مقديشو عاد الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو اليوم الأربعاء إلى العاصمة الصومالية مقديشو، قادما من جيبوتي، بعد جولة مكوكية قام بها إلى ثلاث دول في شرق أفريقيا، وهي أوغندا وإثيوبيا وجيبوتي، بحثا عن دعم إقليمي لحملة عسكرية أعلنها ضد حركة الشباب، ويركز هذا التقرير على نتائج الجولة، وما إذ حققت أهدافها، بناء على المعطيات في الساحة ذات الصلة بالموضوع. بدأ الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو في يوم الأحد الماضي (٢٢ من أكتوبر)، جولته في وقت كان من المتوقع أن يعلن الرئيس قبل جولته عن فرض حالة طوارئ على البلاد في خطاب كان من المرتقب أن يلقيه أمام أعضاء البرلمان الصومالي، ولكن تلك الجلسة البرلمانية قد تأجلت لأسباب لم تعرف حتى الآن. وشملت جولة الرئيس الصومالي كلا من أوغندا وأثيوبيا وجيبوتي بحثا عن دعم إقلمي لحملة عسكرية قادمة ضد حركة الشباب التي يشار إليها بأصابع الاتهام بالوقوف وراء مسؤولية الهجوم الدموي في مقديشو في الرابع عشر من شهر أكتوبر الجاري. ومن المسؤولين الذين وجهوا الاتهامات مباشرة إلى الحركة الرئيس محمد عبد الله فرماجو في مقابلات صحفية. وبعد مرور تسعة أشهر على انتخاب فرماجو رئيسا للصومال، لم تتحقق حتى الآن الآمال التي كان المواطنون الصوماليون يعلقونها على فوزه برئاسة الجمهورية، كما واجهت الحكومة الفيدارلية الصومالية أزمات سياسية أدت إلى انخفاض رصيدها الشعبي بشكل ملحوظ، ابتداء من تسليم القيادي في جبهة ONLF لإثيوبيا، مرورا بالخلافات السياسية المتصاعدة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية، وانتهاء بالهجوم الانتحاري الدموي الذي أودى بحياة أكثر من ٣٠٠ شخص. وفي ظل هذه الأزمات السياسية والأمنية الراهنة في البلاد، ينتقد بعض المحللين الجولة التي قام بها الرئيس فرماجو لدول المنطقة، في وقت لا تزال تتفاقم فيه الخلافات السياسية بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية. ويعتقد المحللون أنه كان من الأولى أن يركز فرماجو في خطوته الأولى على تجاوز المطبات السياسية المحلية من خلال السعي لتسوية الخلافات السياسية بين المركز والأطراف، ليتوجه بعدها إلى البحث عن دعم إقليمي للحملة العسكرية ضد حركة الشباب. علما أن الولايات الإقليمية تلعب دورا لا يستهان به في مجالي الأمن والسياسية في البلاد، وأن أية محاولة تهدف لتهميشها أو إقصائها عن الساحة السياسية لا تبشر بخير، بل قد تساهم في تعميق الخلافات الراهنة. وعلى الرغم من أن الهدف الرئيسي لجولة فرماجو يتمثل في البحث عن دعم إقليمي لإطلاق حملة عسكرية واسعة النطاق ضد حركة الشباب إلا أن تحقيق هذا الهدف مرهون على عوامل سياسية واقتصادية محلية وخارجية، ومن أبرزها التعاون بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية؛ التي ستصبح مناطقها مسرحا للعمليات العسكرية ضد حركة الشباب، كما أن العملية تتطلب امكانيات مادية، تتمثل في توفير مختلف أنواع الإمدادات اللازمة للحملة العسكرية، وهناك تساؤلات حول الجهة المستعدة لدفع التكاليف اللازمة للحملة العسكرية الجديدة. وتأتي مساعي الحكومة الفيدرالية كذلك في وقت تشير تقارير إلى أن عناصر الجيش لم يتقاضوا مرتباتهم لعدة أشهر، كما يتوقع أن تبدأ بعثة الاتحاد الأفريقي قريبا تقليص عدد جنودها في الصومال، بناء على خطة تهدف لانسحاب القوات الأفريقية بصورة تدريجية من البلاد في غضون أربع أعوام؛ لتتسلم القوات الصومالية الملف الأمني والعسكري في البلاد بشكل كامل في عام ٢٠٢١. ومعلوم أن علاقات الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو مع بعض قادة دول شرق أفريقيا مرت بمراحل تتسم بتوتر شديد، ويرى المراقبون أن البحث عن الدعم العسكري عن دول المنطقة أمر ثانوي، ويجب أن تسبقه خطوات دبلوماسية ترمي إلى تحسين العلاقات مع هذه الدول. ويعتبر البعض مستوى استقبال فرماجو لدى وصوله إلى إثيوبيا وجيبوتي ضمن جولته مؤشرا مهما على النتائج المتوقعة لجولته، بحيث استقبله فور وصوله إلى أديس أبابا وجيبوتي وزيرا خارجية إثيوبيا وجيبوتي، مما يدل على انخفاص مستوى الاستقبال؛ والذي يحمل في طياته دلالات، من أبرزها قلة الاهتمام بهدف الجولة إن صح التعبير. وتتزامن الجهود الحكومية للإعلان عن عملية عسكرية واسعة النطاق مع وقت لا يزال منصب وزير الدفاع شاغرا؛ بحيث لم يتم حتى الآن تعيين وزير دفاع جديد، خلفا للوزير المستقيل عبد الرشيد عبد الله محمد، كما أن قائد الجيش الصومالي الجديد تسلم المهام قبل أسبوعين تقريبا. ويعتقد أن ترتيب الأوضاع في وزارة الدفاع وتجهيز القوات ماديا ومعنويا وتحسين العلاقات بين المركز والأطراف أولى وأهم من الجري وراء سراب اكتساب دعم الدول الإقليمية، والتي لا شك في أنها تتحرك وفق مصالحها الاسترتيجية. أكثر من ٦ سنوات فى الصومال الجديد