عيسى بن راشد... حمل رسالة حب الوطن ولوح بها في قصائده كالسيف

حوالي ٣ سنوات فى البلاد

يصادف‭ ‬يوم‭ ‬غد‭ ‬الجمعة‭ ‬12‭ ‬مارس‭ ‬الذكرى‭ ‬الأولى‭ ‬لرحيل‭ ‬شاعر‭ ‬البحرين‭ ‬الكبير‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬رسالة‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬ولوح‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬قصائده‭ ‬كالسيف‭ ‬المشهر،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬الشعراء‭ ‬الذين‭ ‬أعادوا‭ ‬للتراث‭ ‬البحريني‭ ‬الأصيل‭ ‬مكانته‭ ‬ومن‭ ‬الفرسان‭ ‬المعدودين‭. ‬كان‭ ‬مفاخرا‭ ‬بوطنه،‭ ‬مروجا‭ ‬له‭ ‬متفانيا‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬بشعر‭ ‬كلاسيكي‭ ‬رائع‭ ‬جمع‭ ‬المتانة‭ ‬والفخامة‭ ‬والمجد‭.‬

كان‭ ‬شعره‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬ينبض‭ ‬بحرارة‭ ‬عاطفية‭ ‬وعذوبة‭ ‬غنائية‭ ‬وتماسك‭ ‬البناء،‭ ‬وصياغة‭ ‬صافية‭ ‬متينة‭ ‬الديباجة‭ ‬يرفدها‭ ‬خيال‭ ‬وثاب،‭ ‬ويرقد‭ ‬تحتها‭ ‬ذهن‭ ‬ذكي‭ ‬متوقد،‭ ‬لأن‭ ‬الشاعر‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬الناس‭ ‬ارتباطا‭ ‬بمنطق‭ ‬التطور‭ ‬ودواعي‭ ‬التجديد‭ ‬لما‭ ‬وهبه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬حس‭ ‬مرهف‭ ‬وبصيرة‭ ‬نفاذة‭ ‬لا‭ ‬تحيط‭ ‬بأبعاد‭ ‬الحاضر‭ ‬وحسب‭ ‬وإنما‭ ‬تستشرف‭ ‬آفاق‭ ‬المستقبل‭.‬

وأول‭ ‬سمة‭ ‬من‭ ‬سمات‭ ‬لغة‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬البساطة‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬الألفاظ‭ ‬الحوشية‭ ‬والبهلوانيات‭ ‬اللفظية‭ ‬والتعابير‭ ‬المعقدة،‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬“الأسلوب‭ ‬هو‭ ‬الرجل”‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬“بوفون”،‭ ‬فإن‭ ‬ارتباط‭ ‬أسلوب‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬بنفسه‭ ‬المنفتحة‭ ‬البريئة‭ ‬والجميلة‭ ‬والبسيطة‭ ‬بكل‭ ‬المعاني‭ ‬هو‭ ‬ارتباط‭ ‬قوي‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الصلابة،‭ ‬ولكن‭ ‬بساطة‭ ‬لغة‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬لا‭ ‬تقطع‭ ‬الوشائج‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬مع‭ ‬البلاغة،‭ ‬وهل‭ ‬البلاغة‭ ‬الصحيحة‭ ‬إلا‭ ‬البساطة‭ ‬الصريحة؟

 

يا‭ ‬الزينة‭ ‬ذكريني‭ ‬لي‭ ‬غيبتني‭ ‬بحور‭ ‬

وبشوق‭ ‬ناديني‭ ‬يمكن‭ ‬الدنيا‭ ‬اتدور

وآرد‭ ‬ويا‭ ‬الصيف‭ ‬ولا‭ ‬الشتا‭ ‬لي‭ ‬رد

ولا‭ ‬مع‭ ‬الأشواق‭ ‬وقت‭ ‬الربيع‭ ‬والورد

وأنا‭ ‬بعيد‭ ‬بعيد‭ ‬ما‭ ‬عندي‭ ‬غير‭ ‬الآه

حملت‭ ‬نجم‭ ‬السما‭ ‬شوقي‭ ‬لكم‭ ‬وياه

وصيت‭ ‬طير‭ ‬الفلا‭ ‬ولا‭ ‬حمل‭ ‬لوصاه

حملت‭ ‬موج‭ ‬البحر‭ ‬سلامي‭ ‬ما‭ ‬وداه

حلفت‭ ‬يا‭ ‬الزينة‭ ‬ما‭ ‬فارق‭ ‬البحرين

في‭ ‬قلبي‭ ‬مزروعة‭ ‬ومحفوظة‭ ‬وسط‭ ‬العين

اشتاق‭ ‬اشم‭ ‬العود‭ ‬واوله‭ ‬على‭ ‬الطيبين

والحنا‭ ‬لي‭ ‬خطوه‭ ‬وساود‭ ‬على‭ ‬الكفين‭..‬

 

لطالما‭ ‬جلس‭ ‬المستمع‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الأبيات‭ ‬الرائعة‭ ‬بخشوع‭ ‬وتأمل،‭ ‬فمن‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يفتدي‭ ‬بغاليه‭ ‬ونفيسه‭ ‬لوطنه‭ ‬البحرين،‭ ‬ومن‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬تسحره‭ ‬فتنة‭ ‬نخيلها‭ ‬وقراها‭ ‬ومدنها‭ ‬وشوارعها‭ ‬وزهيرات‭ ‬البنفسج‭ ‬والنرجس‭ ‬والياسمين‭ ‬“والرازجي”،‭ ‬فالبحرين‭ ‬هدف‭ ‬الرسامين‭ ‬وقبلة‭ ‬الشعراء‭ ‬وملهمة‭ ‬الموسيقيين‭ ‬ومنتجع‭ ‬الوالهين،‭ ‬لكنها‭ ‬عند‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬شيء‭ ‬مختلف‭ ‬تماما،‭ ‬فالبحرين‭ ‬باهرة‭ ‬الجمال‭ ‬ولها‭ ‬منزلة‭ ‬خاصة‭ ‬رفيعة‭ ‬في‭ ‬نفسه‭.‬

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على