بين أيدينا..

ما يقرب من ٥ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيفتنافس حكماء الإغريق السبعة للخروج بجوهر الحكمة، بقاعدة تضبط إيقاع حياة كل البشر وتجنّبهم ويلات الحياة وضياعها: سولون من أثينا رأى أن سنام العقل والحكمة هو أن «لا تكثر من شيء». خيلون الأسبرطي قال إن رأس الحكمة معرفة نفسك. طاليس قال «التأكد يجلب الخراب» ونخاله يعني أن الاستسلام لأفكار مسبقة؛ واعتبارها حقائق لا تُدحض ولا تُجادل، كبيرة من كبائر سقطات العقل البشري. كليوبولوس من لندوسكان يرى أن «كل اعتدال محمود» أما بياس من بريينيفكان يرى أن «كثرة العمال تفسد العمل» وهو من جادل طيلة حياته بأن العامة يجب ألا يكون لهم رأي في السياسة بل يجب ترك تلك المهمة للنخب.الفيلسوف بيتوكاس كان يرى أن خير ما يفعله المرء في حياته هو أن يعرف فرصه ويقتنصها. أما بيرياندر من كورنث فكان يرى أن الضياع هو في «التفكير المسبق في كل شيء» وجوهر الحكمة في الاستسلام لصيرورة الحياة.ولأن القواعد الفكرية لا تتغيّر، والأفكار العظيمة ينصفها الزمن فيما ينقطع نسل الأفكار العقيمة سريعا؛ فإن ما رآه حكماء الإغريق قبل عقود لا زال صالحا للاستهلاك الفكري اليوم. أمراض مجتمعاتنا على سبيل المثال ناجمة عن الوفرة والكثرة؛ كثرة الكماليات.. كثرة الطعام.. كثرة الكلام مقابل قلة الإنجاز. ولأننا لا نعرف وزننا وسط العالم نعتبر أننا خارج المنافسة فلا ندخل مضامير الصناعة والأدب والفنون بل نجلس على مقاعد الاحتياط كمراقبين أو متابعين كنتيجة لمعاندة حكم خيلون. وأسوأ ما نعانيه هو أننا لا نعرف الاعتدال أبدا؛ فنحن شعوب متطرفة في الحب والكره، في العداء والتحالف، في قبض اليد ومدها، والنتيجة هي دمار غير مرئي للشخصية وتخبُّط مدمّر للمجتمعات. «أمة وسطا» هكذا وصفنا رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم يوم كنا أسيادا وهي صفة فقدناها وفقدنا السيادة والريادة معها بالتزامن.خريطة الطريق التي نحتاجها اليوم، وكل الوصايا التي تتطلبها الحياة بشكلها الأمثل، بين أيدينا من آلاف السنين:موجودة في الديانات والشرائع السماوية، وفي إرث الحكماء، ومترجمة -أيضا- على هيئة أحداث وتجارب تاريخية مرّ بها غيرنا. ولكننا أمم لا تتعلّم، لا تعتبر بغيرها، ولا تتعظ إنْ هي ما وُعظت، ولا تتعلّم حتى مما تراه في نفسها من دروس.

شارك الخبر على