لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا التقرير الأسبوعي الرقم ١٢ مقدمة منذ آذار مارس من هذا العام، عندما أطلق الرئيس الأمريكي العنان للبنتاغون، وأمر بتعزيز عمليات قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال كثفت الطائرات الأمريكية بدون الطيار غاراتها على مواقع تابعة لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة في مناطق متفرقة من جنوب الصومال، وكانت معظم تلك الضربات الجوية تستهدف قيادات الحركة، فقد قتلت إحدى تلك الغارات القيادي في الحركة علي محمد حسين المعروف بـ"علي جبل" في نهاية شهر تموز يوليو، والذي أكدت الحركة مقتله في بيان رسمي صادر عنها في الحادي والعشرين من شهر أغسطس أب الماضي. كما أدت تلك الغارات إلى مقتل عدد آخر من قيادات الحركة الميدانيين والعليا في مناطق متفرقة من الأقاليم الجنوبية. ولتلك الغارات الجوية تداعيات وآثار مختلفة على صعيد العمليات العسكرية ضد حركة الشباب وداعش، وكذلك على الأبرياء الذين تطالهم تلك الضربات، كما حدث أكثر من مرة في محافظة شبيلي السفلى، ويلقى هذا التقرير الضوء على الضربات الجوية الأمريكية في الصومال والآثار الناجمة والمتوقعة. تصعيد الضربات الجوية شهدت الغارات الجوية الأمريكية تصعيدا بعد انفجار الرابع عشر من شهر أكتوبر الماضي الذي أودى بحياة أكثر من ٣٥٨ من المواطنين الأبرياء، وجرح ما يربوا على ٣٠٠ آخرين لا يزال بعضهم في المستشفيات. وتزامن تكثيف الغارات مع إعلان البنتاغون عن زيادة عدد القوات الأمريكية إلى ٥٠٠ عنصر؛ حيث قالت ساماناثا التي تعمل مسؤولة العلاقة العامة في قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا إن القوات الأمريكية التي تعمل في الصومال تضم أكثر من خمسمائة عنصر ما بين عسكريين ومدنيين، وأضافت أن كل غارة جوية تشنها القوات الأمريكية ضد أهداف حركة الشباب أو تنظيم داعش تتم بعلم الحكومة الاتحادية في الصومال. وكان شهر نوفمبر تشرين الثاني هو الأكثر نشاطا من بين شهور السنة؛ حيث بلغت عدد الغارات الأمريكية إلى ثلاثين غارة جوية على مواقع ومعسكرات تابعة لحركة الشباب في جنوب الصومال، وحسب إعلان القوات الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" فإنها نفذت في غضون يومين ثلاث غارات استهدفت اثنان منها على مواقع تابعة لحركة الشباب في كل من بُولُو غدُود في جوبا السفلى ومنطقة بريرى الواقعة على ٦٥ كيلومتر جنوب غرب العاصمة مقدشو، بينما استهدفت الضربة الثالثة مجموعة داعش في بونت لاند، وقتلت تلك الغارات عددا من مقاتلي الجماعتين. يذكر أن الولايات المتحدة شنت أول ضربة لها في نوفمبر تشرين الثاني ضد تنظيم داعش في الصومال بعد أن أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البنتاغون في مارس آذار الماضي بشن عمليات جوية وبرية لمكافحة حركة الشباب وداعش ودعم الحكومة الصومالية. أثر الغارات على حركة الشباب لقد تعرضت الحركة نتيجة لتلك الضربات لخسائر فادحة في الأرواح والمعدات، كان أشدها فداحة عندما ضربت طائرات أمريكية على معسكر للتدريب تابع للحركة في منطقة تبعد عن العاصمة ١٠٠ كيلومتر تقريبا في محافظة باي جنوب غربي البلاد في الحادي والعشرين من شهر نوفمبر تشرين الثاني المنصرم. وقالت قيادة الجيش الأميركي في أفريقيا في بيان لها، إنه "بالتنسيق مع حكومة الصومال الفيدرالية، شنت القوات الأميركية ضربة جوية في الصومال على معسكر للشباب (أمس) الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل أكثر من ١٠٠ مسلح". وشكلت الضربات الجوية ضغوطا متزايدة على التحركات العسكرية للحركة، كما أضعفت من قدراتها القتالية في عدد من المناطق الجنوبية، ويرى المراقبون أن الغارات يمكن أن تكون البداية الحقيقية لإضعاف القوة العسكرية لحركة الشباب بحيث تسود في المناطق التي تتعرض للضربات الجوية حالة من الذعر؛ مما أدى إلى قلة تحرك السيارات فيها إلا في حالات نادرة، وقد أثر الأمر أيضا على الأفراد الذين يشغلون مناصب إدارية أو عسكرية رفيعة داخل المدن، ثم إن التنقل من مدينة إلى أخرى داخل الأراضي التي تسيطر عليها الحركة صار أمرا في غاية الصعوبة؛ مما يعيق تنظيم الهجمات على المواقع التي تسيطر عليها القوات الحكومية والقوات الأفريقية المساندة لها، فمليشيات حركة الشباب صات تلتزم في أماكن تواجدها ولا تخرج إلا للضرورة، حسب إفادات السكان في محافظة شبيلى السفلى. هروب وارتياد إلى مناطق جديدة ومن النتائج المترتبة على الضربات الجوية هروب عدد من مقاتلي الحركة من المناطق الأكثر تعرضا للغارات الأمريكية خاصة في محافظة شبيلى السفلى، ووصل عدد من هؤلاء الفارين إلى قرى تابعة لمديرية "متابان" في محافظة هيران حسبما صرح مسؤولون في المحافظة لوسائل الإعلام المحلية، وتأتي تلك الخطوة في إطار بحث قادة الحركة عن ملاذ آمن بعد تزايد الضربات الجوية وإمكانية بدء حملة برية على مواقع الحركة في المناطق الخاضعة تحت سيطرتها بجنوب ووسط البلاد. ومن المحتمل أن يلجأ مقاتلو الحركة إلى المناطق الجبلية في شرق البلاد مع وجود فرع لها في غلغلا المتاخمة لسواحل خليج عدن في ولاية بونت لاند، مع العلم أنه جرت في الآونة الأخيرة اشتباكات بين مليشيات من حركة الشباب وقوات الأمن التابعة لولاية بونت لاند في منطقة غرعد الساحلية، وتتوجس إدارة بونت لاند من تسلل مقاتلي الحركة إلى السلاسل الجبلية الوعرة عن طريق البحر؛ حيث تنشط هناك قوارب تمارس أنشطة غير قانونية مثل الصيد غير المرخص والتجارة بتهريب البشر والبضائع عبر المرافئ الطبيعية المطلة على سواحل المحيط الهندي وخليج عدن. وتأتي هذه التطورات الجديدة في حين أفادت الأنباء الواردة من محافظة "غدو" وصول عدد من مقاتلي حركة الشباب إلى قرى في المحافظة، وشوهد مئات من مقاتلي الحركة مدججين بالأسلحة الرشاشة في القرى الريفية الواقعة على تخوم بلدة عيل عَدِى القريبة من غربهارَي حاضرة محافظة غدو. أثر الغارات على المدنيين مما لاشك فيه أن الغارات الجوية الأمريكية تؤثر على المدنيين الذين يقطنون في المناطق القريبة من معسكرات الشباب، وقد سبق أن قتل عشرة أشخاص بينهم أطفال في هجوم مشترك نفذتها القوات الحكومية بمساندة قوات أمريكية خاصة في بلدة بريرى الواقعة على بعد ٦٥ كليومتر جنوب غرب العاصمة في الخامس والعشرين من شهر أغسطس آب الماضي، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا بين الحكومة من جانب والمعارضة وأهالي الضحايا من جانب آخر. وبعد مرور ثلاثة أشهر من تلك الحادثة لا تزال القوات الأمريكية مصرة على أن المتضررين بهجومها كانوا مسلحين، واصفة إياهم "بالعدو" حيث ذكر بيان رسمي صادر عن قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا أن التحقيقات المشتركة التي قامت بها القوات الأمريكية الخاصة مع القوات الصومالية خلصت إلى أن الاتهامات المتعلقة بمقتل مدنيين في العمليات المشتركة في بريرى في شهر أغسطس الماضي غير صحيحة، وأن الذين قتلوا هناك كانوا مسلحين أعداء. وهذه التصريحات لاشك أنها ترسل رسائل غير ايجابية، وتبعث قلقا لدى أولئك الذي فقدوا ذويهم أو أقاربهم في تلك الحادثة، الذين كما هو معلوم أنهم لم يتنازلوا بعد عن مطالبهم، والتي منها دفع دية عن ضحيا الهجوم، ومما أثار الجدل حول هوية الضحايا تسييس القضية وتضارب تصريحات المسؤولين في الدولة بشأن هذا الحادث. وهناك حادثة أخرى مماثلة قتل فيها مدنيون في شبيلي السفلى بداية نوفمبر المنصرم؛ حيث شنت طائرة أمريكية هجوما على موقع يشتبه بأنه يختبئ فيه عناصر من حركة الشباب في بلدة دانيري القربية من أوطيغلى، وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة من المزارعين كانوا في طريقهم إلى مزارعهم في وقت مبكر من ذلك اليوم حسبما صرح به مسؤول في المحافظة للقسم الصومالي لإذاعة صوت أمريكا. نزوح عدد من سكان شبيلي السفلى من آثار الهجمات والضربات الجوية الأمريكية على مواقع حركة الشباب نزوح عدد كبير من سكان محافظة شبيلي السفلى في الأشهر الأخيرة، وخاصة في شهر تشرين الثاني نوفمبر المنصرم. ووصل أعداد من أوليك النازحين إلى مديرية كحدا في العاصمة الصومالية مقديشو في الأيام والأسابيع القليلة الماضية. وأكدت إدارة المديرية وصول عدد يزيد عن ألف أسرة نزحت من محافظة شبيلي السفلى إلى المديرية، ويذكر أن أغلبهم من مديرية أوطيغلى والمدن والأرياف المجاورة لها. وهناك نازحون آخرون من محافظة شبيلي الوسطى هربوا من المعارك الدائرة هناك بين مقاتلين من حركة الشباب والقوات الحكومية التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي"أميصوم" والضربات الجوية التي تنفذها طائرات أمريكية بدون طيار. وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن القلق متزايد في الأوساط الشعبية؛ لأن هناك إمكانية زيادة حجم الخسائر البشرية في صفوف المدنيين، ولاسيما في حال بدء الهجوم البري –الذي أعلنت عنه الحكومة على معاقل حركة الشباب في جنوب الصومال، ويتوقع أن يتم بمساندة القوات الإفريقية وبغطاء جوي أمريكي، الأمر الذي قد يؤدى إلى وقوع ضحايا مدنيين، كما هو الحال في كثير من البلدان التي تشهد صراعات تشارك فيها أطراف دولية متعددة المصالح والإستراتيجيات. أكثر من ٦ سنوات فى الصومال الجديد