كيف ستكون العلاقة بين أمريكا و تركيا حال فوز «كلينتون» أو «ترامب»؟

أكثر من ٧ سنوات فى التحرير

"هيلاري كلينتون و دونالد ترامب" أي منهما ترغب تركيا بفوزه في الانتخابات الأمريكية و لماذا؟ هذا ما حاول الإجابة عنه عدد من المراقبين الدوليين.ففي 8 نوفمبر المقبل يُجرى السباق الانتخابي الثامن والخمسون لاختيار الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، ويحمل الاقتراع استثنائية خاصة بسبب الجدل المحتدم حول هيلاري كلينتون – أول امرأة مرشحة للجلوس في البيت الأبيض، وترامب- العنصري - فضلًا عن تبدل أولويات السياسية الخارجية الأمريكية لدى المرشحين تجاه عدد من الحلفاء، في مقدمتهم تركيا.

كان القلق هو العنوان الأبرز للعلاقة بين أنقرة وواشنطن قبل الانقلاب الفاشل في 15 يوليو الماضي لأسباب عدة، منها خيبة الأمل التركية في شأن الدعم الأمريكي المتزايد لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، والذي تعتبره أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الانفصالي داخل أراضيها.

علاقة أنقرة و واشنطن بعد الانقلاب:

وحتى بعد الانقلاب تعقدت العلاقات أكثر، إذ قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: إن "علاقة تركيا مع الولايات المتحدة تزداد تعقيدًا في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، وإن هذه المحاولة الفاشلة التي قام بها فصيل من الجيش التركي تركت علاقة أمريكا مع أهم حليفة لها في المنطقة في حالة من الغموض وعدم اليقين".

وأوضحت الصحيفة في تحليل إخباري كتبه جريج جافي، ونسب إلى المسؤول الكبير السابق في البيت الأبيض ديريك تشوليت، قوله: إنه "يصعب أن نتوقع المزيد من الديمقراطية في تركيا في أعقاب هذه المحاولة الانقلابية"، مضيفًا أن العلاقة مع تركيا ستزداد تعقيدًا.

موقف البلدين حول تسليم جولن:

كما أصبحت العلاقة أكثر توترًا عشية المواقف الضعيفة للإدارة الأمريكية وتأخرها تجاه إدانة الانقلاب، حتى أن أردوغان قال عن زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لأنقرة في 24 أغسطس الجاري: إنها "تأخرت جدًا، وهذا يحزننا"، وثانيهما الرفض الأمريكي لتسليم الداعية فتح الله جولن، على رغم الاتفاقية الموقعة في عام 1979 بين أنقرة وواشنطن – (اتفاقية تسليم المجرمين والمساعدة القانونية في الجرائم الجنائية).

وبينما ترى أنقرة شقًا جنائيًا في إدانة جولن بالانقلاب، فواشنطن تراه "متهمًا سياسيًا"، ولا يجوز تسليمه وفقًا لنص المادة الثالثة التي لا تجيز تسليم المطلوبين بين البلدين بسبب آرائهم السياسية.

شعور بعدم الثقة:

وفي سياق متصل، وعلى الرغم من زيارة جو بايدن لأنقرة و سماحه مع دول أخرى بدخول الأتراك ومعارضين سوريين بلدة جرابلس وجوارها لإفشال الكانتون الكردي في شمال سوريا، إلا أن الشعور بفقدان الثقة لا يزال قائم بين الطرفين، ولا يزال الغضب التركي قائمًا من غياب دعم أمريكي واضح كانت تنتظره أنقرة في أزمتها مع موسكو عشية إسقاط الطائرة سوخوي في ديسمبر الماضي، إذ لم يتعد دور واشنطن حدود الموقف الأخلاقي.

خلافات أنقرة و واشنطن:

يبدو أن الخلاف بين البلدين ليس بشيء جديد، فقد تململت أنقرة من سلوك واشنطن الناقد لسياستها القمعية في يونيو 2013 ضد المتظاهرين في أحداث "جيزي بارك"، ثم التقرير السنوي الصادر في أبريل الماضي عن وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان، إذ وجَّه إدانة صريحة ومباشرة للنظام التركي بشأن قمع الصحافة وحرية التعبير وملاحقة الصحفيين والمواطنين العاديين ومحاولة السيطرة على وسائل إعلام معارضة، كما تم اتهام قوات الأمن التركية باستخدام عنف مفرط وارتكاب جرائم قتل غير مشروعة، ضد الأكراد جنوب شرقي البلاد.

ومن هنا، يتم طرح التساؤل حول مستقبل العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة بعد الانتخابات الأمريكية، ونظرة كل من المرشحين دونالد ترامب، وهيلاري كلينتون، إلى تركيا، حيث تحظى تركيا بموقع متقدم في أولويات أي رئيس أمريكي، بحكم تقاطع المصالح والتحالف التاريخي بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية تحت ضغط الاتحاد السوفياتي، مع الأخذ في الاعتبار نسبيًا عدد الأتراك الأمريكيين، والمقدر بنحو 200 ألف نسمة.

موقف أنقرة في حال فوز ترامب:

أما عن نظرة تركيا للمرشحون فهم يرفضون ترامب الداعي إلى إغلاق الحدود وتهميش المسلمين، وبالتالي، فإن مزاج العلاقة بين البلدين ربما يصبح متقلبًا إذا فاز ترامب.

غير أن أنقرة تخشى خطاب ترامب العنصري الذي مسَّ قضايا محلية وإقليمية ودولية كثيرة منها مراقبة المساجد، ومنع دخولهم الولايات المتحدة ومنع دخول اللاجئين السوريين، فضلًا عن وجود قلق بعد حديث ترامب في مطلع يوليو الماضي عن وجود علاقة وثيقة تجمع "تركيا وداعش"، إذ قال: إن "تركيا ينبغي أن تكون في قتال ضد تنظيم (داعش)، أملاً في أن أرى أنقرة تقاتل ذلك التنظيم، لأنه حصل على مزايا خطيرة جدًا من تركيا"، مضيفًا أن بإمكانهم القضاء على (داعش) بأنفسهم، فأحب أن أرى ذلك".

ولذلك، فإن العلاقة بين أنقرة وواشنطن قد تشهد تراجعًا، إذا فاز ترامب وأقدم على تنفيذ وعده بمنح إسرائيل دعمًا عسكريًا واقتصاديًا أكبر مع نقل سفارة بلاده إلى القدس، وإلغاء الاتفاق النووي مع طهران وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية، وهو ما يعني اضطراب الإقليم، وتراجع الفوائد الاقتصادية التركية.

حال فوز هيلاري كلينتون:

أما في حالة فوز هيلاري كلينتون فمساحة التفاهم ربما تكون أوسع بين البلدين، فصحيح أن موقفها من الانقلاب لم يكن حاسمًا حين دعت جميع الأطراف إلى الهدوء واحترام القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان الأساسية والحريات، إلا أنها حثَّت على دعم الحكومة المدنية المنتخبة.

في المقابل أكدت "كلينتون" أهمية الانفتاح في سياستها الخارجية على حلفاء الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم تركيا التي ترى دورًا محوريًا لها في محاربة "داعش"، وتعكس السياسة الخارجية التي طرحتها كلينتون ارتياحًا نسبيًا لدى أنقرة مقارنة بالطرح العنصري لترامب، لأسباب عدة، منها إعلان كلينتون رغبتها في تقليل التدخل الأمريكي المباشر في قضايا وصراعات الشرق الأوسط، وتفضيل الاعتماد على حلفاء الولايات المتحدة، وخصوصًا تركيا.

وثانيهما؛ تأييد كلينتون إقامة منطقة حظر جوي على أجزاء من سوريا، وإنشاء مناطق آمنة للاجئين السوريين بعيدًا من مواقع الصراعات، وهو الأمر الذي طالما دعت إليه تركيا منذ العام 2013، إضافة إلى موقفها الداعم لتوحيد وتسليح قوى المعارضة السورية المعتدلة.

وعلى الرغم من استثمارات ترامب العقارية في تركيا التي بدأت في العام 2012 بتشييد سلسلة أبراج ومراكز تجارية في إسطنبول، إلا أنها لن تشفع لعنصريته أو تسكن أوجاع مواقفه السياسية المتقلبة تجاه تركيا، ولذا لم يكن غريبًا مطالبة أردوغان في يونيو الماضي بإزالة ملصقات تحمل علامة "ترامب" عن مواقع تجارية في تركيا، "لمواقفه ضد المسلمين".

في المقابل ربما يكون مستقبل العلاقة أكثر إيجابية أو يقف عند حد الهدوء الحذر حال فوز كلينتون التي تعزز عضوية أنقرة في "الناتو"، بالإضافة إلى وجود رؤى مشتركة لها مع أردوغان يمكن البناء عليها لتجاوز أزمة الملف الكردي وتسليم جولن، خصوصًا أن هيلاري مقتنعة بأن تركيا الصديقة الأطلسية ذات دور إقليمي مؤثر، كما أن الجيش فيها لم يعد يتحكم بالدولة أو يعقد صفقات في معزل عن حكومة العدالة والتنمية الحاكم.

شارك الخبر على