محمد البرادعي

محمد البرادعي

محمد مصطفى البرادعي (١٧ يونيو ١٩٤٢) دبلوماسي وسياسي مصري ذو توجه ليبرالي علماني، حاصل على جائزة نوبل للسلام سنة ٢٠٠٥ أثناء عمله في الوكالة الدولية للطاقة الذرية مديرًا لها. وهو مؤسس الجمعية الوطنية للتغيير. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بمحمد البرادعي؟
أعلى المصادر التى تكتب عن محمد البرادعي
رابعة الإيمان ما كان كان شهادة غير مكتملة حول اعتصامي النهضة ورابعة ــــــــــــــــــــــــــــــــــ دنـيا عزت ١٥ أغسطس ٢٠١٧ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ «حد يكلم البوليس ييجوا يشيلوا الحيوانات دول من هنا، مش هيسيبوا رابعة وييجوا يعششوا لنا هنا»، بهذه الكلمات يعلو صوت نجلاء، السيدة اﻷربعينية، بينما تغطي وجهها المكسو بمساحيق التجميل تظهر بوضوح مع حجابها الكامل ملامح غضب شديد. وهي تقف وسط مجموعة من السيدات القاطنات في محيط شارع مكرم عبيد بمنطقة بمدينة نصر. فيما تتردد من بين المتجمعين جمل مثل «مشوهم من هنا»، «مش عايزين زبالة هنا»، «إحنا مش هنخلص منهم»، «إحنا مش هنسكت»، «ندخل نمشيهم لو الشرطة ما جتش تشيلهم». تزامن هذا المشهد مع غروب شمس الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٣، اليوم التالي على فض قوات اﻷمن اعتصامًا استمر ستة أسابيع، في محيط ميدان رابعة العدوية، بالتوازي مع فض مماثل، أقل دموية حسب كل المشاهدات والروايات، في ميدان النهضة بمحافظة الجيزة، وهما الاعتصامان اللذان رفض المجتمعون فيهما إنهاء حكم الرئيس اﻷسبق محمد مرسي على يد وزير دفاعه وقتذاك، والرئيس الحالي للبلاد، عبد الفتاح السيسي، مدعومًا بعدد من ممثلي القوى المدنية والدينية. قبل المشهد السابق بأربعة أسابيع، وفي ثاني أسابيع الاعتصام في رابعة، كانت سيدة ثلاثينية في طريقها لمنزلها سيرًا على الأقدام بعد نزولها من سيارة أجرة لجأت إليها بعد أن تعذر عليها استخدام سيارتها الخاصة للتحرك من محيط منزلها القريب من اعتصام رابعة، بفروغ صبر قالت السيدة «الحقيقة الناس دي صعبة قوي، قفلوا كل الأماكن المؤدية للدخول والخروج حول الجامع (رابعة) ومش عايزين يتحركوا، لدرجة إن والدتي كانت تعبانة وكنت عايزة أجيب لها الإسعاف، والإسعاف ما عرفش يدخل فجوزي شالها على كرسي مع البواب علشان ننزلها». قبل أن تضيف وهى تعيد ضبط غطاء رأسها الملون «وبعدين يعني كويس كده شتيمة المسيحيين اللي طول الوقت؟، أنا في نفس الدور معايا جارتي مسيحية وست زي الفل، الواحد بس يبص في وشها إزاي وهي بتسمع شتيمتها ليل ونهار». في إشارة إلى هتافات من نوعية «إسلامية إسلامية رغم أنف النصرانية» التي تعلو من الاعتصام من حين لآخر. عند «بوابة الاعتصام» يتأكد مجموعة من الشباب والفتيات من هوية المواطنين الراغبين في المرور، ليتأكدوا من كونهم من سكان المنطقة، وفي حالة كون الراغب في المرور صحفيًا، يطلبون الاطلاع على بطاقة الصحافة ويقومون بتدوين الاسم في كراس مسطر، يبدو أنه يحمل أسماء كل الصحفيين الذين مروا من هذه البوابة. حين يستوقف الموجودون على البوابة زائرًا لا يفصح اسمه أو مظهره عن هويته الدينية، يبدأون في سلسلة من اﻷسئلة الساعية بوضوع للتعرف على تلك الهوية، وإن أعيتهم الحيل، يطلبون الاطلاع على بطاقته الشخصية «الرقم القومي» حيث الهوية الدينية مسجلة. «سامحينا، أصل إحنا بصراحة شوفنا كتير من المسيحيين»، تقول رحمة، الفتاة العشرينية، أثناء سيرها وسط جموع متناثرة جلسوا يتقاسمون أرغفة من الخبز البلدي مع قطع صغيرة من الجبن الأبيض وبعض ثمرات الطماطم. وتستكمل «المسيحيين مش عايزينا يا أستاذة، علشان همّا مش عايزين الإسلام يحكم، بس الإسلام حكم بالديمقراطية وإحنا جينا بالصندوق، وبعدين طبعا (نجيب) ساويرس و(البابا) تواضروس ما عجبهُمش فاتفقوا مع السيسي الخاين القاتل». يتوافق ما تقوله رحمة مع الجمل المكتوبة بالحبر اﻷسود على حوائط البنايات السكنية الموجودة داخل محيط الاعتصام، والتي تهاجم بابا الكنيسة المرقسية، جنبًا إلى جنب مع عبارات مثل «السيسي خائن، السيسي قاتل» الأكثر تعبيرًا عن شعور المتعاطفين مع الإخوان المسلمين من قيام عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المختار من قبل مرسي، بما أسموه بحسم «قيادة الانقلاب على الرئيس المنتخب». *** كان مرسي قد اختار السيسي، أصغر أعضاء المجلس اﻷعلى للقوات المسلحة سنًا في ذلك الحين، وزيرًا للدفاع في ١٢ أغسطس ٢٠١٢، مطيحًا بقيادات عسكرية أقوى وأقدم كانت ولايتهم ممتدة منذ فترة حكم حسني مبارك المنتهية في فبراير ٢٠١١. قبل أن يعود الرئيس ليصف وزير دفاعه الجديد بأنه واحد من «الرجالة اللي زي الذهب»، قبل أيام قليلة من انطلاق تظاهرات ٣٠ يونيو ٢٠١٣ المطالبة بإنهاء حكم مرسي نفسه، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، والتي كان السيسي أحد أهم محركيها. «السيسي لم يخن مرسي، إنما ذكاء مرسي هو من خانه عندما كان يبلغ مكتب الإرشاد أن السيسي هو رجل الإخوان في القوات المسلحة»، يقول أحد القيادات الشابة في جماعة الإخوان المسلمين، والذي كان مسؤولًا لأمانة إحدى المحافظات الكبرى في ذلك الوقت، وهو موجود حاليًا خارج مصر. ويكمل القيادي الشاب حديثه المتزامن مع اعتصام رابعة، قبل فضه، قائلًا «مرسي صدق، صدق أن السيسي ميوله إخوانية علشان بيصلي الوقت بوقته، وبيصوم الإثنين والخميس، وبيصلي خلف مرسي، ومش لابس دبلة (خاتم زواج) ذهب وبيقرأ قرآن وأوردة... مرسي كان مفهم مكتب الإرشاد إن السيسي معاه لما جابه». ويضيف «لطالما حذرنا في اجتماعات جمعتنا مع القيادات أن الأداء الرئاسي الذي لا يحظى بأي قبول شعبي خاصة مع مواقف الإعلاميين الرافضة لرئاسة مرسي والتي كانت تروج لشفيق منذ اليوم الأول لا يمكن استمراره اعتمادًا على دعم السيسي، وما كان يقوله لمرسي من أن الجيش لا يمكن أبدًا أن ينقلب على الرئيس المنتخب». كانت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التعددية التي جرت في نهاية ربيع ٢٠١٢ شهدت إعلان فوز مرسي، بعد كثير من التكهنات والتسريبات وتأخير إعلان النتائج، على أحمد شفيق، القائد العسكري السابق وآخر رؤساء وزراء مبارك الذي تم تكليفه بالوزارة في الأسبوع الأول من ثورة يناير سعيًا لاحتواء المد الثوري المتصاعد في ذلك الوقت. «أظن أن مرسي والإخوان عمومًا فاتهم أن قبول الجيش بفوز مرسي في عز الثورة في ٢٠١٢ لم يكن يعني أن الجيش سيقف خلف الإخوان، لقد راهن مكتب الإرشاد من البداية على التنسيق مع الجيش فخسر كثيرًا، وخسرنا جميعا» ، يقول أحد شباب الإخوان السابقين، والمنشق عن الجماعة في الأسابيع التالية لثورة يناير احتجاجًا على الحوار الإخواني مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعيدًا عن باقي تيارات الثورة في يوم «موقعة الجمل». *** بعد خمسة أيام من إعلان السيسي، الواقف بين قيادات عسكرية جنبًا إلى جنب مع محمد البرادعي، أيقونة ثورة يناير في أيامها الأولى، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الكنيسة المرقسية تواضروس، وبينما المساعي السياسية المحلية والدولية جارية لإيجاد مخرج لمأزق سياسي شديد الوطأة، تحرك عدد من شباب المعتصمين في ميدان رابعة مرورًا بشارع الطيران وطريق العروبة وصولًا لأحد مقار الحرس الجمهوري في نطاق منشية البكري في مصر الجديدة، حيث كان الشباب الغاضب يعتقد بوجود مرسي «محتجزًا من قبل السيسي» في هذا المكان، آملين في إخراجه. «كانت الساعة السابعة صباحًا عندما اتصل بي أحد المعتصمين في رابعة ليبلغني بالمقتلة الواقعة في منطقة الحرس الجمهوري»، يقول شادي، شاب متعاطف مع الإخوان، انتخب مرسي في الجولة الثانية للانتخابات، بعدما اختار الإخواني المنشق عبد المنعم أبو الفتوح في الجولة اﻷولى. ويستكمل «لم أكن أبيت في الاعتصام لأنه كان ينبغي عليّ رعاية أمي المسنة المريضة، والتي تركتها وحيدة قبل ساعات من وصول السيدة التي ترعاها في غيابي، وتوجهت لنطاق الحرس الجمهوري، وهالني ما رأيت من دماء وإصابات، فهرعت إلى مستشفى رابعة المقام في وسط الاعتصام فوجدت حالة واسعة من الاضطراب بسبب صعوبة الإصابات والخشية من نقل المصابين إلي أي مستشفى حيث يمكن توقيفهم». كانت الرواية الرسمية للأحداث، والتي وردت على لسان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة آنذاك العقيد أحمد علي، أنها تصدي من الدولة لمحاولة مجموعة من المعتصمين المسلحين اقتحام أحد مباني القوات المسلحة بالقوة. كان المستشفى الميداني في الاعتصام يشهد عادة حركة كثير من الطبيبات والصيدلانيات حديثات التخرج، بل وطالبات في كليات الطب والصيدلة، الذين كن يحضرن لمدد تصل إلى ١٨ ساعة يوميًا، لتوفير الخدمة الصحية لاعتصام اتسع على مدار اﻷيام. «نحن ليس لدينا القدرة هنا على التعامل مع حالات شديدة الصعوبة من إصابات بالرصاص، نحن نتعامل مع إصابات مختلفة وحالات إعياء تصيب المعتصمين بسبب ظروف الاعتصام وحرارة الجو»، تقول مها، طالبة الصيدلانية المتطوعة، في اليوم التالي لحادثة «الحرس الجمهوري»، وبعد انتهائها من عشر ساعات عمل متواصلة تابعت خلالها كثير من اﻷطفال الذين أصابتهم حالة إعياء شديدة. وتضيف «نعم هناك الكثير من الأطفال، يجلسون طوال اليوم في هذا الحر وينامون في العراء، اللهم إلا من يحتمي بخيمة ضعيفة. الإعلام يقول إنهم هنا كدروع بشرية، لكنهم هنا لأن أهاليهم حضروا بالكامل فأين يمكن لهم أن يتركوا أبنائهم؟». في اليوم نفسه، يقول وليد، أحد أعضاء قوات إنفاذ القانون، الذي شارك في «التعامل مع محاولة اقتحام الحرس الجمهوري» إنه لا يمكن «للدولة أن تترك الاعتصام ده كده كتير، دي ما تبقاش دولة ولا ده يبقي جيش، وإحنا الراجل بتاعنا شديد ومش سهل... مين الراجل بتاعنا؟، القائد، السيسي، الراجل ده سمعته جامدة قوي في الجيش من سنين، ومن سنين وإحنا عارفين إنه جاي جاي»، ثم يضيف «على العموم همّا النهارده اختبروا صبرنا وأخدوا علقة على الماشي علشان لو كانوا فاكرين إننا هنقعد نتفرج عليهم كده وخلاص، وبعد كده بقى كل واحد ذنبه على جنبه». *** داخل الاعتصام، يستمر سيد، رجل خمسيني يصف نفسه بأنه سلفي غير منتمٍ ﻷي حزب، ولكن منتمٍ للفكر السلفي «السليم»، في تشجيعه لمجموعة من الأطفال على المساعدة في تنظيف مساحة من الاعتصام بجوار المستشفى الميداني، حتى يسهل على المتطوعين من الأطباء أداء مهمتهم، ويقول الرجل، الذي حضر مع زوجته وأولاده من الإسماعيلية مستقلًا عن أي تنظيم لمجرد أن يضيف وجوده دعمًا «للناس اللي صامدة هنا في الاعتصام»، إنه يتابع كل يوم ما يبثه الإعلام عن «وجبات فاخرة وأموال توزع على المتواجدين في الاعتصام» وهو يشعر بأسى بالغ من «الافتراءات البشعة»، ولكنه يشعر أيضًا بتحسب لما هو قادم «لأنهم أكيد مش بيعملوا كده إلا علشان يكرهوا الناس فينا، وده معناه إنهم ناويين لينا على نية». وفيما يصر سيد على الاستمرار في الاعتصام «إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا»، يعرب طارق، المهندس الإخواني الموجود في اعتصام النهضة، عن قلقه مع انتصاف شهر يوليو. يقول «واضح إن القيادات، حسب الكلام اللي بنسمعه هنا في الاعتصام، كانت مقدّرة إن العالم هيتدخل بسرعة وكل شيء هيرجع يمكن مع تكوين حكومة وحدة وطنية، لكن كل ما الوقت بيطول الواحد لازم يفكر بالعقل ويعرف إن ده مش هيحصل، دلوقتي الإعلام بيروِّج إن الاعتصامات فيها أسلحة وتعذيب للمعارضين، ده معناه إيه غير إن الجيش ناوي يفض الاعتصامات دي؟». بينما تقول حنان، إحدى الفتيات التي تقوم بتفتيش ومصاحبة الصحفيات المترددات على الاعتصام المتاخم لجامعة القاهرة «همّا بيقولوا إن الاعتصام مليان سلاح، فين هو السلاح ده، هل فيه حماية وتأمين للقيادات اللي بتتردد على الاعتصام؟ طبعًا أكيد، لكن هل ده معناه إننا في اعتصام مسلح، ده اعتصام من لا حول له ولا قوة، إحنا هنا ومش عارفين إيه اللي ممكن يحصل لنا في أي وقت، بييجي لنا كلام من برة إن في نية لفض الاعتصام بالقوة من الجيش، بس أيًا كان السلاح الموجود لتأمين القيادات فده مش سلاح يدافع عن اعتصام زي ده فيه آلاف». *** قبل شهور قليلة من هذا التاريخ، كان القيادي الإخواني عصام العريان يجلس في مكتبه في مجلس الشورى، ويقدم القهوة والشيكولاته لزائريه من الصحفيين والمعنيين بالشأن العام، وهو يقلل بكلمات حاسمة لا تتسق مع صوته الذي يحمل نبرات قلق واضحة من الحديث الجاري «واللي بيردده (نجيب) ساويرس عن إن الجيش هينقلب»، مضيفًا «الجيش مصالحه مضمونة ومالوش سبب ينقلب لأنه وضعه في الدولة مستقر ولم يمسه أحد وهمّا عارفينّا كويس». تبدل الحال بعد أيام من واقعة «الحرس الجمهوري» حين بدا صوت العريان منزعجًا بشدة وهو يتساءل «هو الجيش ناوي على إيه بقى في الآخر؟، مش معقول هينقلبوا كده على العملية الديمقراطية ولا يفتكروا إن الشعب هيسكت ولا إن العالم هيسكت». في حين تأتي إجابة مقتضبة من أحد وزراء تلك الفترة، ممن طالبوا بضمانات للالتزام بالمعايير الإنسانية في فض الاعتصام، في مكالمة هاتفية طلب أن تكون سريعة للغاية «نعم هناك نقاشات حول فض الاعتصام، طبعًا طبعًا بنتكلم عن فض سلمي، بس أكيد مش قبل العيد، بس نتمنى إن المفاوضات الجارية تؤدي لفضه من قبل الإخوان علشان نتحرك للأمام ونشوف هنعمل إيه». في الوقت نفسه، وبعد انتهائه من توديع وفد من الاتحاد اﻷوروبي زار القاهرة برئاسة الدبلوماسي برناردينو ليون، مندوبا عن مفوضة العلاقات الخارجية للاتحاد كاثرين آشتون، التي كانت تسعى لإيجاد مخرج سياسي للأزمة في مصر، يقول دبلوماسي أوروبي كان يعمل في بعثة الاتحاد بمصر في ذلك الوقت إن «المسؤولون في مصر لا يسعون للوصول لحل سياسي توافقي يأخذ في الاعتبار أن مرسي هو رئيس منتخب لمدة ٤ سنوات، وأن إزاحته كانت يجب أن تكون بناء على استفتاء شديد النزاهة، وأن تكون متبوعة على الفور بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، هم لا يريدون التعاون، وأعتقد أنهم يخشون فض الاعتصام بالقوة، ولكن الجنرال (السيسي) يتحدث كثيرًا عن هيبة الدولة وضرورة ضمان الاستقرار في العاصمة (القاهرة)». فيما يقر قيادي في حزب النور السلفي، لا يزال يشغل منصبًا قياديًا بالحزب، بوجود جهود حثيثة للتوصل لاتفاق سياسي يأمل أن يحول «دون تدهور الأمور سريعًا إلى مدى لا يعلمه إلا الله»، ويضيف الرجل الذي كان رئيس حزبه يونس مخيون ممثلًا في فريق الساسة المحيطين بالسيسي يوم ٣ يوليو عند إعلانه عزل محمد مرسي «الأمر الآن يعتمد على رجاحة تقدير قيادة الإخوان، فإما أن يقرروا الاعتراف بالفشل السياسي ويحمون دماء أبنائهم وإما أن يصروا على العناد ويسعوا سعيهم المعتاد إلى مظلومية جديدة وكربلاء جديدة يخفون بها فشلهم الذريع أمام قواعد غاضبة ولا يبقيها دون الإعراب عن الغضب سوي لحظة الابتلاء». قلق القيادي السلفي لا يقابل بنفس التوجس من قبل أحد المقربين من البرادعي، الذي يصر أن «الدكتور لا يمكن أن يقبل بفض بالقوة، وأن الأمور ستأخذ وقتها ليتم التوصل لحل ما، المهم الإخوان يعرفوا إنهم خسروا الشارع ويدركوا أن قواعدهم مش كفاية لإقامة دولة من دون الشارع، والمهم أن يبدأوا يتصرفوا على هذا الأساس». ويضيف أن «السيسي أكد للدكتور البرادعي إن مفيش فض بالقوة.. آه طبعًا، مش معقول يعني يكون بيضحك علي الدكتور البرادعي»، وكان البرادعي مشاركًا في عملية صناعة القرار في أعقاب عزل مرسي وكان من المفترض أن يترأس الوزارة لولا ما أبلغه الرئيس المؤقت عدلي منصور له عن «فيتو سلفي» أدى به لأن يقبل بمنصب نائب رئيس الجمهورية. فيما يتذكر القيادي السلفي نفسه، قبل أيام من حلول الذكرى الرابعة لفض اعتصامي رابعة والنهضة، قائلًا «أظن للأسف أن الأسبوع الأخير السابق لفض الاعتصام كان يمكن أن يشهد انفراجه، ولقد قمنا في حزب النور بالتوافق مع قيادات سياسية من غير الإسلاميين وبالحديث مع الجيش بالاتفاق على أن تعلن قيادات الإخوان للمعتصمين التوصل لاتفاق سياسي ينهي الأزمة بخروج مرسي من محبسه إلى مكان آمن على أن يتحرك المعتصمين من تلقاء أنفسهم عائدين لمنازلهم في انتظار انتخابات رئاسية تجري خلال أقل من شهر كان من حق الإخوان أن يدفعوا فيها بمرشح لهم ربما شخص غير مرسي. وقد تم التشاور حول هذا الاتفاق مع آشتون وليون وحصلنا على موافقة مبدئية من كل الأطراف شملت تفاصيل ترك أسلحة تأمين القيادات في مكانها، مع إعلان رسمي موجه للمعتصمين بإسقاط أي اتهامات قانونية بحق أي منهم أيًا كانت التهم سعيًا نحو عملية سياسية جديدة». ويضيف «ولكن بعد أيام قررت القيادات الإخوانية تغيير رأيها قائلة إن ليس لديها سبب في أن تثق في السيسي مجددًا، ولكن البادي أن قيادات الإخوان تصورت أن اﻷمر سيتحرك لصالحها خاصة مع زيادة عدد المتواجدين في الاعتصامين، خاصة رابعة، حيث توافد الكثيرون حتى من رافضي الإخوان لتكثيف التواجد البشري في الاعتصام مما يعيق فضه، ومع أنباء تلقاها (جهاد) الحداد (ابن القيادي السياسي عصام الحداد) من واشنطن عن أن هناك إجراءات لتخفيض المعونة الاقتصادية ووقف المعونة السياسية لمصر. ولكن كان ما كان». *** في الساعات الأولى من صباح ١٤ أغسطس ٢٠١٣، أعلن التلفزيون المصري عن تحرك قوات «الشرطة» لفض اعتصامي النهضة ورابعة «الملسحين». لكن الطريق إلي رابعة كان قد أُغلق، واستحال الدخول لمن لم يكن هناك بالفعل قبل وصول قوات الفض، سواء من الصحفيين أو المتعاطفين. «لكن الطريق كان مغلقًا أيضًا لمن يريد الخروج، هم يقولون إنهم طالبوا الناس بالانصراف، ولقد سعيت أنا وأختي للانصراف خشية على أمنا وأبينا المسنين ولكننا لم نستطع، كنا نجري في كل الاتجاهات وتمكنا بصعوبة من الوصول لإحدى البنايات السكنية القريبة ولكن البوابة كانت مغلقة، أخذنا ندق على الباب بشدة لندخل ولكن من خلف الباب سمعنا صوت سيدة تقول لنا روحوا موتوا علشان مرسي يرجع»، كانت هذه شهادة راوية، إحدى المعتصمات، بعد أسابيع من الفض. توافقت شهادة راوية مع العديد من الشهادات التي كانت إحدى الناشطات، تدعى ولاء، تسعى لجمعها وتوثيقها مع إحدى المنظمات الحقوقية المصرية، والتي قالت بعد مرور عام كامل على الفض «ده ما اسموش فض ولا كان فض، دي كانت مجزرة، مفيش أي تحذيرات حقيقية ولا وقت كافي حصل علشان الناس تمشي ولا كان في ممرات آمنة علشان الناس تمشي، وكان في ضرب نار على الناس وهى واقفة وهى نايمة وهى بتحاول تقف، ودون تمييز.. وأخذ الناس يجرون ويهرولون ويبحثون عن أقاربهم». لا ينكر سكان في نطاق الاعتصام تحدثوا في أعقاب الفض أنهم تلقوا تحذيرات من أجهزة الشرطة بصور عديدة قبل البدء في العمليات، تطالبهم التزام منازلهم وإغلاق نوافذهم، كما لا ينكرون أنهم سمعوا إطلاق رصاص وصرخات تتعالى على مدار اليوم كله، وخاصة في النصف الثاني من اليوم قبل الانتهاء الكلي من عملية الفض بنحو ٣ ساعات. مساء الخميس ١٥ أغسطس، كان مسجد الإيمان، في قلب شارع مكرم عبيد القريب من ميدان رابعة العدوية، قد تكدس بأكياس مبعثرة تحمل في داخلها جثثًا وأشلاء متناثرة لموتى، رجال ونساء، سقطوا في فض اعتصام رابعة الذي بدأ في السادسة من صباح اليوم السابق، بعد أيام قليلة من عيد الفطر. «إحنا مش عارفين دول جثث مين، مش عارفين إذا كانوا أجزاء لنفس الجثث ولا جثث مختلفة ومش عارفين إذا كانوا جثث نساء أم رجال، ربنا يغفر لنا لو أخطأنا، ولكن المساحة ضيقة وما عندناش أكياس كافية رغم إن في ناس اتبرعت في السر وجابت أكياس وأكفان»، يقول أبو بكر، شاب دون العشرين، يرتدي شورتًا ويضم شعره المجعد الطويل في ذيل حصان. يوضح أبو بكر أنه لا انتماء له من «قريب أو بعيد للإخوان» وأن ما أتى به إلى مسجد الإيمان هو ذلك «الفزع» الذي انتابه عندما سمع من أحد جيرانه في منطقة عين شمس، عن «ما حدث أمس من قتل ودماء أثناء الفض وأن الجثث في كل مكان وأن في جثث أشلاء». شعر أبو بكر أنه يجب أن يساعد «لأن ستر الموتى أكبر ثواب، ده مالوش علاقة بإني يمكن مش بـ أصلي بانتظام كل الوقت، أو ساعات باشرب وكده.. دي ناس ماتت دلوقتي، وماتت موتة بشعة، مش مهم بقى همّا مين». لم تستكمل ولاء مشروع توثيق ما جرى يوم الفض، إذ اضطرت للتوقف عن المشروع بأكمله بعد «ملاحقات وتهديدات أمنية» بحسب ما تقول. تضيف «لم تكن الدولة تريد سوى رواية واحدة عما كان؛ أن الاعتصام كان دمويًا وأن المعتصمين بادروا بقنص رجال الشرطة فاضطرت الشرطة للرد، ولكن هذه ليست الرواية الحقيقية، لأن الحقيقة أنهم جاءوا، ونحن لا نعلم إذا ما كانوا شرطة أو غيرها، مدججين بالأسلحة ويسعون للقنص والقتل وكان ما كان». *** رواية الدولة رددها مصطفي حجازي، المستشار الاستراتيجي للرئيس المؤقت عدلي منصور، في مؤتمر صحفي عقده بمقر الرئاسة، سعى فيه للترويج لأن المعتصمين كانوا يريدون جر البلاد لحرب أهلية وسعوا لاختصام المسيحيين والنيل منهم بأعمال حرق طالت العديد من الكنائس. وبينما كان مراسلو الصحف الأجنبية والمصرية المصطفون في قاعة في قلب قصر الاتحادية يسألون حجازي عن ملابسات فض رابعة «الدموي» والسبب الذي جعل فض النهضة «أقل دموية» وتقديرات عن عدد من سقطوا قتلى من المعتصمين ورجال إنفاذ القانون، وعما إذا كانت عملية الفض تمت كلية على يد جهاز الشرطة أم بمعاونة أجهزة أمنية أخرى، كان حجازي يردد على مسامع الصحفيين عبارة متكررة «ألم تروا الكنائس التي حُرقت؟»، دون تقديم دليل، بحسب ما علق بعض الصحفيين المشاركين في المؤتمر الصحفي لاحقًا، عن تورط الإخوان المسلمين أو غيرهم من الإسلاميين في تنفيذ أعمال الحرق التي نالت بالفعل من مساحات واسعة من المنشآت القبطية خاصة في محافظة المنيا، كما تسببت في فرض حصار شبه كامل على بعض القرى في ذات المحافظة حيث تتركز تجمعات مسيحية. في تعليقه على المؤتمر الصحفي آنذاك، يقول ناشط مسيحي يساري مستمر حتى اﻵن في المطالبة بحقوق الضحايا المسيحيين الذين قتلوا في أحداث ماسبيرو في ٢٠١١ «ألم تكن الدولة تعلم أن الكنائس قد تُحرق، ألم تكن الدولة تعلم أن الإخوان أو المتعاطفين معهم ربما يعبرون عن غضبهم تجاه الأقباط بالهجوم على كنائسهم ومنازلهم، لماذا لم تؤمّنا الدولة حينها، ولماذا لم تستجب لمناشدات كهنة كنائس المنيا الذين أجرى بعضهم اتصالات عديدة مع مسؤولين كبار في الدولة ولم يجدوا أي استجابة». فيما يعلق شاب مسيحي آخر، كان عضوًا فيما عرف قبل تظاهرات يونيو بمجموعة «البلاك بلوك» (مجموعة معارضة ظهرت في يناير ٢٠١٣، في مواجهة حكم الإخوان المسلمين، وطاردتها الشرطة قبل أن تعلن عن انسحابها من المجال العام في يناير ٢٠١٦)، يقول «الحقيقة أن الأجهزة استغلت المسيحيين وخوفهم، خاصة مع الهجوم الذي وقع على الكاتدرائية في أبريل، والذي لم نعلم أبدا من كان وراءه أو لماذا لم تتحرك الدولة بفاعلية للحيلولة دون حدوثه أو لوقفه فور حدوثه، لمخاطبة الرأي العام، لكن في الحقيقة لا أظن أن أحدًا يهتم بنا كثيرا بعد أن تخلصوا من مرسي». ويضيف «قبل العزل كان قائد المجموعة يسهل عليه الوصول لقيادات أمنية للتنسيق بشأن التحركات التي كنا نقوم بها في الشارع أما بعد العزل فلم يعد أحد يهتم باتصالاتنا، وأصبحنا نحن (المسيحيون) الملامون على فض رابعة». *** في اليوم التالي لفض الاعتصامين، وصلت عربات النظافة لتقوم برفع مخلفات اعتصام رابعة، وركام ما تهدم أو حرق. وفي عصر اليوم نفسه وقف سائق أحد أوناش الرفع وطلب من أحد العاملين معه أن يتاكد من عدم وجود جثث في المنطقة التي كان بصدد رفع ركامها، ليجيبه معاون النظافة «يا عم ارفع وخلَّص، إحنا مش هنبات هنا، ولو في جثث، ما كله من التراب وكله في التراب، ارفع يا عم، الريحة صعبة خلينا ننظف الدنيا دي ونمشي قبل الليل». ومع حلول الليل كان بعض سكان المنطقة قد نزلوا إلى الشوارع لتفقد تلفيات حلت بسياراتهم أو نالت من مداخل العقارات التي يسكنونها، وكان بعضهم يتحرك باتجاه ساحة مسجد الإيمان، حيث كانت بعض القوات تعمل للتأكد من عدم وجود أي جثث بداخل المسجد الذي تعرض لدرجة كبيرة من الدمار. وبينما الأهالي يتحدثون عن بالغ سعادتهم بإنهاء الاعتصام الذي وصفوه بـ «الهمجي» و«القذر» و«المرعب»، خرج اثنان من رجال الأمن يحملان جثة متفحمة سقطت أصابع من يدي صاحبها أو صاحبتها، وأخرى متفحمة فُقدت أطراف منها، فإذا بسيدة سبعينية تستند إلى عصاها تصرخ فرحًا وتغني «تسلم الأيادي، تسلم يا جيش بلادي»، بينما تتجمد نظرات أعين اﻷفراد القائمين على استخراج الأشلاء المتفحمة ويعلو مزيج من الرعب والحزن وجه أحد الجنود. وعبر امتداد طريق النصر من موقع مسجد رابعة العدوية مرورًا بالتقاطع مع شارع عباس العقاد ثم شارع مكرم عبيد حيث مسجد الإيمان، يسير رجال ونساء حضروا من بلدات ومحافظات بعيدة بحثًا عن ذويهم المفقودين في الاعتصام، والذين كانوا يوالون الاتصال بهم حتى يوم الفض، ثم عجزوا عن التواصل معهم، كانوا يسألون عن موقع جامع الإيمان، الذي سمعوا من بعض سكان محيط رابعة أن المصابين والقتلى نقلوا إليه بعد انتهاء عملية الفض في مساء الأربعاء. في قلب مسجد الإيمان يتحرك الشباب والفتيات بسرعة لتسجيل أسماء قتلى تعرفوا على جثثهم وتم التواصل مع ذويهم، ثم يدونون في قوائم أخرى أسماء آخرين لم يتم بعد التوصل إلى ذويهم، بينما تتحرك أعداد أخرى من الشباب يحملون ألواح من الثلج أو يجلبون مراوح كهربائية ومواد عطرية خشية من أن تنال الحرارة والرطوبة من الأجساد الممددة على أرض الجامع قبل أن يصرح لها بالدفن. وبينما يتحرك أحدهم، اسمه عبد الله، عند باب الجامع بسرعة لإدخال ألواح الثلج يستوقفه رجل ليصرخ في وجهه «امشوا من هنا، غوروا، امشوا، خدوهم وروحوا المشرحة، إحنا مش عايزين أوبئة وميكروبات».. ينظر إليه عبد الله في صمت، ويغشى عليه من الإعياء وتقع ألواح الثلج، فيسارع بعض الشباب لإسعاف عبدالله، وأيضًا للحيلولة دون خسارة ألواح الثلج التي يحتاجونها بشدة. وبينما رائحة الموت تتزايد والأكفان تغادر الجامع مع من وصل من الأقارب، تعلو أصوات عربات الإسعاف، ويتحرك أحد العاملين بالمسجد نحو سيدة متقدمة في العمر تحمل في يدها كيسًا مليئًا بالنفتالين توزعه بين الأكفان المتراصة ليخبرها أن عربات الإسعاف قادمة وأنه سيكون عليهم أن ينقلوا الجثث إلى خارج المسجد باتجاه مشرحة زينهم. «حرام عليكم، خافوا ربنا، نروح فين بموتانا، نروح فين، دول أهلهم غلابة، هييجوا يتوهوا في البلد علشان ياخدوا ولادهم يدفنوهم، حرام عليكم، حرام عليكم ده إحنا جبناهم متشالين فوق بعض من رابعة زي الدبايح، حرام عليكم»، قبل أن تسقط بجسدها المنتفض من فرط البكاء بالقرب من بعض الجثث المسجاة.. لتنهار في نوبة بكاء حاد تدفع أسرة أتت لنقل جثة أحد أبنائها الذي قضى في الفض لترك جثمان الشاب العشريني الذين كانوا ينتحبون قربه، ليتجهوا لمساعدة السيدة التي لم تتوقف عن البكاء والدعاء. تصل سيارات الإسعاف، ويدخل العاملون ليتحركوا بسرعة ودون أي التفات لتقسيمات حرص عليها القائمون على إدارة الكارثة؛ من فصل جثث النساء عن الرجال وجثث من تم التعرف عليهم عن الجثث التي لم يجر بعد التعرف عليها، ليراكم المسعفون الرسميون الجثث، الواحدة فوق الأخرى في قلب سيارات الإسعاف باتجاه مشرحة زينهم، بينما عربات أخرى تحمل رجالًا ونساءً أتوا من الصعيد والدلتا لنقل جثث ذويهم تصل إلي مدخل مسجد الإيمان فلا يجدوا أجسادًا أتوا لحملها لمثواها الأخير. تقول ولاء، التي عملت على توثيق ما جرى في الفض والأيام التي تلته «ما حدث في رابعة كان جريمة، ولكن ما حدث في جامع الإيمان كان أيضًا جريمة، لأن في رابعة انتهكت حياة الناس وأجسادهم، بينما في مسجد الإيمان انتهكت حرمة الموت نفسها».
سلفيو الإسكندرية وجدل اعتزال السياسة أحمد بدراوي ٣٠ يوليو ٢٠١٧ مع مرور أربع سنوات على تغير الوضع السياسي في يونيو يوليو ٢٠١٣ بدا ما سمي بـ«تحالف ٣٠ يونيو» ذكرى سياسية قديمة تعرضت للتفكيك والتركيب مرات عدة مع كل منحنى سياسي كبير، إلا أن بعض مكونات الحلف آثرت حفظ الحد الأدنى من الاتفاق بينها وبين أجهزة الدولة. ورغم تأميم المجال السياسي العام في مصر بعد مرور أربع سنوات، إلا أن سلفيو الإسكندرية ـ مدرسة الدعوة السلفية في الإسكندرية ـ لم يجيبوا على السؤال الذي ظل طيلة تلك السنوات يوجه لقياداتها؛ لماذا لم تعتزلوا العمل السياسي؟ لا ينطلق السؤال من رغبة في إقصاء الدعوة وذراعها السياسي، حزب النور، عن المشهد السياسي لخلاف أيديولوجي حول خطابهما اليميني، بقدر ما هو إعادة إنتاج لأدبيات الدعوة السلفية التي تتحفظ على المشاركة في العمل السياسي إذا تحول لـ«تحصيل حاصل» بلا تغيير ملموس. «بقاء المجبر» يرى الشيخ علي غلاب، أحد مؤسسي الدعوة السلفية بمطروح وفصلته عمومية السلفية في الإسكندرية من الدعوة في ٢٠١٥، أن دخول الدعوة ثم الحزب في المشهد السياسي خصم من رصيدها الدعوي، وأن على سلفيي الإسكندرية اعتزال السياسة الحزبية والعمل السياسي. علي غلاب وأضاف في اتصال هاتفي مع «مدى مصر» «حزب النور وضعه الآن لا يقارن بما قبل وفقد زخمه السياسي الكبير وتحول لحزب عادي مثل باقي الأحزاب، حتى كتلته البرلمانية عددها أقل، ومرشحي الحزب في مطروح نجحوا بأصوات القبائل». يرى غلاب، أن بقاء الدعوة السلفية في المشهد السياسي هو «بقاء المجبر»، لأن للعمل السياسي حسابات تدفع الشخص للبقاء.موضحًا أن سلفية مطروح لها موقف عام باقية عليه وهو اعتزال السياسة ككل. الصراع بين مجلس الإدارة العام للدعوة في الإسكندرية ومجلس مطروح ممتد من أربع سنوات، منذ بيان غلاب باعتزال العمل السياسي في عام ٢٠١٣، وهو ما أدى لقرار من المجلس العام بتجميد عمل مجلس مطروح، وصولًا لمبادرة المصالحة التي طالبت فيها مطروح الإسكندرية أن تعتبر الخط الدعوي للدعوة السلفية قبل ٢٥ يناير هو الأصل. كما دعا محمد إسماعيل المقدم، أحد أقطاب الدعوة السلفية، في أبريل ٢٠١٥ لترك السياسة التي فرقت البلد، بحسب لقاء جرى بين غلاب والمقدم وأحمد حطيبة وأحمد فريد، والأخيران من مؤسسي الدعوة السلفية الستة. وقال مصدر سلفي مطلع، طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول له التحدث للإعلام «لا شك أن الدعوة السلفية تعاني من تضييق وتعنت ضدها وهناك بالفعل تضييق في حرية الحركة الدعوية لنا». وأضاف لـ«مدى مصر» «هناك تعنت ضدنا نتيجة للهجوم الليبرالي غير المنصف والهجوم الإخواني، وهو تضييق سببه التطبيق غير السليم للقوانين، وبلا شك حزب النور صوته أصبح خافتًا عن ذي قبل». ويبدو خفوت صوت سلفيي الإسكندرية، منسجمًا مع رغبتهم في عدم تصدر المشهد بعد ٣٠ يونيو، وهو ما يؤكده شريف طه، المتحدث الرسمي السابق لحزب النور، وعضو هيئته العليا في تدوينة كتبها في ١٤ يوليو ٢٠١٣. يقول طه «لابد أن نعترف أن تصدر الإسلاميين بكل فصائلهم للمشهد كان خطئًا استراتيجيًا قاتلًا، وأن الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة ـ قبل عزل مرسي ـ كانت بمثابة تصحيح لهذا الخطأ الذي مثل نزيفًا دعويًا وسياسيًا كبيرًا لم يعد يمكن تحمله، وأن وجود الإسلاميين كجزء من المشهد مع قدرتهم على الدعوة أفضل بكثير من تصدرهم للمشهد مع بُغض الناس لهم». «وعاء الدعوة» منذ الثالث من يوليو ٢٠١٣، تردد لدى عدد من ذوي الاتجاهات والرؤى المناوئة لتيار الدعوة السلفية ولإدارتها للمشهد السياسي، عبارة «هؤلاء بٌرهاميين» تعليقًا على ما يعتبرونه طاعة والتزام حرفي من قواعد الدعوة السلفية بكل ما يصدر عن ياسر بٌرهامي؛ نائب رئيس الدعوة السلفية، من تصريحات. لكن مصدر سلفي، طلب عدم نشر اسمه، قال لـ «مدى مصر»، إن فكر ورؤية ياسر بٌرهامي، متجذرين في صفوف قطاعات واسعة في الدعوة السلفية، خاصة رؤيته لتأصيل الواقع بشكل شرعي، وذلك لكونه منذ فترة الهجمة الأمنية في التسعينيات عام ١٩٩٤، الأكثر حركة ونشاطًا، ومعظم الموجودين هم من تلاميذ الشيخ، وهو لا يؤثر في قرارات الدعوة بكلمته المسموعة، لكن بطبيعة الحال، هو بذل جٌهد تربوي تلقاه على يده كثيرون، وبناء شخصيات رجال الصف الثاني والثالث في الدعوة، كان لبرهامي تأثيرًا كبيرًا عليهم، وفق المصدر. ياسر برهامي يرى الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، والذي يدير فعليًا الدعوة بعد ٢٥ يناير، أن مشهد الدعوة السلفية بعد ٣٠ يونيو، يؤكد أن وجودها عامل من أعظم عوامل استقرار المجتمع المصري. ويقول في مقابلة مع «مدى مصر» «بقينا للحفاظ على ما بقي من العمل الإسلامي البناء غير الصدامي، ورفضنا الصراع الصفري الذي حاول البعض فرضه على العمل الإسلامي وعلى المجتمع، فجاء بأسوأ النتائج، ونحن كدعوة سلفية مازلنا نمثل جزءًا أساسيًا من قضية الاستقرار في المجتمع، وفي بذل الجهد في الإصلاح الهادئ والبناء، وحتى لو لم يعرف المجتمع أهمية دورنا، فنحن نعمل في كل طبقات المجتمع». ويشير برهامي إلى أن من فقدته الدعوة من كوادرها بعد الثورة هم من انضموا لها بعد الثورة، وليس من أبنائها الأصليين فالفقد محدود، وقواعد الدعوة مازالت متماسكة. وحول مؤتمرات الدعوة السلفية الموجهة ضد الشيعة، يقول برهامي «أوقفنا المؤتمرات ولم يعد من الممكن عملها لوجود اضطراب أحوال، فالوضع قبل ٣٠ يونيو غير ما بعدها، خاصة مع استهداف الأماكن والعمليات الإرهابية». ويؤكد برهامي أن مشاركة حزب النور في اجتماع الثالث من يوليو ٢٠١٣، كانت بطلب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو اجتماع دُعيت له كل القوى للنظر فى مستقبل البلاد، بما فيهم الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة والأزهر والكنيسة، لكن الإخوان اعتذروا، «وذهبنا للاجتماع بهذا الاعتبار وهو النظر في المستقبل، وكان لدينا أمل أن يوكل الأمر للدكتور مرسي، ويطلب منه عمل انتخابات رئاسية مبكرة ليتم حل الأمر بدون تعطيل للدستور، لكن سبق السيف العزل وكان الأمر قد انتهى، ووافقنا على ذلك لوجود مخاطر ضخمة جدًا على البلد، ورفضنا الصدام»، يوضح برهامي. يرى برهامي أن كل الأحزاب بما فيها حزب النور تعرضت لضعف، لكن النور تعرض لهجمة «شرسة جدًا» من جميع الفرقاء الموجودين، وتعرض لأزمات ومواجهات مع الأمن وقت الانتخابات البرلمانية، لكن هو مازال موجودًا بشكل قوي في الحياة السياسية، خاصة وأن القضاء حكم أكثر من مرة ببطلان الدعاوى القضائية بحل الحزب. وأكد أن الحزب هو حزب سياسي له مرجعية هي الشريعة الإسلامية وهي منصوص عليها في الدستور. وعن دور الدعوة السلفية في حماية الهوية الإسلامية والصحوة الإسلامية، وانتشار ظواهر الإلحاد وموجات أخرى، قال «التغريب وحملات الإلحاد مستوردة من الخارج، وينفق فيه أموالًا ضخمة جدًا من منظمات معروفة الهوية، والدعوة السلفية موجودة على الأرض وتبذل كل ما في وسعها، والأمور التي تحدث فيها شد وجذب، وليس الوضع السياسي هو المؤثر فيها بالدرجة الكبرى». يقول أحمد الشحات، عضو شاب بالدعوة السلفية، في مقال بعنوان «لماذا لا ينسحب السلفيون من المشهد السياسي؟»، إن اعتزال السياسة وانسحاب الإسلاميين يزيد المشهد فسادًا، فوجود الإسلاميين هو عقبة أمامهم، والانسحاب خسائره فادحة. وأضاف «أما قلة عدد نواب الحزب في البرلمان، فهو نتيجة لإحجام الناس عن المشاركة، ونحن لسنا مسؤولين عن ذلك، وجزء أيضًا بسبب ما تم من إقصاء لإضعاف قوة حزب النور في المجلس، وهو ما يدفعنا للاستمرار في الدعوة لتوثيق وتقوية القاعدة الشعبية لنا». ويوضح الشحات «عدد نوابنا في البرلمان أقل من أن يكون رقم مؤثر، لكنهم لهم فعالية، ومواقف واضحة، وعلق الحزب على بيان الحكومة ولم يقبله، ورفض قانون القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية، وقانون تجريم الختان، وقانون بناء الكنائس، والحزب وجوده غير ديكوري ولم يتحول لأداة يمرر من خلالها النظام ما يريد»، حسب قوله. ولهذا انتخب السلفيون السيسي في مايو ٢٠١٤، حين قررت الدعوة السلفية وحزب النور انتخاب الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، وزعت الدعوة السلفية في المساجد التابعة لها ورقة بعنوان «إلى أبناء الدعوة السلفية .. لماذا اخترنا السيسي؟!» وشرحت فيها حيثيات قرارها بدعم السيسي عبر معسكرات مغلقة لتوضيح الصورة لقواعدها. تقول الدعوة «علينا أن نحافظ على ترابطنا وتماسك كيان الدعوة والالتفات حول القيادات، نعم اخترنا السيسي كمرشح، لكه اختيار نسبي وليس مطلق، نشارك في الانتخابات لدعم الدولة» ورأت الدعوة أن «السيسي ليس له أيديولوجية فهو ليس ماركسي أو يساري أو يميني أو إسلامي، بلا هوى سياسي، ولا يميل لفصيل سياسي معين، وليس بأيديولوجية تتعارض مع الدستور من ناحية تطبيق الشريعة الإسلامية بتدرج وإصلاح المنظومة الأخلاقية، ويعي خطر إيران والمد الشيعي، ولا يدور في فلك دولة بعينها، وهو الأقدر على التعامل مع مؤسسات الدولة، وعمل مصالحة وطنية، ومشاركتنا هي من أجل المصلحة العامة». رفضت الدعوة خيار المقاطعة. وقال وقتها مسؤول الدعوة السلفية في الإسكندرية، محمود عبد الحميد إن «المقاطعة تعني تفتيت قوة الدعوة السلفية وتفكيك قواعدها، وتصنع عداء مع مؤسسات الدولة، وتؤدي لسوء علاقة مع الرئيس القادم، وتضيع مستحقات واستحقاقات حزب النور في صنع القرار». محمود عبد الحميد وأضاف عبد الحميد «الضمانة في وجودنا على الأرض أن يكون أبناء الدعوة متماسكين على قول رجل واحد، وبالتالي تصبح ككيان لك حساب، المهم تبقى قوة مؤثرة على الأرض، وتقدر تاخذ مقاعد كثيرة في البرلمان». وهو ما يفسر لماذا غضبت الدعوة والحزب بعد خسارتهم أكثر من ٥٠% من مرشحيهم في البرلمان، الأمر الذي وصل لتهديد الحزب بمقاطعة المرحلة الثانية للانتخابات. لفت عبد الحميد «كتلتنا التصويتية كإسلاميين ٧%، وحصدنا ٧٠% من الأصوات في الانتخابات الماضية، وعلينا أن نشارك في الانتخابات الرئاسية بالتصويت لكي نحصر كتلتنا التصويتية الحالية، نحن ممثلي التيار الإسلامي في الدولة الآن، والكيانات الإسلامية الأخرى أصبحت ضعيفة ومهلهلة، لا بد من الحفاظ على تواجدنا، وإلا تعرض العمل الإسلامي لضربة قوية، والعمل السياسي هو وعاء للحفاظ على الدعوة السلفية، بدونه الدعوة تنهار، ولو تفرقنا لن يصبح لنا قيمة». عن قرار انتخاب السيسي، يقول برهامي «كنا نبحث عن الممكن والمتاح وليس المثالي والمطلوب. وفي ذلك الوقت، كان الأقدر أن يمر بالبلد من أزمتها مقارنة بالمرشح المنافس، لا شك أنه لم يكن سوى اختيار الرئيس الحالي». لكن برهامي رفض الربط بين انتخاب السلفيين للسيسي ودعم قراراته، قائلًا «ليس هناك علاقة بين اختياري للرئيس الحالي، وأن أكون موافق على كل قراراته، وإن كانت القرارات الاقتصادية في الحقيقة ناقصة وليست خاطئة، والخلل الذي فيها هو سببه عدم رعاية الطبقات الفقيرة وعدم مراعاة وسائل أخرى لزيادة موارد الدولة قبل رفع الأسعار، ولابد من تعويض الفقراء، والحكومة هي التي اتخذت هذه القرارات». يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد زغلول إن موقف النور بالاستمرار في العمل السياسي يأتي طبيعيًا في السياق الوجودي للحزب، ويشرح «باختصار حزب النور يرفض أن يعود لما كان عليه قبل ٢٠١١، على الرغم من نظرته الرافضة أساسًا لفكرة الخروج عن الحاكم، لكنه لا يريد أن يعود ليبقى تحت سيطرة ضابطًا في أمن الدولة، وأن تتعرض قياداته للاعتقال والانتهاك في كل ظرف ومكان. هو يسعى بدأب لأن يكون هو الطرف الديني في المعادلة السياسية المصرية. وهذا يتطلب منه العديد من الأمور، على رأسها دعم الدولة، وفي هذا تفسير لموقف الحزب في دعم اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. «الدعوة السلفية ومعها حزب النور يراهنا على استقرار النظام، ويران أن أي تهديد للنظام هو تهديد وجودي لهم»، يقول زغلول. كان أحد أبرز المواقف التي أعلنها حزب النور وأيد فيها موقف الدولة، موقفه الأخير من أحقية السعودية في السيادة على جزيرتي تيران وصنافير. إذ قالت لجنته القانونية «إننا وبعد تقييم القرائن والأدلة، وتحقيق الوثائق القانونية الصالحة للإثبات أو النفى لتبعية الجزر، والتي ليس منها قطعًا الأطالس، أو الكتب المدرسية، ونحوهما، وبعد التفريق بين أعمال الإدارة والحماية، وأعمال السيادة، وبعد إعمال قواعد الترجيح، ترجح لدينا تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية». بقاء وجود استمرار السلفيين في المشهد السياسي إذًا هو معركة إثبات وجود أو معركة بقاء، في مشهد لو اعتزلوه ربما يخسرون تلك المكاسب التي حصدوها بوجود ١١ نائبًا لهم في مجلس النواب الحالي، بعد أن كانوا في المرتبة الثانية في برلمان ٢٠١٢. يقول زغلول «بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تغير مشهد الجماعات السلفية بشكل كبير. مجموعات مثل الجبهة السلفية وحازمون، وجماعات أخرى ملتفة حول حازم صلاح أبو إسماعيل، اختفت تمامًا. منها من ضم على من تبقى من الإخوان المسلمين، ومنهم من مال في اتجاه الجماعات المتطرفة، ومنهم من اعتزل العمل السياسي تمامًا. وبقى على السطح حزب النور فقط، ومن ورائه الدعوة السلفية، على الرغم من التضييقات التي تعرض لها في مسألة مثل الخطابة في المساجد أو حتى الدعوات التي وجهها البعض لحل الحزب باعتباره حزب ديني». ويتابع «في ظل الدعاية التي كونها الإخوان المسلمين بتصوير الحرب ضدهم هي حربًا على الإسلام، كان لزامًا على الدولة أن تُبقى طرفًا مثل حزب النور في المشهد السياسي. بالطبع بقاء الحزب طرفًا في المعادلة السياسية كبده الكثير من الخسائر، على سبيل المثال هبوط تمثيله البرلماني من ٢٥% في برلمان ٢٠١٢ إلى ١.٥% في برلمان ٢٠١٤، مع الوضع في الاعتبار تغير قوانين وطريقة الانتخابات بالطبع». لا يملك السلفيون في الوقت الراهن الانسحاب من المشهد السياسي لتجنب الدخول في صدام مع السلطة الحالية، ينتهي باستئصالهم بالكلية وربما تهديد وجودهم الدعوي. ومع ذلك، لوح السلفيون بخيار الانسحاب، بعد اجتماع الثالث من يوليو ٢٠١٣ حين تواترت أنباء عن ترشيح الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق لرئاسة الحكومة، بوصفه عدوهم الفكري اللدود، بجانب تلويح آخر بالانسحاب من المرحلة الثانية لانتخابات البرلمان الحالي في نهاية ٢٠١٥، أو حتى التلويح بحل الحزب والانسحاب من المشهد السياسي كاملًا. لكن السلفيون بوصفهم الوحيدين من تيارات الإسلام السياسي الذين بقوا في المشهد، فقدوا كثيرًا من زخمهم ووجودهم البارز في المشهد السياسي الحزبي والعام، رغم محاولاتهم للتأكيد على أن حزبهم سياسي وليس دينيًا، ما ظهر في اضطرار الحزب الدفع بكوادر قبطية ونسائية على قوائمه الانتخابية، برغم ما رأته الدعوة السلفية من مخالفة ذلك للشرع والدستور حسب فتواها. طوال أربع سنوات، حاول النور التأكيد كل حين على أنه حزب لكل المصريين وأن من بين أعضاء الحزب مسيحيين ـ دون أن يكشف عن عددهم ـ وذلك برغم خروج الدكتور محمد إسماعيل المقدم، أحد مؤسسى مدرسة الدعوة السلفية بالإسكندرية، إبان أزمة تأسيس حزب الوطن في نهاية ٢٠١٢، ليقول إن «الأصل بقاء ما كان، وأن النور هو الذراع السياسي للدعوة السلفية، ولا مجال للمجاملة في هذا». المعنى نفسه أكده الأمين العام السابق للنور، طارق فهيم، بقوله إن الحزب جزء من الدعوة، وهو الإبن الشرعي لها، وهو إن لم يكن ابنًا لها فهو ابن حرام. ويقول يونس مخيون، رئيس الحزب إن النور مفتوح للجميع وأن تسميته بحزب النور السلفي هو خطأ. حاول «مدى مصر» التواصل مع قيادات حزب النور، للتعرف على رؤيتهم حول الجدل بشأن العمل السياسي في ظل تجربة السنوات الأربع الماضية، إلا أن جميعهم فضلوا الاستمرار فيما سموه بإجازة إعلامية، وفضل البعض عدم التصريح أو التعليق على المشهد الحالي، واصفين إياه بأنه لا يسر أحد ولا يستحق عناء التعليق عليه حتى.
قارن محمد البرادعي مع:
شارك صفحة محمد البرادعي على