الصومال الجديد

يقوم الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو حاليا بزيارة لولاية بونتلاند الإقليمية منذ انتخابه رئيسا للجمهورية في الثامن من شباط فبراير عام ٢٠١٧ وتأجلت هذه الزيارة عدة مرات لأسباب تعود إلى انشغال الرئيس. ويتساءل المراقبون عن مغزى هذه الزياة ومضمونها وما يمكن أن يترتب عليها من النتائج في ظل التجاذبات السياسية الراهنة والتي ألقت بظلالها القاتمة على المشهد الداخلي المتأزم أصلا، ومن أبرز التساؤلات هل يمكن لهذه الزيارة أن تفتح آفاقا سياسية جديدة تكون بداية لمرحلة جديدة تتسم بالوئام والمصالحة الوطنية ونبذ الخلاف والتفرق بين الحكومة الاتحادية والولايات الإقليمية؟ أم أنها تكون بداية أزمة جديدة تلوح في الأفق بين حكومة الصومال وإدارة أرض الصومال الانفصالية؟، وعن هذه وتلك تستعرض هذه القراءة الزيارة على ضوء المعلومات والمعطيات المتوفرة حتى هذه اللحظة. أولا ينبغي الإشارة إلى أنه كان من بين الأهداف المعلنة لهذه الزيارة الوقوف على سير الأعمال الحكومية في الولاية والمساهمة في تثبيت الأمن. وتجدر الإشارة أيضا إلى إثارة موضوع تعزيزالأمن والتعاون بين الحكومة الاتحادية وولاية بونتلاند مرة أخرى في اجتماع مجلس الوزراء الولائي الذي ترأسه يوم الإثنين رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو. وهناك من المرقبين من يربط بين زيارة الرئيس لبونتلاند وبين الزيارة التي قام بها كل من وزير التخطيط والاستثمار والتنمية الاقتصادية في الحكومة الاتحادية جمال محمد حسن ووزير الأمن بولاية بونتلاند أحمد عبد الله يوسف إلى مدينتي "طهر" و"برن" الواقعتين ضمن المناطق المتنازع عليها بين أرض الصومال وبونتلاند؛ والتي تحمل –كما يراه بعض المراقبين مؤشرا على مخطط لزعزعة الأمن والاستقرار أو تأجيج الصراع القائم بين أرض الصومال وبونتلاند، إن صح التعبير، وهو ما حدث بالفعل عندما اندلعت معركة عنيفة بين قوات أرض الصومال وقوات بونتلاند في الأسبوع الجاري، مما أدى إلى سيطرة أرض الصومال على بلدة "توكارق" في محافظة سول، وهي من المناطق المتنازع عليها بين الإدارتين. وكما يراه المحللون فإن الزيارتين لا تأتيان فقط في إطار محاولة خلق توازنات جديدة وقلب ميزان القوى في المنطقة، وإنما هناك أهداف أخرى تتمثل في تقويض أوتحريف المسار المشترك بين الإدارتين فيما يخص بالتحالفات والمصالح الإقليمية والدولية المتعارضة، ومعلوم أن ولاية بونتلاند التي يترأسها عبد الولي غاس تشكل رأس حربة المعارضة لنظام وسياسة الرئيس فرماجو. وإذا صحت تلك التحليلات فإن التحركات الجديدة يمكن وصفها بأنها تخدم لأجندات قوى خارجية طامحة إلى ضرب الاستقرار وإضطراب حبل الأمن في المنطقة؛ لتنفيذ سياستها الرامية إلى بسط نفوذها في هذا الجزء الحساس من البلاد والتي تعتبر منطقة، لها إستراتيجتها في زمن الحرب والسلم. وبعيدا عن تلك التكهنات التي لاتروق للبعض إثار تها في هذا التوقيت بسبب كونها تجنح نحو التفسير التآمري للأحداث حسب رؤيتهم، فإن هناك تحليلا آخر ينطلق من منطلق مختلف تماما، ويفترض هذا التحليل وجود رؤية سياسية يتبناها صناع القرار في الحكومة الاتحادية تهدف إلى فتح قنوات اتصال مع المكونات المختلفة في ولاية بونتلاند؛ والتي لها تأثير على مجريات الأحداث في المشهد السياسي المحلي، بحثا عن شخص جديد يراه القصر الرئاسي مناسبا ليكون بديلا عن رئيس ولاية بونتلاند الحالي عبد الولي غاس، لدعمه في الانتخابات الرئاسية في ولاية بونتلاند المقرر إجراؤها في بداية عام ٢٠١٩ المقبل للتخلص من الرئيس غاس الذي يترأس مجلس تعاون الولايات الإقليمية، ويعتبره القصر الرئاسي بأنه يقف وراء تأليب الولايات ضد سياسة الحكومة الاتحادية. ومهما كان الأمر فإن زيارة الرئيس ستكون مثمرة على صعيد تفقد ولاية بونتلاند التي تعتبر أولى الإدارات الفيدرالية وأكثرها استقرارا، ومن ثم التعرف على الشرائح المجتمعية الموجودة هناك، كما تكون هذه الزيارة تمهيدا لزيارات أخرى ومجالا أرحب في توطيد العلاقات مع السياسين واللاعبين على الأرض في ولاية بونتلاند.
مقديشو رفع حزب ودجر الصومالي يوم أمس الأربعاء قضية شكوى ضد النائب العام أحمد علي طاهر ومدير القصر الرئاسي فهد ياسين إلى محكمة محافظة بنادر في مقديشو. واتهم رئيس حزب ودجر كمال غوتاله في مؤتمر صحفي عقده في مقديشو المسؤولين بالضلوع في هجوم تعرض له مقر الحزب في السابع عشر من شهر ديسمبر الماضي، مما أسفر عن إصابة واعتقال السياسي المعارض عبد الرحمن عبد الشكور وقتل خمسة من حرسه. وقال غوتاله إن القضية التي رفعها الحزب إلى المحكمة تدين النائب العام أحمد علي طاهر بتسهيل محاولة اغتيال ضد رئاسة الحزب، مشيرا إلى أنه منح وكالة الأمن والاستخبارات الضوء الأخضر للهجوم على مقر الحزب على حد تعبيره. وأضاف غوتاله أن الحزب رفع أيضا إلى المحكمة قضية شكوى ضد مدير القصر الرئاسي فهد ياسين الذي اتهمه بأنه العقل المدبر للهجوم على مقر الحزب باستخدام النيابة العامة والسلطات والأمنية، حسب قوله. وأعلن حزب ودجر في وقت سابق رفع قضية شكوى ضد قادة أمنيين في وكالة الأمن والاستخبارات إلى المحكمة العسكرية بتهمة الضلوع في الهجوم على مقر الحزب. والجدير بالذكر أن مدير القصر الرئاسي فهد ياسين صحفي سابق عمل مراسلا لقناة الجزيرة، كما أصبح رئيسا لمكتب مركز الجزيرة للدراسات في شرق أفريقيا، ويشغل حاليا منصب مدير القصر الرئاسي، لكنه يصفه بعض المراقبين بأنه الشخص الأكثر تأثيرا في الساحة السياسية الصومالية في الوقت الحالي.