جيهان السادات.. «الخوجاية» التي عشقت «الفلاح» تشرشل كاد يفسد زواجهما

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

كتب- عمر حسن:15 عامًا هى عمرها حينما التقت محبوبها، الذي لم يكن وسيمًا، بل كان «خمريًا يميل إلى الحمرة»، على حد وصفه لنفسه في كتابه «البحث عن الذات»، لكن ذلك لم يكن عائقًا أمامها كي يدق له قلبها، وينزله منزلة العشاق، رغم كونها في سن صغيرة، تحلم فيها الفتيات بالفارس الوسيم، الذي يأتي على جواده الأبيض لاختطافهن إلى دنيا الأحلام، فمن تلك التي تتخلى عن الحياة المترفة في منزل والدها، لتتزوج من شاب أسمر هارب، يكبرها بخمسة عشر عامًا؟

إنها جيهان صفوت رؤوف أو جيهان السادات، التي أصبحت فيما بعد سيدة مصر الأولى، في الفترة ما بين 1970 حتى أكتوبر 1981، حين امتدت يد الإرهاب لاغتيال زوجها ومُدللها الرئيس الراحل أنور السادات، لتكمل باقي حياتها دون زواج، حاملةً في جعبتها ذكريات سعيدة وأخرى مؤلمة، تتجرد فيها من لقب «السيدة الاولى»، وتسرح بخيالها لتذكر مسيرة كفاح خاضتها مع زوجها منذ نعومة أظافرها، لم تتخيل خلالها يومًا أن تكون «أهم سيدة في مصر».

- البداية

ولدت جيهان صفوت رؤوف في حيِّ الروضة بمدينة القاهرة يوم 29 أغسطس عام 1933م، لأم بريطانية مسيحيَّة هي السيدة (جيلاديس تشارلز كوتريل)، وأب مصري مسلم هو السيد صفوت رؤوف، وكانت الثالثة بين أربعة أطفال في أسرة والدها الصعيدي، الذي كان يعمل موظفًا بوزارة الصحة، فأخوها (مجدي) يكبرها بعشر سنوات، و(علي) بسبع سنوات، وداليا الأخت الصغرى، وذلك وفق الموقع الرسمي للرئيس محمد أنور السادات.

تلقت جيهان تعليمها الأول في مدرسة الإرسالية المسيحية خلال الأربعينيات، ثم درست بمدرسة الجيزة الثانوية في سن الحادية عشرة، إلى أن التقت السادات لأول مرة، وهي في سن الـ15، عن طريق زوج ابن عمتها (حسن عزت)، الذي كان زميلًا لأنور السادات في الجيش، وهو من استضافه في منزله وقت هروبه بعد قضية اغتيال أمين عثمان، وزير المالية، فوقعت في غرامه، وقررت الزواج منه، رغم أن لديه 3 بنات، من زوجته الأولى (إقبال).

قالت جيهان في حوار سابق لها مع مجلة «المصور»، إن أسرتها عارضت فكرة الزواج في بادئ الأمر، لكنها صممت، ودبّرت من أجل ذلك لقاءين له مع والدها ووالدتها، لكنه فشل في إقناع والدتها بسبب وصفه للزعيم الإنجليزي (تشرشل) على أنه (لص)، الأمر الذي أغضبها كونها بريطانية تحبه وتعتبره بطلًا، لكن في المقابلة الثانية تمكن من اجتذاب إعجابها بثقافته، لأنها كانت قارئة جيدة، تحترم المثقف، ولهذا السبب وافقت عليه.

بعد العام الأول من الزواج، وأثناء جلوس الزوجين معًا على النيل في كازينو (الروضة)، أقبل عليهما أحد العرافين، ومسح على يد الزوجة بـ(البودرة) لقراءة (الطلاع)، فقال لها: «ستنجبين أربعة أغلبهن بنات.. وستكونين أهم سيدة فى مصر»، وهنا قالت (جيهان) خلال حديثها لمجلة «المصور»: «وقتها ضحكنا كثيرًا، لكن كلامه ظل عالقًا فى ذهنى، وتعجبت جدًا عندما تحقق!».

- رحلة الصعود إلى عرش مصر

عاد السادات إلى صفوف الجيش، وشاركته زوجته أصعب اللحظات وأهمها، بداية من ليلة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952م، حينما اندلعت الثورة، مرورًا بالصراعات التي قامت داخل مجلس قيادة الثورة، إلى أن رافقته في زيارته المثيرة للجدل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حينما كان رئيسًا لمجلس الشعب المصري عام 1966م.

بزغ الدور العام لـ(جيهان) يتبلور بعد تعيين السادات نائبًا لرئيس الجمهورية في التاسع عشر من ديسمبر عام 1969م، إلى أن تولى حكم مصر خلفًا لعبد الناصر، الذي وافته المنية في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970م.

بعد تولي السادات رئاسة الجمهورية، حصلت جيهان على لقب (سيدة مصر الأولى)، ويعتبرها البعض أنها مُلهمة سوزان مبارك، التي ورثت عنها هذا الدور، لكن بشكل أكثر تدخلًا ونفوذًا في شؤون الحكم، ورغم انخراطها في العمل المجتمعي والتطوعي، من خلال رئاستها 30 منظمة وجمعية خيرية مثل (الهلال الأحمر) وجمعية بنك الدم، فإنها لعبت دورًا في صناعة القرار السياسي، وهذا بشهادة الدكتور محمود جامع، الصديق المقرب للرئيس الراحل أنور السادات، الذي روى في كتابه (عرفتُ السادات) عددًا من الأسرار عن (السيدة الأولى)، منها تسببها في خلاف (السادات ومبارك)، وما ترتب عليه من تقديم  الأخير استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية، احتجاجًا على منح صلاحيات مضاعفة لوزير الدولة لشؤون الرئاسة، المقرب من جيهان السادات (منصور حسن).

جيهان أكدت مرارًا وتكرارًا في حواراتها الصحفية والتليفزيونية أنها لم تتدخل قط في عمل الرئيس الراحل، لأنه كان يتمتع بشخصية قوية، تمنعها من وضع أنفها في أي أمور تخص السياسة العليا للدولة على حد قولها.

- الأم الحاضنة

رفضت الزواج بعد رحيل السادات، وكرست حياتها لأبنائها، وحصلت علي الدكتوراه، واتجهت للتدريس وإلقاء المحاضرات في الجامعات العالمية، خاصة أن الرئيس الراحل لم يترك لهم أي أموال، بل كان مُدانًا بألف جنيه للبنك، قامت هي بتسديدها، ووزعت وقتها بين الإقامة في مصر وأمريكا، ثم أصبحت إقامتها الدائمة في القاهرة، إلى أن أصدرت كتابها عن ذكرياتها بعنوان «سيدة من مصر».

شارك الخبر على