لي ليلي

لي ليلي

لي ليلي ، من مواليد ٣٠ يونيو ١٩٧٧ في بكين في الصين، لاعب كرة قدم صيني معتزل، يشغل منصبه الحالي مدرباً لحراس مرمى منتخب كوريا الشمالية لكرة القدم منذ يناير ٢٠١٥. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بلي ليلي؟
أعلى المصادر التى تكتب عن لي ليلي
عن سياسات الصورة في المجتمعات المحافظة حوار مع المصوّرة نادية منير أجرت الحوار ليلى أرمن ١٨ أكتوبر ٢٠١٧ «سأدافع عن نفسي» هو المعرض الفردي الأول لنادية منير، بعد معرضيها السابقين «قالت أقسم أنّي أرى ضوءًا يخرج من جانب عيني» و«هل أنت ذلك الشخص حقًا؟»، واللذان كانا في إطار معارض جماعية. تستكمل نادية بحثها في سياسات الصورة وكيفية تمثيل النساء في المجال العام، من خلال تتبُّع مناورات الإخفاء والحجب والرقابة التي يمارسها منتجو الصور في المجتمعات المحافظة ومصر تحديدًا. وكيف ينعكس ذلك على علاقة النساء بصورهن الشخصية سواء التي يختارونها للمشاركة مع غيرهم على منصات التواصل الاجتماعي، أو التي يقرّرن الاحتفاظ بها لأنفسهن. ومن خلال القيام بألعاب بحثية في مواقع أرشيفات الصور الإلكترونية العامة، تحاول قراءة محدّدات نتائج البحث الخاصة بصور النساء، وكيف تختلف مثلًا نتيجة استخدام كلمة «امرأة » من موقع لآخر حسب جغرافيته. كما تحاول اكتشاف دوائر التأثير و«إعادة الإنتاج» بين تلك النتائج وتطوّر فن التصوير. في هذا الحوار تتحدث نادية عن معرضها المقام حاليًا، ومشروعها الممتد بشكل عام، بالإضافة إلى عدد من القضايا التي تخص إشكاليات الصورة، كنقاش الملكية والخصوصية و فن تصوير الشارع. ليلى انقسم شغلك لـ٣ مراحل. الأولى كانت مع مؤسسة «ماس اسكندرية»، والتانية مع «فوتو كايرو» في معرض جماعي، والمرحلة التالتة الحالية معرضك الفردي الأول «سأدافع عن نفسي». هل كل مرحلة كانت مشغولة بسؤال معيّن؟ نادية أعتقد مفيش خط فاصل بينهم. هم بيكمِّلوا بعض وبيتطوروا مع الوقت. مثلًا فيه أعمال في المرحلة الأولى اتفسّرت أكتر في شغل المرحلة التانية. ولمّا جيت أرتب الأعمال وأفردها في المعرض الفردي، قدرت أشوف كل المراحل بشكل متداخل أكتر. لكن بشكل عام، اهتميت في المرحلة الأولى بالصور الشخصية. دوّرت في صوري، وطلبت صور شخصية من أصدقاء ومعارف لمجرّد إني أتفرج عليهم، وأقارن بينها وبين صورهم اللي اختاروا يعرّفوا بيها نفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي زي فيسبوك. المرحلة التانية، عامّة أكتر، لكن بتكمّل نفس الفكرة، وهي صور التجمّعات الخاصة المغلقة. فركزت على صور الحفلات النسائية الخاصة، وما فيها من خصوصية افتراضية بشكل كبير، وازاي بتنتقل بين الدواير المختلفة. المرحلة التالتة الحالية، لسّا بكتشفها، وبطوّرها. ووسّعت فيها دايرة اهتمامي، لتشمل صور النساء في المجال العام، واللي بنحتك بيها بشكل يومي. وباكتمالها ممكن تبقى إجابة لسؤال بيشغلني ما هو تأثير الصور في المجال العام علي صورنا الشخصية أو الذاتية؟. معرض «سأدافع عن نفسي» هو بداية عرض أفكار المرحلة التالتة أكتر منه عمل منتهي، وحاولنا من خلال طريقة العرض نوضّح فكرة إنه في طور«التطوير». ليلى طيب، من البداية منين جاي اهتمامك بمحاكاة أسلوب تعامل النساء في المجتمعات المحافظة مع «الصور»؟ نادية في الأساس، أنا شخص مهتم بسياسات إنتاج الصورة وخطوط تحرّكها وتفاعل الناس معاها، وعلاقتها بالتكنولوجيا وبنفسية المستهلِك ليها. لذا كانت صور النساء في المجتمعات المحافظة، مادة خصبة جدًا بالنسبة لي، لفهم وتحليل «الصورة»، خاصة مع علاقتها المعقدة بفكرة الخصوصية، في بلد زي مصر، وتشابكها مع الإسلام دين الأغلبية وازاي بيتعامل معها ثقافيًا. زائد إن عندي محرّك شخصي بحت، وهو علاقتي كمصوِّرة بصوري الشخصية، وصوري اللي بعتبرها معبّرة عني، لكن ما ينفعش حد يشوفها. ليلى بمناسبة المحرك الشخصي؛ أحيانًا بيكون اختيار موضوع الأعمال الأولى، ناتج عن رغبة في التعبير عن النفس بقوة واندفاع، إيه مدى تداخل تجربتك الشخصية مع أعمالك؟ نادية دي كانت مشكلتي في المرحلة الأولى، فترة مؤسسة «ماس». أخدت وقت عشان أتصالح مع الفكرة وأتوصل لحل مش ساذج، بسبب تخوّفي إن التعبير عن تجربة شخصية يوقَّع شغلي في حفرة السذاجة أو يكون مليان اندفاع زي ما قلتي، أو حتى يبقى رومانسي بشكل الركيك. فبرغم إن تجربتي كانت أحد محرّكات بحثي، لكن حاولت أتجاهلني، وأدور «برا» على شخصيات تانية أسمع منها، لكن المردود ماكنش مُرضِي، فرجعت لصوري أشتغل عليها. لما برجع للمرحلة دي بحس إنها كانت بدائية لكن ضرورية عشان أستوعب نفسي. وكانت النتيجة إن الأعمال أصبحت أكثر نضجًا. وده ساعدني أتحرّر منها، وأتحرّك بسلاسة في المرحلة التانية والتالتة بعيدًا عن تجربتي. لكن في المحصّلة الأخيرة، ماحسيتش إن شغلي اهتم يبين الجزء الشخصي ده، حسيته تجاوزها. ليلى في أثناء حواري مع منسقي المعرض، عرفت إن في رحلة بحثك عن تمثيلات النساء في أرشيفات منصات الصور المرخصة زي «أي ستوك»، ارتبطت نتائج البحث بكلمة «نساء عرب» بصور لـ«خيول». إيه ملاحظاتك الأساسية حول تمثيل المرأة، على مواقع الصور خلال الرحلة؟ نادية لسا بحاول أفهم ارتباط الحصان بالستّات العرب. استخدمت كلمات بحث زي «الجمال العربي» فالنتيجة كانت صور نساء وأحصنة. فيه فروق بين مواقع الصور والعالمية والعربية اللي هي خليجية بالكامل وبشراكة مع مواقع عالمية زي Getty image ومع إن كل محتواها عربي، لكن أدوات بحثها إنجليزية. جملة زي «نساء عرب» بالإنجليزية في المواقع العالمية؛ بتظهر نتائج متعلقة بالحروب، ستات حزينة، صورة راجل بيشد ايد ست، صور للاجئين. في حين لو حذفنا كلمة «عربي» من خانة البحث، النتائج بتختلف تمامًا. وغير الارتباط بالأحصنة، فيه تركيز على عيون النساء العرب، يجوز لمداعبتها أفكار البرقع والحجاب والستر، في الخيال الغربي. كلمة «امرأة» لوحدها على المواقع العالمية، بتطلع نتائج مرتبطة بكلمات زي مثيرة، رغبة، رمز جنسي، وبالتالي مختلفة جدًا، عن «امرأة عربية». على العكس في المواقع الخليجية مثلًا، كلمة «امرأة» بتطلع نتائج لستات في بيتها مع عيلتها، ومن الصعب العثور على صورة امرأة لوحدها، لابد تكون في سياق أُسري. غير إن لو دورتي فيها على جمل زي عرب يمارسون الحب Arab make love مش هتظهر نتائج، عكس المواقع العالمية. قراية المقارنات دي بتفتح أبواب كتيرة لفهم تأثير الصور المعتمَدَة في المجال العام على تعاملنا مع صورنا الشخصية. نتائج بحث كلمة زي «Happy Couple» بتقول كتير عن تفضيلات المصورين اللي بيشتغلوا في مجال «تصوير الأفراح والمناسبات» في مصر. بيقلدوا تكوين الصورة وبيستخدموا نفس الأوضاع والإضاءة. كمان بنلاقي اللي عايز يتصوّر بيطلب الطلبات دي. دا بيؤدي لإعادة إنتاج صور محفوظة بتمثل شكل الحياة كما هو متخيّل. ليلى دا بيخليني أسأل على واحد من فيديوهاتك، اللي بيعرض بالتفصيل عملية إجراء استديو تصوير في شرم الشيخ؛ تعديلات على صورة شخصين بالفوتوشوب، طلبوا منه حذف أفراد عابرين في الخلفية، عشان ينفردوا بصورتهم مع المنظر الطبيعي. نادية أنا مهتمة بمتابعة حركة «الصورة» من الكاميرا للشاشة، ولشاشة تانية. عندي رغبة في اكتشاف ازاي الوسيط بيأثر على الصورة. الفيديو دا بيناقش علاقة التصوير بـ«عمليات التجميل» اللي بتُجرى على الصور. مثلًا معيار رومانسية الصورة، بالنسبة للزباين اللي عاوزين التعديلات، هو خلفية منظر طبيعي، بحر وجسر، مع راجل وست، بتعبّر حركات أجسادهم عن حبهم أو استمتاعهم بالوقت سوا. وجود الأفراد العابرين كان كاسِر فكرة الرومانسية دي. هل صاحب الاستديو اللي بيصوّر العروسين في الفرح متأثر بنتائج البحث عن كلمة «couple» في مواقع أرشفة الصور؟ ولا عُرف إنتاج الصور بالشكل دا هو اللي خلّى النتائج بالشكل ده؟ مين بيأثر علي مين؟ ليلى في فيديو آخر بالمعرض، اهتميتي بعرض ديناميكية التفاعل بين أحد المصورين وزبونة عاوزة تتصوّر على شط البحر، وقيامه بتوجيهها لوضعيات معينة «عشان الصورة تطلع حلوة». لكن ألوان الفيديو كانت مقلوبة. ليه؟ نادية بعد نقاش مع منسقة المعرض «أندريا تال» اتفقنا إن ظهور البنت في الفيديو ممكن يبقى فيه مشكلة أخلاقية، بالتالي دوّرت على حل بصري ووصلت لتأثير عكس الألوان ( Invert)، خاصة إني استخدمته في صور المرحلة الأولى وبرضه بهدف إخفاء هوية الأشخاص. كمان تأثير Invert له علاقة بميكانيزم استحضار الصورة من الذاكرة، كإنه بيحاكي مرحلة «التذكر». فبالتالي مُعبّر عن رحلة انتقال الصورة من حالة الخصوصية للعرض العام، وهي الفكرة الأساسية للمعرض. ليلى في أحد الأقسام، كان شغلك مهتم بفكرة تمثيل النساء في المجلات النسائية العربية. وصورتي فيديو لتصفحك مجلة اشتغلتي على الصور فيها بقص أجزاء منها. إلى أي مدى الفكرة دي مرتبطة بمشروعك؟ نادية دي المرحلة اللي مازالت في طور البحث. المجلات النسائية تعتبر من المصادر المتاحة المفتوحة للعامة، اللي بتتضمن صور للنساء في المجال العام. في الفترة القادمة هشتغل على صور النساء على المنتجات مثلًا. في البداية، كنت مهتمة بتجميع أشكال العيون المختلفة، وإزاي بوجودها منفردة، بتوصّل إيماءات معينة، بالتالي كنت بقص العينين تحديدًا. لمّا خلصت، اتخضيت من شكل المجلات اللي اتقطعت منها، وشكل الصور من غير عيون. حسيت إني مارست نوع من العنف بشكل غير واعي على الصور، وتخوفت لو استغنيت عن المجلة، حد يلاقيها بالشكل المُفجِع ده. بعد كدا، فكرت في ارتباط العملية دي بفكرة «الإخفاء» و«الحجب»، وهوس البحث عن صور نساء على الانترنت. والحقيقة فيه حاجة مشتركة في معظم الشغل، وهو إن الشخصيات في الصور شبه مستسلمة لسلطتي عليها، وبحاول أفهم نوع السلطة دا أكتر. هفسر قصدي من خلال صورتين صورة ملصق المعرض، وصورة «المسطرة». صورة الملصق أنا خفيت هوية البنت و هي في الصورة (المنتج النهائي) مستسلمة لدا. الصورة التانية، بستخدم فيها تقنية كان يمكن جيلنا على أُلفة معاها واحنا أطفال، بتحاكي فكرة المسطرة اللي بتغير الصورة المطبوعة عليها، لو قلبتيها بزاوية معينة. الصورة لبنت مخبية وشها بإيدها، ووقفة جسمها فيها تأهب. لو بصيتي لنفس اللوحة من زاوية تانية، البنت هتتكرر، وتظهر اتنين. الصورة دي هي الوحيدة اللي فيها حضور لشخصية اللي بيتصور. وهي اللي بتخفي نفسها. غير كدا بقية الصور سلطتي عليهم واضحة بشكل يخلِّيهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم. فيديو المجلة المتقطعة امتداد للنوع دا من السلطة. والقِسْم داه بيعبّر عن عنوان المعرض ( سأدافع عن نفسي). ليلى غير صورة المسطرة، لاحظت استخدامك للمراية كحل بصري في أكتر صورة نادية الاختيارات البصرية الي اشتغلت عليها فكرتها بالأساس إن الصورة في رحلتها من الخاص للعام، بيحصل لها نوع من التشوه وفقد واكتساب عناصر معيّنة. مقصدش بالتشوه القبح بالضرورة، لكن كإن حصل فيها انشطار، أفقدها جاذبيتها. ومع حضور فكرة الازدواجية في الرحلة دي، كان اختيار المرآة أو «التكرار» ترجمة لأفكار الانشطار والازدواجية. ليلى في المعرض، أجريتي ٣ حوارات مع ٣ شخصيات، كل واحدة منها، بتشتغل على صور النساء في سياقات مختلفة. على أي أساس اخترتي الأشخاص دول؟ وإيه الفرق في تعامل كل منهم مع الصور؟ نادية قابلت الـ ٣ أشخاص خلال فترة البحث. اللي خلّاني أجمعهم سوا في المعرض الأخير، هو وجود حاجة مشتركة بينهم، متعلّقة بكيفية ممارستهم للسُلطة على الصورة، كنوع من الرقابة. وده أفادني في اختياراتي البصرية. الشخصية الأولى، مصوِّرة مناسبات خاصة بالنساء فقط، بيستأجروها وبيضطَّروها تِسلِّم الصور قبل ما تمشي وإنها تمسح الصور من الكاميرا. بالتالي هي مش متحكِّمة في إنتاجها، وبيصعب عليها تسوّق لنفسها. الشخصية التانية، أم طاطو، ربة منزل مستخدمة للفوتوشوب، وبتتعامل مع الصور بشكل جمالي مختلف عن السائد. بتلعب عليها بإخفاء ما تعتقده «إغراء» زي الوجه، أو المناطق المكشوفة من الجسم، كحل لتمريرها للنشر في المنتدى النسائي. الشخصية التالتة رسَّام بيرسم الصور الفوتوغرافية. بيتعامل مع الصورة كمصدر بينقل منه، وكمساحة بيمارس فيها موهبته، فبيتدخل لتجميلها، وببيعدل عليها وعلى إضائتها. كل واحد فيهم بيمارس نوع معين من الرقابة، اللي مش بتعني المنع والإخفاء فقط، لكن لها معايير أخرى. وكل واحد فيهم كان مؤثِّر لكل مرحلة في شغلي. ليلى أحيانًا بشوف إن محاكاة النماذج الفنية الشعبوية، وعرضها في سياق فن معاصر، بيسخر من النوع دا من الفن، لأنه بيستبطن الشعور بالتفوق عليه. يعني بحس بحضور نوع من الاستعلاء والتندر على اللي مش متطوّرين بشكل كافي زيّنا، إيه رأيك في الكلام ده؟ نادية شعوري كان على النقيض تمامًا طول فترة الشغل. فيما يخص مثلًا أم طاطو، أنا كنت منبهرة بحلولها البصرية، واتحبست فيها، ومابقتش عارفة أترجمها بشكل مختلف. كانت زي الكنز اللي محدش يعرف عنّه حاجة بالنسبة لي. ثرية بصريًا وتشكيليًا وغير مستهلكة، لإنها متحرِّرة من كل قيود قوانين الجماليات والفنون. يجوز وصلِك إحساس التفوق من لغة الإنترفيوهات، ودي فعلًا جزئية بتوقف عندها كل ما أراجعها. لكن كمان المعروض منها مجرّد جزء من لقاء أطول، وفي النسخة الكاملة مسجّل ظروف كل إنترفيو اللي بتفسّر أكتر اختيار اللغة المستخدَمة. بحاول أفكر في نقطة الاستعلاء لكن مش قادرة أحدد موقفي منها. لكن في رأيي إن فهم الأشكال الشعبوية لا غنى عنه لفهم سياسات الصورة وعلاقتها بالمجتمع والفنون المعاصرة. في حالتي مثلًا، أنا زهقانة من كل أشكال الإنتاج الخاصة بالصورة الفوتوغرافية. وجت النماذج دي كمصدر إلهام عظيم ليا وللدراسة، لإنّها برا السياق، و الساقية اللي بنلِّف فيها كفنانين ناشئين. ليلى بعد انشغالك بموضوع معين، بتختاري نوع المعالجة ازاي؟ نادية غالبًا بشتغل لوحدي تمامًا وبشكل بطيء. دي كانت من أسباب إني قدمت لـ«ماس»، علشان أكون مجبرة إني اتكلم عن اللي بشتغل عليه و أناقشه وأتعلم فكرة البحث اللي بيتطلّب مقابلة ناس وتوسيع دايرة المصادر اللي بدوّر فيها. لأن الشغل لوحدي بيخلي الشخص نفسه هو مصدر نفسه، بالتالي أفقه بيبقى ضيّق. ليلى بمناسبة اهتمامك بكيفية تعامل النساء مع التصوير في المناسبات الخاصة، وكمان لإن في الفترة الأخيرة، دارت نقاشات حول التصوير في الأماكن العامة وما يتبعه من تصوير وجوه ناس بدون استئذانهم، زي ما حصل في صورة مصعب الشامي، اللي لقطها لولد وبنت بياكلوا في «كشري أبو طارق» ونظراتهم بتعكس شعور بالحميمية. وده بيطرح فكرة المصور المتلصّص، ايه فكرتك عن حدود المصور أو الفنان فيما يخص تصوير الأماكن العامة؟ نادية أنا عنيفة شوية في النوع دا من النقاشات، خاصة إن معظم شغلي في الشارع. أنا ضد فكرة الاستئذان في المجمل. تاريخ فن تصوير الشارع ماخاضش الجزئية دي. لكن تطور الوعي بمفاهيم الخصوصية والمِلكية، هو اللي جرّ رجل التصوير معاه. وده اللي خلّى التصوير في الشارع بيقابل مشكلة كبيرة في العالم كلّه حاليًا، وبيواجه نقاشات أخلاقية مستجَدّة عليه نوعًا ما، وبتسأل أسئلة زي ايه موقف المصوّر تجاه اللي بيصوَّره؟. ده مش معناه إني برفض الاستئذان أو بقول إن التلصص حق. الموضوع بيحتاج نوع خاص من التفاعل مع الشارع والناس، يخلّي وجودي بالكاميرا في الشارع أمر مقبول، بالرغم من عدم الاستئذان. وجود الكاميرا بحجمها ولونها وطريقة حملها، بيني وبين الناس، موقف فيه عُنف. الحل لتقليل احتمالية كونك مصورة متلصصة، وزيادة احتمالية كونك شخص يمارس حياته عادي في الشارع وبيصوّر، هو كسْر العنف ده، من خلال طريقة التعامل مع وجود الكاميرا نفسها. مثلا لما بصور في مكان عام بس مغلق، زي كافيه أو مطعم، بلجأ إني اطلع الكاميرا وأحطها علي الترابيزة، فترة من الوقت قبل ما أمسكها. دا حقيقي بيساعد جدًا. وجود الكاميرا في المجال العام هو نوع من الاستئذان في حد ذاته. كمان فيه خط رفيع بين الصورة المسروقة و الصورة المتلصصة. ليلى بالرجوع لاهتمامك بتمثيل النساء في السياقات المحافظة، هل شفتي أعمال فنية عن نفس الموضوع أثارت انتباهك؟ نادية مفيش في بالي حاجة معينة أفتكرها. بس غالبًا بحس إنها مستهلَكة و شمولية، و كلها عن مواضيع تخص الحرية و العنف. احتمال شغلي يكون فيه دا، مقدرش أحدد، لكن أعتقد إن اختياري لنوع المعالجة ممكن يساعدني أبعد عن التمثيل المستهلك اللي شخصيا بتجنّبه. .......................................... يقام معرض «سأدافع عن نفسي» في مركز الصورة المعاصرة، ويستمر حتى يوم ٢٦ أكتوبر الجاري. * الصورة المرفقة مركز الصورة المعاصرة
نبيه سرحان جوزِف سمير الشاعر المصري المذيع في «صوت إسرائيل» محمد يحيى ٢ يوليو ٢٠١٧ بدأ الأمر بحلقة من برنامج «لديّ أقوال أخرى»، للإعلامي إبراهيم عيسى، والتي أذيعت في ذكرى وفاة الشاعر الراحل صلاح جاهين، واستضاف عيسى فيها الشاعر والناقد شعبان يوسف الذي تحدث عن دور صلاح جاهين في التقديم لشعراء عامية معاصرين له مثل عبد الرحمن الأبنودي وسيد حجاب، كما تحدث عن تقديمه لشاعر «غريب» آخر؛ نبيه سرحان الذي أصدر ديوان «مدد يا ولد.. مدد يا بنت»، قبل أن يهاجر لإسرائيل ليعيش هناك. قصة شاعر العامية الذي هاجر لإسرائيل لفتت انتباهي، فبدأت في البحث عن «نبيه سرحان»؛ شاعر بدأ نشاطه الأدبي في مصر في الستينيات، وكتب عنه العديد من الكتاب مثل يوسف إدريس ومحمود السعدني وخيري شلبي وعلي سالم. متطوع في الجيش الشعبي ثم معتقل بحسب جريدة الشرق الأوسط، ففي أواخر الستينات كان الشاعر والصحافي المصري، نبيه سرحان، يعمل في إذاعة «الشرق الأوسط» بالقاهرة، حيث ذاع صيته عبر برنامج «تأملات» الذي كان يردد فيه أشعارًا بالعامية معظمها من تأليفه، أو عبر برنامج «دعاء» الذي كان يطل منه على المستمعين طوال شهر رمضان. ولكن أغلب التفاصيل عن الحياة الغامضة لسرحان نعرفها من زوجته المصرية الأولى، نبوية موسى، التي تحول اسمها في إسرائيل إلى «ليلى موسى». في ٢٠٠٣، أجرى الموقع الفلسطيني «دنيا الوطن» لقاء مع موسى، حكت فيه أن سرحان تطوع في الجيش الشعبي المصري ليشارك في حرب يونيو ١٩٦٧، وانقطعت أخباره عنها بعدها لمدة تسعة أشهر اعتقدت الزوجة فيها أنه قُتل، ولكنه عاد بعدها ليخبرها أنه كان معتقلًا في سجن أبو زعبل، والسبب هو أنه أثناء تواجده في القنطرة، زارهم مذيع من الإذاعة المصرية [تقول صحيفة معاريف في مقال آخر أن الزائر كان هو «الفريق مرتجي، قائد الجبهة الشرقية آنذاك»] وقال نبيه له «قل لأحمد سعيد أننا مهزومون، وأن يكف عما يذيعه في الإذاعة من بيانات غير صحيحة، وما نسمعه في الإذاعة فضيحة». عندها أمر قائد المعسكر بسجنه، ليبقى في السجن تسعة أشهر. خرج بعدها سرحان من السجن، ووافقت المطبعة على طباعة ديوانه الشعري. غير أن الأمن المصري صادر الديوان، فقرر مغادرة مصر إلى ليبيا، ولكن بعد وصوله للمنفذ الحدودي مع ليبيا أعيد للقاهرة لكونه على قائمة الممنوعين من السفر، فذهب لمكتب شعراوي جمعة، وزير الداخلية آنذاك، مطالبًا إياه بالسماح له بمغادرة مصر، ومهددًا بأنه إن لم يوافق فسيشتري بما في جيبه من نقود لافتة قماشية ويكتب عليها «يسقط شعراوي جمعة»، ويعلقها تحت مكتبه. رد عليه جمعة بالرفض، بحجة أنه يريد مغادرة لمصر للهجوم عليها من الخارج، فتعهد نبيه بعدم مهاجمة مصر، وأخبره أنه ذاهب للبنان حيث سيساعده نزار قباني في طباعة دواوينه. من ليبيا لليونان لإسرائيل تحكي الزوجة أنه بعد دخول سرحان لليبيا التقى بالملك السنوسي الذي رحب به، ووافق على أن يكتب في صحيفة «العلم» الليبية، شريطة ألا يكتب في السياسة حتى لا تقع مشكلة مع النظام المصري. التزم نبيه بهذا لفترة قبل أن يعود لكتابة مقال يهاجم فيه النظام المصري، فأرسلت مصر احتجاجًا للملك السنوسي الذي قرر إبعاد سرحان وزوجته إلى دولة أخرى، مع عدم تسليمهما للنظام المصري. رفضت دول أوروبية عدة استقبالهما، حتى أنهما كانا يبيتان في المطارات الأوروبية، وذلك حتى سمحت لهما اليونان بدخول أراضيها، واثناء سير الزوجين في شوارع أثينا، التقيا بدبلوماسي كوبي كان سرحان قد سبق أن التقى به في مصر، وأخبره الدبلوماسي ألا دولة ستقبله في أراضيها، إلا في حالة كونها «معادية لمصر». دون أن يخبر زوجته، توجه سرحان للقنصلية الإسرائيلية في أثينا، وطلب مقابلة القنصل الإسرائيلي حينها، إيلي دويك، وكان لحظِّه يهوديًا من أصل مصري. وفي إشارة لرغبته بالعمل في الإذاعة الإسرائيلية، قال سرحان للقنصل «لا أريد منكم سوى ميكروفون». تأخر الرد من تل أبيب لعدة أشهر، قبل أن يأتي بالقبول، مع شرط واحد، أن يخفي الزوجان هويتهما في إسرائيل، وأن يدعيا أنهما يهوديان من أصول ليبية. في البداية رفضت الزوجة، الحامل وقتها في ابنتها الأولى، الهجرة لإسرائيل، إلا أن سرحان وضعها أمام اختيار، أما أن تأتي معه وإما أن ترحل وحدها لمصر، فاضطرت للقبول، مع شرط آخر اشترطته على الإسرائيليين، أن يعيشا في القدس، «البقعة الطاهرة بجوار المسجد الأقصى»، وليس في تل أبيب! طولب سرحان بمعالجة قصة لنجيب محفوظ للبرنامج الإذاعي، ونجح في الاختبار. ثم حُقّق معه نهارًا وليلًا بواسطة جهاز كشف الكذب، قبل أن تتم طمأنته بأنه «على ما لا يرام، لا يكذب وليس ‘مخربًا’». وبالتالي تقرر سفره مع زوجته لإسرائيل ليبدأ العمل في «صوت إسرائيل بالعربية». صوت إسرائيل أثناء مغادرته لمطار بن جوريون إلى شقته المؤقتة في «بيت عام»، يحكي سرحان في حوار أجرته معه صحيفة معاريف «رأيت الأطفال الإسرائيليين والناس. هل هؤلاء من أردنا قتلهم؟ حتى السادات شعر بهذا وقال هذا.» على موجات الأثير الإسرائيلي، قدم نبيه سرحان، أو باسمه الإسرائيلي الجديد، جوزف سمير، برنامجه بالعربية الذي أخذ اسم «ابن الريف»، وكان يخاطب فيه الفلاح المصري، بادئًا حلقاته بنداء «إخواني يا أبناء مصر الطيبين»، ليشتهر برنامجه بين الفلاحين المصريين الذين كانوا قادرين في نهاية الستينيات على التقاط موجات الإذاعة الإسرائيلية، ولتتردد شائعة بينهم بعد ذلك، روت عنها صحيفة اليوم السابع، مفادها أن سرحان يسرّب أسئلة امتحانات الثانوية العامة بالإجابات النموذجية للشباب المصريين. في إسرائيل، حرص الزوجان المصريان على إخفاء كل تفاصيل حياتهما السابقة عن الجميع، بل وحتى عن أولادهما، حياة ودينا وسامي، الذين نشأوا باعتبارهم مواطنين إسرائيليين يهودًا، يحتلفون بالأعياد اليهودية؛ يتنكرون في عيد البوريم، ويأكلون الفطائر في عيد الفصح، ولتصبح ابنته الكبرى، حياة، أول مسلمة تُجنّد في الجيش الإسرائيلي، وفق ما يرويه موقع «نقابة الصحفيين بالقدس». ولكن في ١٩٧٧ انكشف السر الكبير. وفق ما ترويه الصحفية الإسرائيلية تسيبي رومان، ففي المؤتمر الصحفي المعد للرئيس أنور السادات بمناسبة زيارته للقدس، وقف نبيه سرحان مخاطبًا السادات قائلًا «فخامة رئيسي»، كاشفًا عن هويته الحقيقية لأول مرة في إسرائيل. وبحسب الروائي خيري شلبي، فقد جرى هذا اللقاء بين الرئيس المصري والشاعر المصري الإسرائيلي، في مطار بن جوريون، ووفقًا له أيضًا، فقد عبر السادات عن دهشته من وجود سرحان في تل أبيب قائلًأ «كنا نعتقد أنك في ليبيا!» أما وفق زوجة سرحان، ليلى موسى، في موقع «دنيا الوطن»، فقد طلب سرحان من السادات بهذه المناسبة السماح له بزيارة مصر، ووافق السادات، وذهبت الزوجة للسفارة المصرية لطلب تأشيرة دخول لمصر، وتأخرت التأشيرة لعام ونصف، وعندما جاءت التأشيرة، سافرت الزوجة مع الأولاد في زيارة سياحية لمصر استغرقت أسبوعين، ولم يسافر سرحان نفسه. في يوم اللقاء بين سرحان والسادات، قررت تسيبي رومان، الصحفية الإسرائيلية، التعرف على حياة الزوجين. فزارتهما في البيت وتعرفت عليهما وعلى أطفالهما، حياة، ٩ سنوات آنذاك، دينا، ٦ سنوات، وسمير، ٥ سنوات، وجميعهم سيصبحون فيما بعد فنانين مؤثرين في «المشهد الفني الإسرائيلي». في البداية رفضت الزوجة فكرة إجراء حوار معها، ولكن بعد عدة أيام اتصلت بها وطلبت مقابلتها. تقول رومان «واصلنا حوارنا على مدار أكثر من ساعة، أصبحنا خلالها كأبناء العائلة. جلسنا سويًا، يومًا بعد يوم، وحكت لي عن حياتها كطفلة في القرية المصرية، عن طقس الختان البربري الذي تعرضت له، وعن اختيار رجل أكبر منها لها لتكون زوجته، وهي في سن الـ١٤، ما جعل حياتها تأخذ منعطفًا غير متوقع على الإطلاق. جمعت [ليلى] أحداث حياتها في كتابها ‘منفية في القدس’، الصادر عام ١٩٨١، والذي يثبت للمرة التي لا أعرف كم، أن الواقع يتفوق على أي خيال.» في إسرائيل ضاع جواز السفر المصري لنبيه سرحان، وكانت جنسيته غير واضحة في وثيقة السفر الإسرائيلية، بحسب ما تشير صحيفة معاريف. وبالتالي عُرضت عليه الجنسية الإسرائيلية، وظل حائرًا حتى وصل للحجة التي أرضت ضميره؛ أن الجنسية الإسرائيلية ممنوحة لاسمه المختلق، جوزِف سمير، وليس لاسمه الحقيقي، نبيه سرحان. أنا مصري مخلص لإسرائيل في العام نفسه، ١٩٧٧، أجرى تسيفي لافي، الصحفي في جريدة «معاريف» الإسرائيلية حوارًا مع سرحان. آراء سرحان في الحوار كانت أكثر من مربكة، يمكن وصفها بـ«التصهين»، ولكن لا يمكن حصرها في هذا. يقول «صحيح أن القانون المصري يصفني بالخائن منذ أن غادرت، ولكني لا أشعر بنفسي كخائن، أنا مصري وسأظل هكذا. سأعيش مخلصًا لإسرائيل ولن أنكر ولائي لمصر. سأخدم الشعب المصري حتى عن طريق الإذاعة الإسرائيلية، عندما أخبر الشعب بالحقيقة وأشرح له حقيقة إسرائيل». كانت رسالته في البرنامج، كما تقول الصحيفة، هي «قبل أن تحلموا بحرب أخرى، نظّفوا أنفسكم، طهّروا مصر من الخوف ومن الديكتاتورية ومن الروس. ابنوا صناعة حديثة، ازرعوا قطنًا أفضل». يضيف سرحان «قمت في البرنامج بدعاية مصرية وليست إسرائيلية لا يمكن فجأة أن تتحدثوا عن السلام وإنما ينبغي تحضير الشعب له… لكي يعرف من أجل ماذا يحارب وضد من، وعندها يقرر إن كان من المفيد له أن يفكر في الحرب. في حلقة أخرى طلبت من ناصر أن يبدأ في تعلم توراة [نظرية منهج] إسرائيل، وحذرته من كون الجنود المصريين الذين ماتوا أو سيموتون بأوامره سيدينونه إن وقف أمام هيئة حكمهم». بعد أيام معدودة مات ناصر، تواصل الصحيفة، وبكى هو كطفل، «كان يحبه ولم يسامحه حتى يومه الأخير لكونه اعتمد على مساعديه ولم ينزل الشارع». في المقابل كان يرى أن السادات ورث منهج ناصر، ولكنه يتصرف بشكل آخر، يتكلم أقل ويعمل أكثر، وبشكل عام يحب العمل بنفسه ولا يعتمد على الآخرين. كانت هناك لحظات يرغب فيها سرحان في مغادرة إسرائيل. لم يحب «حرب اليهود»، كما تسميها الصحيفة؛ لم يحتمل أعضاء الكنيست الذين يشتمون بعضهم أو المهاجرين الجدد الذين يتلقون «كل خير» من إسرائيل ثم يغادرونها ليشوهوها. كان يحتقر تنظيمات «المخربين الفلسطينيين»، «الجبناء واللحّاسين»، كما يسميهم أو تسميهم الصحيفة، ولكنه لم يستطع أن يفهم لماذا تُفتَّش ثياب العرب من أجل إذلالهم ولكن إلى أين أذهب؟ يتساءل، وماذا سيحدث مع أولادي الذين يتعلمون ويتكلمون بالعبرية؟ وماذا إذا حدث السلام بالفعل؟ يسأله الصحفي الذي أجرى معه الحوار في ١٩٧٧، فيرد «لن أترك القدس، ولكن ربما يكون لي بيت في القاهرة أيضًا. سأنشر قصائدي هنا وهناك بالعربية، وربما بالعبرية أيضًا. ما الأجمل من أن يكون هناك رمز مصري للسلام يعيش في إسرائيل؟ صحيح أني مصري، ولكني أبدًا، وبأي شكل، لست عربيًا.» عائلة فنية كبيرة بعد انكشاف هويته في ١٩٧٧، أنجب سرحان من زوجته ليلى ثلاثة أبناء آخرين، مريم وهاجر وسارة. ولكن في نهاية القرن الماضي، انفصل الزوجان؛ تركت ليلى وأولادها البيت في «بيت جالا» بالقدس، وبقى سرحان هناك، وبعد حوالي ثلاث سنوات تزوج الفلسطينية عناد رباح وأنجب منها أمير. أغلب أبنائه لهم حيوات فنية، في مجال الموسيقى مثل هاجر وحياة سمير، اللتين تستلهمان الموسيقى الشرقية في أغانيهما، وتغنيان أحيانًا كلمات أبيهما. أما الابن سامي سمير فقد كانت اهتمامته سينمائية؛ مثّل في عدد من الأفلام أشهرهم فيلم «أجورا»، الذي يروي قصة هيباتيا السكندرية، وكذلك فيلمي «ميونخ» و«جسد من الأكاذيب». غادر سرحان الحياة في ٢٤ أكتوبر ٢٠١٤ ودُفن، بحسب طلبه، في مقابر المسلمين بالقرب من نقطة تفتيش إسرائيلية في (بيت لحم) بالضفة الغربية. قصائد عامية شعبية و«روح المثقف الثوري» في تقديم صلاح جاهين لديوان سرحان «مدد يا ولد.. مدد يا بنت»، والمنشور في ربيع ١٩٦٧، كتب جاهين أن الديوان يحمل عنصري حركة شعر العامية المصرية، وهما «الشعبية»، وتتجلى في تلك اللغة البسيطة المنتزعة من افواه الفلاحين بقرى الشرقية، حيث ولد الشاعر، و«روح المثقف الثوري» «فحتى في أشد القصائد حزنًا واكتئابًا وظلامًا، لو حفرنا قليلًا تحت السطح لوجدناها تبشر بالمستقبل المنتصر، وتمجد العاملين على الوصول اليه، وتلعن من يعوق الموكب عن المسير». ظل سرحان يكتب بالعربية في إسرائيل، قصائد عامية يتضح منها استمرار تعلقه بمصر، كما يشارك قصائده في صفحته على فيسبوك مستخدمًا اسم «نبيه سرحان»، وليس جوزف سمير، على غرار هذه القصيدة التي نشرها على صفحته في أواخر حياته، ويقول مفتتحها «بالهداوة حطيت كلامي ف كام كتاب السطر ناي والحرف… غاب والليل إيدين بتدق باب غطّاه ضباب والنيل عيون… مفتّحة والموجة كتفه صعاب أهلي.. بعاد عني ناديت يا كلمتي يا كل زادي ولقمتي على سدرها عديت لفيت بلاد ولقيت صحاب سبقوني كتبوا بدموعهم غناوي كلها.. حب ومعاني قلت يا أحباب نغمي.. مضلّش ع الرباب لسه الغلابا الفلاحين.. بيعرقوا ولسه ما تمدش قوي اللبلاب علشان يغطي كل بيت عريان ولسة عين البنية زايغة ع الفستان ولسة.. ياما كتير فيران بتمصّ.. عضم غيطان». كما غنى وحيد عزت من كلماته أغنية «النخل العالي»، ويقول مفتتحها «يا جريد النخل العالي، يا نسمة فرح عيالي، آه يا نور أخضر ملالي». آخر أمسية شعرية لنبيه سرحان أقيمت في ٢٠١٣، قبل رحيله بعام، وأخذت اسم «بقايا الحياة»، وساعدته فيها ابنته، دينا سمير، على ترجمة قصائده للعبرية. في الأمسية قرأ سرحان قصائده، بعد أن ألقى كلمة قصيرة بالعبرية، منحازة تمامًا لإسرائيل هذه المرة، وتدين مصر تمامًا بشعبها وفلاحيها، مع استثناء وحيد من الإدانة؛ أنور السادات «لأسفي الكبير،لا أحد في مصر سيشعر بالسلام أبدًا. الفلاح المصري يبقى كما كان من قبل حرب الأيام الستة ربما. ولكن هذه الدولة الصغيرة الرائعة، بشعبها الرائع، الذي دعم الفلاح المصري ودعم السلام.. أقول لكم اذهبوا من فضلكم لمصر، وانظروا إن كانت هذه الدولة يمكن أن يوجد فيها سلام، بين من ومن؟ طول الوقت يقولون إن الوضع الاقتصادي في مصر خراء. ويرجعون السبب، هل تعرفون لمن؟ للصهاينة، طول الوقت كانوا يقولون عن هذا الشعب الصهيوني، الأعداء، حاربوهم، عضوهم بأسنانكم، ولكني جئت ورأيت شعبًا رائعا، بلدًا جميلًا، وان لم أكن أبالغ، فليس هناك مثل أرض إسرائيل، وليس هناك مثل الشعب اليهودي. والمرحوم أنور السادات عندما كان هنا قال لي يا نبيه أنت سبقتني لهذا الشعب الرائع!».
قارن لي ليلي مع:
شارك صفحة لي ليلي على