«أكرمكم.. أغناكم»

ما يقرب من ٥ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيفتحكم النظرة المادية المجتمعات بصورة مفرطة ومقرفة.. يدّعي الناس باستمرار أنهم مقتنعون بقول النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- بأن «أكرمكم عند الله أتقاكم» ولكن ما يؤمنون به فعليا هو أن «أكرمكم في الحياة أغناكم» وإنْ ادّعوا خلاف ذلك.إحدى العائلات التي أعرفها عن قرب، وهي عائلة لا تنقصها العراقة ولا يعوزها المال، لطالما رفضت زواج أبنائها من بنات عائلات أخرى، من موطنهم؛ بحجة أنهم أصلهم «ليس رفيعا بما يكفي»، لنسمع لاحقا بأنهم قبلوا بزواج ابنتهم «وزواج الابنة أثقل وطئا من زواج الابن في العادة» من شاب من جنسية مختلفة وعرق مختلف يُعتبر -في قاموسهم العنصري- دونيا. وقد تم القفز على كل الاعتبارات، وعلى السياج الاجتماعي الذي أحاطوا به أنفسهم على مرّ الأزمان، فقط لأن هذا الشاب من عائلة فاحشة الثراء!فجأة ودون مقدمات، نسى هؤلاء كل ما رددوه بعنجهية عن قيمة الأصل والفصل، وتبخرت عبارات على شاكلة «من مواخيذنا ومو من مواخيذنا» لأن المال حضر!ينطبق الأمر ذاته على نظرتنا للدول وللحضارات؛ فكثير من السطحيين يحتقر حضارات موقرة، لها مساهماتها في بناء التاريخ الإنساني، لمجرد أنهم دول فقيرة اليوم. ويعظم البعض أنفسهم، ويعلون من قيمتهم بلا سبب جلي؛ لمجرد أن لديهم ثروات لم يساهموا في صنعها فعليا، بل جاءتهم كهبة إلهية أحسن البعض استغلالها فيما استغلها البعض الآخر للتجبر والتكبر في الأرض والتحكم بمصائر من فيها.القيمة لا تُقاس بالمال إلا في الأسواق، وكنا نظن أن تلك حقيقة مفروغ منها لا تستحق إعادتها. قيمة المتعلم، قيمة المتأدب، قيمة من يكتسي بالحكمة ويتسربل بالمبادئ، ووزن من يخاف الله، أعلى من قيمة من يملك المال بكثير وإن ظن احد خلاف ذلك.وقيمة دول متحضرة عريقة ذات إرث تاريخي يُحترم، تعلو على قيمة دول لا تملك إلا أرصدتها في البنوك وهالة رسمتها لنفسها وصدّقتها؛ فالمال يزول في غفلة من الزمن؛ ولا يبهر بعمق إلا خفاف العقول.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على