو المرجح بشكل أكبر، مشيرة إلى أنه بعد انتهاء التحقيقات يجب رفع شكوى ونسخة منها إلى الحكومة الأردنية التي ترعى دينيا وإداريا المسجد الأقصى.

تحذيرات الصحيفة الإسرائيلية يبدو أنها تتحقق تباعًا، حيث أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أن قرار الاحتلال إغلاق المسجد الأقصى المبارك، ومنع إقامة صلاة الجمعة في رحابه اليوم، هو تصعيد خطير مرفوض ومدان، داعية أبناء الشعب الفلسطيني لشد الرحال إلى "الأقصى" والرباط فيه.

أما حركة "حماس" الإسلامية، فقد باركت العملية التي وقعت في المسجد الأقصى، وأكدت أن عملية القدس رد طبيعي على الإرهاب الإسرائيلي وتدنيسه لبيت الله.

ومن هذا المنطلق، يجب التأكيد على أن الشعب الفلسطيني سيواصل ممارساته ضد الكيان الإسرائيلي من أجل استرداد أراضيه التي اغتصبت بمباركة المجتمع الدولي.

 

شارك الخبر على