مخاطر الاقتصاد القوى على الأسواق دخل الاقتصاد العالمى عام ٢٠١٨ فى وضع أقوى مما توقعه الكثير من الاقتصاديين والمستثمرين، ويرتفع النمو تقريباً فى كل مكان، ولم يعد الانكماش مصدراً للقلق، وتقلص البنوك المركزية هيمنتها دون إثارة الفزع فى الأسواق، ولم تعد اليابان مرادفا للفشل، وتظهر أوروبا علامات على القوة الاقتصادية المكتسبة بشق الأنفس، والصين لم تنهار، حتى البرازيل تبدو أفضل. فما الذى قد يسوء؟ حسناً بعض الأشياء أولاً، هل سيخطئ الاحتياطى الفيدرالى أى خطأ تحت رئيسه الجديد، جيروم باول؟.. أدارت جانيت يلين بشكل رائع ٣ ارتفاعات فى أسعار الفائدة وبداية تقليص الميزانية، وسوف تزداد التوترات إذا استمرت معدلات البطالة فى تجاوز توقعات الفيدرالى، وواصلت معدلات التضخم التراجع دونها، وفى هذه الحالة، قد يشعر الفيدرالى بالإغراء لاتخاذ ضمانة من خلال رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من المتوقع فى حال ارتفع التضخم قليلاً، وهذا سيكون خطأ، وسيمثل صفعة للمستثمرين الذى اعتمدوا فى افتراضاتهم لأسعار الأصول على أسعار الفائدة المنخفضة. ثانياً، هل سيتماسك الاقتصاد الصينى؟ كان من المفترض أن يتراجع الاقتصاد الصينى قليلاً فى ٢٠١٧، ولكن هذا لم يحدث، وأضاف على الانتعاش العالمى، وتوقع الكثير من الاقتصاديين بعض التباطؤ فى ٢٠١٨، نتيجة حث الحكومة الشركات المملوكة للدولة على تخفيف عبء ديونها، ولكن انفجار الديون الذى توقعه معظم المتشائمون لم يحدث، بالنظر إلى مرونة الصين للعب دور أكبر فى الرخاء العالمي. وهناك رجل ينبغى مراقبته وهو ليو هى، المستشار الاقتصادى للرئيس، شى جين بينج، والذى جمع نفوذاً هائلاً فى الجهاز السياسى، ولن أكون مندهشاً إذا أصبح المحافظ الجديد للبنك المركزى الصينى. ثالثاً، هل سيكون هناك سباق إلى الحضيض على الضرائب على الشركات؟ سوف يؤدى تخفيض الضرائب على الشركات بنسبة ٢١% ضمن مشروع القانون الذى اقترحه الرئيس الأمريكى ومرره الكونجرس فى ديسمبر إلى إغراء الدول المتقدمة الأخرى على الأرجح للتفكير فى تخفيض مماثل أو أكبر، ويتوقع كريشنا جوحا، من شركة «إيفركور آى أس آس» أن تتراجع الضرائب الأمريكية على الشركات مجتمعة (الفيدرالية وفى كل ولاية) بقدر كبير دون المعدلات فى اقتصادات مجموعة السبعة، وكتبتُ الشهر الماضى أن تخفيض الضرائب يعد جزءاً من تحول توسعى فى السياسة المالية العالمية، فدعوا اللعبة تبدأ. رابعاً، هل سيتحرض ترامب؟ رغم كل الحديث عن الشعبوية والمزاج المناهض للتجارة فى الولايات المتحدة، قد يتبين أن الانتخابات الرئاسية المكسيكية تمثل تهديداً أكبر لاتفاقية التجارة الحرة فى شمال أمريكا، فى الوقت الذى يتخبط فيه البيت الأبيض بين العداء للاتفاقية والتردد بشأنها، ولن يخجل المتسابق اليسارى فى المسابقة الرئاسية فى ٢٠١٨، أندريه مانويل لوبير أوبرادور، من حذو حذو ترامب فى وسائل التواصل الاجتماعى، وليس من المستبعد أن يعلن ترامب، فى لحظة غضب، عن نيته للانسحاب من الاتفاقية التجارية، وإذا فعل ذلك، فسوف تنزلق مجموعة كبيرة من الولايات الزراعية فى ركود. خامساً، هل ستضر السياسة أخيرا بالنمو؟ لم تكن الولايات المتحدة المكان الوحيد الذى كان للأسواق والنمو اليد العليا فيه على الاضطرابات الجيوسياسية فى ٢٠١٧، فكل من إندونيسيا وماليزيا، يستعدون للانتخابات، ويستعرض الإسلام السياسى عضلاته فى الدولتين العلمانيتين تاريخياً، وسوف يتم إجراء الانتخابات المحلية فى إندونيسيا فى يونيو، ثم سينتقل التركيز على الانتخابات الرئاسية العام المقبل، وأطاحت الجماعات الإسلامية بمحافظ إصلاحى قريب من الرئيس، جوكو ويدودو، ولديها القدرة على إخراج الناس بالشوارع، بينما سيواجه الحزب الماليزى الحاكم الناخبين فى أغسطس ومن المرجح أن يعتمد على التعديلات الدستورية التى تحابى المناطق الريفية المحافظة، خاصة عرق الملايو، ولعب رئيس الوزراء، نجيب رزاق على هذا الوتر فى انتخابات ٢٠١٦، وعائلته جزء من القيادة السياسية منذ وقت طويل فى الدولة، ولكنه وحكومته طالما توددوا للسكان من الملايو وللإسلاميين منذ التسعينيات. إعداد رحمة عبدالعزيز المصدر وكالة أنباء «بلومبرج» أكثر من ٦ سنوات فى البورصة