فاتن حمامة

فاتن حمامة

فاتن حمامة (٢٧ مايو ١٩٣١ - ١٧ يناير ٢٠١٥)، ممثلة مصرية راحلة لقبت بسيدة الشاشة العربية. تعتبر من قبل الكثيرين علامة بارزة في السينما العربية حيث عاصرت عقودًا طويلة من تطور السينما المصرية وساهمت بشكل كبير في صياغة صورة جديرة بالاحترام لدور السيدات بصورة عامة في السينما العربية من خلال تمثيلها منذ عام ١٩٤٠. في عام ١٩٩٦ أثناء احتفال السينما المصرية بمناسبة مرور ١٠٠ عام على نشاطها تم اختيارها كأفضل ممثلة وتم اختيار ١٨ من أفلامها من ضمن ١٥٠ فيلمًا من أحسن ما أنتجته السينما المصرية، وفي عام ١٩٩٩ تسلمت شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة‏، وفي عام ٢٠٠٠ منحت جائزة نجمة القرن من قبل منظمة الكتاب والنقاد المصريين، كما منحت وسام الأرز من لبنان ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب والجائزة الأولى للمرأة العربية عام ٢٠٠١. ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بفاتن حمامة؟
أعلى المصادر التى تكتب عن فاتن حمامة
حسين عبدربه يكتب القوى الناعمة لمصر وفرصة كأس العالم مقدار الفرحة بتأهل منتخبنا القومى لكأس العالم كان كبيراً وعظيماً ومحلياً وعربياً ودولياً بالنسبة للجاليات المصرية بالخارج، هذه الفرحة صنعتها الرياضة، وهذا الفوز الذى جعل اسم مصر يتردد عالمياً بنبأ تأهلها لكأس العالم روسيا ٢٠١٨. هذه الفرحة لم تعشها مصر منذ ثورة يناير ٢٠١١، الفرحة التى صنعتها الرياضة ولم تصنعها السياسة، وهذا يعنى أننا نملك موارد وإمكانات أخرى غير مادية تصنع النهضة وتنمى الإنسان. نحن نملك قوى ناعمة فى مجالات الثقافة والفن والرياضة والسياحة، ولكن لا نستغلها، انظروا كيف صنعت الرياضة الفرحة لكل المصريين وهم فى حاجة لها، فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، ترك الجميع قضايا الأسعار وارتفاعها والاكتئاب والإحباط الذى يسيطر على البعض كل ذلك تنحى جانباً مع فرحة المصريين وتجمعهم أمام شاشات التلفاز لمتابعة صعود المنتخب للمونديال.. الفرحة والطموح والانتصار جمع المصريين على هدف واحد وهو الفوز للتأهل. فى الفن أيضاً نمتلك تاريخاً عريقاً وتراثاً كبيراً يفوق إمكانات مما لدى بعض دول العالم المتقدم، لأن إنتاجنا الفنى منتشر فى كل الدول العربية وفى كثير من دول العالم.. الفن المصرى سفير للثقافة العربية.. هذا الفن المصرى الذى نشر اللغة العربية فى بعض الدول العربية التى كانت لا تنطق العربية مثل دول المغرب العربى وكان صوت كوكب الشرق أم كلثوم أحد أسباب ذلك.. الفن المصرى الذى روج لقضايا العروبة وفلسطين وساهم فى تحرر دول العالم الثالث. وتذكر كيف استغل عبدالناصر الفن فى الخروج من مشاعر نكسة ٦٧ فقد لاحظ ناصر أن أم كلثوم لا تغنى، وإنها فى عزلة فى منزلها بعد النكسة، فاستدعاها وطلب منها العودة للغناء كى تؤهل المصريين لنسيان النكسة والعودة لميدان المعركة.. فخرجت أم كلثوم من عزلتها لتكون معسكراً غنائياً فى منزلها، وفى الإذاعة كانت تغنى الأغانى الوطنية لتلهب حماس المصريين وسافرت تغنى فى مختلف دول العالم تجمع أموالاً للمجهود الحربى فتأهلت مصر بفعل الفن لدخول حرب الاستنزاف وصناعة بطولات كسرت مشاعر النكسة وأهلت الجيش لانتصار ٧٣. نفس الأمر بالنسبة للسينما والدراما التليفزيونية فحدث ولا حرج لدينا أفلام مسجلة ضمن أفضل ١٠٠ فيلم عالمى كان لدينا صناعة سينما تصديرية تورد للبلاد عملة صعبة بجانب ما كانت تشكله من أخلاق ومبادئ وترسيخ الانتماء وحب الوطن، انحسر كل ذلك وفتحنا الباب لأفلام تجارية تسببت فى تدهور أخلاق شبابنا بالتركيز على قضايا الجنس والمخدرات والبلطجة، حتى الثقافة والأدب اختفت والندوات واندثرت أنشطة قصور الثقافة التى كانت منتشرة فى القرى والمراكز، فتاه شبابنا وضاع كثير منه فى دروب الإدمان والتطرف عندما سحبت الدولة مؤسساتها من العمل الميدانى وتركت ميكرفون الإذاعة وأغلقت قصور الثقافة وفرغت المساجد من أئمة الأزهر فسكنها السلفيون والإخوان فافترسوا عقول شبابنا وصنعوا منهم متطرفون ودواعش، وهذا المناخ بالطبع لن يصنع نجيب محفوظ جديد ولا طه حسين ولا ثروت عكاشة ولا محمد حسنين هيكل ولا سعد الدين وهبة ولا فاتن حمامة ولا أم كلثوم ولا حليم ولا عبدالوهاب ولا بليغ حمدى الآن فقط نسمع عن الأسطورة وكابو وعبدة الشيطان والشواذ ومشاهد العرى الصريحة التى تعزز من التحرش فى الشوارع.. أين الثقافة التى تصنع مجتمعاً ناضجاً وشباباً واعٍ مثقف يؤمن بالاختلاف فى الرأى لا بالخلاف.. مصر ثقافتها متنوعة وتقبل كل الثقافات وهذا ما عهدناه طوال تاريخها، ولذلك لم تقبل الفكر الدينى فيما سعى للسيطرة عليها فى حكم الإخوان، فنهضة البلاد وإعادة البناء يجب ألا تركز فى إصلاح الاقتصاد والعمران فقط بل قبل أن تعمل اللوادر والأوناش يجب أن نغذى العقول التى ستبنى، لماذا نبنى ولمن نبنى؟ كل هذا يقع على عاتق وزارات الثقافة ومؤسسات الإعلام والأزهر والأوقاف والشباب والرياضة، نحتاج لرؤية واضحة واحدة، نحتاج لعبدالقادر حاتم وثروت عكاشة جدد، افتحوا الباب للشباب ليتحاور فى كل مكان، ما جدوى أن يقتصر الحوار مع الشباب فى مؤتمر رئاسى يعقد مرتين أو ثلاث فى السنة؟، لماذا لا يجد الشباب فى كل قرية أو مدينة من يتحاور معه؟، لماذا غابت البرامج السياسية والدينية عن الشاشات؟ تذكروا برنامج ندوة للرأى للراحل حلمى البلك، وماذا فعله لحماية الشباب من التطرف؟ كانت تصول وتجول فى كل ربوع مصر لحوار الشباب مع كوكبة من علماء الدين، هل تزكرون عندما ذهب عادل إمام بمسرحية لأسيوط ليقدم فنه هناك عندما منع طلاب من عرض مسرحيتهم فى الجامعة تحت زعم بعض الجماعات بشأن الفن حرام.. علينا أن نساهم فى بناء وتغذية العقل لحمايته من الأفكار الهدامة، ووقتها فقط هذا العقل سيبنى إذا ما بنى صاحبه على خير.
حسين عبدربه يكتب القوى الناعمة لمصر وفرصة كأس العالم مقدار الفرحة بتأهل منتخبنا القومى لكأس العالم كان كبيراً وعظيماً ومحلياً وعربياً ودولياً بالنسبة للجاليات المصرية بالخارج، هذه الفرحة صنعتها الرياضة، وهذا الفوز الذى جعل اسم مصر يتردد عالمياً بنبأ تأهلها لكأس العالم روسيا ٢٠١٨. هذه الفرحة لم تعشها مصر منذ ثورة يناير ٢٠١١، الفرحة التى صنعتها الرياضة ولم تصنعها السياسة، وهذا يعنى أننا نملك موارد وإمكانات أخرى غير مادية تصنع النهضة وتنمى الإنسان. نحن نملك قوى ناعمة فى مجالات الثقافة والفن والرياضة والسياحة، ولكن لا نستغلها، انظروا كيف صنعت الرياضة الفرحة لكل المصريين وهم فى حاجة لها، فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، ترك الجميع قضايا الأسعار وارتفاعها والاكتئاب والإحباط الذى يسيطر على البعض كل ذلك تنحى جانباً مع فرحة المصريين وتجمعهم أمام شاشات التلفاز لمتابعة صعود المنتخب للمونديال.. الفرحة والطموح والانتصار جمع المصريين على هدف واحد وهو الفوز للتأهل. فى الفن أيضاً نمتلك تاريخاً عريقاً وتراثاً كبيراً يفوق إمكانات مما لدى بعض دول العالم المتقدم، لأن إنتاجنا الفنى منتشر فى كل الدول العربية وفى كثير من دول العالم.. الفن المصرى سفير للثقافة العربية.. هذا الفن المصرى الذى نشر اللغة العربية فى بعض الدول العربية التى كانت لا تنطق العربية مثل دول المغرب العربى وكان صوت كوكب الشرق أم كلثوم أحد أسباب ذلك.. الفن المصرى الذى روج لقضايا العروبة وفلسطين وساهم فى تحرر دول العالم الثالث. وتذكر كيف استغل عبدالناصر الفن فى الخروج من مشاعر نكسة ٦٧ فقد لاحظ ناصر أن أم كلثوم لا تغنى، وإنها فى عزلة فى منزلها بعد النكسة، فاستدعاها وطلب منها العودة للغناء كى تؤهل المصريين لنسيان النكسة والعودة لميدان المعركة.. فخرجت أم كلثوم من عزلتها لتكون معسكراً غنائياً فى منزلها، وفى الإذاعة كانت تغنى الأغانى الوطنية لتلهب حماس المصريين وسافرت تغنى فى مختلف دول العالم تجمع أموالاً للمجهود الحربى فتأهلت مصر بفعل الفن لدخول حرب الاستنزاف وصناعة بطولات كسرت مشاعر النكسة وأهلت الجيش لانتصار ٧٣. نفس الأمر بالنسبة للسينما والدراما التليفزيونية فحدث ولا حرج لدينا أفلام مسجلة ضمن أفضل ١٠٠ فيلم عالمى كان لدينا صناعة سينما تصديرية تورد للبلاد عملة صعبة بجانب ما كانت تشكله من أخلاق ومبادئ وترسيخ الانتماء وحب الوطن، انحسر كل ذلك وفتحنا الباب لأفلام تجارية تسببت فى تدهور أخلاق شبابنا بالتركيز على قضايا الجنس والمخدرات والبلطجة، حتى الثقافة والأدب اختفت والندوات واندثرت أنشطة قصور الثقافة التى كانت منتشرة فى القرى والمراكز، فتاه شبابنا وضاع كثير منه فى دروب الإدمان والتطرف عندما سحبت الدولة مؤسساتها من العمل الميدانى وتركت ميكرفون الإذاعة وأغلقت قصور الثقافة وفرغت المساجد من أئمة الأزهر فسكنها السلفيون والإخوان فافترسوا عقول شبابنا وصنعوا منهم متطرفون ودواعش، وهذا المناخ بالطبع لن يصنع نجيب محفوظ جديد ولا طه حسين ولا ثروت عكاشة ولا محمد حسنين هيكل ولا سعد الدين وهبة ولا فاتن حمامة ولا أم كلثوم ولا حليم ولا عبدالوهاب ولا بليغ حمدى الآن فقط نسمع عن الأسطورة وكابو وعبدة الشيطان والشواذ ومشاهد العرى الصريحة التى تعزز من التحرش فى الشوارع.. أين الثقافة التى تصنع مجتمعاً ناضجاً وشباباً واعٍ مثقف يؤمن بالاختلاف فى الرأى لا بالخلاف.. مصر ثقافتها متنوعة وتقبل كل الثقافات وهذا ما عهدناه طوال تاريخها، ولذلك لم تقبل الفكر الدينى فيما سعى للسيطرة عليها فى حكم الإخوان، فنهضة البلاد وإعادة البناء يجب ألا تركز فى إصلاح الاقتصاد والعمران فقط بل قبل أن تعمل اللوادر والأوناش يجب أن نغذى العقول التى ستبنى، لماذا نبنى ولمن نبنى؟ كل هذا يقع على عاتق وزارات الثقافة ومؤسسات الإعلام والأزهر والأوقاف والشباب والرياضة، نحتاج لرؤية واضحة واحدة، نحتاج لعبدالقادر حاتم وثروت عكاشة جدد، افتحوا الباب للشباب ليتحاور فى كل مكان، ما جدوى أن يقتصر الحوار مع الشباب فى مؤتمر رئاسى يعقد مرتين أو ثلاث فى السنة؟، لماذا لا يجد الشباب فى كل قرية أو مدينة من يتحاور معه؟، لماذا غابت البرامج السياسية والدينية عن الشاشات؟ تذكروا برنامج ندوة للرأى للراحل حلمى البلك، وماذا فعله لحماية الشباب من التطرف؟ كانت تصول وتجول فى كل ربوع مصر لحوار الشباب مع كوكبة من علماء الدين، هل تزكرون عندما ذهب عادل إمام بمسرحية لأسيوط ليقدم فنه هناك عندما منع طلاب من عرض مسرحيتهم فى الجامعة تحت زعم بعض الجماعات بشأن الفن حرام.. علينا أن نساهم فى بناء وتغذية العقل لحمايته من الأفكار الهدامة، ووقتها فقط هذا العقل سيبنى إذا ما بنى صاحبه على خير.
«عندي صورة» بين رومانسية السينما وسلطوية الصناعة مداخلتان حول فيلم محمد زيدان التسجيلي بسام مرتضى وأحمد رفعت ٤ أكتوبر ٢٠١٧ بعد سبع سنوات من العمل على صناعة «عندي صورة الفيلم رقم ١٠٠١ في حياة أقدم كومبارس في العالم» جاء العرض الأول لفيلم المخرج محمد زيدان في الدورة الأولى لمهرجان الجونة، ليفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي. فتح العمل نقاشًا في الوسط السينمائي، حول المشاكل التي تواجهها الأفلام التسجيلية في مصر، وحول سلطوية صناعة السينما بشكل عام. في هذا التقرير، نَعرِض مداخلتين عن الفيلم، تتكفل كلًا منهما بمناقشة إحدى هاتين الزاويتين، ومساءلة الفكرة الرومانسية عن فن السينما. فيلم طازِج تكبّله سنوات التطوير بسام مرتضى بسبب طول رحلته في صناعة فيلمه التسجيلي الطويل الأول «عندي صورة»، يعرف الوسط السينمائي جيدًا اسم «محمد زيدان»، المشهور أيضًا بكونه «أرشيفًا سينمائيًا متنقلًا»، يحفظ عن ظهر قلب الأسماء المكتوبة على تترات الأفلام، خاصة فترتي الستينيات والسبعينيات، مستغلًا تلك المعرفة في تأليف فوازير تثري السهرات والنقاشات السينمائية، فيفاجِئ أصدقاءه بتذكّره لأسماء أكثر زملاء الصناعة هامشية، من مساعدي «الكلاك» وحتى مصممى تترات المقدمة والنهاية. ومنذ سنوات عدة، ينتظر الجميع من زيدان الانتهاء من فيلمه التسجيلي، الذي يحكي قصة أحد أشهر الكومبارسات في تاريخ السينما المصرية، مطاوع عويس. بدأ زيدان رحلة بحثه الماراثونية بين أكثر من ألفي فيلم للعثور على مشاهد الممثل الثانوي، والتي يعبر فيها خلف البطل، صامتًا أغلب الوقت. يبدأ الفيلم بمشاهد عويس الكلاسيكية في أرشيف السينما، ما يربطه سريعًا بذاكرة المشاهد. ويعيد زيدان مشهد مساعدة عويس لفاتن حمامة في الصعود للقطار الذي يستقلّه صالح سليم في نهاية فيلم «الباب المفتوح»، في إشارة ملحة لدور عويس المحوري والمؤثر في الفيلم وفي الذاكرة المصرية. يحتفي فيلم «عندي صورة» بالسينما كصناعة. يحقق زيدان حلمه بصناعة الفيلم عبر المرور بخفة على كل عناصر صناعة الأفلام، مستعرضًا إياها لتصبح كلها مفكَّكة ومفتوحة أمام الكاميرا. وتساعده على تحقيق هذا الطموح الشخصية المحورية الثانية في الفيلم، «كمال الحمصاني»، الذي عمل كمساعد مخرج في العديد من الأفلام، وتوقف عن العمل منذ سنوات طويلة، واستعان به زيدان للعمل مساعدًا له، لكن من أمام الكاميرا، بحيث يشاهد المتفرج كل مراحل تطور الفيلم أمامه بكل ربكتها وعفويتها، ما يفتّت قدسية الصورة النهائية اللامعة المكتملة على شاشة العرض. يستعرض الفيلم جميع مراحل الرحلَة، من انتقاء مواقع التصوير، لاختيار الزوايا وأحجام اللقطات، وحتى كواليس إعادة تسجيل الصوت «الدابينج» مع مصمم شريط الصوت «مايكل فوزي»، والحوارات الجانبية الكلاسيكية الطريفة عن فن تكوين الصورة، وعلاقة المخرج بالمساعدين، بل وأيضًا التوجيهات المبتذلَة التي يلقّنها الحمصاني لعويس، لمعاونته على تقمُّص شخصيته الحقيقية أمام الكاميرا. الكاميرا المتحركة لمدير التصوير محمد الحديدي، مع تكوينات اللقطات المقلِّدة لمشاهد من أفلام السبعينيات الشهيرة التي عمل بها الحمصاني، نجحت في إضفاء إحساس التجريب وخلق صورة غير مهووسة بالكمال. كما أفلح مونتاج مي زايد في الحفاظ على هذا الانتقال السلس من الخفة والطرافة للتوتّر المصاحِب لعملية صناعة الفيلم، وعلى صياغة لغة سينمائية مختلفة عن أسلوب التقطيع التلفزيوني الذي تسقط فيه العديد من الأفلام المعتمدة على الأرشيف. سريعًا ستدرك أن الفيلم أبعد من كونه قصة حياة «عويس»، فهو مختلف كليًا عن الأفلام التسجيلية الدائرة في فلك شخصيتها الرئيسية، ليبدو نتاجًا للقاء ثلاثة أجيال بثلاثة تصورات مختلفة عن فن صناعة السينما. كان اختيار الحمصاني من البداية للعمل في الفيلم، بمثابة لمحة امتنان عميقة من زيدان، ومحاولة نبيلة منه لإعطاء فرصة للمهمشين في السينما. هذا قبل تطوّر الأحداث، واحتدام الصراع بين زيدان والحمصاني، وقرار زيدان أن الأفلام لا تصنع بـ«الامتنان»، رافضًا بدوره التحوّل لمهمَّش. هكذا تحدت عملية صناعة الفيلم أبطاله، بجرأة، وأنتجت فيلمًا يتجاوز فكرة العشق والافتتان بالسينما، ليُسائِل أساسيات الصناعة نفسها. بمعنى آخر، أنضج هذا التحدي رؤية زيدان الأوليّة، وحولّه لفيلم حقيقي وليس برقية تهنئة وحب. فبذكاء وموهبة ومغامرَة طموحة؛ استطاع زيدان صناعة فيلم ممتع ومليء بالحياة والشغف. تعود بداية رحلة تنفيذ الفيلم لعام ٢٠١٠، قبل توقفها بسبب انشغال زيدان وحديدي ومي زايد مع سينمائيين آخرين في صناعة الفيلم الروائي «أوضة الفيران». حاول بعدها زيدان إكمال الفيلم باشتراكه في ورشة «دوك ميد» للتطوير عام ٢٠١٣، ثم انضمامه لورشة «فاينال كات» بمهرجان فيسنيا. كل هذه السنوات من التطوير تكشف لنا عن أزمة أساسية تضرب الفيلم، وتتعلّق بالكيفية التي نصع بها أفلامنا التسجيلية في مصر، والمتأثرة بنقص فرص الإنتاج والتوزيع. فمثلًا، ورغم الأمل الكبير الذي صاحَب نزوله لدور السينما، بعد الاحتفاء الشديد به وفوزه بجوائز عدة، لم يحظ الفيلم التسجيلي الممتع، «اللي يحب ربنا يرفع إيده لفوق» لسلمى الطرزي، بنجاح تجاري في شباك التذاكر، بسبب خلل في خريطة توزيعه. هكذا يظل الفيلم في مصر لسنوات تائهًا بين قلة فرص الإنتاج من ناحية، وضعف فرص التوزيع بعد إكماله من ناحية أخرى. في كل هذه السنوات يتحرك المخرج للبحث محليًا ودوليًا عن مِنَح إنتاجية، تتدخل بدورها في مسار الفيلم، بتقديم اقتراحات جديدة لشكله وخطوطه العامة. تدريجيًا، ومع مرور الوقت، يخسر الفيلم جزءًا من روحه التي بدأ بها. مثلًا، في فيلم «عندي صورة»، تتجلّى هذه الإشكالية في انفصال التعليق الصوتي للمخرج، عن الروح الطريفة والمرتبكة للفيلم. فالتعليق به نوع من الحكمة المسبقة، وكأنه وصل لتحليل نهائي عن الكومبارس والتهميش والحياة، معبرًا عن أفكار زيدان الرومانسية في بداية رحلة صنع الفيلم، حين كان الذي كان لا يزال يتحرك بخفة. ومهما كان زيدان منتبهًا لهذا التحدي، فمن الصعب الدخول في حرب مع السنوات والحفاظ على نفس روح ما قبل ٢٠١١ التي بدأت فيها رحلة الفيلم. لرحلة التطوير الدولي مشاكلها أيضًا، حيثُ تنشغل بجعل الفيلم أكثر «عالمية». في لقاء بمهرجان الجونة، مع ألكسندرا أسبيسياليه، مديرة مشروع «فاينل كات» في مهرجان فينيسيا، والتي اختارت الفيلم لورشة التطوير، قالت إن تحدي الفيلم الأكبر كان في الوصول لجمهور أبعد من الجمهور المصري المعتاد على وجه عويس الأليف، والمرتبط بذكريات بصرية معه. أثقلت هذه الرؤية فيلم زيدان، الذي توسع في البحث عن اقتباسات عالمية لشرح فكرته، التي كانت لتصلنا كاملة، كجمهور محلي، باعتمادها على الذاكرة المشتركة، وعلى ما تنقله ملامح عويس والحمصاني من مشاعر الفرحة والخوف والخزن. فمن أجل خاطر مشاهِدين غير محليين، اضطر زيدان، مدفوعًا بفكرة أن للأفلام وطنًا، ولا يمكن نزعها من سياقها، للإسهاب في حواشٍ جاءت بعيدة عن نمط الحكي الذي اعتمد عليه في فيلمه. من المُلفِت أن تكون معضلة الفيلم المهتم بإرسال تحية للصناعة، والقائم على أساس الاشتباك معها وتفكيك قدسيتها والتعامل النقدي مع آلياتها؛ هي نفسها معضلة صناعة الفيلم التسجيلي في مصر، وكأن الصناعة تشتبِك مع الفيلم نفسه، لتخرج لنا فيلمًا جديدًا، يؤكد ضرورة النقاش عن إمكانية تحرير أفلامنا التسجيلية من أَسْر سنوات التطوير. «عندي صورة الفيلم رقم ١٠٠١ في حياة أقدم كومبارس في مصر» فيلم مليء بالسعادة والتجربة والتوهج، عن أبطال مهزومين ومهمّشين لا تلحظ مرورهم بجوارك. الفيلم الذي أهدى مخرجه جائزته لحي الورديان الشعبي بالإسكندرية، فارَق أبطاله الحياة قبل عرضه الجماهيري الأول، ولم يشهدوا لحظة تكريمهم في مهرجان، أمام نجوم شباك مصريين، ظلوا طويلًا وراءهم في الصورة. عن كسر البنية السلطوية في صناعة الأفلام أحمد رفعت «عندي صورة» هو الفيلم الطويل الأول لمحمد زيدان، والذي عمل كمساعد مخرج لفترة غير قصيرة. قرر زيدان صناعة فيلمه الأول عن أحد ممثلي الكومبارس، مطاوع عويس، والذي عرفه منذ بداية ظهوره في الأفلام المصرية الكلاسيكية، وحتى وقت اعتزاله في ٢٠١٣. لاحقه زيدان حتى عثر عليه في «قهوة الكومبارسات» حيثُ يحظى بلقب شيخ الكومبارسات. المشروع الذي بدأ بفكرة زيدان الرومانسية عن السينما وعن شخصية الكومبارس، الذي نعرف شكله من عشرات الأفلام التي عمل بها، في حين لا نعرف اسمه، اتخذ مسارًا آخر غير المقرّر له، بظهور «كمال الحمصاني» في الصورة. يحكي مارك لطفي منتج الفيلم، أنهم في مقابلتهم الأولى مع مطاوع عويس على القهوة، ظهر الحمصاني، وهو مخرج مساعد، مثلما كان زيدان حتى لحظة صناعة الفيلم، لكن بسبب عملِه مع مخرجين كبار، كان الحمصاني بدوره شاهدًا على تاريخ السينما المصرية. قرر فريق العمل الاستعانة بالحمصاني كمساعد مخرج في فيلمهم، وهو في رأيي القرار الذي جعل من «عندي صورة» فيلمًا مثيرًا للاهتمام. لفيلم زيدان وجه كلاسيكي ورومانسي، يفتتح به الفيلم، ويعاود الظهور من حينٍ لآخر، يتمثّل في صوت زيدان المصاحب لمشاهِد أفلام مصرية قديمة، حيث يحكي عن بداية ذهابه لقاعة السينما هربًا من المدرسة، وعن الأفلام التي كان يعرف أسماء النجوم بها ولا يعرف أسماء الكومبارسات. كما يحكى عن حسرته عند مروره بدور السينما المغلقة، والتي كانت تقدم فيلمين أو ثلاثة بالحفلة الواحدة، معبرًا عن افتقاده لزمن السينما الجميل، وهكذا. أما الوجه الثاني لفيلم زيدان، فهو الوجه التجريبي، المتمثّل في المساحات المتروكة لشخصيات فريق العمل نفسه، أمام الكاميرا، والتي فرضت رؤية طازجة على الفيلم، وكسرت العملية التقليدية في صناعة الفيلم، بسبب غياب هيمنة رؤية واحدة على الفيلم. فمن ناحية، هناك زيدان المخرج المساعد الذي بصدد إخراج أول أفلامه، والمفتون بحكي حكاية الكومبارس، ومن ناحية أخرى هناك مساعد المخرج العجوز الذي يؤدي واجبه كما عهده، بالطريقة الكلاسيكية، مستدعيًا خبرته في الأفلام القديمة، إلى موقع التصوير. أيضًا عندنا عويس الكومبارس في أول بطولة له أمام الكاميرا. هذا بالإضافة لمنتح الفيلم مارك لطفي والذي نراه من حين لآخر، وأيضًا المصور محمد الحديدي الذي نسمعه يعلق على أماكن وزوايا التصوير التي يختارها الحمصاني. أخلت تلك التركيبة بهيراركية صناعة الأفلام المتعارف عليها، من حيث وجود مخرج مسيطِر على جميع مجريات الأمور. وتعتبر لحظة خروج الفيلم عن سيطرة زيدان، في رأيي، هي لحظة انفتاح الفيلم على احتمالات غير محسوبة إخراجيًا، تفصِح عن علاقات القوى النشطة خلال عملية صنع الفيلم. في أحد مشاهد «عندي صورة»، يمتثل فريق العمل لتصوّر الحمصاني عن تنفيذ مشهد عودة عويس إلى بلدته، فيضعون لافتة على إحدى الطرق في ضواحي الاسكندرية، تشير للطريق إلى سوهاج. لكن بينما يحاول المساعد العجوز إقحام حوار رومانسي عن العودة إلى البلد، يحاول زيدان خلق مناخ يسهِّل علي عويس الارتجال والحديث، دون ضغط سيناريو يتطلّب حوارًا بعينه. المونتاج هو البطل الرئيسي في الفيلم، ويتحرك بين بعديه المختلفين؛ الرومانسي والمفتوح على التجريب، بالإضافة لرؤى شخوصه عن السينما، فيتبع حينًا أفكار عويس أو الحمصاني حين يطلبان إعادة المشهد بتخيلهما الشخصي، وفي أحيان أخرى يتبع رغبة زيدان في العفوية. أيضًا يناوِر بين كل ذلك، وبين اللقطات الأرشيفية التي تأتي في سياق حديث عويس عن عمله بالأفلام أو حكايات زيدان عن علاقته بالسينما، مشاهدًا وطرفًا في الصناعة. يلعب فريق العمل في «عندي صورة» بدون حسابات مسبقة، تاركين المساحة لجيل آخر من السينمائيين في تنفيذ رؤيتهم للفيلم. وهكذا يتحرر الفيلم من تراث سُلطوي لفكرة العمل السينمائي، فيصبح فيلمًا خفيفًا باحتمالات مفتوحة، ويثير أسئلة بنيوية عن طرق صناعة الأفلام سواء في سينما الاستوديو أو الأفلام الوثائقية. لكن رغم حضور ثيمة «العمل في السينما» في الفيلم، يختار زيدان الابتعاد عن تناول الجانب المادي من العمل في الصناعة، وعن «أكل العيش»، وهو ما برّره في النقاش الذي تبع الفيلم، برغبته في الابتعاد عن تراث التعامل مع الكومبارس بمنطق ضحية العمل السينمائي، وما يرتبط به من محاولات استدرار «الشفقة». يقف وراء «عندي صورة» فريق عمل قادم من الاستوديوهين السكندريين اللذين ينتجان أغلب الأفلام القادمة من هناك؛ روفيز وفيج ليف، في نموذج إنتاجي مثير للاهتمام، لا يفترض المثالية بالضرورة، أو الخلوّ من المشاكل، لكنّه بالتأكيد نموذج يؤخذ بجديّة، إن كنا نريد مناقشة النماذج الإنتاجية في صناعة السينما، والمرتبطة شرطيًا بالتمويل، ومحاولات إيجاد البدائل.
قارن فاتن حمامة مع:
شارك صفحة فاتن حمامة على