عائشة بنت أبي بكر

عائشة بنت أبي بكر

عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ الْقُرَشِيَّةُ (توفيت سنة ٥٨ هـ/٦٧٨م) ثالث زوجات الرسول محمد وإحدى أمهات المؤمنين، والتي لم يتزوج امرأة بكرًا غيرها. وهي بنت الخليفة الأول للنبي محمد أبي بكر بن أبي قحافة. وقد تزوجها النبي محمد بعد غزوة بدر في شوال سنة ٢ هـ، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن يوم أحد لسقاية الجرحى. اتُهمت عائشة في حادثة الإفك، إلى أن برّأها الوحي بآيات قرآنية نزلت في ذلك وفق مُعتقد أهل السُنَّة والجماعة خصوصًا. كان لملازمة عائشة للنبي محمد دورها في نقل الكثير من أحكام الدين الإسلامي والأحاديث النبوية، حتى قال الحاكم في المستدرك: ، وكان أكابر الصحابة يسألونها فيما استشكل عليهم، فقد قال أبو موسى الأشعري: . وكانت من الفصاحة والبلاغة ما جعل الأحنف بن قيس يقول: . ويكيبيديا

عدد الأخبار كل يوم من ولمدة حوالي شهر واحد
من أهم المرتبطين بعائشة بنت أبي بكر؟
أعلى المصادر التى تكتب عن عائشة بنت أبي بكر
١. عرض السنة النبوية على ضوء القرآن الكريم إذا نظرنا إلى اعتراضات عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما على كثير من المرويات النبويّة نجد أنها جاءت بناء على مخالفتها لظاهر القرآن الكريم وسياقه العام، فكانت تحاول أن توفّق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما فهمته من كتاب الله عز وجل، لا عتقادها أن السنة الصحيحة لا تعارض القرآن وإنما هي مبيّنة له، كما قال تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}. ولا شك أن القرآن الكريم هو المصدر الأوّل للتشريع الإسلامي، المحفوظ من التبديل والتغيير، المحفوظ في الصدور والورقات، الذي تكفل الله بحفظه، وهو الأصل المتين، وهو المنطلق الأساسي للمفاهيم الإسلامية في الحياة كلها. يقول الإمام الشيخ يوسف القرضاوي "من الواجب كي نفهم السنة فهما صحيحا بعيدا عن التحريف وسوء التأويل أن تُفْهَم في ضوء القرآن وفي دائرة توجيهاته الربانية المقطوع بصدقها إذا أخبرت، وعدلها إذا حكمت، {وتمَّت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدّل لكلماته وهو السميع العليم}، فالقرآن هو روح الوجود الإسلامي، وأساس بنياته، وهو بمثابة الدستور الأصلي الذي ترجع إليه كل القوانين في الإسلام، فهو أبوها وموئلها. والسنة النبوية هي شارحة هذا الدستور ومفصلته فهي البيان النظري، والتطبيق العملي للقرآن، ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما نزل إليهم، وما كان للبيان أن يناقض المبيَّن، ولا الفرع أن يعارض الأصل، فالبيان النبوي يدور أبدا في فلك الكتاب العزيز، ولذلك لا توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكمات القرآن وبيانه الواضحة"(١). اهتمام عائشة بالقرآن اهتمت عائشة بالقرآن وتعلقت به منذ نعمومة أظفارها وعاصرت أسباب نزول الآيات مع ما حباها الله من الحفظ التام والذكاء، حتى أصبحت من كبار مفسري القرآن الكريم في الصحابة، وكانت لها معرفة تامة به، بل كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أشكل في فهمها لبعض الآيات القرآنية، وأورد لذلك مثالين عن عائشة رضي الله عنها قالت سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ " لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}(٢). عائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَتْ لا تَسْمَعُ شيئًا لا تَعْرِفُهُ إِلَّا راجَعَتْ فِيهِ حتَّىَ تَعْرِفَهُ، وأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ» وفي رواية "من نوقش الحساب عذّب" قالتْ فقلتُ أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعالَىَ {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم «إِنَّما ذلكِ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسابَ يَهْلِكْ"(٣). ولذلك كانت عائشة تهتم بالقرآن حفظا وتدوينا وعناية تامة فعن أبي يونسَ مولى عائشةَ أنه قال أمرتْني عائشةُ أن أكتبَ لها مُصحفًا، وقالت إذا بلغتَ هذه الآيةَ فآذِنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَة والْوُسطَى}، فلما بلغتُها آذنتُها، فأملتْ عليَّ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ" قالت عائشةُ سمعتُها من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم(٤). وبناء على ما ذكر اتخذت السيدة عائشة رضي الله عنها القرآن الكريم المصدر الأول التي ترد إليه الأحكام الفقهية ولا تعدل إلى غيره إلا إذا لم تجد الحكم الذي تريد الاستدلال به، وفهمت ما بين القرآن والسنة من صلات المعاني، فكانت في إنكارها الرواية على الصحابة تبني حكمها على أن معني الحديث برواية الصحابي مخالف للقرآن(٥). ونشير إلى بعض الأحاديث التي ردّتها عائشة لمخالفتها للقرآن الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربّه(٦). ردّت عائشة هذا الحديث لمخالفته للقرآن الكريم، فعن ‏عن ‏ ‏مسروق‏ ‏قال قلت ‏‏لعائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏يا ‏‏أمتاه هل رأى ‏ ‏محمد ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ربه؟ فقالت لقد ‏‏ قف ‏‏ شَعْري مما قلتَ، من حدثك أن ‏ ‏محمدا ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت {لا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو ‏ ‏اللطيف ‏ ‏الخبير}‏، {وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب}(٧). وهناك آية ثالثة تجعل رؤية الله في الدنيا مستحيلة، وهي قوله تعالى {ولمَّا جاء موسى لميقاتنا وكلَّمَه ربُّه قال ربّ أَرِني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظُرْ إلى الجبل فإن استقرَّ مكانه فسوف تراني فلما تجلَّى ربُّه للجبل جعله دكًّا وخرَّ موسى صعقا}. وفي رواية أخرى قال مسروق لعائشة ألم يقل الله {ولقد رآه بالأفق المبين}، {ولقد رآه نزلة أخرى}، قالت أنا أول من سأل من هذه الأمة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال " إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق الله عليها غير هاتين المرتين". ووافق عائشة في نفي الرؤية في الدينا وأنه رأى جبريل ابن مسعود وأبوذر رضي الله عنها، فقال ابن مسعود في قوله {ولقد رآه} إنما رأى جبريل في صورته مرتين، وعن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ فقال " نور أنّى أراه "، رواه مسلم. تقول الباحثة جيهان رفعت "احتكمت السيدة عائشة في رفضها لرواية ابن عباس إلى القرآن الكريم في أن رؤية الله ممتنعة عن المؤمنين في الدنيا كما ارتكزت في رفضها على مقياس آخر وهو عرض السنة على السنة التي وثقت بها وسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم".(٨) أقول ورؤية الله في الدار الآخرة للمؤمنين ثابتة بالقرآن الكريم والسنة الصحيحة، قال تعالى {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}، وقال {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضاهون في رؤيته"، وهو إجماع المسلمين من أهل السنة والجماعة. الهوامش (١) "كيف نتعامل مع السنة النبوية" ص ١١٣. (٢) أخرجه الترمذي في التفسير من جامعه. (٣) أخرجه البخاري في صحيحه. (٤) أخرجه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده. (٥) توثيق عائشة للسنة، جيهان رفعت فوزي. (٦) رواه الحاكم في المستدرك من طرق عنه وصححه. (٧) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. (٨) "توثيق السيدة عائشة للسنة" ص ١٣٧ ١٣٨
مقدمة تعد ظاهرة نقد الصحابية الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها للأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر المسائل أهمية في الفكر الإسلامي، حيث ساد في عصر تابعي التابعين وما بعده رواية الحديث والنظر إلى الأسانيد ونقد الحديث به وهو المعروف بـ"النقد الخارجي"، لكن هناك من السلف من اهتم بنقد المتن الذي هو "النقد الداخلي" وهو النظر إلى معنى الحديث ومعقوليته أو صحته من حيث المتن. إلا أنه أصبح من اللافت للنظر أن تكون عائشة هي من اشتهر بنقد الأحاديث المروية في عصرها تصويبا واستدراكا وردًا، وهي الفريدة والمتميزة بذلك، كونها هي أحفظ النساء اللاتي روين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأفقههن على الإطلاق، وأكثرهن علما وفصاحة، وروت أكثر من ألف حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والذي مكن السيدة عائشة من ذلك عدة أمور ١.تمتعها بالذكاء المفرط وقوة حفظها وذاكرتها بالدقة المطلوبة. ٢.شدة قربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يحبها ويوليها الاهتمام الشديد لها. ٣. وقوفها على المسائل التي تتعلق بالعلاقة الزوجية والأفعال النبوية العملية في الحياة العامة. ٤. اشتهارها باستفسار النبي صلى الله عليه وسلم ومناقشتها معه في العديد من النصوص القرآنية والحديثية، وأمثلة ذلك مذكور في محله. ولا غرو أن كبار الصحابة كانوا يلجأون إليها ويسألون عنها ما استشكل عليهم، بل كان الصحابة يأتون إليها للتأكد من الأحاديث المروية، حتى كان أبوهريرة – وهو من أحفظ الصحابة وأكثرهم رواية يأتي إلى مكان قريب من حجرها ليُسمعها بعض الأحاديث، وتنتقد أحاديثه بكثرة، وهو لا يعترض عليها. ولذا قال أبو موسى الأشعري ما أشكل علينا معشر أصحاب رسول الله حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها علما.(١) تقول جيهان رفعت فوزي " أصبحت عائشة المرجع الشرعي لخلفاء الرسول، فقد قال محمد ابن أبي بكر "كانت عائشة قد استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وهلم جرا إلى أن ماتت"، ولم تكتف عائشة بمجرد الإجابة على تساؤلات الصحابة واستفساراتهم بل إنها استدركت على عدد كبير منهم ما قد توهموا أو أخذوه على غير وجهه من مسائل الدين، فتردهم إلى الصواب كما تراه، ونجد في كل ما استدركت صحة النظر، وصواب النقد، وحضور الحفظ، وجودة النقاش"(٢) وتقول الباحثة آمال قرداش بنت الحسين في كتابها (دور المرأة في خدمة الحديث في القرون الثلاثة الأولى) "إن قائمة الذين عُرفوا بنقد الراويات محدودة، سجلت أسماء لامعة أنعم الله عليهم بالخصائص التي تؤهلهم لأن يمعنوا النظر في النصوص، ويقلبوها على عدة وجوه، ويتفحصوا الظاهر والباطن ليميزوا الخبيث من الطيب، وشاء الله تعالى أن يخلد اسم عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم مع هذه الأسماء". ولا شك أن هذه الظاهرة تستحق الدراسة والتأصيل والشرح لتكون مفتاحا للباحثين، وهناك العديد من المؤلفات القديمة والحديثة ألفت حول هذا الموضوع، وأقدم من ألف في ذلك الإمام الزركشي في كتابه (الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة)، واختصره السيوطي في كتاب سماه (عين الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة)، وكتبت الباحثة جيهان رأفت فوزي بحثا في غاية الأهمية في هذا الموضوع بعنوان (السيدة عائشة وتوثيقها للسنة) وهو من أهم ما ألف في هذا الموضوع. وعلى الرغم من أن السيدة عائشة رضي الله عنها تمتعت بقوة الحجة ومتانة النقد إلا أن جميع نقدها لم يكن على صواب خاصة في نقدها لقراءات متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى الطبري في تفسيره عن عروة أنه سأل عائشة عن قوله تعالى {والمقيمين الصلاة}، وعن قوله {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون} وعن قوله {إن هذان لساحران} فقالت يا ابن أختي ، هذا عمل الكاتب ، أخطئوا في الكتاب. وهذا من أخطاء السيدة عائشة لأن قوله تعالى {والمقيمين الصلاة} كذا جاء في جميع مصاحف الأئمة إلا مصحف ابن مسعود، وهي قراءة متواترة ، وكذا هو في مصحف الصحابي أبي بن كعب، ولذا قال الزمخشري "لا نلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنًا في خط المصحف، وربما التفت إليه من ينظر في الكتاب ولم يعرف مذاهب العرب وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتتان". وكذلك إنكارها على ابن عباس في قراءة {حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتخفيف، فقالت معاذ الله، بل قل {كذّبوا} بالتشديد، والتخفيف قراءة متواترة صحيحة. وعندما اطلعتُ على مسائل عديدة ووقفتُ على نقد عائشة على كثير من الصحابة في رواياتهم عزمتُ على أن أركز على المنهجية التي اتبعتها عائشة رضي الله عنها في نقدها، وذلك على شكل مقالات قصيرة ومسلسلة. الهوامش (١) أخرجه الترمذي، وانظر " الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة" لبدر الدين الزركشي ص ٣٦. (٢) "السيدة عائشة وتوثيقها للسنة"، تأليف جيهان رفعت فوزي، ص ٤٣
قارن عائشة بنت أبي بكر مع:
شارك صفحة عائشة بنت أبي بكر على