تعتبر قضية مراجعة الدستور من القضايا الشائكة التي أدت الى سلسلة من الخلافات بين الحكومة الإتحادية المتمثلة في وزرة الدستور وحكومات الولايات الإقليمية، وخاصة حكومة ولاية بونت لاند التي اتهمت الحكومة أكثر من مرة بالقيام بتعديل بعض فقرات بنود الدستور، وكان أشدها فترة حكومة عبد الولي شيخ أحمد وهو مانفته الحكومة وقتئذ بشكل قاطع. وكان الجدل حول عملية مراجعة الدستور حاضرا في كل المنعطفات التي شهدتها العلاقات بين الحكومة الاتحادية والولايات. ولم يكن الخلاف بين الحكومة والولايات فحسب، بل شمل كل الهئيات المعنية بما فيها اللجنة القومية المستقلة لمراجعة الدستور واللجنة البرلمانية المشتركة لمراجعة وتطبيق الدستور والتي وقفت مؤخرا الى جانب الولايات عندما قاطعت المؤتمر الوطني العام لمراجعة الدستور الذي نظمته وزراة الدستور الإتحادية. وقد اصدرت اللجنة البرلمانية المشتركة بيانا دعت فيه حكومات الولايات الإقليمية والمجتمع المدني الى عدم المشاركة في مؤتمر مراجعة الدستور الذي كان من المقرر عقده في شهر أكتوبر الماضي، واعتبرته بأنه انتهاك الدستور الذي يجب على الجميع حمايته. وقد اتهمت اللجنة في بيانها وزارة الدستور بالإنفراد بالقرارات دون الرجوع الى الجهات المعنية، وانها تحاول الحصول على سلطات غير دستورية منتهكة بذلك حسب البيان بنودا من مسودة الدستور الإنتقالي ، ومنها مواد ٦٣ ،٧١ ،١١٠ ١٣٣ وكلها بنود تتحدث عن مهام ومسؤليات اللجان االبرلمانية المختصة واللجنة القومية لمراجعة الدستور. والآن وبعد التوقيع على وثيقة التفاهم بشأن العمل المشترك بين وزراة الدستور من جهة وبين اللجنة البرلمانية المشتركة لمتابعة مراجعة الدستور واللجنة القومية لمراجعة الدستور من جهة أخرى بحضور كل من رئيس الوزراء حسن علي خيري ورئيس مجلس النواب محمد شيخ عثمان جواري والنائب الأول لرئيس مجلس الشيوخ أبشر بخاري، والسؤال المتبادر إلى الذهن هو هل يضع هذا التفاهم حدا للجدل الدائر بشأن مراجعة الدستور، وهل يؤدى هذا الإتفاق إلى المضي قدما في استكمال مراجعة الدستور المؤقت. والإجابة عن هذه الأسئلة تتوقف على مدى جدية وزارة الدستور في تجاوز العقبات التي واجهت عملية مراجعة الدستور واستعدادها أيضا للعب الأدوار المنوطة بها دستوريا دون إهمال الشركاء من اللجان المختصة، وهذه تتطلب من الحكومة الاتحادية بشكل عام ومسؤولي وزارة الدستور بشكل خاص إبداء قدر كاف من المرونة في التعامل مع المكونات المعنية للعملية. وهناك نقطة أخرى مهمة في هذا الصدد، وهي ضرورة التنازل من قبل الجهات المعنية، ويشار إلى أن اللجان المعنية قد ترفع سقف مطالبها في بعض الأحيان الى أكثر مما يكفل لها الدستور أو يمنحها، فلقد طالبت اللجان المشتركة في بيانها السالف الذكر المجتمع الدولي بعدم تمويل عملية تمثل انتهاكا سافرا للدستور، قاصدة بذلك مؤتمر مراجعة الدستور الذي تم تأجيله الى أجل غير مسمى، بعد مقاطعته من قبل اللجان وحكومات الولايات. ويمكن القول بأن هذه التفاهمات من شأنها أن تنهي الجدل الدائر حول إستئناف عملية مراجعة الدستور بين الهيئات الاتحادية إذا توفرت الإرادة الصادقة لدى القوى والهيئات المعنية لقضية الدستور، ولكن غياب حكومات الولايات الإقليمية من المشاركة في هذه التفاهمات له مؤشرات سلبية. ولتلافي عودة التوترات والجدل ينبغى للحكومة الاتحادية الكف من تدخل مهام الجهات المعنية بقضية الدستور، ومن أبرزها اللجان الدستورية وحكومات الولايات الإقلميية، كما يجب على الحكومة التحاشي من تقزيم أدوراها مما يؤدي الى تأزم الوضع من جديد، وهو الأمر الذي يعيق عملية مراجعة الدستور برمتها. أكثر من ٦ سنوات فى الصومال الجديد