آباء آخر زمن..

حوالي ٥ سنوات فى الشبيبة

لميس ضيفعبر السنوات؛ لم تخلُ دعوة زفاف استلمتها من عبارة «الرجاء عدم اصطحاب الأطفال» أو «نوماً هنيئاً لأطفالكم» التي تذيل البطاقة تارة بخط عادي وتارةً أخرى بخط شديد البروز تعبيرا عن جدية الداعين في الطلب – ومع ذلك – لم يخل حفل زفاف حضرته من أطفال يحولون القاعة، التي رسمت العروس تفاصيلها بريشة أحلامها، لملعب يتراكضون فيه ويصرخون وسط نظرات الداعين الغاضبة..! أما المتشددون في الأمر، ممن يلمسون تجاهل المدعوين الدائم لرغبة الداعين، فيكتبون أحيانا «يمنع اصطحاب الأطفال». وحتى هؤلاء كثيرا ما يُصدمون بأن البعض رمى كلامهم عرض الحائط وأصطحب معه أطفاله غير عابئ بمشاعرهم.ليس هذا هو بيت القصيد ولا محور الحديث. بل حقيقة أن أولياء الأمور لا يفكرون مليا في أطفالهم ولا في غيرهم عندما يخططون لمشاريعهم. أحياناً؛ وفي أماكن مكتظة بالناس، ترى رضيعاً بضاً يبدو وكأن خرج من المستشفى للتو وهو يبكي منزعجاً من الضجيج ولكن والدته تتسوق وكأن هذا أمر طبيعي ! ولا تفكر تلك الأم غالبا في أن مناعة طفلها شبه معدومة بل تفكر في حاجتها في تفحص تخفيضات تافهة في المجمعات. يتكرر الأمر ذاته في المطاعم والمقاهي؛ مظهر أطفال وهم يجالسون والديهم وهم يدخنون الشيشة يثير الامتعاض والحنق؛ ويجب أن يوجه تعميم يمنع أولئك الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً من ارتياد أماكن المدخنين لما في ذلك من انتهاك لطفولتهم ومخاطرة بصحتهم ويجب أن ينبه والديهم لهذا الاستهتار. إلى ذلك كثيرا ما يتشاقى الأطفال – وذاك ديدنهم – في الأماكن غير المخصصة لهم و«يعالج» الوالدين ذلك بإلهاء الطفل بلعبة إلكترونية فيعالجون مشكلة بمشكلة أخرى جهلا أو استخفافاً..في المقابل لا ترى الوالدين يصطحبون أطفالهم معهم لمعارض الكتاب مثلاً .. ليوجهوا ذائقتهم لحب رائحة الورق. ولا يصحبونهم لمجالس الرجال ليمتصوا الآداب والعادات العامة. فهم يوفرون تلك اللحظات، التي قد تتخللها أوقات مشاركة وتفاعل حقيقي، لصحبهم وأقرانهم ولا يريدون أن يربكوا ويزعجوا أنفسهم بالأطفال بها ولكنهم لا يمانعون أن يزعجوا غيرهم في أي وقت آخر لطالما أن الطفل سيتحول – في تلك اللحظة – لمشكلة عامة يتحرك هنا وهناك ولا يكون لصيقا بهم وحدهم ! أن للمرء على نفسه حقا.. ومن حق الوالدين أن ينعموا بحياة اجتماعية ويرفهوا عن أنفسهم .. ولكن لأولئك الصغار أيضا حق في أن يذهبوا للأماكن التي تناسبهم ويمارسوا الأنشطة التي يحبون في الأماكن المخصصة لهم .. فلا تخلطوا الحابل بالنابل ولا تجعلوا جدولكم في المقام الأول مستخفين برغبة الجميع بمن فيهم أطفالكم.

ذكر فى هذا الخبر
شارك الخبر على