من الأشهر اليوم؟

صادق بن حسن اللواتيحديثنا حول هذا القائد الإسلامي العظيم الذي عجزت العقول عن فهم كنه حقيقته، كان عظيما وعليه يحق للعظماء أن يتحدثوا عنه يقول سيمون أوكلي الكاتب الانجليزي « شيئ يستحق أن نقف عنده ونتساءل عن حكمته، لقد ولدته أمه في نفس البيت المقدس في مكة.. والذي يأمر الله أن يُطهرّ ويُعبد له خالصا ، لم يحدث هذا لأي إنسان ولا حتى بأي دين سماوي».ويقول جبران خليل جبران «وما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة، وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، وتصور ملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها،وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها» وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله.اعتمدت الأمم المتحدة عهد الإمام علي بن أبي طالب لواليه على مصر مالك الأشتر كونها من أوائل الرسائل الحقوقية والتي تحدد الحقوق الواجبات بين الدولة والشعب؛ وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان : إنّ هذه العبارة من العهد يجب أن تعلّق على كلّ المؤسسات الحقوقية في العالم، والعبارة هي : «وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننَّ عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق « وهذه العبارة جعلت كوفي عنان ينادي بأن تدرس الأجهزة الحقوقية والقانونية عهد الإمام لمالك الأشتر، وترشيحه لكي يكون أحد مصادر التشريع للقانون الدولي، وبعد مداولات استمرّت لمدّة سنتين في الأمم المتحدة صوّتت غالبية دول العالم على كون عهد علي بن أبي طالب لمالك الأشتر كأحد مصادر التشريع للقانون الدولي.وقد تمّ بعد ذلك إضافة فقرات أُخرى من نهج البلاغة غير عهد علي بن أبي طالب لمالك الأشتر كمصادر للقانون الدولي.إن تاريخنا الإسلامي له من الصفحات الرائعة في الاشراقات الإنسانية لذلك فإن تعبير الجماهيرعن عظمة شخصية كانت قبل أربعة عشر قرنا كعلي بن أبي طالب هو تعبير يستطيع أن يسير إلى الأمام ويشق طريقه كمنافس قوي في عصر غزو الفضاء والثورة التكنلوجية والمعلوماتية لأنه يستمد منه العزيمة والقوة والجرأة والعلم .والإمام علي بن أبي طالب يعتبر من الأفذاذ الفريدة في التاريخ البشري فإذا عرفناه فإننا نرافق إنسانا متطورا لا يعرف الجمود والتقهقر في أي مجال من مجالات الحياة . لأنه من أهل الذكر الذين وصفهم القرآن الكريم في سورة النحل -43 « فأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون « ليكون أقوى مصاديق هذه الآية المباركة ، وجاء الرسول الأكرم (ص) ليبين مسألة الرجوع إلى أهل الذكر بقوله (ص) «أنا مدينة العلم وعلي بابها» - الحاكم للمستدرك جزء3ص 127اما قول علي بن أبي طالب « لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم « كأنه ينتزع من الطبيعة قسوة لسانها وخشونة معيشتها والتي تقيد حياة الإنسان ليكون قابعا في زاوية من زوايا الجهل وهذا نادرا ما تجده في تاريخ الحكماء ومن ذلك أيضا قوله « الذنب الذي لا يغفر هو ظلم بعضكم لبعض « فجعل البشرية تهب لتستخرج من هذه الأقوال قوانين تنظم نصوص دساتيرها وحياتها الاجتماعية وغيرها.ومن الاجحاف بمكان أن تحاصر هذه الشخصية في كلام بين قعقة السيوف وضرب الرماح، صحيح أن شجاعة علي ابن أبي طالب لها تاريخ خاص لا ريب فيه وستجد فيها ألف قصة وقصة ولكن جوانب عبقريته وحكمته أكبر بكثير من ساحة المعركة.لقد بذر علي بن أبي طالب في عقول البشرية وألقى في نفوسها القاعدة العظيمة تأخذها نحو مسلك الرقي وسلم التطور بقوله « من تساوى يوماه فهو مغبون « فالغبن لا يلحق بالفرد أو الجماعة إلا إذا تساوت أيامهم في حالة غياب الفكر التجديدي في تطوير المجتمعات لأننا ننطلق من نطاق محلي إلى نطاق عالمي لبناء حضارة إنسانية قوية.ومع كل هذا لو لم يكن علي بن أبي طالب فذا موهوبا وإسلاما كاملا كما عبر عنه معلمه الرسول الأكرم (ص) يوم غزوة الخندق حين برز لعمرو بن عبد ود العامري قائلا « لقد برز الإيمان كله إلى الشرك كله» – حياة الحيوان الكبرى للدميري جزء1-ص 274- لاستشرى مرض الاستبداد وبسط فسطاطه أكثر وأكثر ليدمر المدن ويخرب البيوت ، ولهذا السبب اتجهت الأديان صوب المشرق لما وجدته من العفو والتسامح في الفكر والمنهج القرآني المتجسد على أرض الواقع في شخصية مهمة عرفها التاريخ كعلي بن أبي طالب وهو القائل «أنصفوا الناس من أنفسكم واصبروا لحوائجهم فإنكم خزّان الرعية ووكلاء الأمّة.... ولا تضربنّ أحداً سوطاً لمكان درهم ولا تمسّن مال أحد من الناس مصلّ ولا معاهد « والمعاهد هو غير المسلم من أهل الكتاب.كاتب وباحث في علم الاجتماع السياسي