لبنان يترقب قانونا جديدا للانتخابات النيابية

حوالي ٧ سنوات فى قنا

بيروت في 01 فبراير /قنا/ تشهد الساحة السياسية في لبنان جدلا بين الفرقاء حول إقرار قانون جديد للانتخابات تجري على أساسه الانتخابات النيابية قبل شهر مايو القادم كحد أقصى، لاختيار 128 نائبا، وذلك بعد تمديد البرلمان لنفسه مرتين متتاليتين بحجة عدم الاستقرار الأمني في البلاد.

ويتركز النقاش حاليا في لبنان حول إمكانية التوافق على إقرار قانون الانتخابات المبني على النظام المختلط بين النسبي والأكثري في محاولة لإيجاد تسوية نظرا لتمسك بعض الفرقاء بالاقتراع حسب اعتماد النظام الانتخابي الأكثري البسيط  على أساس القوائم الانتخابية والدوائر، أي وفقا للقانون النافذ حاليا، أو ما يعرف بقانون " الستين" في حين تتعالى أصوات البعض الآخر بإقرار قانون جديد يقوم على أساس نظام "الاقتراع النسبي" من أجل عدالة التمثيل وبما يسمح بتمثيل الأكثريات والأقليات من كل الطوائف.

ففي الوقت الذي يطالب فيه التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس اللبناني ميشال عون وحزب الله بقانون جديد قائم على "النسبية المطلقة"، يصر تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب القوات اللبنانية على المختلط أما الحزب الاشتراكي فيحبذ قانونًا قائما على الأكثرية.
وقانون النسبية يتم فيه توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة، بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات،أما قانون الأكثرية فيتم فيه حصول الفائز بأغلبية الأصوات في دائرة معينة على كامل المقاعد، فيما يجمع قانون المختلط  بين قانوني النسبية والأكثرية.
ومن أبرز الأصوات الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الذي يرى أن "النسبية في القانون تسمح بتمثيل الأكثريات والأقليات في كل الطوائف ولا تهمش أو تقصي أحد، وذلك على الرغم أن "تكتل التغيير والاصلاح (الذي أسسه الرئيس عون ويترأسه حاليا جبران باسيل وزير الخارجية بدأ بالتفاوض على أساس قانون مختلط كحل مؤقت على الرغم من قناعة التكتل أن "النسبية "هي الحل لإرساء نظام وطني لا طائفي.
وقال الرئيس اللبناني، في تصريح سابق له "أنا مع النسبية المطلقة، وليس القانون النسبي المختلط، لأن عبره ستتمثل الأكثرية والأقلية في كل طائفة وكل مذهب، لكن الأكثريات الحالية الموجودة في المجلس النيابي ترفض الاكتفاء بالتمثيل الصحيح، علماً بأنها لن تخسر شيئاً ولكنها ستأخذ حجمها الحقيقي".. مضيفا "أنا سأخسر أصواتا عبر اعتماد النسبية، لكنني أقبل بذلك، وتتوزع المقاعد بين أكثرية وأقلية، ويكون كل طرف في حجمه الطبيعي، وهكذا يتمثل الجميع ونربح الاستقرار الوطني والسياسي."
وفي السياق، قال النائب نعمة الله أبي نصر عضو تكتل التغيير والإصلاح / الكتلة التي تمثل التيار الوطني الحر الذي أسسه الرئيس عون بالبرلمان في تصريح لمراسلة وكالة الأنباء القطرية "قنا" إن "التيار الوطني الحر ضد النظام الأكثري كقانون للانتخابات، وهو مع إقرار قانون وفق نظام التمثيل النسبي".. مبينا أن التيار الوطني الحر يرضى بقانون مختلط مؤقت كصيغة بديلة لإيجاد تسوية ترضي كافة الفرقاء.
وأشار إلى وجود عدة اقتراحات وقوانين في لبنان، منها القانون الارثوذكسي حيث تنتخب كل طائفة نوابها، مشددا على أن التيار الوطني الحر ضد النظام الأكثري أي ضد القانون النافذ حاليا أو ما يعرف بقانون الستين "لأنه لا يؤدي إلى عدالة التمثيل".. لافتا إلى أنه يجري الحديث عن تمديد تقني لمجلس النواب الحالي في حال التوافق على قانون انتخابات جديد يحوز على موافقة جميع الكتل وبالتالي الحديث عن تأجيل لأشهر قليلة يبقى مقبولا في هذا الظرف.
وقد تشكلت خلال الشهر الجاري لجنة رباعية من أربعة أقطاب سياسية هي (حركة أمل، حزب الله، تيار المستقبل، والتيار الوطني الحر) تعمل على مناقشة إقرار قانون جديد للانتخابات لجنة الأربعة المكونة من: وزير المال علي حسن خليل حركة أمل ووزير الخارجية جبران باسيل التيار الوطني الحر والنائب علي فياض حزب الله ونادر الحريري مدير مكتب رئيس الوزراء ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري تيار المستقبل في حين تم الأخذ عليها أنها تجاهلت أقطاب سياسية أخرى أبرزهم القوات اللبنانية الذي كان لتوافقه مع التيار الوطني الحر المساهمة الأساس في انتخاب عون رئيسا للجمهورية، إضافة إلى الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط، علما بأن اللجنة تقوم باتصالات تشمل الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية والنائب سليمان فرنجية وربما أطراف أخرى إذا لزم الأمر.

وقالت مصادر مطلعة إن صيغة القانون الذي يجري طرحه ضمن عمل اللجنة رست على توزيع النواب الـ128 مناصفة بين النظام الانتخابي الذي يعتمد النظام الأكثري المعمول به في قانون الستين وقوانين أخرى، والنظام النسبي الذي يعتبر صيغة جديدة يعتمدها لبنان لأول مرة.. وتستبعد مصادر سهولة التوافق على قانون انتخابات ضمن اللجنة الرباعية على الرغم من التوافق على أن قانون الانتخابات المختلط بين النسبي والأكثري هو الأوفر حظا ويكمن الاختلاف في صيغة القانون المختلط.
وكشفت هذه المصادر أن "حزب الله" و "حركة أمل" "لا يبديان حماسة للصيغة المقترحة من قبل جبران باسيل وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر للقانون المختلط أو ما بات يعرف بـ صيغة  باسيل ضمن اللجنة الرباعية، والتي تقابل أيضاً بفتور غير معلن من تيار المستقبل".
من جانبه، أكد النائب خالد زهرمان عضو كتلة "المستقبل" في تصريح لـ "قنا" أن كتلة "المستقبل" مع إقرار أي قانون انتخابات يوافق على أي صيغة قانون مختلط تراعي العيش المشترك واتفاق الطائف وهواجس كل المكونات اللبنانية، معتبرا أن تطبيق النسبية "فيها مخاطر ولا تتوافق مع النظام اللبناني الذي يراعي توزيع الحصص الطائفية في نظامه السياسي".
وأوضح أن اتفاق "الطائف" ذكر أن المقاعد توزع نسبيا بين الطوائف والمناطق، كما نص على حسن التمثيل والحفاظ على العيش المشترك وإلغاء الطائفية السياسية.. مشيرا إلى أن اتفاق الطائف لم يأت على ذكر نظام الاقتراع سواء نسبيا أو أكثريا.. وقال إن "نظام الانتخاب النسبي صعب التطبيق في ظل الظروف التي يعيشها لبنان، إضافة إلى أنه تجربة جديدة على البلاد.. وأنه من الأفضل تطبيق نظام الاقتراع النسبي على دفعات وفي تدرج". 
 ورأى عضو كتلة المستقبل أن جميع القوى السياسية في لبنان باتت مقتنعة بضرورة إيجاد قانون مختلط يدمج بين النظامين الأكثري والنسبي ، مؤكدا أن الأفضل للبنان هو فكرة الانتخابات بنظام القائمة والتصويت للأحزاب الوطنية والبرامج وبالتالي ممكن الحديث عن النسبية كنظام متكامل بدوائر انتخابية كبرى أو صغرى.
 ولفت إلى أنه تم التوافق بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي على صيغة قانون مختلط.. موضحا أنه في حال التوافق على قانون جديد للانتخابات قد يؤدي إلى تأجيل تقني لاستكمال التحضيرات على أساس القانون الجديد.
 وأكدت مصادر سياسية لبنانية أن مقاربة القانون المختلط المطروح للنقاش من قبل اللجنة الرباعية " لم ينجز شيئا في ظل التباعد في وجهات النظر حتى بين الأطراف السياسية الأربعة المجتمعين حول صيغة القانون المختلط، في حين تشكلت جبهة ظاهرة رافضة للصيغة قوامها : الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب وتيار المردة الذي وصف بلسان وزيره في "حكومة استعادة الثقة" يوسف فنيانوس الصيغة المقترحة بأنها "تنم عن قانون ليس عادلاً وغير دستوري، وبالتالي لا يمكن اختيار أشخاص على أساس نسبي وآخرين على أساس أكثري"، وذلك إضافة إلى جهات سياسية أخرى ترفضه لأنها مع تطبيق نظام التمثيل النسبي ومنها الحزب السوري الاجتماعي". 
 من جهته، قال النائب مروان فارس عضو كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي لـ  "قنا" إن "حزبه تقدم باقتراح قانون للمجلس النيابي ينطلق من اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة والتمثيل النسبي خارج القيد الطائفي.. مضيفا "نحن مع لبنان دائرة انتخابية واحدة ومع التمثيل النسبي للخروج من الوضع الحالي الذي يقوم على النظام الطائفي في لبنان".. مشددا على أن نظام التمثيل النسبي يؤدي إلى إرساء نظام وطني وإلى إعادة الحياة الديمقراطية إلى مجراها الطبيعي".
 ورأى أن كل مشاريع قوانين الانتخابات المقترحة في لبنان وعددها بين 30 إلى 40 مشروعا تقوم على أساس النظام المختلط "لن تصل إلى نتيجة".. وقال إن "الصيغة المطروحة حاليا لمشروع قانون الانتخابات النيابية سوف تؤدي إلى إدخال لبنان في نفق مذهبي وطائفي لن يستطيع الخروج منه بسهولة".
 وتقضي الصيغة المقترحة "صيغة باسيل" بانتخاب 64 نائباً على أساس الأكثري موزعين على 26 دائرة انتخابية، و64على أساس نسبي موزعين على 9 دوائر.
وفي اتجاه آخر، أجرى "اللقاء الديمقراطي" الذي يترأسه النائب وليد جنبلاط سلسلة لقاءات مع أحزاب وكتل، من أجل التباحث حول قانون الانتخابات، في حين أعلنت مصادر جنبلاط رفضها الاقصاء من اللجنة الرباعية .

من جهته، قال النائب علاء الدين ترو عضو اللقاء الديمقراطي /الكتلة التي تمثل الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط في البرلمان في تصريح لـ "قنا" إن "عدم دعوة حزبه لحضور اجتماعات اللجنة الرباعية التي تبحث في إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية غير صائب لأن الحزب الاشتراكي موجود في البلد كشريك فاعل في الحياة السياسية، ويعمل من أجل المصلحة الوطنية".. مضيفا "من الخطأ أن تستحوذ أربع قوى وحدها بمصير تحديد قانون الانتخاب متجاوزة القوى الأخرى".. داعيا إلى "تصويب الخطأ".
ولفت إلى أن مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي الراحل كمال جنبلاط كان أول من طرح قانون النسبية ولكن ظروف لبنان كانت مناسبة آنذاك وكان البلد منقسما بين يمين ويسار في ظل وجود أحزاب وطنية وليس طائفية.. مشددا على أن انعدام وجود أحزاب وطنية وتوزيع الحصص السياسية بين الطوائف هو سبب رفض الحزب الاشتراكي للنسبية.. مبينا أن الراحل جنبلاط طرح شروطا لتطبيق النسبية منها إلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الإدارية والانماء المتوازن ضمن البرنامج الوطني للإصلاح السياسي،وقال إنه "من غير الممكن السير بقانون انتخابات على أساس النسبية في ظل التقسيمات الطائفية الحاصلة في لبنان حاليا لأن النسبية تتعارض مع الطائفية والمذهبية وليس كما يجري حاليا في لبنان بحيث تطالب كل طائفة ومذهب بحصتها من أجل ما بات يعرف بتحقيق التوازن الطائفي في مجريات الحياة السياسية اللبنانية".
أوضح أن الحزب مع النظام الأكثري وليس شرطا أن يكون قانون الستين ، النافذ حاليا، لافتا إلى أن الحزب يرفض قانون الانتخابات المختلط في حال تم صيغته بما يوافق فريق سياسي على حساب آخر.
وتؤكد مصادر سياسية أن الشئ الوحيد الذي توافق عليه اللقاء الرباعي يكمن في أن النقاش بات محصوراً في البحث في قانون المختلط الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، موضحة أن حصر مقاربة قانون الانتخاب الجديد في المختلط يعني أن الصيغ الأخرى التي كانت مطروحة سحبت من التداول، وأبرزها مشروع القانون الأرثوذكسي الذي ينص على أن "كل طائفة تنتخب نوابها في البرلمان على قاعدة الالتزام بمبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين"، واحتمال إدخال تعديلات على قانون الستين واعتماد النسبية الكاملة في قانون الانتخاب.
وأكدت المصادر أن صيغة قانون الانتخاب الجديد التي اتفق أن يتم إطلاع الكتل عليها تحتاج ربما إلى وقت يتجاوز مهلة 21 فبراير الجاري، على أساس أن الاتفاق السياسي الوطني على إجراء الانتخابات بقانون جديد يسقط سائر المهل ويؤسس لنظام مهل جديد، باعتبار أن المهل التي يجري التداول بها ينص عليها قانون الستين الذي ما أن يُقر المجلس قانوناً جديداً يصبح من الماضي. 
وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أوضح أنه ملزم بإنجاز لوائح الشطب قبل 90 يوماً من تاريخ إجراء الانتخابات، ولكي تجري في 21 مايو يجب أن تتم دعوة الهيئات الناخبة وإنجاز كل الترتيبات قبل 21 فبراير.. مشيرا إلى أن "المفاوضات مستمرة للتوصل لقانون جديد، ولكن ليس هناك من توجه واضح".
وكشفت مصادر سياسية أنه من أجل الاعداد القانوني واللوجستي وتدريب الموظفين وإعادة توزيع الدوائر، سواء إذا استحدثت محافظات جديدة أم لا، فإن تمديداً تقنياً لمجلس النواب الحالي سيحصل.
وفي هذا السياق، كشف سعد الحريري رئيس الوزراء، أن حكومته "ستسعى لإنجاز قانون عادل للانتخابات وإجراء هذه الانتخابات في موعدها، وإذا تمكنا من التوصل إلى قانون جديد سيكون هناك تأجيل تقني، وإذا لم نفعل فستحصل الانتخابات في موعدها".
وأضاف "أؤكد أن أولويات عملنا في الحكومة هو إجراء الانتخابات النيابية، ولن يكون على جدول أعمالنا، لا تحت الطاولة ولا فوق الطاولة، أي نيات أو رغبة في التمديد للمجلس النيابي.. كل القوى السياسية المتمثلة في الحكومة معنية بترجمة هذا التوجه، بمثل ما هي معنية بالتوافق على انتاج قانون جديد للانتخابات، يعتمد المعايير الموحدة التي تضمن عدالة التمثيل".
ويشكل إقرار قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية اختبارا صعبا للحكومة اللبنانية التي أطلق عليها "حكومة انتخابات" والتي لن تتجاوز مهلتها الأشهر القليلة، إذ تعتبر الحكومة مستقيلة حكما مع انتهاء صلاحية المجلس النيابي وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال فور انتخاب المجلس النيابي الجديد.

شارك الخبر على