مدى مصر

«الداخلية» تعلن مقتل ٣عناصر من «مجموعة عمرو سعد» بالوادي الجديد مدى مصر ١٥ أغسطس ٢٠١٧ أعلنت وزارة الداخلية اليوم مقتل ٣ عناصر مسلحة، في اشتباكين مع قوات الأمن بالوادي الجديد، خلال العمليات التي تجريها قوات الأمن منذ أيام لتتبع وملاحقة كوادر «القيادي الإرهابي» عمرو سعد، حسب البيان الرسمي. وذكر نص البيان، الذي أصدرته وزارة الداخلية اليوم الثلاثاء، أنه وردت معلومات للجهات الأمنية بهروب عناصر مسلحة من مجموعة عمرو سعد المتورطة بعدد من عمليات العنف، بدروب الظهير الصحراوي الغربي لمحافظات الوجه القبلي، وقيام ثلاثة منهم باستيقاف سيارتين بطريق الفرافرة ديروط الصحراوي، بتاريخ ١٣ أغسطس الجاري والاستيلاء على إحداهما تحت تهديد السلاح. وأسفرت الجهود من تحديد محل اختفاء أحدهم، بالوادي الجديد، ويدعي عبدالله محمد سعد، وعند إلقاء القبض عليه، لقي مصرعه عند تبادل إطلاق النيران ومحاولته استخدام حزام ناسف كان بحوزته، انفجر فيه، حسب البيان. كما أفاد البيان ، أنه «بتاريخ ١٤ أغسطس الجاري، وردت معلومات تحدد محل العنصرين الآخرين بإحدى المناطق الجبلية (تبعد ٤٠ كم داخل النطاق الصحراوي) لطريق الفرافرة ديروط، وحال القبض عليهما، جرى تبادل إطلاق النيران مع القوات، وأسفر ذلك عن مصرع العنصرين وتناثر أشلاء جثة أحدهما لارتدائه حزام ناسف». وأشار البيان إلى استمرار إجراءات تحديد هوية القتلى، وضبط عدد من الأسلحة، كانت بحوزة العنصرين. وخلال الأيام الماضية قتلت قوات الداخلية عدد من العناصر المسلحة، قالت إن جميعهم مرتبطين بالقيادي عمرو سعد. وتتهم الداخلية «سعد» بالعضوية في تنظيم «الدولة الإسلامية» وضلوعه في عمليات استهداف كنائس البطرسية في العباسية ومارجرجس في طنطا والمرقسية في الإسكندرية. وكان من بين العمليات التي نفذتها وزارة الداخلية في سياق البحث وراء «سعد»، العملية التي قُتل فيها أحد العناصر المضبوطة والضابط المكلف بحراسته الرائد أحمد عبد الفتاح، أثناء إرشاد العنصر عن موقع الهاربين، وانتهت العملية بمقتل اثنين من العناصر، ولم تحدد الداخلية عن هويتهما حتى هذه اللحظة.
زيادة صلاحيات الرئيس ومد ولايته.. تعديل للدستور أم مخالفة لأحكامه؟ رنا ممدوح ١٥ أغسطس ٢٠١٧ كان من المفترض أن يكون الشارع السياسي المصري مشغولًا الآن بحديث الانتخابات الرئاسية المحدد موعدها دستوريًا بعد أشهر قليلة، حيث تنتهي الولاية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي في يونيو المقبل، وهو الأمر الذي علق عليه الكثيرون آمالًا كبيرة لإنهاء حالة الركود السياسي، لكن مقترحًا برلمانيًا أعده النائب عن حلوان، إسماعيل نصر الدين، بتعديل في الدستور بشأن مدة الولاية الرئاسية لمدها إلى ست سنوات بدلًا من أربع، جذب الحديث في الاتجاه المعاكس. تحدد المادة ١٤٠ من الدستور مدة ولاية رئيس الجمهورية بـ «أربع سنوات ميلادية» وأنه «لا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة». في ٩ أغسطس الجاري، أعلن نصر الدين عزمه إعادة التقدم بمقترح، سبق طرحه في فبراير الماضي، لتعديل ست مواد بالدستور تتضمن زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية ومد مدة الرئاسة إلى ست سنوات بدلًا من أربع، وسط ترحيب كثير من نواب ائتلاف «دعم مصر»، صاحب الأغلبية البرلمانية. سبق مقترح النائب تأكيدات من الحكومة، ممثلة في وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب السابق، مجدي العجاتي، ورئيس البرلمان، علي عبد العال، على نفي صحة ما يتردد حول نية تعديل مواد الدستور المنظمة لتداول الرئاسة، بناء على ما ينص عليه الدستور نفسه. في ١٣ ديسمبر الماضي، خلال اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، برئاسة النائب بهاء أبو شقة، بناء على تكليف من رئيس البرلمان، لمناقشة تعديل قوانين الإجراءات الجنائية، وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، والإرهاب، وحماية المنشآت العامة والحيوية، قال العجاتي، الذي حضر الاجتماع، إنه لم يتصد للرد على الكلام الخاص بتعديل الدستور، لأن الدستور الحالي في المادة ٢٢٦ بيّن لنا كيف نعدله، «سيبكوا من الاستفتاء، دي إجراءات شكلية ممكن نعملها، لكن الدستور نفسه قالك ما تجيش عند مدة رئيس الجمهورية». وهو ما تبعه نفي من عبد العال في جلسة ١٤ ديسمبر لرغبة البرلمان في تعديل الدستور من أجل مدة رئيس الجمهورية، قائلًا «من يرددون كذبًا أن البرلمان يريد تعديل الدستور من أجل مد مدة رئيس الجمهورية تناسوا أن هناك مادة حاكمة في الدستور تلزم بعدم تعديل مدة انتخاب رئيس الجمهورية ما لم يكن التعديل متعلقا بمزيد من الضمانات والحريات». حظرت المادة ٢٢٦ من الدستور «تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات». يبرر نصرالدين لـ «مدى مصر» إصراره على المقترح بأنه ليس من الملائم أن تكون مدة البرلمان خمس سنوات وتكون مدة رئيس الجمهورية أربع سنوات فقط، بل يجب أن تكون مدة رئيس الجمهورية ست سنوات على الأقل. ويرى ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، أن تعديل مدة الرئاسة، وضمان بقاء السيسي مدة رئاسية أخرى هو «أولوية يجب على البرلمان إنجازها في بداية دور الانعقاد الثالث». وأضاف لـ «مدى مصر» أن الدستور سمح بتعديل فترة الرئاسة دون المساس بألا يستمر الرئيس في منصبه أكثر من مدتين فقط، ولهذا يمكن للبرلمان، وفقًا لعمر، أن يعدل الدستور ليتضمن زيادة مدة الرئاسة إلى ست سنوات، ووضع مادة انتقالية تسمح للرئيس السيسي بحساب مدته الرئاسية الأولى حتى ٢٠٢٠، لعدم قدرة موازنة الدولة على تحمل تكاليف إجراء استفتاء لتعديل الدستور ثم انتخابات رئاسية في نفس العام. يفند الدكتور ماهر أبو العنين، أستاذ القانون الدستوري، كلام عمر بقوله إن نص الدستور «واضح ولا يحتمل التأويل»، موضحًا لـ «مدى مصر» أن المادة ٢٢٦ من الدستور تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، التي حددتها المادة ١٤٠. ويؤكد أبو العنين أن المساس بمدة الرئاسة أو فترات الرئيس «باطل دستوريًا»، لافتًا إلى أن أي تعديلات دستورية سيمررها البرلمان بخصوص مدة الرئاسة ستبطلها محكمة القضاء الإداري، لأن قرار دعوة الشعب للاستفتاء على تعديل الدستور وقتها سيكون قرارًا إداريًا منعدمًا لمخالفته للدستور. يعتقد اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان والقيادي بـ«دعم مصر» أن «السيسي هدية من الله لمصر، ويجب أن نحافظ عليه»، لذلك فالحديث عن تعديل مدة الرئاسة في الوقت الحالي «يضره». وأضاف في تصريحات لـ «مدى مصر» أنه من الأولى الآن أن يؤيد نواب البرلمان ترشح الرئيس لفترة رئاسية ثانية، «أما الحديث عن تعديل مدة الرئاسة فيعطي الفرصة للمتربصين للتشكيك في نوايا الرئيس». لم يحدد حزب المصريين الأحرار موقفه من المقترح حتى الآن، بحسب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بالبرلمان وعضو الحزب، الذي أضاف أن غالبية نواب البرلمان يؤيدون تعديل الدستور بشكل عام، وخصوصًا مدة الرئاسة، مشيرًا إلى أن الحديث عن التعديلات الآن لا يعدو كونه حوارًا مجتمعيًا واستطلاعًا لرأي الشارع، خصوصًا أن البرلمان لن يتخذ أي إجراءات في هذا الأمر قبل بداية دور الانعقاد الثالث، المقرر له ٤ أكتوبر المقبل. يرى رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية، النائب محمد بدراوي، أن الدعوة لتعديل الدستور تأتي قبل الموعد المحدد لبدء الانتخابات الرئاسية بأربعة أشهر، كأنها دعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، لكون تعديل الدستور يتطلب استفتاء الشعب، وموافقته على التعديلات، وهو «بيت القصيد»، مضيفًا أنه بات من غير المجدي التذكير بأن الدستور الذي يدعو رئيس البرلمان وعدد من نواب ائتلاف الأغلبية لتعديله لم تُنفذ غالبية مواده حتى الآن، وأن الأولى هو تطبيق مواد الدستور الذي شارك ٢٠ مليون مواطن في الاستفتاء عليه. من جانبه، يفسر أبو العنين الحديث الحالي عن تعديل الدستور وخاصة مدة الرئاسة باعتباره «بالونة اختبار»، وتهيئة للمجتمع لتعديل الدستور، ليس الآن، وإنما في نهاية الفترة الرئاسية الثانية للرئيس السيسي في عام ٢٠٢٢، مدللًا بأن الموائمة السياسية تقتضي البعد عن أي إجراء يضع سياسات الرئيس وشعبيته الآن في اختبار أمام الشعب، مفسرًا دعوات نواب البرلمان بالتعديل في هذا التوقيت بعدم وجود تنسيق بين النواب وبين الرئيس والمقربين منه. دستور «النوايا الحسنة» في كلمته خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في يوليو ٢٠١٥ اعتبر السيسي أن «الدستور ده طموح جدًا، وحط صلاحيات لو ما كانش هيستخدم في البرلمان برشد وبوطنية ممكن يتأذى المواطن قوي ومصر تتأذى قوي.. مش هنعمل إجراء استثنائي، وأنا أؤكد ذلك، وممكن البرلمان يكون أداؤه خطير جدًا بقصد أو بدون قصد يغرق كل اللي بنعمله». بعد شهرين فقط كرر الرئيس حديثه عن الدستور قائلًا إنه «كتب بنوايا حسنة والنوايا الحسنة لا تبني الدول». تزامنت تصريحات السيسي مع أخرى حكومية كشفت عن إعداد مقترح بتعديل عدد من مواد باب نظام الحكم في الدستور، وخاصة نصوص سلطات البرلمان المتعلقة بسحب الثقة من الرئيس، فضلاً عن المادة رقم ١٥٦ المتعلقة بمراجعة البرلمان للقوانين التي أصدرها الرئيس في غيابه. يقول النائب أيمن أبو العلا إن غالبية نواب البرلمان مقتنعون بضرورة تعديل الدستور، ليس بسبب مدة الرئاسة فقط، وإنما بسبب التفاصيل الكثيرة التي تضمنها الدستور بالمخالفة للمتعارف عليه في غالبية دساتير العالم. وأوضح أن الدستور يتحدث عن فرض ضرائب تصاعدية ويحدد نسب بعينها للإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي، وهذا ليس محله الدستور وإنما القوانين، فضلًا عن تضمنه لمواد أثبتت التجربة العملية عدم منطقيتها، مثل المادة الخاصة باختصاص مجلس الدولة في مراجعة القوانين التي يقترحها نواب البرلمان، والمواد التي تحدد مدة البرلمان بخمس سنوات ومدة رئيس الجمهورية بأربع سنوات فقط. المعنى نفسه عبر عنه رئيس البرلمان، الذي حمل الدستور مسؤولية عدم قدرة «النواب» على إصدار سوى أربع قوانين فقط في النصف الأول من العام الماضي، بسبب العقبات التي وضعها في طريق السلطة التشريعية باشتراطه موافقة ثلثي أعضاء البرلمان (٣٩٨ نائبًا) على ٧٠% من القوانين المكملة للدستور. تصريحات عبد العال، الذي شارك ضمن لجنة الخبراء العشر في إعداد الدستور، تبعتها أخرى لبرلمانيين ينتقدون فيها عدم واقعية الكثير من مواده، كتلك التي أشار إليها رئيس لجنة الخطة والموازنة، حسين عيسى، في أول يونيو ٢٠١٦، والمتعلقة بتحديد نسبة ١٠% من الناتج القومي الإجمالي للبلاد للإنفاق على الصحة والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي في الموازنة، وصفًا ذلك بالـ«خيال»، ومعتبرًا أن الدستور أخطأ بإلزام الحكومة بنسب معينة للإنفاق، وهو ما اتفق معه وكيل اللجنة، النائب ياسر عمر، الذي اعتبر أن الالتزام بالدستور في الموازنة العامة «خراب بيوت» لأنه «لا يجوز صرف تلك المبالغ على قطاعات مثل التعليم والصحة لمجرد أن الدستور نص على ذلك». ظهر ميل النواب أيضًا لتعديل الدستور في انتقاد بعضهم لمقترح وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب السابق، منتصف العام الماضي، بإعداد قانون العدالة الانتقالية، لما سيشمله من مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما رد عليه العجاتي وقتها «ده مش رأيي الشخصي، لم أقل شيئًا جديدًا ومن يعترض على كلامي عليه أن يقرأ الدستور الذي ألزم بإقرار مصالحة وطنية بين فئات الشعب». ارتفعت نبرة الدعوة لتعديل الدستور عقب الهجمات الإرهابية الدموية التي ضربت مصر مؤخرًا. عقب تشييع جنازة شهداء تفجير الكنيسة البطرسية في ١٢ ديسمبر الماضي، قال عبد العال إن «مجلس النواب عاقد العزم على مواجهة الإرهاب بالتدابير والتشريعات المناسبة حتى لو تطلب الأمر تعديل الدستور ذاته، وسوف يتحمل مجلس النواب مسؤولية المواجهة التشريعية بما يتناسب مع تطوير الإرهاب لأساليبه، والأهداف التي يريد النيل منها، نعم أقولها بصراحة، لو تطلب الأمر، وأكرر لو تطلب الأمر تعديل الدستور لمواجهة الإرهاب فسوف نقوم بتعديله، بما يسمح للقضاء العسكري بنظر جرائم الإرهاب بصفة أصلية». مرة أخرى، تبع تصريحات عبد العال تأكيدات من عدد كبير من النواب على اتجاه البرلمان نحو تعديل، ليس فقط المادة ٢٠٤ الخاصة بالمحاكمات العسكرية، وإنما المواد الأخرى التي أثبت التطبيق الفعلي عدم جدواها. يقول النائب نصر الدين لـ «مدى مصر» إن «الدستور مليء بالمطبات وهناك مواد أثبتت التجربة عدم قابليتها للتنفيذ»، مدللًا على ذلك بأن الدستور لم يراعي قواعد الفصل بين السلطات في المواد المتعلقة بسلطة محكمة النقض في الفصل في صحة عضوية نواب البرلمان، وهو اختصاص أصيل للبرلمان وليس القضاء، كما أعطى لمجلس الدولة أن يتدخل في سلطة التشريع الموكلة للبرلمان، بالنص على ضرورة مراجعة قسم التشريع بالمجلس للقوانين والقرارات الجمهورية، رغم أن المنطقي أن يراجع مجلس الدولة مشروعات القوانين التي تعدها الحكومة، وليس التي يقترحها نواب الشعب، لافتًا إلى أنه بصدد تحديد مواد الدستور التي سيطلب من البرلمان تعديلها في أول أكتوبر المقبل. ويضيف النائب ياسر عمر انتقادات أخرى للدستور تتعلق بتنظيمه لحالة الطوارئ، معتبرًا أن مصر «في حالة حرب، ويوجد ضرورة لمد حالة الطوارئ، لكن الدستور يحددها بستة أشهر فقط، وبالتالي لازم يتعدل». أجازت المادة ٢٢٦ من الدستور لرئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواه، على أن يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ٣٠ يومًا من تاريخ تسليمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا أو جزئيًا بأغلبية أعضائه، وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي، ولكن إذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ٦٠ يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة. وحددت لائحة البرلمان الداخلية في موادها ١٤١ و١٤٢ و١٤٣ آلية تعامل البرلمان مع مقترحات النواب بتعديل الدستور، حيث يعرض رئيس المجلس الطلب المقدم باقتراح تعديل الدستور من أعضاء المجلس خلال سبعة أيام من تقديمه على اللجنة العامة للبرلمان، وإذا قررت اللجنة العامة توفر الشروط الدستورية والإجرائية في طلب التعديل المقدم من الأعضاء، تعد اللجنة العامة تقريرًا برأيها في مبدأ التعديل خلال سبعة أيام لعرضه على الجلسة العامة، وإذا وافق النواب على تعديل الدستور وعلى المواد المعدلة يُخطر رئيسُ المجلس رئيس الجمهورية بقرار المجلس مشفوعًا ببيان الأسباب التي بنى عليها المجلس قراره، والإجراءات التي اتبعت في شأنه، وذلك لاتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لعرض التعديل على الشعب لاستفتائه في شأنه.
رابعة الإيمان ما كان كان شهادة غير مكتملة حول اعتصامي النهضة ورابعة ــــــــــــــــــــــــــــــــــ دنـيا عزت ١٥ أغسطس ٢٠١٧ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ «حد يكلم البوليس ييجوا يشيلوا الحيوانات دول من هنا، مش هيسيبوا رابعة وييجوا يعششوا لنا هنا»، بهذه الكلمات يعلو صوت نجلاء، السيدة اﻷربعينية، بينما تغطي وجهها المكسو بمساحيق التجميل تظهر بوضوح مع حجابها الكامل ملامح غضب شديد. وهي تقف وسط مجموعة من السيدات القاطنات في محيط شارع مكرم عبيد بمنطقة بمدينة نصر. فيما تتردد من بين المتجمعين جمل مثل «مشوهم من هنا»، «مش عايزين زبالة هنا»، «إحنا مش هنخلص منهم»، «إحنا مش هنسكت»، «ندخل نمشيهم لو الشرطة ما جتش تشيلهم». تزامن هذا المشهد مع غروب شمس الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٣، اليوم التالي على فض قوات اﻷمن اعتصامًا استمر ستة أسابيع، في محيط ميدان رابعة العدوية، بالتوازي مع فض مماثل، أقل دموية حسب كل المشاهدات والروايات، في ميدان النهضة بمحافظة الجيزة، وهما الاعتصامان اللذان رفض المجتمعون فيهما إنهاء حكم الرئيس اﻷسبق محمد مرسي على يد وزير دفاعه وقتذاك، والرئيس الحالي للبلاد، عبد الفتاح السيسي، مدعومًا بعدد من ممثلي القوى المدنية والدينية. قبل المشهد السابق بأربعة أسابيع، وفي ثاني أسابيع الاعتصام في رابعة، كانت سيدة ثلاثينية في طريقها لمنزلها سيرًا على الأقدام بعد نزولها من سيارة أجرة لجأت إليها بعد أن تعذر عليها استخدام سيارتها الخاصة للتحرك من محيط منزلها القريب من اعتصام رابعة، بفروغ صبر قالت السيدة «الحقيقة الناس دي صعبة قوي، قفلوا كل الأماكن المؤدية للدخول والخروج حول الجامع (رابعة) ومش عايزين يتحركوا، لدرجة إن والدتي كانت تعبانة وكنت عايزة أجيب لها الإسعاف، والإسعاف ما عرفش يدخل فجوزي شالها على كرسي مع البواب علشان ننزلها». قبل أن تضيف وهى تعيد ضبط غطاء رأسها الملون «وبعدين يعني كويس كده شتيمة المسيحيين اللي طول الوقت؟، أنا في نفس الدور معايا جارتي مسيحية وست زي الفل، الواحد بس يبص في وشها إزاي وهي بتسمع شتيمتها ليل ونهار». في إشارة إلى هتافات من نوعية «إسلامية إسلامية رغم أنف النصرانية» التي تعلو من الاعتصام من حين لآخر. عند «بوابة الاعتصام» يتأكد مجموعة من الشباب والفتيات من هوية المواطنين الراغبين في المرور، ليتأكدوا من كونهم من سكان المنطقة، وفي حالة كون الراغب في المرور صحفيًا، يطلبون الاطلاع على بطاقة الصحافة ويقومون بتدوين الاسم في كراس مسطر، يبدو أنه يحمل أسماء كل الصحفيين الذين مروا من هذه البوابة. حين يستوقف الموجودون على البوابة زائرًا لا يفصح اسمه أو مظهره عن هويته الدينية، يبدأون في سلسلة من اﻷسئلة الساعية بوضوع للتعرف على تلك الهوية، وإن أعيتهم الحيل، يطلبون الاطلاع على بطاقته الشخصية «الرقم القومي» حيث الهوية الدينية مسجلة. «سامحينا، أصل إحنا بصراحة شوفنا كتير من المسيحيين»، تقول رحمة، الفتاة العشرينية، أثناء سيرها وسط جموع متناثرة جلسوا يتقاسمون أرغفة من الخبز البلدي مع قطع صغيرة من الجبن الأبيض وبعض ثمرات الطماطم. وتستكمل «المسيحيين مش عايزينا يا أستاذة، علشان همّا مش عايزين الإسلام يحكم، بس الإسلام حكم بالديمقراطية وإحنا جينا بالصندوق، وبعدين طبعا (نجيب) ساويرس و(البابا) تواضروس ما عجبهُمش فاتفقوا مع السيسي الخاين القاتل». يتوافق ما تقوله رحمة مع الجمل المكتوبة بالحبر اﻷسود على حوائط البنايات السكنية الموجودة داخل محيط الاعتصام، والتي تهاجم بابا الكنيسة المرقسية، جنبًا إلى جنب مع عبارات مثل «السيسي خائن، السيسي قاتل» الأكثر تعبيرًا عن شعور المتعاطفين مع الإخوان المسلمين من قيام عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المختار من قبل مرسي، بما أسموه بحسم «قيادة الانقلاب على الرئيس المنتخب». *** كان مرسي قد اختار السيسي، أصغر أعضاء المجلس اﻷعلى للقوات المسلحة سنًا في ذلك الحين، وزيرًا للدفاع في ١٢ أغسطس ٢٠١٢، مطيحًا بقيادات عسكرية أقوى وأقدم كانت ولايتهم ممتدة منذ فترة حكم حسني مبارك المنتهية في فبراير ٢٠١١. قبل أن يعود الرئيس ليصف وزير دفاعه الجديد بأنه واحد من «الرجالة اللي زي الذهب»، قبل أيام قليلة من انطلاق تظاهرات ٣٠ يونيو ٢٠١٣ المطالبة بإنهاء حكم مرسي نفسه، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، والتي كان السيسي أحد أهم محركيها. «السيسي لم يخن مرسي، إنما ذكاء مرسي هو من خانه عندما كان يبلغ مكتب الإرشاد أن السيسي هو رجل الإخوان في القوات المسلحة»، يقول أحد القيادات الشابة في جماعة الإخوان المسلمين، والذي كان مسؤولًا لأمانة إحدى المحافظات الكبرى في ذلك الوقت، وهو موجود حاليًا خارج مصر. ويكمل القيادي الشاب حديثه المتزامن مع اعتصام رابعة، قبل فضه، قائلًا «مرسي صدق، صدق أن السيسي ميوله إخوانية علشان بيصلي الوقت بوقته، وبيصوم الإثنين والخميس، وبيصلي خلف مرسي، ومش لابس دبلة (خاتم زواج) ذهب وبيقرأ قرآن وأوردة... مرسي كان مفهم مكتب الإرشاد إن السيسي معاه لما جابه». ويضيف «لطالما حذرنا في اجتماعات جمعتنا مع القيادات أن الأداء الرئاسي الذي لا يحظى بأي قبول شعبي خاصة مع مواقف الإعلاميين الرافضة لرئاسة مرسي والتي كانت تروج لشفيق منذ اليوم الأول لا يمكن استمراره اعتمادًا على دعم السيسي، وما كان يقوله لمرسي من أن الجيش لا يمكن أبدًا أن ينقلب على الرئيس المنتخب». كانت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التعددية التي جرت في نهاية ربيع ٢٠١٢ شهدت إعلان فوز مرسي، بعد كثير من التكهنات والتسريبات وتأخير إعلان النتائج، على أحمد شفيق، القائد العسكري السابق وآخر رؤساء وزراء مبارك الذي تم تكليفه بالوزارة في الأسبوع الأول من ثورة يناير سعيًا لاحتواء المد الثوري المتصاعد في ذلك الوقت. «أظن أن مرسي والإخوان عمومًا فاتهم أن قبول الجيش بفوز مرسي في عز الثورة في ٢٠١٢ لم يكن يعني أن الجيش سيقف خلف الإخوان، لقد راهن مكتب الإرشاد من البداية على التنسيق مع الجيش فخسر كثيرًا، وخسرنا جميعا» ، يقول أحد شباب الإخوان السابقين، والمنشق عن الجماعة في الأسابيع التالية لثورة يناير احتجاجًا على الحوار الإخواني مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعيدًا عن باقي تيارات الثورة في يوم «موقعة الجمل». *** بعد خمسة أيام من إعلان السيسي، الواقف بين قيادات عسكرية جنبًا إلى جنب مع محمد البرادعي، أيقونة ثورة يناير في أيامها الأولى، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الكنيسة المرقسية تواضروس، وبينما المساعي السياسية المحلية والدولية جارية لإيجاد مخرج لمأزق سياسي شديد الوطأة، تحرك عدد من شباب المعتصمين في ميدان رابعة مرورًا بشارع الطيران وطريق العروبة وصولًا لأحد مقار الحرس الجمهوري في نطاق منشية البكري في مصر الجديدة، حيث كان الشباب الغاضب يعتقد بوجود مرسي «محتجزًا من قبل السيسي» في هذا المكان، آملين في إخراجه. «كانت الساعة السابعة صباحًا عندما اتصل بي أحد المعتصمين في رابعة ليبلغني بالمقتلة الواقعة في منطقة الحرس الجمهوري»، يقول شادي، شاب متعاطف مع الإخوان، انتخب مرسي في الجولة الثانية للانتخابات، بعدما اختار الإخواني المنشق عبد المنعم أبو الفتوح في الجولة اﻷولى. ويستكمل «لم أكن أبيت في الاعتصام لأنه كان ينبغي عليّ رعاية أمي المسنة المريضة، والتي تركتها وحيدة قبل ساعات من وصول السيدة التي ترعاها في غيابي، وتوجهت لنطاق الحرس الجمهوري، وهالني ما رأيت من دماء وإصابات، فهرعت إلى مستشفى رابعة المقام في وسط الاعتصام فوجدت حالة واسعة من الاضطراب بسبب صعوبة الإصابات والخشية من نقل المصابين إلي أي مستشفى حيث يمكن توقيفهم». كانت الرواية الرسمية للأحداث، والتي وردت على لسان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة آنذاك العقيد أحمد علي، أنها تصدي من الدولة لمحاولة مجموعة من المعتصمين المسلحين اقتحام أحد مباني القوات المسلحة بالقوة. كان المستشفى الميداني في الاعتصام يشهد عادة حركة كثير من الطبيبات والصيدلانيات حديثات التخرج، بل وطالبات في كليات الطب والصيدلة، الذين كن يحضرن لمدد تصل إلى ١٨ ساعة يوميًا، لتوفير الخدمة الصحية لاعتصام اتسع على مدار اﻷيام. «نحن ليس لدينا القدرة هنا على التعامل مع حالات شديدة الصعوبة من إصابات بالرصاص، نحن نتعامل مع إصابات مختلفة وحالات إعياء تصيب المعتصمين بسبب ظروف الاعتصام وحرارة الجو»، تقول مها، طالبة الصيدلانية المتطوعة، في اليوم التالي لحادثة «الحرس الجمهوري»، وبعد انتهائها من عشر ساعات عمل متواصلة تابعت خلالها كثير من اﻷطفال الذين أصابتهم حالة إعياء شديدة. وتضيف «نعم هناك الكثير من الأطفال، يجلسون طوال اليوم في هذا الحر وينامون في العراء، اللهم إلا من يحتمي بخيمة ضعيفة. الإعلام يقول إنهم هنا كدروع بشرية، لكنهم هنا لأن أهاليهم حضروا بالكامل فأين يمكن لهم أن يتركوا أبنائهم؟». في اليوم نفسه، يقول وليد، أحد أعضاء قوات إنفاذ القانون، الذي شارك في «التعامل مع محاولة اقتحام الحرس الجمهوري» إنه لا يمكن «للدولة أن تترك الاعتصام ده كده كتير، دي ما تبقاش دولة ولا ده يبقي جيش، وإحنا الراجل بتاعنا شديد ومش سهل... مين الراجل بتاعنا؟، القائد، السيسي، الراجل ده سمعته جامدة قوي في الجيش من سنين، ومن سنين وإحنا عارفين إنه جاي جاي»، ثم يضيف «على العموم همّا النهارده اختبروا صبرنا وأخدوا علقة على الماشي علشان لو كانوا فاكرين إننا هنقعد نتفرج عليهم كده وخلاص، وبعد كده بقى كل واحد ذنبه على جنبه». *** داخل الاعتصام، يستمر سيد، رجل خمسيني يصف نفسه بأنه سلفي غير منتمٍ ﻷي حزب، ولكن منتمٍ للفكر السلفي «السليم»، في تشجيعه لمجموعة من الأطفال على المساعدة في تنظيف مساحة من الاعتصام بجوار المستشفى الميداني، حتى يسهل على المتطوعين من الأطباء أداء مهمتهم، ويقول الرجل، الذي حضر مع زوجته وأولاده من الإسماعيلية مستقلًا عن أي تنظيم لمجرد أن يضيف وجوده دعمًا «للناس اللي صامدة هنا في الاعتصام»، إنه يتابع كل يوم ما يبثه الإعلام عن «وجبات فاخرة وأموال توزع على المتواجدين في الاعتصام» وهو يشعر بأسى بالغ من «الافتراءات البشعة»، ولكنه يشعر أيضًا بتحسب لما هو قادم «لأنهم أكيد مش بيعملوا كده إلا علشان يكرهوا الناس فينا، وده معناه إنهم ناويين لينا على نية». وفيما يصر سيد على الاستمرار في الاعتصام «إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا»، يعرب طارق، المهندس الإخواني الموجود في اعتصام النهضة، عن قلقه مع انتصاف شهر يوليو. يقول «واضح إن القيادات، حسب الكلام اللي بنسمعه هنا في الاعتصام، كانت مقدّرة إن العالم هيتدخل بسرعة وكل شيء هيرجع يمكن مع تكوين حكومة وحدة وطنية، لكن كل ما الوقت بيطول الواحد لازم يفكر بالعقل ويعرف إن ده مش هيحصل، دلوقتي الإعلام بيروِّج إن الاعتصامات فيها أسلحة وتعذيب للمعارضين، ده معناه إيه غير إن الجيش ناوي يفض الاعتصامات دي؟». بينما تقول حنان، إحدى الفتيات التي تقوم بتفتيش ومصاحبة الصحفيات المترددات على الاعتصام المتاخم لجامعة القاهرة «همّا بيقولوا إن الاعتصام مليان سلاح، فين هو السلاح ده، هل فيه حماية وتأمين للقيادات اللي بتتردد على الاعتصام؟ طبعًا أكيد، لكن هل ده معناه إننا في اعتصام مسلح، ده اعتصام من لا حول له ولا قوة، إحنا هنا ومش عارفين إيه اللي ممكن يحصل لنا في أي وقت، بييجي لنا كلام من برة إن في نية لفض الاعتصام بالقوة من الجيش، بس أيًا كان السلاح الموجود لتأمين القيادات فده مش سلاح يدافع عن اعتصام زي ده فيه آلاف». *** قبل شهور قليلة من هذا التاريخ، كان القيادي الإخواني عصام العريان يجلس في مكتبه في مجلس الشورى، ويقدم القهوة والشيكولاته لزائريه من الصحفيين والمعنيين بالشأن العام، وهو يقلل بكلمات حاسمة لا تتسق مع صوته الذي يحمل نبرات قلق واضحة من الحديث الجاري «واللي بيردده (نجيب) ساويرس عن إن الجيش هينقلب»، مضيفًا «الجيش مصالحه مضمونة ومالوش سبب ينقلب لأنه وضعه في الدولة مستقر ولم يمسه أحد وهمّا عارفينّا كويس». تبدل الحال بعد أيام من واقعة «الحرس الجمهوري» حين بدا صوت العريان منزعجًا بشدة وهو يتساءل «هو الجيش ناوي على إيه بقى في الآخر؟، مش معقول هينقلبوا كده على العملية الديمقراطية ولا يفتكروا إن الشعب هيسكت ولا إن العالم هيسكت». في حين تأتي إجابة مقتضبة من أحد وزراء تلك الفترة، ممن طالبوا بضمانات للالتزام بالمعايير الإنسانية في فض الاعتصام، في مكالمة هاتفية طلب أن تكون سريعة للغاية «نعم هناك نقاشات حول فض الاعتصام، طبعًا طبعًا بنتكلم عن فض سلمي، بس أكيد مش قبل العيد، بس نتمنى إن المفاوضات الجارية تؤدي لفضه من قبل الإخوان علشان نتحرك للأمام ونشوف هنعمل إيه». في الوقت نفسه، وبعد انتهائه من توديع وفد من الاتحاد اﻷوروبي زار القاهرة برئاسة الدبلوماسي برناردينو ليون، مندوبا عن مفوضة العلاقات الخارجية للاتحاد كاثرين آشتون، التي كانت تسعى لإيجاد مخرج سياسي للأزمة في مصر، يقول دبلوماسي أوروبي كان يعمل في بعثة الاتحاد بمصر في ذلك الوقت إن «المسؤولون في مصر لا يسعون للوصول لحل سياسي توافقي يأخذ في الاعتبار أن مرسي هو رئيس منتخب لمدة ٤ سنوات، وأن إزاحته كانت يجب أن تكون بناء على استفتاء شديد النزاهة، وأن تكون متبوعة على الفور بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، هم لا يريدون التعاون، وأعتقد أنهم يخشون فض الاعتصام بالقوة، ولكن الجنرال (السيسي) يتحدث كثيرًا عن هيبة الدولة وضرورة ضمان الاستقرار في العاصمة (القاهرة)». فيما يقر قيادي في حزب النور السلفي، لا يزال يشغل منصبًا قياديًا بالحزب، بوجود جهود حثيثة للتوصل لاتفاق سياسي يأمل أن يحول «دون تدهور الأمور سريعًا إلى مدى لا يعلمه إلا الله»، ويضيف الرجل الذي كان رئيس حزبه يونس مخيون ممثلًا في فريق الساسة المحيطين بالسيسي يوم ٣ يوليو عند إعلانه عزل محمد مرسي «الأمر الآن يعتمد على رجاحة تقدير قيادة الإخوان، فإما أن يقرروا الاعتراف بالفشل السياسي ويحمون دماء أبنائهم وإما أن يصروا على العناد ويسعوا سعيهم المعتاد إلى مظلومية جديدة وكربلاء جديدة يخفون بها فشلهم الذريع أمام قواعد غاضبة ولا يبقيها دون الإعراب عن الغضب سوي لحظة الابتلاء». قلق القيادي السلفي لا يقابل بنفس التوجس من قبل أحد المقربين من البرادعي، الذي يصر أن «الدكتور لا يمكن أن يقبل بفض بالقوة، وأن الأمور ستأخذ وقتها ليتم التوصل لحل ما، المهم الإخوان يعرفوا إنهم خسروا الشارع ويدركوا أن قواعدهم مش كفاية لإقامة دولة من دون الشارع، والمهم أن يبدأوا يتصرفوا على هذا الأساس». ويضيف أن «السيسي أكد للدكتور البرادعي إن مفيش فض بالقوة.. آه طبعًا، مش معقول يعني يكون بيضحك علي الدكتور البرادعي»، وكان البرادعي مشاركًا في عملية صناعة القرار في أعقاب عزل مرسي وكان من المفترض أن يترأس الوزارة لولا ما أبلغه الرئيس المؤقت عدلي منصور له عن «فيتو سلفي» أدى به لأن يقبل بمنصب نائب رئيس الجمهورية. فيما يتذكر القيادي السلفي نفسه، قبل أيام من حلول الذكرى الرابعة لفض اعتصامي رابعة والنهضة، قائلًا «أظن للأسف أن الأسبوع الأخير السابق لفض الاعتصام كان يمكن أن يشهد انفراجه، ولقد قمنا في حزب النور بالتوافق مع قيادات سياسية من غير الإسلاميين وبالحديث مع الجيش بالاتفاق على أن تعلن قيادات الإخوان للمعتصمين التوصل لاتفاق سياسي ينهي الأزمة بخروج مرسي من محبسه إلى مكان آمن على أن يتحرك المعتصمين من تلقاء أنفسهم عائدين لمنازلهم في انتظار انتخابات رئاسية تجري خلال أقل من شهر كان من حق الإخوان أن يدفعوا فيها بمرشح لهم ربما شخص غير مرسي. وقد تم التشاور حول هذا الاتفاق مع آشتون وليون وحصلنا على موافقة مبدئية من كل الأطراف شملت تفاصيل ترك أسلحة تأمين القيادات في مكانها، مع إعلان رسمي موجه للمعتصمين بإسقاط أي اتهامات قانونية بحق أي منهم أيًا كانت التهم سعيًا نحو عملية سياسية جديدة». ويضيف «ولكن بعد أيام قررت القيادات الإخوانية تغيير رأيها قائلة إن ليس لديها سبب في أن تثق في السيسي مجددًا، ولكن البادي أن قيادات الإخوان تصورت أن اﻷمر سيتحرك لصالحها خاصة مع زيادة عدد المتواجدين في الاعتصامين، خاصة رابعة، حيث توافد الكثيرون حتى من رافضي الإخوان لتكثيف التواجد البشري في الاعتصام مما يعيق فضه، ومع أنباء تلقاها (جهاد) الحداد (ابن القيادي السياسي عصام الحداد) من واشنطن عن أن هناك إجراءات لتخفيض المعونة الاقتصادية ووقف المعونة السياسية لمصر. ولكن كان ما كان». *** في الساعات الأولى من صباح ١٤ أغسطس ٢٠١٣، أعلن التلفزيون المصري عن تحرك قوات «الشرطة» لفض اعتصامي النهضة ورابعة «الملسحين». لكن الطريق إلي رابعة كان قد أُغلق، واستحال الدخول لمن لم يكن هناك بالفعل قبل وصول قوات الفض، سواء من الصحفيين أو المتعاطفين. «لكن الطريق كان مغلقًا أيضًا لمن يريد الخروج، هم يقولون إنهم طالبوا الناس بالانصراف، ولقد سعيت أنا وأختي للانصراف خشية على أمنا وأبينا المسنين ولكننا لم نستطع، كنا نجري في كل الاتجاهات وتمكنا بصعوبة من الوصول لإحدى البنايات السكنية القريبة ولكن البوابة كانت مغلقة، أخذنا ندق على الباب بشدة لندخل ولكن من خلف الباب سمعنا صوت سيدة تقول لنا روحوا موتوا علشان مرسي يرجع»، كانت هذه شهادة راوية، إحدى المعتصمات، بعد أسابيع من الفض. توافقت شهادة راوية مع العديد من الشهادات التي كانت إحدى الناشطات، تدعى ولاء، تسعى لجمعها وتوثيقها مع إحدى المنظمات الحقوقية المصرية، والتي قالت بعد مرور عام كامل على الفض «ده ما اسموش فض ولا كان فض، دي كانت مجزرة، مفيش أي تحذيرات حقيقية ولا وقت كافي حصل علشان الناس تمشي ولا كان في ممرات آمنة علشان الناس تمشي، وكان في ضرب نار على الناس وهى واقفة وهى نايمة وهى بتحاول تقف، ودون تمييز.. وأخذ الناس يجرون ويهرولون ويبحثون عن أقاربهم». لا ينكر سكان في نطاق الاعتصام تحدثوا في أعقاب الفض أنهم تلقوا تحذيرات من أجهزة الشرطة بصور عديدة قبل البدء في العمليات، تطالبهم التزام منازلهم وإغلاق نوافذهم، كما لا ينكرون أنهم سمعوا إطلاق رصاص وصرخات تتعالى على مدار اليوم كله، وخاصة في النصف الثاني من اليوم قبل الانتهاء الكلي من عملية الفض بنحو ٣ ساعات. مساء الخميس ١٥ أغسطس، كان مسجد الإيمان، في قلب شارع مكرم عبيد القريب من ميدان رابعة العدوية، قد تكدس بأكياس مبعثرة تحمل في داخلها جثثًا وأشلاء متناثرة لموتى، رجال ونساء، سقطوا في فض اعتصام رابعة الذي بدأ في السادسة من صباح اليوم السابق، بعد أيام قليلة من عيد الفطر. «إحنا مش عارفين دول جثث مين، مش عارفين إذا كانوا أجزاء لنفس الجثث ولا جثث مختلفة ومش عارفين إذا كانوا جثث نساء أم رجال، ربنا يغفر لنا لو أخطأنا، ولكن المساحة ضيقة وما عندناش أكياس كافية رغم إن في ناس اتبرعت في السر وجابت أكياس وأكفان»، يقول أبو بكر، شاب دون العشرين، يرتدي شورتًا ويضم شعره المجعد الطويل في ذيل حصان. يوضح أبو بكر أنه لا انتماء له من «قريب أو بعيد للإخوان» وأن ما أتى به إلى مسجد الإيمان هو ذلك «الفزع» الذي انتابه عندما سمع من أحد جيرانه في منطقة عين شمس، عن «ما حدث أمس من قتل ودماء أثناء الفض وأن الجثث في كل مكان وأن في جثث أشلاء». شعر أبو بكر أنه يجب أن يساعد «لأن ستر الموتى أكبر ثواب، ده مالوش علاقة بإني يمكن مش بـ أصلي بانتظام كل الوقت، أو ساعات باشرب وكده.. دي ناس ماتت دلوقتي، وماتت موتة بشعة، مش مهم بقى همّا مين». لم تستكمل ولاء مشروع توثيق ما جرى يوم الفض، إذ اضطرت للتوقف عن المشروع بأكمله بعد «ملاحقات وتهديدات أمنية» بحسب ما تقول. تضيف «لم تكن الدولة تريد سوى رواية واحدة عما كان؛ أن الاعتصام كان دمويًا وأن المعتصمين بادروا بقنص رجال الشرطة فاضطرت الشرطة للرد، ولكن هذه ليست الرواية الحقيقية، لأن الحقيقة أنهم جاءوا، ونحن لا نعلم إذا ما كانوا شرطة أو غيرها، مدججين بالأسلحة ويسعون للقنص والقتل وكان ما كان». *** رواية الدولة رددها مصطفي حجازي، المستشار الاستراتيجي للرئيس المؤقت عدلي منصور، في مؤتمر صحفي عقده بمقر الرئاسة، سعى فيه للترويج لأن المعتصمين كانوا يريدون جر البلاد لحرب أهلية وسعوا لاختصام المسيحيين والنيل منهم بأعمال حرق طالت العديد من الكنائس. وبينما كان مراسلو الصحف الأجنبية والمصرية المصطفون في قاعة في قلب قصر الاتحادية يسألون حجازي عن ملابسات فض رابعة «الدموي» والسبب الذي جعل فض النهضة «أقل دموية» وتقديرات عن عدد من سقطوا قتلى من المعتصمين ورجال إنفاذ القانون، وعما إذا كانت عملية الفض تمت كلية على يد جهاز الشرطة أم بمعاونة أجهزة أمنية أخرى، كان حجازي يردد على مسامع الصحفيين عبارة متكررة «ألم تروا الكنائس التي حُرقت؟»، دون تقديم دليل، بحسب ما علق بعض الصحفيين المشاركين في المؤتمر الصحفي لاحقًا، عن تورط الإخوان المسلمين أو غيرهم من الإسلاميين في تنفيذ أعمال الحرق التي نالت بالفعل من مساحات واسعة من المنشآت القبطية خاصة في محافظة المنيا، كما تسببت في فرض حصار شبه كامل على بعض القرى في ذات المحافظة حيث تتركز تجمعات مسيحية. في تعليقه على المؤتمر الصحفي آنذاك، يقول ناشط مسيحي يساري مستمر حتى اﻵن في المطالبة بحقوق الضحايا المسيحيين الذين قتلوا في أحداث ماسبيرو في ٢٠١١ «ألم تكن الدولة تعلم أن الكنائس قد تُحرق، ألم تكن الدولة تعلم أن الإخوان أو المتعاطفين معهم ربما يعبرون عن غضبهم تجاه الأقباط بالهجوم على كنائسهم ومنازلهم، لماذا لم تؤمّنا الدولة حينها، ولماذا لم تستجب لمناشدات كهنة كنائس المنيا الذين أجرى بعضهم اتصالات عديدة مع مسؤولين كبار في الدولة ولم يجدوا أي استجابة». فيما يعلق شاب مسيحي آخر، كان عضوًا فيما عرف قبل تظاهرات يونيو بمجموعة «البلاك بلوك» (مجموعة معارضة ظهرت في يناير ٢٠١٣، في مواجهة حكم الإخوان المسلمين، وطاردتها الشرطة قبل أن تعلن عن انسحابها من المجال العام في يناير ٢٠١٦)، يقول «الحقيقة أن الأجهزة استغلت المسيحيين وخوفهم، خاصة مع الهجوم الذي وقع على الكاتدرائية في أبريل، والذي لم نعلم أبدا من كان وراءه أو لماذا لم تتحرك الدولة بفاعلية للحيلولة دون حدوثه أو لوقفه فور حدوثه، لمخاطبة الرأي العام، لكن في الحقيقة لا أظن أن أحدًا يهتم بنا كثيرا بعد أن تخلصوا من مرسي». ويضيف «قبل العزل كان قائد المجموعة يسهل عليه الوصول لقيادات أمنية للتنسيق بشأن التحركات التي كنا نقوم بها في الشارع أما بعد العزل فلم يعد أحد يهتم باتصالاتنا، وأصبحنا نحن (المسيحيون) الملامون على فض رابعة». *** في اليوم التالي لفض الاعتصامين، وصلت عربات النظافة لتقوم برفع مخلفات اعتصام رابعة، وركام ما تهدم أو حرق. وفي عصر اليوم نفسه وقف سائق أحد أوناش الرفع وطلب من أحد العاملين معه أن يتاكد من عدم وجود جثث في المنطقة التي كان بصدد رفع ركامها، ليجيبه معاون النظافة «يا عم ارفع وخلَّص، إحنا مش هنبات هنا، ولو في جثث، ما كله من التراب وكله في التراب، ارفع يا عم، الريحة صعبة خلينا ننظف الدنيا دي ونمشي قبل الليل». ومع حلول الليل كان بعض سكان المنطقة قد نزلوا إلى الشوارع لتفقد تلفيات حلت بسياراتهم أو نالت من مداخل العقارات التي يسكنونها، وكان بعضهم يتحرك باتجاه ساحة مسجد الإيمان، حيث كانت بعض القوات تعمل للتأكد من عدم وجود أي جثث بداخل المسجد الذي تعرض لدرجة كبيرة من الدمار. وبينما الأهالي يتحدثون عن بالغ سعادتهم بإنهاء الاعتصام الذي وصفوه بـ «الهمجي» و«القذر» و«المرعب»، خرج اثنان من رجال الأمن يحملان جثة متفحمة سقطت أصابع من يدي صاحبها أو صاحبتها، وأخرى متفحمة فُقدت أطراف منها، فإذا بسيدة سبعينية تستند إلى عصاها تصرخ فرحًا وتغني «تسلم الأيادي، تسلم يا جيش بلادي»، بينما تتجمد نظرات أعين اﻷفراد القائمين على استخراج الأشلاء المتفحمة ويعلو مزيج من الرعب والحزن وجه أحد الجنود. وعبر امتداد طريق النصر من موقع مسجد رابعة العدوية مرورًا بالتقاطع مع شارع عباس العقاد ثم شارع مكرم عبيد حيث مسجد الإيمان، يسير رجال ونساء حضروا من بلدات ومحافظات بعيدة بحثًا عن ذويهم المفقودين في الاعتصام، والذين كانوا يوالون الاتصال بهم حتى يوم الفض، ثم عجزوا عن التواصل معهم، كانوا يسألون عن موقع جامع الإيمان، الذي سمعوا من بعض سكان محيط رابعة أن المصابين والقتلى نقلوا إليه بعد انتهاء عملية الفض في مساء الأربعاء. في قلب مسجد الإيمان يتحرك الشباب والفتيات بسرعة لتسجيل أسماء قتلى تعرفوا على جثثهم وتم التواصل مع ذويهم، ثم يدونون في قوائم أخرى أسماء آخرين لم يتم بعد التوصل إلى ذويهم، بينما تتحرك أعداد أخرى من الشباب يحملون ألواح من الثلج أو يجلبون مراوح كهربائية ومواد عطرية خشية من أن تنال الحرارة والرطوبة من الأجساد الممددة على أرض الجامع قبل أن يصرح لها بالدفن. وبينما يتحرك أحدهم، اسمه عبد الله، عند باب الجامع بسرعة لإدخال ألواح الثلج يستوقفه رجل ليصرخ في وجهه «امشوا من هنا، غوروا، امشوا، خدوهم وروحوا المشرحة، إحنا مش عايزين أوبئة وميكروبات».. ينظر إليه عبد الله في صمت، ويغشى عليه من الإعياء وتقع ألواح الثلج، فيسارع بعض الشباب لإسعاف عبدالله، وأيضًا للحيلولة دون خسارة ألواح الثلج التي يحتاجونها بشدة. وبينما رائحة الموت تتزايد والأكفان تغادر الجامع مع من وصل من الأقارب، تعلو أصوات عربات الإسعاف، ويتحرك أحد العاملين بالمسجد نحو سيدة متقدمة في العمر تحمل في يدها كيسًا مليئًا بالنفتالين توزعه بين الأكفان المتراصة ليخبرها أن عربات الإسعاف قادمة وأنه سيكون عليهم أن ينقلوا الجثث إلى خارج المسجد باتجاه مشرحة زينهم. «حرام عليكم، خافوا ربنا، نروح فين بموتانا، نروح فين، دول أهلهم غلابة، هييجوا يتوهوا في البلد علشان ياخدوا ولادهم يدفنوهم، حرام عليكم، حرام عليكم ده إحنا جبناهم متشالين فوق بعض من رابعة زي الدبايح، حرام عليكم»، قبل أن تسقط بجسدها المنتفض من فرط البكاء بالقرب من بعض الجثث المسجاة.. لتنهار في نوبة بكاء حاد تدفع أسرة أتت لنقل جثة أحد أبنائها الذي قضى في الفض لترك جثمان الشاب العشريني الذين كانوا ينتحبون قربه، ليتجهوا لمساعدة السيدة التي لم تتوقف عن البكاء والدعاء. تصل سيارات الإسعاف، ويدخل العاملون ليتحركوا بسرعة ودون أي التفات لتقسيمات حرص عليها القائمون على إدارة الكارثة؛ من فصل جثث النساء عن الرجال وجثث من تم التعرف عليهم عن الجثث التي لم يجر بعد التعرف عليها، ليراكم المسعفون الرسميون الجثث، الواحدة فوق الأخرى في قلب سيارات الإسعاف باتجاه مشرحة زينهم، بينما عربات أخرى تحمل رجالًا ونساءً أتوا من الصعيد والدلتا لنقل جثث ذويهم تصل إلي مدخل مسجد الإيمان فلا يجدوا أجسادًا أتوا لحملها لمثواها الأخير. تقول ولاء، التي عملت على توثيق ما جرى في الفض والأيام التي تلته «ما حدث في رابعة كان جريمة، ولكن ما حدث في جامع الإيمان كان أيضًا جريمة، لأن في رابعة انتهكت حياة الناس وأجسادهم، بينما في مسجد الإيمان انتهكت حرمة الموت نفسها».
بعد قتل عنصرين من «حسم» في الخصوص أمس.. الداخلية تعلن تصفية اثنين آخرين في الخانكة اليوم مدى مصر ١٤ أغسطس ٢٠١٧ أعلنت وزارة الداخلية اليوم، الإثنين، مقتل اثنين من تنظيم «حركة حسم» بعد تبادل لإطلاق النار أثناء مداهمة أمنية لمزرعة بمركز الخانكة في محافظة القليوبية، بحسب بيان الوزارة. يأتي ذلك بعدما أعلنت وزارة الداخلية أمس عن مقتل اثنين من أعضاء التنظيم بوحدة سكنية بالخصوص في القليوبية أيضًا. واتهمت الوزارة القتلى الأربعة بالتورط في اغتيال ضابط الأمن الوطني، إبراهيم عزازي، الذي قُتل في يوليو الماضي. وجاء في بيان الوزارة الصادر اليوم أن معلومات وردت إليها بتغيير المتهمين اللذين قُتلا اليوم مكان إقامتهما إلى إحدى المزارع بمنطقة أرض التين بدائرة مركز الخانكة. وعند اقتراب قوات الشرطة من المكان، بادر المتهمون بإطلاق النار، فردت قوات الأمن بالمثل، مما أدى إلى مصرع كل من عبد المنعم شحات عبد المنعم محمد، من مواليد ١٩٨٤ وحاصل على بكالوريوس نظم معلومات، وعمر علاء الدين عبد الرازق الحسينى جبر، من مواليد ١٩٩٤ وطالب بكلية الطب. وكلاهما يقيمان بالخانكة، بحسب البيان. وأضاف البيان أنه «عُثر بالمزرعة المشار إليها على بندقية آلية وفرد خرطوش محلى الصنع وكمية من الذخائر مختلفة الأعيرة. تم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الواقعة، وإخطار نيابة أمن الدولة العليا التي انتقلت لمعاينة الوكر وباشرت تحقيقاتها». كان «حسم» قد أصدر، عقب حادث اغتيال عزازي، الشهر الماضي، بيانًا أعلن فيه عن تبنيها للعملية، وقال «بحول الله وقوته قامت فرقة الاغتيالات بحركة حسم بتنفيذ الإعدام الميداني بحق المجرم النقيب إبراهيم عزازى، أحد مجرمي قطاع الأمن الوطني، وذلك بعد رصد تحركه من منزله بحي الشيخ مصلح في الخانكة، بمحافظة القليوبية. وتمّ تصفيته علي بُعد أمتار من منزله برصاصة قاتلة في قلبه مباشرة وثلاث رصاصات في الرأس، وذلك في تمام الساعة ١٢ ٠٥ ظهرًا يوم الجمعة». وخلال الأسابيع الماضية، نَشَرَت وزارة الداخلية العديد من البيانات الأمنية أعلنت فيها عن تصفيتها لعددٍ من كوادر وأعضاء التنظيم المُسلح. كما نَفَذَ التنظيم محاولة اغتيال النائب العام المساعد، زكريا عبد العزيز عثمان، وذلك عبر استهداف موكبه، قرب منزله، في سبتمبر الماضي. وقام «حسم» بمحاولة اغتيال مفتي الجمهورية السابق، علي جمعة، وذلك بالقرب من منزله في مدينة ٦ أكتوبر، في أغسطس الماضي. فيما بدأ نشاط «حسم» في منتصف يوليو الماضي بعملية مقتل الرائد محمود عبد الحميد، رئيس مباحث طامية بمحافظة الفيوم. وعُرف «حسم»، خلال السنة الأخيرة، بتبنيه لعدد من عمليات العنف المسلح، بينها استهداف كمين شرطة في شارع الهرم في ديسمبر الماضي، ما أدى إلى مقتل ستة شرطيين بينهم ضابطين. كما قام بمحاولة اغتيال القاضي أحمد أبو الفتوح بتفجير سيارة مفخخة قرب منزله، في ضاحية التجمع الخامس، في نوفمبر الماضي.
شهود على المذبحة أربعة صحفيين يعيدون بناء أحداث فض «رابعة» شريف عبد القدوس ولينا عطاالله ومصعب الشامي وهبة فاروق محفوظ ١٤ أغسطس ٢٠١٧ عندما كنت في المستشفى المجاور لجامع رابعة العدوية أدركت لأول مرة عدد القتلى. تمددت أجساد القتلى والجرحى في الردهات وفي كل ركن وكل طابق، وتوافد المزيد من الأجساد المحمولة كفيض لا يتوقف. صارت السلالم زلقة من كثرة الدماء. كانت الحرارة خانقة؛ فقد أغلقت النوافذ كلها لمنع الغاز المسيل للدموع من الدخول، ما جعل الهواء المحمل بالكيماويات والعرق لاذعًا وثقيلًا. تصاعدت أصوات الصياح والأنين والنشيج المتنافرة لتغطي على الطقطقة الميكانيكية الصادرة من مدافع الرشاش التي تباشر مهمتها بالخارج. يداهم الموت الجماعي جميع الحواس بغتة مررت بسيدة عجوز تجلس على الأرض، رأسها ملفوف بضمادة دامية، وتتدلى يداها على الأرض قالبة باطن كفيها إلى الأعلى. بدا عليها الإرهاق، وهي تحدق في منتصف المكان بنظرة خاوية وفمها مفتوح قليلًا. شعرت وكأني أرى الحياة تراق منها. كان رجل يحاول الحديث معها ليعرف اسمها أو رقم هاتف شخص يمكن الاتصال به، لكنها ظلت تحدق أمامها مثبتة نظرها على شيء لا يراه سواها. بعد قليل رأيتها مجددًا. كانت قد تكورت في وضع غريب على جانبها، واضعة رأسها الأرض، بينما استمرت الجلبة حولها دون انقطاع. ماتت دون أن يلحظ أحد. لا أستطيع نسيانها. كيف يمكن أن أشعر بالغثيان والخدر والحياة في نفس الوقت؟ كيف أستوعب ما كان يحدث حولي؟ لم أكن قد رأيت الغرف في الدور السفلي بعد. لم أكن أعلم أني دخلت مستودعًا للجثث. أسفل الدرج وقف رجل أمام أحد الأبواب يبحث بين كومة كبيرة من البطاقات الشخصية. سألته عن أصحابها. جاوبني الشهداء. قلت له، أرني. نظر إلي صامتًا للحظات ثم فتح الباب ودخل وانتظر بجانبه. كانت الغرفة كبيرة ومتصلة بغرفة أخرى من خلال مدخل مفتوح في المؤخرة. وكانت الغرفتان ممتلئتين بالجثث. جميعهم رجال، وأغلبهم شباب. تكدسوا على الأرض متلاصقين للغاية فلم يعد هناك موضع لقدم. يحتاج الأمر إلى عدة ساعات على الأقل، أو ربما يوم، قبل أن يُحدث الموت أثره بتشويه الأجسام. يتحول الجسم إلى جثة، قشرة جوفاء بلا روح. لكن من مات لتوه يظل دافئًا، لينًا، تشوبه ألوان من وهج الحياة المتبقي؛ يبدو نائمًا. هكذا كان شكلهم في تلك الغرفة. عشرات من الشباب نائمون على أرض غارقة في الدماء، أفواههم مطبقة بشريط من قماش أبيض يلف رؤوسهم وأذقانهم، وأياديهم مضمومة حول بطونهم. يستكينون جنبًا إلى جنب في سبات. وجدت المزيد من الغرف الأخرى تفيض بالموتى. واكتشفت ممرات أخرى بها صفوف مكدسة من الأجساد الملفوفة في أكياس بلاستيكية. رأيت جثثًا محروقة حتى اختفت ملامحها. ظللت أحاول إحصاءها على نحوٍ صحيح. أن أكون دقيقة. ألا أغفل أحدها. لم أكن أعلم بعد أن عددها يفوق كل تخيلاتي على الإطلاق. لم تترك أصوات الهجوم لحظة سكون. بلغ صوت المعاناة ذروته. بلغ صوت القلب وهو يدق من الخوف ذروته. بلغ صوت الأرواح التي تجري لاهثة من أجل الحياة ذروته. ولم يكن هناك سوى صوت إطلاق النار، كان متواصلًا، إيقاعه منتظمًا، ومداه واسعًا. صار صوتًا معتادًا يصاحب مشهد المدينة، أو أن المدينة كلها تلخصت في رابعة في نظر الموجودين بالداخل. كان المستشفى وجهة للموتى أو الجرحى من رصاص حي فقط. أما من جُرحوا بخرطوش فكان عليهم البقاء خارجها، لأنهم لم يكونوا على أولوية الإسعاف في خضم النار المفتوحة بلا هوادة. بدلًا عن الدخول، لبثوا في آلامهم غير قادرين على الحركة إما على سلالم المستشفى أو على أي جزء ما زال شاغرًا على الرصيف في الحيز الضيق من هذا المعسكر المتقلص، الذي يتضاءل حتى يصبح خطًا فاصلًا بين الحياة والموت. في هذا الوقت كان الاعتصام، الذي امتد قبلها بساعات وتوسع على مدار شهر ونصف في كل الشوارع المحيطة، قد انحسر عند المستشفى والسلالم المفضية إليه. ومع أن هذا الانحسار أعلن الهزيمة بالفعل، استمر هجوم المنتصرين على هذا الصف الأخير. وعندما اشتدت أصوات الرصاص، وقع المستشفى تحت الهجوم. أوشكت المعركة على النهاية، لم يكن هناك خيار سوى مشاهدتها والمجازفة بالتورط فيها أو مغادرتها والمجازفة بفقد جزء لا يطاق من الذاكرة ولكنه بالغ الأهمية. ذهبت إلى الخيار الأخير، وركضت بسرعة في لحظة شديدة الخصوصية من لحظات المقاومة في سبيل الحياة. قبلها بلحظات كنت أجد صعوبة بالغة في البقاء للحظات في غرفة المستشفى المكدسة بجثث الموتى. تساءلت كيف يمكن أن نتعامل مع مشاهدة الموت. وما زلت أتساءل. بعيدًا عن هذا المشهد الشائن والشهير الآن، حيث الأجساد مكومة في صفوف عالية وضجة النيران وصفارات الإنذار لا تتوقف، كثيرًا ما أتذكر ساعات المقاومة الأخيرة في رابعة، قبل أن تنزل قوات الأمن على المعسكر لتنهي الاعتصام نهاية دامية. كان اليوم مثل أي يوم آخر قبل أن تنطفئ شعلة رابعة، لكن الهزيمة حلت بالفعل. صمتت الميكروفونات التي طالما شجعت الناس على الصمود، وملأت الجثث الممرات، وأدرك الناس انعدام جدوى الأمر برمته. جلس رجل بين الخيم المحترقة يشاهد تترات النهاية المأثورة. ومن خلفه كان حائط هائل من الدخان صنعه وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع. لاحت ظلال المدرعات وصفوف الجنود على الجانب الآخر، مستدعية حسًا قاسيًا بالنهاية الحتمية. كان على الأرض بجواره مبرد مياه أزرق، فرّغ في محاولة واهية لاحتواء الحريق الهائل الذي انتشر في أرجاء الاعتصام ذي الأربعين يومًا. ثمار الليمون والخيار ملقاة على الأرض، مبعثرة حول بركة كتذكرة بحياة حاولت الصمود في وقت مذعور ودموي. هناك جلس هذا الرجل الوحيد، يلخص الهزيمة بأقصى مرارتها ووحشتها. في اليوم التالي كنت أقف على أبواب مسجد الإيمان بالقرب من ميدان رابعة العدوية، حيث كانوا يأخذون بعض الجثث. تخبطت في المدخل بين جموع الأقارب الواقفين عند بوابة الدخول، وأنا أقرأ قائمة الأسماء المعلقة على الحائط. كان رجل يضع الهاتف على أذنه ويصرخ في شخص يحدثه على الجانب الآخر من الخط «نعم، نعم. أرى اسمها هنا. اجمدي. هي في الجنة». وبينما هو يبكي تتبع بيده الأسماء إلى أسفل الورقة. توقف للحظات وتجمد في مكانه قبل أن يدخل في نوبة أخرى من البكاء. انهار وانزلق ظهره من أعلى الباب إلى أسفل، وجلس على الأرض وساقيه مفتوحتان، مستسلمًا تمامًا للجاذبية دون أدنى مقاومة. اقتربت من الرجل. قال بجمل متقطعة إنه كان يتحدث مع أخته ليخبرها أن ابنتها قد قتلت «بالتأكيد» لأنه رأى اسمها على القائمة. لكن عندما مر بيده إلى أسفل القائمة وجد اسم ابنه. لم يكن يعلم أن ابنه جريح حتى، وأتى فقط ليتأكد من موت ابنة أخته. لم أجد ما أقوله له. تركته ودخلت الجامع. هناك كانت الجثث مبعثرة على الأرض ولم تترك مجالًا سوى للعبور من فوقها. كانت مغطاة بأكياس بلاستيكية سوداء وضعت فوقها مكعبات ضخمة من الثلج. لم تكن بالمسجد تهوية. جلست العائلات على الأرض بجوار الأجساد. وكان طبيب تابع للإخوان المسلمين يعد الجثث. أخذ الناس يخرجون بالنعوش من المسجد للدفن منذ طلوع الفجر. صرحت وزارة الصحة برقم مغاير عما ذكره الإخوان المسلمون في تصريحاتهم. اضطررت إلى إحصائها. حاولت الوقوف على أطراف الأكفان لأتجنب وطء الأجسام، لكني فشلت. أزاح رجل فجأة الكفن عن إحدى الجثث. قال إنها جثة فتى في السادسة عشرة من عمره. كانت متفحمة تمامًا. استقر الرماد على ملابسي. «تعالي، تعالي، يا آنسة. أنتِ صحفية. صوّري. هل رأيتِ ما فعلوه بنا؟» في ركن داخل المسجد جلست امرأة خمسينية في سكون وعلى وجهها نظرة ثابتة. لم تكن تريد إغلاق عينيها بعد رؤية ابنها للمرة الأخيرة. ثم مالت على جثته. كفنه تغطيه الدماء. لم تنطق بكلمة واحدة، ولم تذرف دمعة واحدة. انتهيت من عد الجثث وعدت إليها، كنت أريد أن أقول لها شيئًا ولا أعلم ماذا أقول. توقفت في منتصف الطريق وفكرت، ماذا يمكن أن تقول لأم فقدت ابنها للتو بهذه الطريقة؟ أدرت ظهري لها وغادرت المسجد. دخلته شخص، وخرجت منه شخص آخر. الصور مُصعب الشامي ترجمة أميرة المصري
بالصور مكان شوكان بين الأمل والذكرى كتبت لينا الديب تصوير محمد الراعي ١٤ أغسطس ٢٠١٧ قبل أربع سنوات صَوَّرَ محمود أبو زيد، المعروف بشوكان، فَضّ اعتصام رابعة العدوية، ولم نعرف ما صوّره حتى الآن، لأنه حُبس، من وقتها، احتياطيًا. بينما تبدو أسرته، وسط صوره المعلقة على الجدران، والشعارات الثورية المتناثرة بالبيت متمسكة بأمل بينما تسيطر ذكرى حبسه وقد اكتمل غيابه ليصل إلى العام الرابع. وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت، السبت الماضي، تأجيل قضية «فَضّ اعتصام رابعة العدوية» إلى جلسة ١٩ أغسطس الجاري، لاستكمال المرافعات والاستماع للشهود. وقد حُبس شوكان على ذمة القضية منذ أربع سنوات. في أحد العقارات السكنية بشارع حسن محمد، في منطقة فيصل بالجيزة تسكن أسرة محمود، بينما تتحدر أصولها من جرجا بمحافظة سوهاج. وكانت الأسرة قد سافرت إلى الكويت حيث كان عبد الشكور أبو زيد، والد شوكان، يعمل كمدرس لغة عربية. يكبر محمود بأربعة أعوام أخوه محمد، ويعمل الأخ الأكبر مُفتشًا للآثار. وقال لـ «مدى مصر» «لم أعد أتمنى شيئًا، هذا ليس فقدان للأمل أو ما أشبه. لكن القضية تأخذ منحنيات أوصلتها إلى مصير لا يعلمه إلا الله». شوكان كما عرفته أسرته يحب الحياة، لكنه، بعد ٤ سنوات من الحبس، يبدو منطفئًا فيما تقل رغبته في الحديث، حسب تعبير محمد أبو زيد. وأضاف «يبدو منغمسًا في حالة من اليأس واللامبالاة». قبل حبسه لم يكن والده يُحذره من تغطية المظاهرات. كان يعامله كرجل ناضج ومدرك لأبعاد مهامه والمخاطر التي قد تلحق بها. وقال عبد الشكور أبو زيد، والد شوكان، لـ «مدى مصر» «هذا هو عمله، ولا بد أن يؤديه في أي مكان أو موقف وتحت أي ظرف. كنتُ أحيانًا أنصحه بأن يبعد عن المناطق التي بها إشكالات، ولكنها نصيحة وهو، في النهاية، رجل ناضج ويعرف أكثر مني». كان شوكان يحب الرسم منذ صغره، لكنه كان متيمًا بالتصوير. وكان مكتب التنسيق للقبول بالجامعات السبب وراء عدم التحاقه بكلية تناسب اهتماماته، فصار طالبًا بكلية آداب قسم فلسفة بجامعة القاهرة، لكنه لم يلتزم حتى بحضور الامتحانات. فقام بتحوّيل أوراقه إلى أكاديمية أخبار اليوم، ليدرس بقسم الصحافة. كانت آخر زيارة لوالدي شوكان للمصور، في محبسه، يوم الخميس الماضي. ويستعيد الوالد كيف غاب ولده عنه خلف القضبان، موضحًا «علمنا أنه احتجز أثناء تغطية الفَضّ. لم أكن أصدق أن هذا حدث فعلًا فقلت لأخيه محمد أن يذهب ليتأكد ووجده في قسم مدينة نصر أول، قبل أن يتمّ ترحيله إلى سجن أبو زعبل». وقد استمر حبس شوكان من وقتها. لا تتوقع الأسرة أن تصدر المحكمة حُكمًا في القضية المحبوس على ذمتها ولدهم قريبًا، إلا أن المكان الذي تركه شوكان، قبل أربع سنوات، يخيم عليه تناغم بين الأمل والذكرى. تناغم يعوض سكان المكان عن غياب المصور الذي صوّر فَضّ اعتصام، بينما تبدو الأسرة واقعة أسيرة بين فقد الأمل بأن يعود للبيت وبين العيش على ذكراه.
بمناسبة ذكرى مذبحة رابعة، نعيد نشر مقال محمد فودة عما رآه في عملية الفض يومها من وسط الجحيم هكذا رأيت فض رابعة محمد فودة ١٩ أغسطس ٢٠١٥ رغم خوضي لبعض معارك ثورة يناير ضئيلة الحجم عظيمة الأثر في نفسي ونفوس كثير عاشوها أو عاصروها وظنناها علي الأقل في حينها ملهبة ومرعبة؛ فإنها جميعًا على اختلاف من قامت ضده تتضاءل وتنكمش أمام ما حدث قبل عامين في ميدان «رابعة العدوية» الصغير الكائن بحي مدينة نصر بالقاهرة. حينما تعالت النداءات من أبواق عدة في ساعات الصباح الأولي لتدعو الآلاف من المصريين الذين اعتصموا لأيام في ذلك الميدان وحوله في خيام من القماش والورق المقوي دفاعًا عما كانوا يؤمنون به وما ظنوه على الأقل هم فقط دفاعًا عن الحق والدين؛ تدعوهم لفض اعتصامهم والرحيل، ولتنذرهم بالفض بالقوة إذا لم يستجيبوا وينصاعوا لتلك النداءات، لم يكن هؤلاء المعتصمون يدركون حجم ما يواجهونه من خطر حينما أيقظتهم تلك الأصوات والتحذيرات من نومهم. ربما لم يسمع بعضهم في قلب الاعتصام على بُعد عشرات الأمتار تلك النداءات، ربما ظنوا أن خيامهم وسواترهم التي بنوها من بعض ألواح الخشب والمعدن والحجارة ستحميهم، ربما انخدعوا ببعض نفر منهم تسلحوا بأسلحة هزيلة مثلهم، وربما ظنوا أنهم في سبيل الله يجاهدون واليوم إما النصر أو الشهادة. في كل الأحوال فقد برحوا في أماكنهم واقفين وتجاهلوا النداءات المتكررة ولم تمهلهم الشرطة وقتًا ليفعلوا التي انطلقت من أبواق يحملها كبار ضباط العمليات الخاصة الذين حضروا بأعداد كبيرة من ضباطهم وجنودهم المتمرسين في القتل مدججين بأسلحة خفيفة ومتوسطة أتوماتيكية وأسلحة قنص وخوذات ودروع شخصية ومركبات مدرعة قتالية وكأنهم يواجهون أحد الجيوش. كنت أحد المتابعين لما يحدث منذ الساعات الأولى وخرجت من بيتي القاطن بالحي نفسه الذي سيشهد بعد قليل أعنف مجزرة عرفها المصريون في تاريخهم الحافل بمشاهد القتل والقمع وهدر الحياة، وتوجهت صوب الاعتصام لمراقبة ما سيحدث. أنكر عدم تفاجئي بحجم وأعداد وتسليح القوات التي وجدتها تحاصر منطقة الاعتصام من الجهة التي اقتربت منها أخذًا في الاعتبار كل التهديدات المتكررة والمتصاعدة والشحن والحشد الإعلامي والسياسي والجماهيري ضد المعتصمين الذين كنت أختلف معهم فكريًا وسياسيًا وتكتيكيًا، وأتفق معهم في حقهم في ممارسة التجمع السلمي الذي شابه ككثير غيره بعض الخروج عن تلك السلمية والشحن والحشد المضادين. خابرني أحد الأصدقاء هاتفيًا، وهو محام حقوقي ورفيق لصيق في النضال، ليخبرني أنه سينضم إليّ حينما علم بوجودي بجوار منطقة الاعتصام. وبعد ما يقارب الساعة وقبل أن ينتصف اليوم كنا معًا نراقب ما يحدث؛ حيث قد بدأت قوات الشرطة والعمليات الخاصة الفض بالقوة وباستخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية. مر بعض الوقت ونحن نتحرك ذهابًا وإيابًا في الشوارع المجاورة للاعتصام من الجهة الشمالية الشرقية خلف مركز «طيبة التجاري» محاولين رؤية الأوضاع؛ حيث شاهدنا جماعات صغيرة متفرقة من بعض الهاربين من جحيم القتل يحاولون الهروب من الشوارع الجانبية يلاحقهم بعض الجنود في مشاهد حرب عصابات. لا أعلم على وجه اليقين إن استطاعوا الهرب أم وقعوا بين براثن الشرطة، فقد كنا نحاول البقاء قريبين بما يكفي لمراقبة الأحداث دون أن نوضع في الكفة نفسها معهم فينالنا ما ينالهم أو أن تبعدنا القوات التي كنا شبه ملازمين لها فلا نرى تطور الأحداث. بعد ما يقارب الساعة كنا قد شاهدنا ما يكفي في هذا الجانب وقررنا الدوران حول الاعتصام لنرى ما يحدث من جهة أخرى، وتحديدًا من جهة شارع «عباس العقاد» الذي كان خاويًا تمامًا من أي مشهد للحياة فيما عدا بعض المخاطرين أمثالنا. حين اقتربنا من تقاطع الشارع مع طريق «النصر» وجدنا أعدادًا متوسطة من قوات الجيش مدججين أيضًا بالسلاح والدروع مانعين عبور أي أحد خلف تلك النقطة. عدنا أدراجنا لندور حول المنطقة حتى دخلنا طريق النصر من ناحية قسم أول مدينة نصر، وهناك وجدنا بعض أفراد قوة القسم يحاولون منع الناس من الاقتراب أكثر، لكنهم لم يكونوا صارمين في ذلك فاستطعنا ضمن الكثير التسلل من جوارهم لننضم لعشرات وربما مئات آخرين تجمعوا عند ميدان «الساعة» أمام حاجز أمامي من قوات الجيش التي منعت أي تقدم أكثر من ذلك. كان معظم هؤلاء من المؤيدين للمعتصمين الذين يريدون الانضمام إليهم أو ممن لهم أقرباء أو أصدقاء بالداخل. ولم يكن كلانا مختلفًا عنهم، فقد كان لكل منا أحد الأقارب أو الأصدقاء بالداخل كما كان لكثير من المصريين في حينها قبل أن تفرقهم حدة الاستقطاب إلى أحد المعسكرين أو إلى قوقعتهم محاولين التشبث بما تبقى لديهم من عقل. بالإضافة إلى هؤلاء انضم بعض الفضوليين والمراقبين والصحفيين، كلٌ يحاول سبر أغوار المشهد الواضح الغامض. لم يمر الكثير من الوقت قبل أن تبدأ بعض المناوشات بين من يحاولون دخول الاعتصام من المؤيدين له وقوات الجيش الموجودة انتهت إلى استخدام القوات قنابل الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية التي بدا في حينها أن استخدامها بقصد القتل أسهل على حامليها من محاولة استخدام أية كلمات أو وسائل أقل قسوة ورد المناوشون بالحجارة، وتفرقت عن رفيقي فجأة لبضع دقائق حينما بدأ إطلاق الرصاص العشوائي وسقط البعض مضرجًا بالدماء. بعد حوالي الساعة لم يبد أنه سيحدث جديد من تلك الناحية ولم يبدو أن هناك مخرجًا لمن بالداخل أو مفرًا من القدر المكتوب. تحركنا لنعاود الالتفاف حول الاعتصام قاصدين هذه المرة محاولة إيجاد طريق لدخول الاعتصام لاستطلاع الوضع داخله، ومحاولين الوصول إلى أقاربنا لإنقاذهم من الموت شبه المحقق. وصلنا بعد مرور ما يقارب الساعة من البحث إلى مدخل شارع جانبي ضيق موازٍ لشارع الطيران لسبب ما لم يكن محاصرًا من قوات الشرطة؛ حيث رأينا بعض الخارجين من الاعتصام تظهر عليهم كثير من أمارات التعب، وتغطي كثير منهم آثار الدماء والدخان. رغم كل المخاطر اتفق كلانا على ضرورة الدخول للأسباب السالف ذكرها؛ فسلكنا طريقنا إلى الداخل ورافقنا قلة ممن أرادوا الانضمام لمن بالداخل وبعض ممن يحاولون إنقاذ ذويهم أو أصدقائهم. كلما اقتربنا من الاعتصام رأينا المزيد من الوجوه المعفرة بالتراب والدخان والملابس المخضبة بالدماء والنظرات الذاهلة، وتعالت أصوات الرصاص وتعالت معها أصوات الصرخات حتى وصلنا إلى أرض الاعتصام من جهة مدخل مشفى رابعة العدوية حوالي الثالثة مساءً. لا أزال أذكر تلك اللحظات القصيرة والمشاهد الرهيبة والمرعبة التي رأيناها بالداخل وكأنها حدثت للتو. أصوات الطلقات المتطايرة تدفعك للإحساس بأنك داخل أحد الخنادق على الجبهة الأمامية لحرب مستعرة بين جيشين، رائحة الدخان المسيل تزكم الأنوف، وتجبر دموعك على النزول إن لم تدمع عيناك لمشاهد المصابين الذين يحاولون النجاة بحياتهم. منظرهم خارجين من باب المشفى وهم يحاولون عبور تلك الفجوة بينها وبين المكان الذي كنا نقف فيه، والتي يبدو أن أفراد قناصة الشرطة يستهدفون أيًا كان من يعبر خلالها برصاصة قاتلة، كان مشهدًا مثيرًا للجزع بشدة. ترى حولك الجميع في ذهول، شباب وفتيات ورجال ونساء وأطفال، إما غير مصدقين ما يحدث لهم من تقتيل بأيدي شرطة كان أولى بها أن تحميهم، وإما مصدومين من هول الموقف ومشاهد الدم. هناك من يحاول الاحتماء خلف مبنى والرعب يتملكه والدموع تغلبه. وهناك من يحاول صد بعض الهجوم بالحجارة أو بأي شيء يقابله في طريقه. بعض الصحفيين الأجانب والمصريين كانوا بالداخل، ميزت بعضهم من الكاميرا والهوية وواقي الصدر الذي كتب عليه «صحافة» بلغة إنجليزية. كانوا يحاولون تسجيل المشاهد لكن الجميع كان يحاول الاحتماء من الرصاص المتطاير. لمدة تربو على العشر دقائق رأيت إحدى الطائرات المروحية تحلق واقفة في مكانها في سماء الاعتصام وكأن من بداخلها يسجل ما يحدث كما زعموا لاحقًا أو أنها حَوَتْ قناصة للشرطة لاستهداف المزيد من تلك النقطة الكاشفة، كما ظن كثير وأنا منهم. لا أدري على وجه التأكيد، ولكن ما كنت متأكدًا منه أن البقاء هنا أكثر من ذلك قد يعني البقاء للأبد والخروج من الحياة كلها. حاول كل منا التواصل مع من يخصه علّ أيدينا تصل إليهم قبل أيدي الموت، لكن فشلت محاولاتي المتكررة؛ حيث كان هاتفه مغلقًا، ونجح رفيقي في التواصل مع قريبه الذي كان محتجزًا في ركن عبر الناحية المواجهة من شارع الطيران. كانت مخاطرة عبور الشارع عالية للغاية؛ حيث تجعلك مكشوفًا لكل القناصة وقوات العمليات الخاصة الذين اقتربوا كثيرًا من مكاننا، إلا أن خوفه على حياة قريبه جعله يأخذ المخاطرة ويذهب. هل كان ضربًا من الجنون؟ ربما ولكن أي جنون لا يقارن بما كان يحدث من قتل وحرق وتدمير. بدأ رفيقي التحرك للعبور إلى الناحية المواجهة من الشارع وبقيت أنا أحاول التواصل مع قريبي دون جدوى فظللت منتظرًا في مكاني. بعد حوالي عشر دقائق أخرى بدأت أرى مقدمة المركبة المدرعة التي تتقدم جنود الشرطة تقترب وبدا مستحيلا أن يعود رفيقي وهم بهذا القرب الذي سيضعه بلا شك تحت طلقات بنادقهم إن لم يكن تحت أيديهم، لكن لم يكن أمامي سوى الانتظار. فجأة ألقت القوات المهاجمة قنبلتين صوتيتين فدوى انفجاران مدويان صموا أذناي ففقدت السمع لبعض الوقت، ورأيت أحدهم يسقط برصاصة قبل أن أرى رفيقي يعود ومعه قريبه مهرولين وقد نجوا بأعجوبة. وحيث فشلت كل محاولاتي للوصول إلى قريبي ووجد صديقي ضالته أصبح البقاء داخل الاعتصام ضربًا من الجنون التام ومحاولة غير رومانسية للانتحار. تحركنا فورًا لنسلك طريق الخروج من الممر نفسه مع اقتراب وتعالي أصوات الرصاص من كل جانب مما ينذر باقتراب القوات المهاجمة بشدة من قلب الاعتصام. بعد دقائق كنا خارج منطقة الاعتصام في وضع آمن إلى حد ما غير مصدقين أننا نجونا من القتل بعد أن قضينا ما بين ٣٠ و٤٥ دقيقة داخل ذلك الجحيم، جحيم القتل. بعد قليل تحركنا بسيارتي لأوصل رفيقيَّ إلى بيت أحد أقاربهم قاطني حي مدينة نصر، فقد كنا مرهقين بشدة ومذهولين ونحتاج إلى الابتعاد قدر الإمكان. بعد حوالي الساعة تواترت الأخبار عن انتهاء الفض وفتح ممرات آمنة واستطعت التواصل مع قريبي فتحركت مرة أخرى لمنطقة الاعتصام لأُقِلُّه بعيدًا بعد أن كتبت له النجاة؛ حيث كان من المحبوسين داخل مشفي رابعة في الساعات الأخيرة من الفض. لاحقًا في تلك الليلة قابلت بعض الزملاء والزميلات حيث توجهنا لمسجد «الإيمان» الكائن بشارع مكرم عبيد لتوثيق أعداد الشهداء والذين استطاعوا نقلهم من مشفى رابعة إلى هناك. داخل المسجد رائحة الموت تطبق على المكان وصراخ الأهل والأصدقاء الذين مات لديهم آخر أمل لبقاء ذويهم على قيد الحياة برؤية الجسد المسجى. تراصت المئات من تلك الأجساد المكفنة على عجل ولا يزال بعضها ينزف دمًا، وأخرى محترقة ومتفحمة وآثار الرصاص القاتل بالرأس والرقبة والصدر في كثير مما رأيت. كانت مذبحة بكل ما تحمله الكلمة من معان. أكثر من ألف قتيل في رابعة وما يقارب الألفين أزهقت أرواحهم في كل مصر في هذا اليوم الأسود تحت لواء حماية السكان وتطبيق القانون وفرض النظام. كلمات فارغة لا تساوي شيئًا أمام ما حدث. تزاحمت برأسي الأفكار والأسئلة كيف يمكن لبشر أن يرتكبوا مثل هذه الجريمة، وأي مبرر يمكن أن يردده هؤلاء لتبرير فعلتهم تلك وكل ما لحق من جرائم ارتكبتها أيديهم؟! هل أخطأ الإخوان ومؤيدو ما سمي بـ«الشرعية» في رفع مطالبهم؟ لا لم يخطئوا؛ فمن حق كل شخص أن يطالب بما يريد حتى لو تعارض ذلك مع الآخرين طالما فعل ذلك بسلمية. وهل كانت هناك بعض الأسلحة داخل الاعتصام؟ نعم تلك فرضية صحيحة لكن مع قلة قليلة ولم تتعد الأسلحة المضبوطة ١٥ بندقية حسب تصريحات وزير الداخلية نفسه. ولم تتعد خسائر الشرطة في الأرواح ٨ ضباط وأفراد حسب تصريحات وزارة الداخلية وهو الرقم نفسه الذي ذكره تقرير «هيومان رايتس ووتش»، الذي صدر في وقت لاحق بعنوان «حسب الخطة» موثقة به تلك الأحداث. هل استحق ذلك قتل أكثر من ألف معظمهم من الأبرياء؟ بالقطع لا وألف لا. والسؤال الأهم والبدهي هل كان بالإمكان تجنب ذلك؟ بالتأكيد نعم! وليس أدل على ذلك من تصريحات بعض العاقلين في المعسكرين التي أكدت وجود مفاوضات غير مكتملة سابقة على الفض، مما يوحي بوجود نية مبيتة للقتل لدى واضعي خطة الفض وتجاهل تام لذلك من أرفع المناصب في السلطة، إن لم يباركوا ذلك بمن فيهم النائب العام هشام بركات قبل أن يتم اغتياله مؤخرًا في تفجير استهدف موكبه الذي أعطى موافقته للتنفيذ. فلكل من اقترفت يداه الآثمة تلك الجريمة وغيرها مما سبق أو لحق من الجرائم الأقل بشاعة في حق المصريين، أو شجع على ارتكابها، أو وقف متفرجًا حين كان قادرًا على التدخل، أو هلل لحدوثها، أو حتى بررها بأي شكل، لكل هؤلاء أقول لا شيء سيمحو أفعالكم فقد نحتت في ذاكرة الوجع، وكتبت سطورها بمداد من دماء بريئة، وانطبعت مشاهدها على صفحات العقول والقلوب التي بقي فيها بعض من الإنسانية. يمكنكم الصراخ حتى لا يُسمع غيركم، أو الكذب حتى لكي لا تُعرف الحقيقة، أو التبرير حتى ترتاح ضمائركم. لكن هيهات! فمثلكم مات فيهم الضمير واضمحل عندهم العقل ونزعت الرحمة من قلوبهم، فأصبحتم متكبرين متجبرين. افرحوا بما لديكم اليوم فلستم على كراسيكم وعروشكم خالدين. إذا نسي التاريخ الذي تزورونه بأيدي مريديكم ولن يفعل فلن ننسي. حاول غيركم الكثير فأُسْقِطَ في أيديهم كما سيُسْقِطَ في أيديكم. وما نسينا بغداد والقلعة ووارسو وصبرا وشاتيلا ودير ياسين والشيشان ولا الهنود الحمر والأرمن والسود وغيرهم. كثيرة هي مذابح من على شاكلتكم. لم يوقفهم دين ولا عرف ولا إنسانية عن اقتراف جرائمهم وتبريرها كما لم يوقفكم. ينعرون باللون والعرق والدين والوطنية والقومية والفوقية ونعرات أخرى أوقدوا نارها فما أطفأتها إلا أنهار دماء الأبرياء وعبرات الثكالى. تأتي الذكرى الثانية لجريمتكم الشنعاء وتظنون أنكم قد أفلتم بها من عقاب استحققتموه.. لكن هيهات! فستلاحقكم تلك الدماء من تحت التراب، وستحيل أحلامكم كوابيس كما فعلتم معهم ومعنا. ستصم آذانكم صرخات الأب والأم والزوج والابن والبنت والأخ والأخت، وستلاحقكم أوجاعهم التي ما فتئت تعاودهم وتعتصر قلوبهم كلما اجتمعوا حول أي شيء. فاجتماعهم سيظل منتقصًا للأبد، وأفراحهم ستظل باهتة وعزاءاتهم ستظل قائمة حتى يقتصوا منكم ويلحقوا بذويهم في حياة أخرى. ستلاحقكم بعض ضمائر لم تغتالها بعد رغبات الحكم الزائلة، ولا أموالكم الملوثة، ولا منطقكم الفاسد. ستلاحقكم ثورات وأدتموها في مهادها، وثوار قتلتم آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم. ستلاحقكم أقلام لا يزال مدادها الحق والحق فقط. اليوم أنتم ها هنا تفرحون وغدًا يأتيكم القصاص من حيث لا تدرون أو تدركون، ثم أنتم لرب منتقم جبار لعائدون. حين لا ينفع مال ولا بنون، ولا أسلحة تختزنون، ولا أنصار منافقون. سننتظر ذلك اليوم الآت لا محالة، وستدفعون الثمن، في هذه الحياة أو في حياة أخرى
الداخلية مقتل مسلحين من «حسم» تورطا في اغتيال ضابط في الأمن الوطني كتب مدى مصر ١٣ أغسطس ٢٠١٧ أعلنت وزارة الداخلية اليوم، الأحد، عن مقتل مُسلحين إثنين بعد تبادل لإطلاق النار. وجرت العملية داخل شقة سكنية بمنطقة الخصوص في محافظة القليوبية، كانت قوات الشرطة قد داهمتها. وقد أكدت الداخلية، في بيانها، على مقتل ضحيتَي الهجوم بعد تبادل إطلاق النيران معهما. وقد كَشَفَ البيان عن اشتباه الداخلية في تواجد عناصر مسلحة منتمية لحركة «حسم» داخل الشقة السكنية، دون أن تُحدد عددهم. وقد جاء في نص البيان «أسفرت نتائج تتبع هؤلاء عن رصد إتخاذ بعضهم من إحدى الشقق مأوى للإختباء به، وعقد لقاءاتهم التنظيمية ومنطلقاً لتنفيذ عملياتهم الإرهابية. تمّ التعامل مع تلك المعلومات (فى الإطار القانونى) وحال إقتراب القوات من العقار فوجئت بإطلاق أعيرة نارية تجاهها». وزعم البيان أن القتيلان كانا منتميين لحركة «حسم» المسلحة، وكانا قد شاركا في عدة عمليات عنف مسلح ضد قوات الشرطة، إلى جانب بقية المتواجدين بالشقة السكنية، التي هاجمتها القوات. كما أشار البيان إلى أن القتيلان كانا من ضمن المُنفِّذين في عملية اغتيال الضابط في قطاع الأمن الوطني إبراهيم عزازي، الذي قُتل في يوليو الماضي. وقال البيان «بإقتحام الوكر تبيّن مصرع شخصين وهما كلٍ من الإرهابى الإخوانى محمد عبدالفتاح دسوقى حسن مكى "حركى عادل" (مواليد ٤ ٥ ١٩٩٥ – مقيم الحى البولاقى مدينة الخانكة) والإرهابى الإخوانى محمد حسن محمد محمد مفتاح "حركى أبو مالك" (مواليد ١٤ ٩ ١٩٩٤ – مقيم مدينة الخانكة». وقال بيان الوزارة إن القتيل الأول محكوم عليه بالسجن لمدة ١٥ عامًا في القضية رقم ١٤٥٩ ٢٠١، وذلك بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية والمشاركة في أعمال عنف. كما أشار إلى ضبط سلاح آلي، وطبنجة، و١١ خزينة للسلاح الآلي، وكميات من الطلقات الفارغة، والأوراق التنظيمية. وكانت «حسم» قد أصدرت، عقب حادث اغتيال الضابط بالأمن الوطني إبراهيم عزازي، الشهر الماضي، بيانًا أعلنت فيه عن تبنيها للحادث، وقالت «بحول الله وقوته قامت فرقة الاغتيالات بحركة حسم بتنفيذ الإعدام الميداني بحق المجرم النقيب إبراهيم عزازى، أحد مجرمي قطاع الأمن الوطني، وذلك بعد رصد تحركه من منزله بحي الشيخ مصلح في الخانكة، بمحافظة القليوبية. وتمّ تصفيته علي بُعد أمتار من منزله برصاصة قاتلة في قلبه مباشرة وثلاث رصاصات في الرأس، وذلك في تمام الساعة ١٢ ٠٥ ظهراً يوم الجمعة». وخلال الأسابيع الماضية، نَشَرَت وزارة الداخلية العديد من البيانات الأمنية أعلنت فيها عن تصفيتها لعددٍ من كوادر وأعضاء الحركة المُسلحة. وكانت منظمة العفو الدولية قد أدانت، في ٨ أغسطس الجاري، مقتل محمد عبد الستار، والذي وصفته بـ «القتل خارج إطار القانون». وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت عن مقتله، في بيان، إثر تبادل لإطلاق النار في مايو الماضي. في حين كان عبد الستار قد ألقى القبض عليه قبلها بـ ٢٧ يومًا من مقر عمله، بأحد المدارس في محافظة البحيرة، حسب بيان المنظمة. ومن جانبها نفت «حسم» أن يكون القتلى، الذين أعلنت الداخلية مؤخرًا عن مقتلهم من ضمن كوادرها بالأساس. وقالت، في بيان صدر في ٢٨ يوليو، إن «الأمن يعجز عن إدراك أعضاء الحركة». وعُرفت حركة «حسم»، خلال السنة الأخيرة، بتبنيها لعدد من عمليات العنف المسلح، بينها استهداف منطقة جاورت كمين شرطة في شارع الهرم في ديسمبر الماضي. وكانت قد أدت إلى مقتل ٦ شرطيين بينهم ضابطين. كما قامت بمحاولة اغتيال القاضي أحمد أبو الفتوح بتفجير سيارة مفخخة قرب منزله، في ضاحية التجمع الخامس، في نوفمبر الماضي. كما نَفَذَت الحركة محاولة اغتيال النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز عثمان، وذلك عبر استهداف موكبه، قرب منزله، في سبتمبر الماضي. وقامت «حسم» بمحاولة اغتيال فاشلة لمفتي الجمهورية السابق علي جمعة، وذلك بالقرب من منزله في مدينة ٦ أكتوبر، في أغسطس الماضي. فيما بدأ نشاط «حسم» في منتصف يوليو الماضي بعملية مقتل الرائد محمود عبد الحميد، رئيس مباحث طامية بمحافظة الفيوم.
لا جديد في الوراق.. «الوزير» لأهالي الجزيرة «جئنا لإنفاذ القانون وكله بالتراضي» كتب مصطفى محيي ١٣ أغسطس ٢٠١٧ منذ الصباح الباكر، بدأ المئات من أهالي جزيرة الوراق الاستعداد لاستقبال اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. نصب الأهالي سرادق بإحدى الأراضي الشاغرة وسط المساكن، بينما تجمع خليط من الأهالي لحضور «المؤتمر» الذي دعا إليه الوزير يوم الثلاثاء الماضي بعد لقائه مع وفد من سكان الجزيرة بمكتبه بالهيئة. أمسك أحد منظمي المؤتمر الميكروفون وبدأ حديثه للأهالي مؤكدًا أن المطالب التي سيتمسكون بها في لقائهم مع «الوزير» هي الإفراج عن الـ١٧ المعتقلين من أهالي الجزيرة على خلفية الاشتباكات التي وقعت أثناء محاولة تنفيذ ٧٠٠ قرار إزالة لمنشآت على أراضي الدولة، بحسب البيانات الرسمية، بالإضافة إلى تعويض أسرة سيد الطفشان، الذي لقى مصرعه أثناء الاشتباكات، وكذلك الاستعلام عن تفاصيل مخطط تطوير الجزيرة الذي ذكره «الوزير» إجمالًا في لقائه السابق مع الأهالي. وطلب الشخص الذي يتحدث في الميكروفون من الأهالي أن يمنحوا فرصة للوزير للحديث لمعرفة ما تريده الدولة، وسيتشاور الأهالي لاحقًا فيما سمعوه ليتخذوا قرارًا بشأنه. رفع عدد من الشباب لافتة مكتوب عليها «الجزيرة مش للبيع»، فطلب منهم إنزالها، مضيفًا «لو قال حاجة مش عاجبانا نبقى نرفعها [اللافتة]. عايزين ندي صورة جيدة عن الجزيرة وأهلها.. ده أول مسؤول يزورنا ومش عايزين حد يندم إنه جاء لزيارتنا». بدأ الأهالي في دخول السرادق عند معرفتهم بوصول «الوزير» إلى المعدية التي تتنقل بين الجزيرة والشاطئ الآخر للنهر، وخلال دقائق كان السرادق امتلأ عن آخره. وصل الوزير بصحبة رئيس هيئة التخطيط العمراني عاصم الجزار، وصعدا إلى المنصة في مقدمة السرادق وسط تصفيق من الأهالي وهتاف بعضهم «تحيا مصر». بدأ «الوزير» حديثه على الفور قائلًا «أحمل رسالة من الرئيس تؤكد حرصه على مصلحة الأهالي وأنه لن يُضار مواطن أو يُظلم في عهده سواء في جزيرة الوراق أو في مصر كلها»، مضيفًا «حقكم لن يضيع، وكل من له حق سيأخذه.. مصالح الناس الشخصية هامة، لكن مصلحة بلدنا أيضًا هامة. ولا يجب أن تتعارض مصالحنا الشخصية مع مصلحة الدولة وهيبتها والصالح العام». طرح «الوزير» نفسه خلال اللقاء، الذي استمر نحو ساعة ونصف، مُفوضا من قبل رئاسة الجمهورية للوصول إلى تفاهمات مع سكان «جزيرة الوراق»، وممثلا لأهالي الجزيرة بغرض رفع المطالب للجهات المعنية المختلفة والاتفاق على تنفيذها. واعتذر رئيس الهيئة الهندسية عن تأخره بعقد ذلك اللقاء قائلًا إن رئيس الجمهورية كلفه قبل شهرين بتولي ملف الجزيرة إلا أنه تأخر بسبب مشاغله، مضيفًا «ضميري يؤنبني لأنني لم أحضر مبكرًا قبل الخلاف ما يحصل». كانت قوة من الشرطة مع مسؤولين من وزارات الأوقاف والري والزراعة قد شرعوا في تنفيذ ٧٠٠ قرار إزالة لتعديات على أراض الدولة، في ١٦ يوليو الماضي، حسب بيان صادر عن وزارة الداخلية وقتها. ونشبت اشتباكات بين قوات الأمن والأهالي الذين اعترضوا على أعمال الإزالة. وأدت الاشتباكات إلى مقتل مواطن وإصابة ١٩ آخرين بحسب تصريحات وزارة الصحة وقتها، في حين أُصيب ٣٧ من أفراد الشرطة، بحسب بيان الداخلية. وبدأ «الوزير» في طرح النقاط التي يسعى للوصول إلى تفاهمات بخصوصها، وهي توفير حرم لـ«محور روض الفرج» الذي يخترق الطرف الشمالي من الجزيرة، وإزالة التعديات على أراضي الدولة، وإزالة المباني المُخالفة على الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى تطوير المنطقة السكنية داخل الجزيرة. في النقطة الأولى، قال رئيس الهيئة الهندسية إن المطلوب هو إخلاء نحو ١٠٠ متر على جانبي محور روض الفرج، وهو ما اعترض عليه الحضور هاتفين «لأ.. لأ». فرد الوزير قائلًا «لن ننتزع سنتيمتر من الأهالي غصبًا من أي أحد، ومنقدرش نعملها. وكل شيء سيتم بالتراضي»، مضيفًا لن نصدر قرارًا إلا بعد موافقة الأهالي على المسافة التي يقبلون انتزاعها. وفي النقطة الثانية، قال الوزير أنه لا يجوز أن يبني أحد على أراضي طرح النهر أو الأراضي المملوكة للدولة، لأن القانون يمنع ذلك، مضيفًا «هناك بيوت مبنية وسط المياه على حافة الجزيرة ولو ارتفع منسوب نهر النيل ستتعرض هذه المنازل للخطر». وقال السيسي، في إحدى خطاباته بشهر يونيو، إن جزر النيل، ومن بينها جزيرة الوراق على وجه التحديد، بقوله «جزيرة موجودة في وسط النيل، مساحتها أكتر من ١٢٥٠ فدان مش هذكر اسمها وابتدت العشوائيات تبقى جواها والناس تبني وضع يد. لو فيه ٥٠ ألف بيت هيصرفوا فين؟ في النيل اللي إحنا بنشرب فيه؟». وأضاف «الجزر الموجودة دي تاخد أولوية في التعامل معاها». وأشار السيسي في خطابه إلى القرار الصادر سنة ١٩٨٨ الذي يُنظم أعمال البناء على النيل. ويُجرّم القرار البناء على مسافة أقل من ٣٠ متر من ضفة النهر. وأضاف «الوزير» «في بنها، نسفنا الأبراج المبنية على شاطئ النهر مباشرة. وهذا لمصلحة الدولة والحفاظ على هيبتها وهيبة القانون. وهذه الأبراج كانت لأشخاص مقتدرين بنوها بغرض الاتجار فيها، أما الناس البسطاء في الجزيرة فقد كانوا يحاولون إيجاد مأوى لهم ولأسرهم ولذلك فنحن لن نتعامل معهم بنفس الطريقة». وتابع «الوزير» قائلًا إن من سيسلم منزله المُخالف طواعية، ستعوضه الدولة بمسكن بديل سواء في حي الأسمرات أو إحدى مشاريع الإسكان الاجتماعي، مضيفًا «الدولة من حقها إزالة المنزل، لكننا نسعى للتراضي، ونحن مُلتزمون بذلك». وأوضح رئيس الهيئة الهندسية أن الأمر نفسه يسري على من بنوا على أراضي مملوكة للدولة داخل الجزيرة، أو على أراضي زراعية يمتلكونها، مؤكدًا أن الفئة الأخيرة يمكنها الاختيار بين الحصول على مسكن بديل أو تعويض مادي. وأشار إلى أنه بالإضافة للجنة التي تحصر المنازل المُخالفة، هناك لجنة أخرى ستتشكل من كل الجهات الحكومية المعنية لتقدير التعويضات عن المباني والأراضي. بدأت الأصوات المعترضة تتعالى تدريجيًا داخل السرادق، حتى تحولت إلى هتاف «مش هنمشي.. مش هنمشي». فرد الوزير «مش هنختلف، أنا معاكم وسعيد بإني معاكم، ومن مصلحتكم إني أفضل معاكم وسنصل إلى حل سويًا، يحافظ على حقكم ويحفظ هيبة القانون والدولة». وانتقل «الوزير» إلى النقطة الأخيرة وهي تطوير الجزيرة قائلًا «لا يمكن أن تكون هناك منطقة عشوائية ولا نضع يدنا بها. وكنت مقتنعًا في المرات السابقة التي زرت فيها الجزيرة بضرورة تطويرها، إلا أن قناعتي بذلك زادت بعدما تجولت في شوارعها اليوم». وشدد الوزير على أهمية توسيع الشوارع الرئيسية والجانبية وسط الكتلة السكنية، قائلًا «شاهدت شوارع عرضها متر واحد، لا يمكن أن تدخلها سيارة إسعاف أو إطفاء». فيما بدأ جانب كبير من الأهالي بالهتاف «مش عايزين تطوير»، ليرد «الوزير» متسائلًا «يعني عايزينها تفضل كده؟» ليجيب جانب من الأهالي بالإيجاب. بدا الوزير مندهشًا من رفض الأهالي، وبدأ بعضهم يعرب عن قلقه من أن يحمل مشروع التطوير نقلًا لبعض الأهالي إلى خارج الجزيرة أو انتزاعًا لأراضيهم. وحاول الوزير تهدئة الحضور ورهن إمكانية مد شبكة صرف صحي بالجزيرة، وهو المرفق الأساسي الذي يفتقر إليه المكان، بتطويره، قائلا «عشان نعمل ماسورة صرف صحي، لازم يبقى فيه شارع تمشي فيه الماسورة». غير أن الأصوات الرافضة استمرت في رفض مشروع التطوير، وعبر عنها أحد الأهالي قائلًا «نطالب بالتطوير من ١٠٠ سنة، والدولة تجاهلتنا. نرحب بالتطوير إذا لم يمس متر واحد من أرض الجزيرة. وإذا كان التطوير يعني انتزاع متر واحد من أرضنا فإحنا راضيين بعيشتنا كده». وانهي «الوزير» اللقاء مطالبًا بالجلوس مع ٣٠ من أهالي الجزيرة يمثلون الآراء المختلفة، من يقبلون التطوير ومن يخالفونه، ومن يريدون مغادرة الجزيرة بعد تسليم منازلهم المُخالفة ومن يرفضون ذلك. وعرض «الوزير» أن يجلس مع تلك المجموعة اليوم عقب صلاة الظهر. على أن يجلس مع مجموعة أخرى خلال الأيام المقبلة، ليستمع لكل الآراء مطالبًا الأهالي بأن يأتون إليه بمقترحات للتعامل مع النقاط التي أثارها في «المؤتمر». وقبل مغادرته الجزيرة، أثار عدد من الأهالي قضية المعتقلين المقبوض عليهم من الجزيرة على خلفية اشتباكات الشهر الماضي، مطالبين بالإفراج عنهم قبل عيد الأضحى، فرد الوزير «كلنا مع أولادنا وأهلنا المقبوض عليهم، ولن نرضى أن يُظلموا. لكن القضاء يجب أن يُحقق، وأعد أن حبسهم لن يطول، وأنا مستمر في التواصل مع كل الجهات للإفراج عنهم». وغادر «الوزير» ومن معه السرادق، بينما بدأ الأهالي في الهتاف «مش هنمشي» و«هاتوا إخواتنا من الزنازين» رافعين لافتات «الجزيرة ليست للبيع».
مقتل أمين شرطة ومجند في العريش.. و«ولاية سيناء» ينعي مقاتلًا فلسطينيًا بالتنظيم مدى مصر ١٣ أغسطس ٢٠١٧ أفادت مصادر محلية من العريش عن مقتل أمين شرطة ومجند في وزارة الداخلية وإصابة ٦ آخرين إثر استهداف مدرعة للشرطة بعبوة ناسفة، في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، دون أن تعلن أية جهة مسؤوليتها بعد. وقالت المصادر لـ«مدى مصر» إن «انفجار استهدف مدرعة شرطة في حي المساعيد بالعريش فجر اليوم، وأسفر عن مقتل أمين الشرطة محمد حلمي والمجند أحمد محمد، بالإضافة إلى إصابة ٦ آخرين بحروق وكسور». ومن جانب آخر، أعلن تنظيم «ولاية سيناء» المتطرف مقتل أحد العناصر المنتمية له من حملة الجنسية الفلسطينية، وقال إن اسمه الحركي «أبو أسيد المقدسي» وقالت وسائل إعلام محسوبة على تنظيم «داعش» إن المقاتل الفلسطيني هو أحمد الحلاق، من سكان مخيم الشاطئ الفلسطيني في قطاع غزة. وتعد هذه هي المرة الثانية التي يعلن فيها «ولاية سيناء» بشكل رسمي وواضح عن مقتل مقاتلين فلسطينيين في صفوفه. إذ أعلن التنظيم في يونيو الماضي مقتل كل من «أبو عمير المقدسي، واسمه الحقيقي أحمد زقوت، وأبو أسامة المقدسي، واسمه فادي الحجار».
لستُ «نيجرو» عندك رحلة مع الأرشيف يارا شاهين ١٢ أغسطس ٢٠١٧ لم أتوقع أن تثير مشاهدتي لفيلم «لست نيجرو لك»، أو «لست النيجرو خاصتك.. I am not your Negro» كل هذه التساؤلات والتأملات بداخلي، ليس فقط بعد مشاهدة الفيلم، بل وأثناء المشاهدة نفسها. الفيلم ثري ودسم على عدة مستويات، فكل لقطة محملة بدفقات من المشاعر والأفكار، وكأنه مجموعة من الطبقات المتداخلة، والتي يتطلب الغوص في كل منها تركيزًا شديدًا. أولى الطبقات المتداخلة كان جيمس بلدوين، الكاتب الأمريكي من أصل أفريقي، والذي كان، إلى جانب قيمته الأدبية الكبيرة والهامة، حاضرًا بقوة في حركة الحريات المدنية التي اجتاحت الولايات المتحدة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. حاول بلدوين في السبعينيات كتابة كتاب عن رموز تلك الحركة، والذين اغتيلوا جميعًا؛ مالكوم إكس، مارتن لوثر كينج وميدجر إفيرز. لكن كتابه «تذكر هذا المنزل» لم يكتمل، ولم يتجاوز ثلاثين صفحة تتناول مشاهداته للرموز الثلاثة وللحركة ككل. اللغة التي يكتب أو يتحدث بها بلدوين هي أجمل ما سمعت أو قرأت من حيث الحدة والصراحة والسلاسة والانسيابية ووضوح الأفكار. تلك اللغة وتلك الأفكار والكتابات والمحاضرات واللقاءات المسجلة لبلدوين تتملك الفيلم تمامًا، تسيطر عليه، تجعل صاحبها حاضرًا رغم وفاته منذ أكثر من ثلاثين عامًا. كما يزداد حضوره ووجوده أيضًا من خلال صوت صامويل إل جاكسون. يقرأ جاكسون مقتطفات من الكتاب غير المكتمل، يختلط الصوتان معًا فيصبح جاكسون هو بلدوين أو العكس. الأرشيف والماضي لكن الحضور الطاغي لبلدوين، بأفكاره الحادة ولغته الاقتحامية لم يطغ على الحضور الأقوى للصورة والبناء البصري غير العادي في الفيلم، كما قدمه المخرج راؤل بيك. يبحر بيك في مادة ضخمة من الأرشيف؛ الصور الفوتوغرافية الثابتة، الإعلانات، الصحف، تسجيلات المسيرات الكبرى وجنازات القيادات الثلاث المغدورة، أرشيف التليفزيون ولقاءات بلدوين، بل وأيضًا الأرشيف الأكبر، أفلام هوليوود التجارية أو «الماينستريم»، منذ السينما الصامتة، كفيلم «كابينة العم توم» ومرورًا بأفلام الغرب الأمريكي «الويسترن»، المحتشدة بصور القتل والتنكيل بـ«الهنود الحمر»، حتى الظهور الخجول لنجوم السينما من أصول أفريقية، مثل سيدني بواتييه وهاري بلفونتي. كل لقطة منتقاة ببراعة من داخل الأرشيف الواسع ومحمّلة بفكرة يعكسها صوت بلدوين جاكسون، وحتى في لحظات السكتات والصمت تقول الصورة شيئا ما. هذا التوازن الدقيق يجعل كلًا من الصور تقول كلمتها، دون أن تطغى كلمات بلدوين الحادة والمعبرة على ما نراه. يظل لكل من الصور وللكلمات حضورهما الواثق. رغم كل هذا الأرشيف الدسم، ورغم الالتزام شبه المقدس بأن تصاحب كل كلمة من كلمات بلدوين لقطة أو صورة تعبر عنها وكأنها تترجمها للغة بصرية، ولكن يبدو أن المخرج راؤل بيك لم يتمالك نفسه في كثير من اللقطات من تقديم «استعراض للعضلات» لصور شديدة الجمال من كافة أنحاء الولايات المتحدة الآن؛ لقطات طويلة لا تتحدث فيها إلا الطبيعة، تتحرك فيها الكاميرا أمام غابات أو حقول في الجنوب الممتد أو حتى أمام القطارات المعلقة التي تتميز بها ولايات الشمال. ربما كانت هذه اللقطات المطولة أيضًا فرصة لالتقاط الأنفاس واستيعاب كل هذا القدر من الصور والأفكار ومن تداعي المشاعر، خاصة بعد انتهاء بلدوين من سرد قصص معرفته بمقتل كل من قيادات الحركة الثلاث، إكس وكينج وإيفرز. الأرشيف والحاضر الأرشيف، كما استخدمه بيك، هو الفيلم نفسه، وليس مجرد لقطات توثيقية تكمل الناقص ويُربط بينها بذكريات شهود ممن عاصروا الحدث، كما هو الحال في الكثير من الأفلام الوثائقية، ولا حتى كمجرد عنصر يزيد واقعية وحيوية الأفلام الروائية، كما هو معتاد. لا يثير الأرشيف في هذا الفيلم أي مشاعر نوستالجية تستدعي تلك الأيام باعتبارها «أجمل الاوقات»، كما اعتدنا لدى استخدام الأرشيف في السينما المصرية، بل تحمل كل لقطة ومقتطف من الأرشيف معناها الخاص ورسالتها المتفردة، وفي تتابعها يتصاعد الفيلم وينمو، ومع تصاعده تكثر التساؤلات حول الحاضر والمستقبل، لا حول الماضي فقط. للربط بين الماضي والحاضر، وكي لا يتحول الأرشيف لمادة لا تفعل سوى استدعاء النوستالجيا أو مساءلة الماضي، استعان بيك بالفعل بلقطات أرشيفية من أحداث فيرجسون ٢٠١٤، بما تبعها من مسيرات اجتاحت الولايات المتحدة مندّدة بالعنف المنظم ضد الأمريكيين من أصول إفريقية. تشابهت تلك الصور واللقطات إلى حد كبير مع صور أحداث ثورة يناير والـ١٨ يومًا من المواجهات بين الشرطة والشباب الغاضبين في شوارع القاهرة والكثير من مدن مصر؛ الشاب الواقف بشجاعة وحيدًا أمام مدرعة، الحشود التي تتحدى السلاح، ومشاهد التنكيل والعنف كما رأيناها في «محمد محمود» وغيرها من مواجهات الكر والفر. كيف تتشابه لهذا الحد صور التمرد والمواجهات وموجات الغضب في كل مكان وزمان؟ أتذكر فيلمًا ألمانيًا تسجيليًا اعتمد هو الآخر لحد كبير على الأرشيف. يدور الفيلم حول برلين الغربية في الثمانينيات، كمشهد لموسيقى الأندرجراوند وانتشار ثقافة قصة الشعر «البانك». أتذكر مشهدًا بعينه من الفيلم، اندلعت فيه مواجهات شغب مشابهة بين الشرطة والشباب الذي يحتلون المدينة المقسمة والمهجورة في عصر الحرب الباردة، تندفع المدرعة ويواجهها المتظاهرون. أميل على صديقي المصري في قلب دار العرض في برلين لأكتشف أن لدينا نفس الملاحظة «آه، عشان كده كانوا معجبين بالثورة المصرية؛ متعودين على المشاهد دي بقي! » لم يختلف هذا المشهد بين برلين الثمانينيات والقاهرة ٢٠١١ وفيرجسون ٢٠١٤، وكأن موجات التمرد والمواجهة تغذي بعضها البعض، تتأصل في الذاكرة، تنتقل من مكان لأخر وعبر الأزمنة لتصور الشجاعة الفردية وحمى المسيرات الجماعية وعنف قوات مكافحة الشغب، ثم حيرتها وتخبطها أمام الغضب المتصاعد. بعد وصول الفيلم لمنتصفه، واستيعابي لإيقاعه الذي يوازن بدقة بين استدعاء الأرشيف وكلمات بلدوين، انتظرت ظهور صورة أوباما، لتكتمل رحلة الأرشيف الذي يؤرخ لقصة وصول الأفارقة إلى أرض الحلم والموعد، مرورًا بمحطات الاستغلال والقهر ثم الانتفاضات المتوالية. بالفعل، تظهر صورة أوباما وميشيل يوم التنصيب الأول في البيت الأبيض، وسط الحشود الصاخبة، ويسبقها مقطعٌ من إحدى خطب بلدوين تعليقًا على أحد تصريحات روبرت كنيدي، الذي كان مرشحًا رئاسيًا على رأس قائمة الحزب الديموقراطي، وبمفاده فـ«السود يحققون تقدمًا، ويمكن خلال سنوات في المستقبل أن يصل إلى البيت الأبيض رئيس أسود». يعقب بلدوين قائلًا إن من سمعوا تصريح كنيدي في أحياء هارلم قابلوه بضحكات السخرية والمرارة، فـ«بوب كنيدي الذي تواجد على هذه الأرض بالأمس القريب، وها هو على بعد خطوات قليلة من البيت الأبيض بينما نحن في هذا البلد منذ ٤٠٠ عامًا، يخبرنا أننا، إذا أحسنّا السلوك، قد يُسمح لنا بالوصول للبيت الأبيض بعد ٤٠ سنة». تحققت نبوءة كنيدي بالفعل في ٢٠٠٩، ولكن تشكك بلدوين وسخريته كانا في محلهما أيضًا، فالمفارقة كمنت في اندلاع أحداث شغب وعنف في فيرجسون، في الفترة الثانية لحكم أوباما، حيث لا يكتمل حل مشكلة العنصرية في أمريكا دون تصالح الرجل الأبيض مع حقيقة وجود بشر، أو إخوة، أو مواطنين آخرين، لم يرهم ولم يدرك وجودهم على مر السنين، كما يؤكد بلدوين. ذاكرة هوليوود الأرشيف الموازي رغم أنني لم أر الولايات المتحدة قط، ولم أعش بها ولا يومًا واحدًا، لكن كان هناك رافد آخر يغذي ذاكرتي، أنا ابنة القاهرة بأرشيفي الخاص عن تلك البلد، أو لنقل القارة الصغيرة، ويتمثل في مئات الأفلام الأمريكية التي أنتجتها هوليوود، والتي كنت على موعد معها كل يومي سبت وخميس على قنوات التلفيزيون المصري مع برنامجي «أوسكار» و«نادي السينما». وبطبيعة الحال، كانت معظم الأفلام التي استطاع البرنامجان جلبها أفلامًا قديمة ذات حقوق عرض أرخص. كبرتُ مع الأفلام الأمريكية، بأبطالها مثل روك هادسون ودوريس داي ومارلين مونرو وتوني كيرتس. وقعت، ولا أزال، في غرام روبرت ريدفورد وبول نيومان. ثم كانت هناك بالطبع كل الأفلام الغنائية الخفيفة لدين مارتين أو الأفلام الاستعراضية لجين كيلي وفريد أستير، أما الفخر الشديد الذي كان ينتاب مقدمي البرنامج، فكان لدى حصولهم على حقوق عرض فيلم لمارلون براندو مثل «على رصيف الميناء» أو «عربة اسمها الرغبة» وغيرها. كانت هذه نافذتي على بلد لم أره، في عصر بلا إنترنت ولا «أونلاين ستريمينج». أتذكر أنه في إحدى ليالي الخميس عرض برنامج أوسكار فيلم «كارمن جونز»، وهو معالجة لأوبرا «كارمن» لبيزيه. لم أعرف من هي كارمن، ولا من هو بيزيه، لكني كنت قد شاهدت سابقًا فيلم «كارمن» لريتا هيوارت وجلين فورد، وإذ بي أفاجأ أن جميع أبطال الفيلم من الممثلين السود، وعلى رأسهم هاري بلفونتي بالطبع. أتذكر استغرابي من وجود فيلم عن الحب والغيرة والإغراء، بلا ممثلة شقراء أو ممثل ضخم أبيض بعيون زرقاء، كما اعتدت. يتحدث بلدوين عن بواتيه وبلفونتي تحديدًا، وعن عدم استخدام هوليوود لهما كرموز جنسية، كما هو الحال مع باقي الممثلين. في ذاكرتي، ارتبط بواتييه، بوصفه مندوب الأمريكين من أصول أفريقية في هوليوود، بفيلمه الشهير «انظر من قادم للعشاء»، أو حتى الفيلم الشهير «The Defiant Ones»، والترجمة الدقيقة للعنوان هي «المتحديان»، وهي منطقية في حالة قصة عن هاربَيْن من السجن. غير أنني نشأت على أن اسمه، لدى ترجمته للعربية، هو «حطمتُ قيودي»، ويبدو أن هذه الترجمة أتت من تفصيلة أخرى معقدة وثقيلة، فالهاربان أحدهما أبيض والآخر أسود، ويربط بينهما قيد واحد. كانت أجمل لقطات الأرشيف بالنسبة لي هي صورة إحدى المسيرات التي تطالب بالمساواة في العمل، وهناك في واشنطن وقف بلفونتي وبواتيه وبلدوين مع قيادات الحركة، وبجانبهم وقف مارلون براندو. أراشيف متنوعة كما أسلف، يستدعي المخرج أشكالًا متعددة من الأرشيف، مثل أرشيف الإعلانات المطبوعة، والتي يظهر فيها الأمريكي من أصل أفريقي، كخادمة، طباخ، مزارع، سفرجي، مع كافة أشكال العمال أو مقدمي الخدمة للبيض، أما عن الإعلانات التلفزيونية، والتي يبدو أنها ظهرت مباشرة بعد صدور قانون الحريات المدنية، فهي تقدم الأمريكيين من أصول أفريقية بصفتهم «سوقًا جديدة»؛ قوة شرائية جديدة ظهرت وتستطيع شراء المزيد من السلع! كان شريط الصوت في الفيلم بديعًا أيضًا، فبالإضافة لصوت صامويل جاكسون، كانت الأغنيات المصاحبة لكل هذه الوجبة البصرية الدسمة شديدة الجمال أيضًا، وخاصة أن وجود نص مكتوب على الشاشة أنقذني من شرودي المعتاد، وجعلني أتابع كلمات الأغاني، لا الألحان فقط. مع الأسف، لا ذاكرة لديّ لكافة تلك الأغنيات التي استخدمها بيك، والتي يظهر جليًا من كلماتها وإيقاعتها ارتباطُها بمسيرات الستينيات، أو بحوادث قتل رموز وأبطال الحركة وقتها. مرت بذهني خاطرة بمفادها يستطيع المشاهد الأمريكي استدعاء التواريخ والحوادث من الأغاني المصاحبة، تمامًا مثلما يستطيع أي مشاهد مصري، إذا ما ترددت في العمل الفني أغنية «عدا النهار»، توقع أن الحدث القادم سيكون «النكسة». لكن أكثر أرشيف لم أتوقع استدعاءه كان أرشيف ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي الشهير، الـ«إف بي آي»، والذي احتوى على ملفات للكتّاب الأمريكيين، وكان لجيمس بلدوين منها ملفٌ وصل لقرابة الألفين صفحة في عصر إدجار هوفر، بينما لم يتجاوز عدد صفحات ملف ترومان كابوتي مثلا المائة صفحة. حتى في مراقبة الكتاب كانت هناك تفرقة عنصرية! حتى في الكلمات التي تصف بها المؤسسات الأمنية الشخصيات المؤثرة، يتشابه أرشيف الإف بي آي مع أرشيف أمن الدولة المصري، الذي نُشرت بعض وثائقه في واقعة اقتحامه الشهيرة في مارس ٢٠١١. كُتب عن بلدوين أنه ربما يكون خطرًا، وله قدرة تأثير على الحضور أثناء محاضراته، فأتذكر أوراقًا متناثرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بها كلام شديد الشبه عن بعض الناشطين أو الشخصيات الشهيرة. الأرشيف والذاكرة داخل طيات الأرشيف وصوره تتوالى على رأسي الأفكار عن دلالات مثل هذه الصور للأمريكيين البيض المحافظين. كيف يرون تلك الصور الآن وهم يحملون لافتات مكتوب عليها «نعم للعنصرية» أو «ليذهب السود إلى الجحيم»، أو «لا نريد سودًا في أمريكا»، وكأنهم يستدعون من الذاكرة الجمعية الجريمة الأقدم لهذا البلد، إبادة الأمريكيين الأصليين، أو «الهنود الحمر» كما أُطلق عليهم. يتصاعد النداء لإبادة عنصر كامل من عناصر المجتمع، لا لشيء إلا لمجرد إنتهاء دوره في بناء الاقتصاد وتراكم رأس المال هاهي العمالة الرخيصة (وهل هناك ما هو أرخص من العبيد؟) تطالب أيضًا بالوجود! بل يصل الأمر بإحدى السيدات البيض لأن تقول «الله قد يغفر للقاتل أو للسارق، لكنه بالتأكيد لا يرضى أن ينتهي نظام الفصل العنصري». كيف تعايش الأمريكيون البيض مع هذه الصور ومع هذا التراث؟ أستدعي كل الجدالات التي ثارت حول خسارة هيلاري كلينتون للانتخابات، والاتهام الذي وُجّه لليبراليين الأمريكيين بتبني السياسة الهوياتية وإعلائها فوق تناقضات الرأسمالية وأزمات الطبقة الوسطى أو الطبقة العاملة «البيضاء»، والتي صوتت لترامب، لكني أتسائل أيضًا كيف يعيش ذكر أمريكي أبيض ليبرالي غيري الجنس وهو يحمل فوق كتفيه عبء هذه الجرائم، هذه الصور، هذا الأرشيف وهذه الذاكرة؟ كيف يعيش مع الجثث التي دفنت لسنوات، وتنبعث من جديد، على حد قول بلدوين، وها هي «تطاردهم كزومبي كموتى أحياء». نيجرو وأسود ومعضلة الموائمة السياسية رغم كوني بعيدة كل البعد عن عوالم بلدوين وبيك، ظل وقع كلمة «نيجرو» التي تتكرر طوال الفيلم، باعتبارها كلمة لا يليق استخدامها، يثير توتري، ناهيك عن الكلمة الأسوأ المكتوبة على اللافتات، والتي ردّدها المتعصبون طوال لقطات الفيلم، كلمة «نيجر» المستخدمة للتحقير من الأمريكيين من أصول أفريقية، والتي يلي أي استخدام لها اتهامٌ فوريٌ بالعنصرية. أرتبك أكثر عندما أكتب كلمة «أسود»، أبحث عن الكلمة اللائقة والمقبولة الآن، الكلمة الموائمة سياسيًا، وهي «أمريكي من أصل أفريقي»، وأقرر استخدامها، بل أقرر أنه من الواجب استخدامها، رغم طولها وتعقيدها من أجل وصف بسيط جدًا؛ بشر سود البشرة. «نيجرو» هي الأصل اللاتيني للون الأسود، و«بلاك» تعطي نفس المعنى بالإنجليزية، وترجمة الاثنين هي «أسود» ببساطة، أي لون، مجرد لون. كيف حُمّلت كلمة بسيطة جدًا في كافة اللغات، بكل هذا الثقل؟
محَدَّث ارتفاع ضحايا تصادم قطاري الإسكندرية إلى ٤١ قتيلًا و١٣٢ مصابًا.. ولجنة «فنية سباعية» لفحص الحُطامين كتب مدى مصر ١٢ أغسطس ٢٠١٧ أعلن النائب العام المستشار نبيل صادق، في بيان، اليوم، السبت، عن تشكيل «لجنة فنية سباعية» تضم مختصين من الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة والمكتب الاستشاري للكلية الفنية العسكرية، وذلك بالإضافة إلى عضوين من الرقابة الإدارية لفحص القطارين المصطدمين في حادث الأمس، الجمعة، بمنطقة خورشيد في الإسكندرية. وقد أسفر الحادث عن مقتل ٤١ قتيلًا و١٣٢ مصابًا. وقال صادق، في بيانه، إن اللجنة الفنية ستعمل على تفقد مدى صلاحية خطوط السكك الحديدية، بموقع الحادث، والإشارات الضوئية المنظمة للسير، وذلك بالإضافة إلى معاينة القطارين، ونظم التشغيل الخاصة بهم. كما ستحدد جهات الإشراف على التشغيل والصيانة ومدى التزام سائقي القطارين بنظم التشغيل المتبعة، وفقًا للوائح التشغيل المعمول بها من قِبل هيئة سكك حديد مصر من عدمه. وسيكون من أهداف اللجنة الفنية تبيّن أوجه القصور والإخلال وأسباب ذلك الإخلال حال تواجده، وتحديد المسؤول عنه، حسب البيان. فيما أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة خالد مجاهد صباح اليوم، السبت، عن ارتفاع عدد ضحايا حادث تصادم قطارين في منطقة خورشيد بالإسكندرية إلى ٤١ قتيلًا بينما يتواجد بمستشفيات الإسكندرية ١٣٢ مصابًا. وذلك بعد تلقي ٤٧ مواطنًا للعلاج اللازم وخروجهم من المستشفيات. وكان قطاران قد اصطدما أمس، الجمعة، أمام قرية «أبيس ٢» بين عزبتي الموظفين والشيخ بمحافظة الإسكندرية. وقد أعلنت هيئة السكك الحديدية، أمس، عن اصطدام قطار «رقم ١٣» إكسبريس (القاهرة الإسكندرية) بمؤخرة قطار «رقم ٥٧١» (بورسعيد الإسكندرية) بالقرب من محطة خورشيد على خط (القاهرة الإسكندرية). وأشار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، في بيان اليوم، إلى أن حالات الوفاة كانت قد نُقلت إلى مشارِح كل من مستشفيات كوم الدكة، صدر المعمورة، رأس التين. بينما نُقلت حالات الإصابة إلى مستشفيات رأس التين، والجمهورية، ومصطفى كامل العسكري، والشرطة، والميري، والإيطالي. كما أوضح أن أغلب المصابين تتراوح حالاتهم الصحية بين «بسيطة»و«متوسطة»، في حين يتواجد ١٢ مصابًا بالرعاية المركزة. وأكّد المتحدث الرسمي بوزارة الصحة والسكان على رَفَعَ درجة الاستعداد إلى «القصوى» بكافة مستشفيات محافظة الإسكندرية. وقد دفعت وزارة الصحة، أمس، بـ ٨٢ سيارة إسعاف لموقع الحادث لنقل المصابين والجثامين، قررت الوزارة، اليوم، مجازاة موظفين إثنين بهيئة الإسعاف، وذلك بنقلهما إلى طريق سيوة لقيامهما بإلتقاط صورة أمام حطام القطارين. وقد أوضح خالد مجاهد، في تصريحات لبرنامج «هذا صباح»، المذاع على قناة «سي بي سي إكسترا»، أن الصورة كانت بعد أداء عملهما بنقل المصابين والوفيات. وعلى صعيد آخر، توفي مساء أمس، الجمعة، المهندس مصطفى السيد، مستشار وزير النقل لشؤون الصيانة، وذلك إثر إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية بعد وصوله إلى موقع الحادث، ورؤيته لضحايا تصادم القطارين. وكان النائب العام المستشار نبيل صادق قد تحفظ، بالأمس، على الصندوق الأسود بكلٍ من حطامي القطارين. كما أمر باستدعاء المسؤولين بهيئة السكة الحديد لسرعة استكمال التحقيقات. فيما كَشَفَ تقرير سابق صادر عن وحدة سلامة النقل، التابعة لوزارة النقل والمواصلات، عن أن متوسط حوادث القطارات بالسكة الحديد يبلغ ٥٥٠ حادثا سنويًا، ما بين «جسيمة» تشهد قتلى ومصابين، و«خفيفة» لا ينتج عنها ضحايا.
الصحة ارتفاع ضحايا تصادم قطاري الإسكندرية إلى ٤١ قتيلًا و١٣٢ مصابًا كتب مدى مصر ١٢ أغسطس ٢٠١٧ أعلن المتحدث الرسمي لوزارة الصحة خالد مجاهد صباح اليوم، السبت، عن ارتفاع عدد ضحايا حادث تصادم قطارين في منطقة خورشيد بالإسكندرية إلى ٤١ قتيلًا بينما يتواجد بالمستشفيات ١٣٢ مصابًا. وذلك بعد خروج ٤٧ مواطنًا من المستشفيات بعد تلقيهم للعلاج اللازم. وكان قطاران قد اصطدما أمس، الجمعة، أمام قرية أبيس ٢ بين عزبتي الموظفين والشيخ بمحافظة الإسكندرية. وقد أعلنت هيئة السكك الحديدية، أمس، عن اصطدام قطار «رقم ١٣» إكسبريس (القاهرة الإسكندرية) بمؤخرة قطار «رقم ٥٧١» (بورسعيد الإسكندرية) بالقرب من محطة خورشيد على خط (القاهرة الإسكندرية). وأشار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، في بيان اليوم، إلى أن حالات الوفاة كانت قد نُقلت إلى مشارِح كل من مستشفيات كوم الدكة، صدر المعمورة، رأس التين. بينما نُقلت حالات الإصابة إلى مستشفيات رأس التين، والجمهورية، ومصطفى كامل العسكري، والشرطة، والميري، والإيطالي. كما أوضح أن أغلب المصابين تتراوح حالاتهم الصحية بين «بسيطة»و«متوسطة»، في حين يتواجد ١٢ مصابًا بالرعاية المركزة. وأكّد المتحدث الرسمي بوزارة الصحة والسكان على رَفَعَ درجة الاستعداد إلى «القصوى» بكافة مستشفيات محافظة الإسكندرية. وفيما دفعت وزارة الصحة، أمس، بـ ٨٢ سيارة إسعاف لموقع الحادث لنقل المصابين والجثامين، قررت الوزارة، اليوم، مُجازاة موظفين إثنين بهيئة الإسعاف، وذلك بنقلهما إلى طريق سيوة لقيامهما بإلتقاط صورة أمام حطام القطارين. وقد أوضح خالد مجاهد، في تصريحات لبرنامج «هذا صباح»، المُذاع على قناة «سي بي سي إكسترا»، أن الصورة كانت بعد أدائهما لعملهما بنقل المصابين والجثامين. وعلى صعيد آخر، توفي مساء أمس، الجمعة، المهندس مصطفى السيد، مستشار وزير النقل لشؤون الصيانة، وذلك إثر إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية بعد وصوله إلى موقع الحادث، ورؤيته لضحايا تصادم القطارين. فيما كَشَفَ تقرير سابق صادر عن وحدة سلامة النقل، التابعة لوزارة النقل والمواصلات، عن أن متوسط حوادث القطارات بالسكة الحديد يبلغ ٥٥٠ حادثا سنويًا، ما بين «جسيمة» تشهد قتلى ومصابين، و«خفيفة» لا ينتج عنها ضحايا.