الصومال الجديد

ظهرت خلافات سياسية بين مكتب رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري ومحافظ محافظة بنادر عمدة بلدية مقديشو ثابت عبده محمد في الفترة الأخيرة. وأخذت هذه الخلافات تتصاعد في حين لآخر، ويصفها المراقبون بأنها ستشوه سمعة الحكومة والتي كانت تبدو شبه متماسكة في الفترة الماضية. أرجع بعض المحللين هذه الخلافات إلى عدة عوامل، من أبرزها • مقام العاصمة مقديشو كان محافظ محافظة بنادر ثابت عبده محمد يقوم في الفترة الأخيرة بجهود حثيثة ومشاورات مع مختلف شرائح المجتمع في المحافظة ضمن تحركات رامية لتحقيق تحديد مقام العاصمة لحصول سكانها على تمثيل في مجالس الدولة، وهو الذى أدى إلى اكتساب هذا السياسي الشاب جماهيرا غفيرة من سكان مقديشو. • تنامي علاقاته مع المجتمع اكتسب كذلك ثابت خلال الأشهر القليلة الماضية علاقة توصف بأنها وطيدة مع مختلف مكونات وشرائح المجتمع في المحافظة، مثل شيوخ وأعيان القبائل ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، الأمر الذي أثار الشكوك في صف المجموعة الحاكمة؛ التي اعتبرت تنامي علاقات ثابت مع المجتمع بأنه سيجعله الرجل الأكثر تأثيرا؛ الذي يمكن أن يزيح بعض كبار مسؤولي الدولة عن مناصبهم في المستقبل، إذا لم يتم إقصاؤه من الساحة السياسية في وقت مبكر ومناسب. • مواقفه السياسية اتخذ محافظ محافظة بنار مواقف سياسية مغايرة للموافق التي يتخذها كبار صناع القرار في الدولة، وخاصة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وقد ندد ثابت بالهجوم الذي شنته قوات حكومية في السابع عشر من شهر ديسمبر ٢٠١٧ على منزل السياسي المعارض عبد الرحمن عبد الشكور؛ والذي اعتبره كثيرون بأنه انتهاك على حرية الأشخاص والسياسيين المعارضين، ويتنافى مع القيم والديمقراطية. واتخذ ثابت كذلك نفس الموقف بعد مداهمة قوات حكومية كذلك منزل السناتور عبده حسن عواله قيبديد في شهر ديسمبر الماضي. • صعود نجمه صعد نجم محافظ محافظة بنادر بين عشية وضحاها، نظرا إلى اهتمامه بمساعدة المنكوبين وجهوده في مجال الإغاثة والإنسانية، ويوصف هذا الرجل بأنه الشخص الذي استثمر بشكل حقيقي في حادثة ١٤ أكتوبر، حيث أبدى تضامنا ملحوظا مع أهالي صحايا الهجوم الدموي وسكان مقديشو بطريقته الخاصة، وبشكل يختلف عن استجابة المسؤولين الآخرين لذلك الحادث، واكتسب منذ تلك الفترة شعبية لم يكتسبها كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وهو الأمر الذي كما يراه المراقبون سيؤدي إلى إقصائه عن منصبه الحالي بشكل أو بآخر. كشفت مصادر صحفية متطابقة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية عن انضمام رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو إلى صف الخلاف، وأشارت تلك المصادر إلى وقوف فرماجو مباشرة لجانب رئيس الوزراء، وهو الذي زاد الضغوط السياسية التي يواجهها محافظ محافظة بنادر، كما بدأ ناشطون يعتقد أنهم مرتبطون بمكتب رئيس الوزراء تغريدات ضد محافظ محافظة بنادر في الفترة الأخيرة، ما يعني أن صراعا بين الجانبين يجري في مواقع التواصل الاجتماعي. يعتقد المراقبون أن الخلافات السياسية الذي بدت تتضخم في الآونة الأخيرة وتلقي بظلالها على المجموعة الحاكمة بمثابة سقوط القناع؛ بحيث إن الخلاف يعود إلى صراع بين المسؤولين على النفوذ واكتساب الشعبية والتأثير على الرأي العام. وتشهد العاصمة الصومالية مقديشو اليوم السبت استنفارا أمنيا، حيث أغلقت القوات الشوارع المهمة في مقديشو، في محاولة لإفشال مظاهرات محتملة ومؤيدة لمحافظ محافظة بنادر. وتأتي الإجراءات الأمنية الجديدة في وقت وردت أنباء حول انطلاق مظاهرات مطالبة بحقوق محافظة بنادر. ومهما يكن الأمر فإن الخلاف السياسي بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء من جانب وبين محافظة بنادر من جانب آخر يعتبر بداية تفكك المجموعة الحاكمة والتصفية بين اللاعبين الرئيسين.
أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الصومال التابع للأمم المتحدة يوم أمس الأربعاء، أن ستة ملايين ومئتي ألف صومالي أي نصف عدد سكان البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانية. وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الصومال بيتر دي كليرك إن مكتب الشؤون الإنسانية الأممي في الصومال بحاجة إلى مليار وستمئة مليون دولار لنجدة ستة ملايين ومئتي ألف شخص هم بحاجة إلى مساعدات غذائية. وأشار المكتب الأممي إلى أن قلة الأمطار خلال السنوات الأربع الماضية أدّى إلى جفاف غير مسبوق ساهم في تدهور الوضع الإنساني في البلاد، وارتفاع عدد المشردين داخل البلاد إلى أكثر من مليوني شخص بينهم مليون شخص شرّدهم الجفاف والنزاع المسلح في شهر يناير من العام الماضي. وأوضح بيتر دي كليرك، المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في الصومال أن المنظمات الإنسانية وحدها غير قادرة على حلّ المشاكل الإنسانية في الصومال، داعيا الجميع إلى التكاتف لدعم تلك المنظمات العاملة في مجال الإغاثة في الصومال. ومن جانبه دعا رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري مكاتب الهيئات الإنسانية الانتقال من العاصمة الكينية نيروبي إلى العاصمة الصومالية مقديشو لتفعيل العمل الإنساني. يذكر أن الصومال عانى خلال العقدين الماضيين من كوارث إنسانية تحدث في البلاد بشكل متكرر، مما أثر سلبا على حياة السكان. المصدر وكالات
لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا التقرير الأسبوعي الرقم ١٥ مقـدمة تنفـرد منطقـة القـرن الإفريـقي بخصـائص جيـوبولتيكيـة بالغـة الأهميـة، نظـراً لموقعهـا الاستـراتيجي الهام ومواردها الاقتصـادية الهائلـة، الأمـر الذي يجعـلها محـطّ اهتمـام القـوى الدوليـة ويدفعهـا نحـو السيطـرة على المنطقـة والتحكم بها. انطلاقا من الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي بدأت كثيـر من القـوى الدوليـة والإقليميـة الفاعـلة في العمـل على إعـادة تموضعهـا في المنطقـة من أجـل تحقيق مصالحها وتأميـن أمنهـا القـومي عبـر إنشـاء قواعـد عسكـرية ومنصـات لتبـادل المعلومات الاستخبـاراتية مـع دول المنطقـة. لقـد أصبـح استشـراف المستقبـل والحـديث عن مآلات الخـارطة الجيوبولتيكيـة للمنطقـة يعتمـد بشكـل أسـاسي على العامـل الخـارجي. يحـاول هـذا التقـرير تسليـط الضـوء على تطـور الصـراع الدولـي والإقليمـي الراهـن في منطقـة القـرن الإفريـقي، وتأثيـره العميـق على عـوامل الاستقـرار في المنطقـة وشكـل التحالفـات بيـن دول المنطقـة والإقليميـة والدوليـة التي تتـم وفقـاً للتحـولات الكبيـرة التي تجـري في المنطقـة. ويهـدف التقـرير إلى بلورة رؤيـة مستقبليـة لموازين القـوة في المنطقـة على ضـوء صعـود قـوى دوليـة جـديدة متمثلـة بالصيـن وتركيـا وإيـران وغيـرها وأي مـدى يمكـن أن تمثـل هـذه القـوى منافسـاً اقتصـادياً وعسكـرياً قـوياً للقـوى الدوليـة التقليـدية ذات المصـالح في المنطقـة خاصـة الولايات المتحـدة الأمريكيـة والإتحـاد الأوروبي بالإضـافة إلى الدول العـربية. أولاُ تحـديد مفهـوم القـرن الإفريقـي يعتبـر مفهـوم القـرن الإفريقي (Horn of Africa) إحـدى المصطلحـات الجيوبولتيكيـة المعاصـرة الأكثـر تـداولاً وغمـوضاً في نفـس الوقـت، فهـو ما زال مصطلـحاً متغيـراً يحمـل أكثـر من دلالـة وتعـريف، حيـث لم يتفـق الباحثـون والدارسـون على إيجـاد تعـريف جـامع ومانـع للقرن الإفريـقي، ولعـل تعدد التعـريفات عائد إلى المعاييـر والأطـرت المعـرفية للمعـرَف وكـذلك انعـدام الملامـح الضـرورية لوضـع المنطقـة في إطـار جغـرافي وعـرقي متناسـق. وعرفتـه موسـوعة ويكيبيـديا "بأنه شبـه جـزيرة تقـع في شرق إفريقيـا في المنطقـة الواقعـة على مضيـق باب المنـدب من السـاحل الإفريـقي ويحـدها المحيـط الهنـدي جنـوباً والبحـر الأحمـر شمـالاً، في حيـن عـرفتـه الموسـوعة العـربية (Arab Encyciopedia) بأنه الجـزء الشـرقي من القـارة الإفريـقية، الذي يبـرز شـرقاً بشكـل قـرن إلى الجنـوب من خليـج عـدن . أما التعـريف السيـاسي للمنطقـة فإنـه فضـاء يتمـدد وينكمـش وفق المصالـح والأهـداف الماثلـة على خلفيـة الحـراك من تحالفـات ونـزاعات في المنطقـة، ولهـذا أصبحـت إثيـوبيا تاريخيـاً جـزءاً أصيـلاً من القـرن الإفريـقي، باعتبـارها طـرفا فاعـلا ومؤثـرا في الصـراعات الدائـرة في المنطقـة وتشكيـل حـدود دولهـا والتـداخل الإثنـي بيـن العنـاصر المكـونة لهـذه الـدول، وكذلك إرتبـاطها وعـلاقتها مـع دول أخـرى ذات مصـالح في الإقليـم، ونفـس الحال بالنسبـة لكينيـا وإريتـريا. ومن وجهـة نظـر البروفيسـور حسـن مكـي "فإن القـرن الإفريـقي يضـم كلا من الصـومال وجيبـوتي وإثيـوبيا وإريتـريا إضـافة إلى السـودان وأجـزاء من كينيـا . لكـن يوسـف روكـز يـرى بأن القـرن الإفريـقي يضـم فقـط الصـول وجيبـوتي وإثيـوبيا وإريتـريا، وقـد سمـي بهـذا الاسـم لأنه يشبـه قـرن "وحيـد القـرن" ويحـده من الشمـال البحـر الأحمـر ومن الشـرق الشمـالي خليـج عدن ومن الشـرق المحيـط الهنـدي ومن الجنـوب كينيـا ومن الغـرب والشمـال الغـربي السـودان، وتبلـغ مسـاحته (١٨٨٢٦٦٧) كلـم٢. ويـرى الدكتـور محمـد رضـا فـودة، بأنه يضـم الصـومال وجيبـوتي وإثيـوبيا وإريتـريا إضـافة إلى كـل من كينيـا والسـودان لاعتبـارات جيـواستراتيجيـة وللتداخـل الحـدود والعـرقي . وبهـذا يمتـد نطـاق منطقـة القـرن الإفريـقي بتداخلاتهـا وتأثيـراتهـا المختلفـة لتشمـل معظـم دول شـرق إفريقيـا والبحيـرات العظمـى ككـل ، كمـا يتـم ربطهـا بشكـل استـراتيجي باليمـن، وهـذا المعنـى الأخيـر هـو الذي تهتـم به استـراتيجيات الدول الكبـرى خاصـة الولايات المتحـدة الأمريكيـة التي وسعـت حـدود المنطقـة وأطلقـت عليـها بالقـرن الإفريـقي الكبيـر (The Greater Horn of Africa). وهنـاك من تنـاول "مفهـوم الشـرق الأوسـط الكبيـر" وجعـل القـرن الإفـريقي جـزءاً من الشـرق الأوسـط، وهـذا المفهـوم يتنـاغم مـع طبيعـة منطقـة القـرن الإفريـقي التاريخيـة والجيـوبولتيكيـة، لأنهـا كانت ولا زالت جـزءاً من التـدافع البشـري الحضـاري في منطقـة الشـرق الأوسـط، واليـوم تواجـه المنطقـة التحـديات ذاتهـا ممـا يجعـل دول (القـرن الإفريقـي والشـرق الأوسـط) كتلـة واحـدة من حيـث المبـدء والمصيـر ( ). فقـد اعتبـر الخبيـر الاستـراتيجي السعـودي اللـواء أنـور عشقـي، منطقـة القـرن الإفريـقي جـزءاً من العـالم العـربي والشـرق الأوسـط جغـرافياً، ولهـذا ربط إقامـة الصـلح مع إسـرائيـل بإستخـراج النفـط والغـاز في منطقـة الصـومال الغـربي (أوغاديـن) ويؤكـد بأن السـلام في الشـرق الأوسـط لن يتحـقق إلا بتوفـر عدة الشـروط منهـا استخـراج الغـاز في منطقـة (أوغادين) وبنـاء مـدينة النور بيـن جيبـوتي واليمـن، وهـذا الكـلام الخطيـر في دلالاتـه يشيـر إلى عـلاقة المنطقـة بالشـرق الأوسـط. ومن كل المعطيـات أعلاه يبـدو جليـاً أن مفهـوم القـرن الإفريـقي ليـس له مـدلول واضـح المعـالم جغـرافيـاً وسيـاسياً واقتصـادياً وتاريخيـا، وهـو يعتبـر فرضيـة جيوبولتيكيـة يمتـد مفهـومها الجغـرافي عبـر مسيـرة التفاعـلات الدوليـة الإقليميـة المتسـارعة. ثانيـا أهميـة القرن الإفريقـي في الاستراتيجيـة الدوليـة تؤكـد كـل شـواهد التاريـخ على أهميـة منطقـة القرن الإفريقـي وفاعليتهـا وحيويتهـا الاقتصـادية والسيـاسية والأمنيـة والعسكـرية، نظـراً لموقعهـا الاستـراتيجي الهام ، وبكـونها تمثـل ممـراً وبوابـة للبحـر الأحمـر وخليـج عـدن بالإضـافة إلى الخليـج العربي والمحيـط الهنـدي، ونقطـة اختنـاق وتحكـم في إنسيـاب حـركة الملاحـة التجـارية والعسكـرية بين الشـرق والغـرب. ولا تقتصـر أهميـة المنطقـة على اعتبـارات الموقـع فحـسب، وإنما تتعـداها للموارد الطبيعيـة، خاصـة بعـد معـرفة طبيعـة المنطقـة ومواردها طاقاتهـا الماديـة والبشـرية وقـدرتها الكامنـة على النمـو والتطـور، كما اكتسـبت هـذه المنطقـة أهميـة إضافيـة مـع بروز ظاهـرة القرصنـة قبـالة السـواحل الصـوماليـة، وتصـاعد دور التنظيمـات الإسـلامية "المسلحـة" في العـديد من دول المنطقـة، وارتبـاط ذلك بمـا يعـرف "بالحـرب الدوليـة على الإرهـاب" . ووفقـاً لهـذه المعطيـات تتضـح جليـاً أهميـة منطقـة القـرن الإفريقـي بالنسبـة للاستـراتيجيـة الدوليـة في الوقـت الحـاضر مثلمـا كان الحـال منـذ العهـود الاستعمـارية القديمـة، الأمـر الذي دفـع كثيـرا من القـوى الدوليـة والإقليميـة الصـاعدة إلى التغلغـل في المنطقـة لتأميـن مصالحهـا وتحقيـق أمنهـا القـومي، وذلك عبـر إنشـاء قـواعد عسكـرية وتبادل المعلـومات الاستخبـاراتيـة مـع دول المنطقـة. ثالثـاً التـدافع الدولي على القـرن الإفريـقي تشهـد منطقـة القـرن الإفـريـقي، تحـولات دراماتيكيـة متسـارعة وحالـة "ثـورة" وغليـان سيـاسـي وأمنـي لبيئتهـا الداخليـة، وذلك بفعـل الأزمـات الداخليـة المزمنـة المتمثلـة في النـزاعات الحـدوديـة والعـرقية والصـراعات المتصـاعدة على الموارد الطبيعيـة داخـل كل دولـة ومع جيـرانها، فضـلاً عن التـدافع الدولـي المحمـوم على المنطقـة نتيجـة لامتـلاك دول المنطقـة موارد طبيعيـة هائلـة وثـراوات معدنيـة تستخـدم في الصنـاعات الثقيلـة والنـووية بالإضـافة إلى موقعـها الجيوبولتيكـي الهـام. قبـل الحـديث عن طبيـعة الصـراعات في القـرن الإفريـقي المعـذب بالقهـر والتخلـف والمثقـل بآلام الأزمـات، لا بـد من العـودة إلى التاريـخ لسبـر غـور الأسبـاب والجـذور العميقـة لهـذه الصـراعات المزمنـة، واستجـلاء التأثيـر العميـق لدور الـدول الأوروبيـة الاستعمـارية على تشكيـل الأوضـاع والحـدود السيـاسية في المنطقـة، وهـذه القـوى رسمـت حـدود دول المنطقـة وفق مصـالحها الاستراتيجيـة مثيـرة للتناقضـات القبليـة والعـرقية والنـزاعات داخـل كـل دولـة ومـع جيـرانها. ورغـم كـل المشكـلات والأزمـات المزمنـة التي تعاني منهـا منطقـة القـرن الإفريـقي، إلا أن أهميتهـا بالنسبـة للاستـراتيجيـة الدوليـة، ما زالت تتعاظـم يوما بعـد آخـر في الوقـت الحاضـر مثلمـا كان الحـال في العهـود الاستعمـارية القديمـة. وبدأت كثيـر من القـوى الدوليـة والإقليميـة الفاعـلة في العمـل على إعـادة تموضعهـا في المنطقـة من أجـل تحقيق مصالحها وتأميـن أمنهـا القـومي عبـر إنشـاء قواعـد عسكـرية ومنصـات لتبـادل المعلومات الاستخبـاراتية مـع دول المنطقـة، وبالتالي أصبـحت موازين القـوة في المنطقـة تتشكـل بفعـل العامـل الخارجـي، وهـو ما سيحـدد بشكـل كبيـر تطـور الأحـداث ومآلاتها المستقبليـة في المنطقـة وذلك وفقاً لمعادلـة دوليـة وإقليميـة جـديدة. رابعـا العـوامل المؤثـرة في القـرن الإفريـقي لقـد أصبحت منطقـة القـرن الإفريـقي تشكـل منظـومة إقليميـة من عـدم الاستقـرار، نتيجـة لتصـاعد الأزمـات الداخليـة المتمثلـة بالنـزاعات الحـدودية والصـراع على مصـادر الميـاه، فضـلاً عن المشاكـل المرتبطة بالإرهـاب والقرصنـة والتهـريب واللاجئين والهجـرة غيـر الشـرعية وغيـرها، وأفضـت هـذه الكـوارث والأزمـات إلى حـالات من الحرمـان والظلـم تعاني منها كثيـر من الشـرائح الاجتمـاعية الأمـر الذي سـاعد في إذكـاء الصـراعات والنـزاعات الداخليـة وعـدم الاستقـرار السيـاسي في المنطقـة، ممـا مهـد الطـريق لهـذا التدخـل الدولـي الرهيـب الذي يخفـي وراءه العـديد من الأهـداف غيـر المعلنـة. ومن الملاحـظ أن القـوى الدوليـة والإقليميـة الفاعـلة لم تمهـل دول القـرن الإفريقـي في استـراتيجيـاته المستقبليـة، بل بالعكـس فإن كثـرة المشـاكل وتعقيـداتها المحيطـة بالمنطقـة قـد سلطـت الضـوء بشكـل أكثـر سطـوعاً على ضـرورة الاهتمـام بدول المنطقـة وإدمـاجها في فضـاءات الاستراتيجيـات الدوليـة . وثمـة العـديد من العـوامل تؤثـر في منظـومة الأمـن والاستقـرار في المنطقـة من جهـة وتصـاعد وتيـرة الاهتمـام الدولـي بها من جهـة أخـرى، لعـل أهمهـا الموقـع الاستـراتيجي الهـام لمنطقـة القـرن الإفريقي وقـربها من مصـادر الطاقـة في الخليـج العـربي، وامتـلاكها موارد اقتصـادية وثـروات طبيعيـة هائلـة علاوة على النـزاعات الحـدودية والمشـاكل المحيطـة بالوضـع الخاص بمحـاربة القـرصنة والإرهـاب ومنـع انتشـاره في مناطق استـراتيجيـة لحـركة الملاحـة الدوليـة، بالإضـافة إلى إرتباط القـرن الإفريقي الوثيـق بالعـديد من الصـراعات الدوليـة والإقليميـة. المراجع ١. ويكبيديا ٢. الموسوعة العربية في الإنترنت. ٣. حسن مكي، ثلاثية القبيلة والثورة والدولة في القرن الإفريقي، مجلة المرصد، العدد ٢٨، الخرطوم، نوفمبر ٢٠٠٩م. ٤. علي حـسن الخولاني، تحديد أهمية القرن الإفريقي، موقع التغيير نت، ٢٠١٥م. ٥. عبـد الرحمـن سليمان بشيـر، القرن الإفريـقي إلى أين؟، ٦. عاصم فتح الرحمن، تغيير موازين القوة في القرن الإفريقي، مركز دراسات المستقبل، الخرطوم، ٢٠١٢. ٧. د. حسـن بشير محمـد نور، أهمية القرن الإفريقي للاقتصـاد السودان، المجلة السودانية للدراسات الدبلوماسية، العدد التاسع، الخرطوم، ٢٠١١م. ٨. د. حسن بشير محمد نور، المصدر السابق.